آخر الاخبار
مرحبا بكم في دول الجنوب العربي
بقلم/ أحمد عايض
نشر منذ: 11 سنة و 9 أشهر و 9 أيام
الثلاثاء 12 فبراير-شباط 2013 08:47 ص

كم هو جميل زخم الحراك الجنوبي الذي بدأ يتحرر من الكبت والحرمان طيلة العقود الماضية, وتحديدا من بدايات عهد الاستعمار البريطاني الذي حكم اليمن بقبضة حديدية, ثم الحكومات التي تعاقبت على جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التي كانت بمثابة أسوأ الحكومات وأعنفها دموية في منطقة الشرق الأوسط.

تلك الحكومات التي تعاقبت تحت مظلة الحزب الاشتراكي بلغ بمنظومتها الحاكمة أن تحرم مواطنيها من حقوقهم الخاصة والتي تمثلت في منع التملك وتحديد كم يأكل الفرد وكم يشرب, ونتذكر كيف كانت طوابير الجنوبيين في عهد قيادات الطغمة والزمرة أمام المحلات لحصول الفرد منهم على وجبته اليومية.

ناهيك عن الصدمة النفسية التي تلقاها الجنوبيون في عهد النظام السابق الذي صحو فيه على عبير الحرية القادم مع الوحدة اليمنية, لكن كهنة النظام ونافذيه في صنعاء صادروا الكثير من حقوقهم أنذاك.

اليوم يتغنى العديد من الجنوبيين بدولة الجنوب العربي, ويهتفون باسمها ويرفعون علمها في نشوة قلما توصف, ولاحظنا تنامي هذه النغمة خلال السنوات الماضية وبقوة.

لكننا نسمع في ذات الوقت وعبر محافل دولية خليجية وعربية عن أصوات مماثلة تنادي بانفصال محافظة حضرموت وإعلانها دولة مستقلة, وهناك العديد من رجال الأعمال في بعض دول الخليج تعهدوا بإحالة حضرموت إلى دولة تضاهي دول الخليج في التقدم والرقي الاقتصادي.

وعلى الجانب الآخر من ضفاف البحر العربي نسمع أيضا نغمة مماثلة تطالب بقيام دولة عدن, وسمعنا وشاهدنا ارتفاع "نغمة " عدن للعدنيين بل وصل الحد إلى رفع ما يسمى "علم دولة عدن" مرارا وتكرارا على سطوح منازل مدينة عدن, كما تأزمت الأوضاع في بعض الأحيان وتعرض جنوبيين للاعتداء من قبل بلاطجة عدن في بعض الفعاليات المناصرة لدولة عدن كما حصل قبل عدة أيام.

كما لا ننسى أن هناك أصواتا في محافظة المهرة ترغب في نيل استقلالها والالتحاق بسلطنة عمان كأقرب جار لهم يمكن أن يلبي تطلعاتهم.

وفي أقصى اليمن شرقا وفي عمق المحيط الهندي تبرز أجمل الجزر اليمنية "جزيرة سقطره" التي بدأت بعض التحركات والدعوات فيها تنادي بانفصالها عن الجمهورية اليمنية لتصبح سلطنة مستقلة.

وهنا دعونا نتساءل ماذا عن مستقبل الجنوب العربي وأين سيقيم دعاة الانفصال دولتهم, وإذا كانوا هم ينادون بأن يتم احترامهم في تقرير مصيرهم, فإن غيرهم من الجنوبيين سينادون أيضا بضرورة احترام تقرير مصيرهم.

أين دولة الجنوب العربي:

إذا ماذا تبقى لدعاة الجنوب العربي.. لو حسبنا المساحة الجغرافية لمحافظة حضرموت لوجدنا أنها تزيد عن 60% من إجمالي المحافظات الجنوبية ولو أضفنا لها محافظة المهرة لخرج من الجنوب العربي أكثر من 75% من مساحته الجغرافية, أما محافظة عدن التي ينظر عدنيو الانفصال إليها على أنها تملك مقومات دولة خاصة وأن مساحتها تزيد عن مساحة مملكة البحرين بأكثر من 159كم2 حسب إحصائيات الموسوعة الدولية ويكيبيديا.

وعطفا على ما طرح تتصدر كل من "لحج وابين وشبوة والضالع" المشهد الجغرافي لدولة الجنوب العربي, لكم دعونا نكمل المشهد المطعم بحيوية الإنفصال وحرية تقرير المصير, فمثلا محافظة شبوة بحكم العلاقات التاريخية مع الشمال سوف تنضم عدد من مديرياتها إليها.

القاعدة ستعلن إمارتها مجددا:

أما محافظة أبين فلا ننسى أنها قد أًعلنت في وقت سابق على أنها إمارة لتنظيم القاعدة ولا أستبعد أن يعود التنظيم لينتزعها من أيادي الحراك, ولن نجد أي من دعاة الانفصال من سيرفع سلاحة للدفاع عنها كما حصل يوم سيطرت عليها القاعدة قبل أن تحرر من قبل القوات الحكومية واللجان الشعبية.

ولا ننسى أن التاريخ قد سجل ووثق من دافع عن أبين أثناء المعارك مع القاعدة, ورأينا موقف الانفصاليين في حينها.

إذا ماذا تبقى حتى يمكن أن نعلن عن كيانٍ يسمى دولة الجنوب العربي.. سوى الضالع التي لا أستبعد أن ينضم عدد من مديرياتها إلى الشمال.

 المحافظة التي ستظل سلمية من التساقط المناطقي هي محافظة لحج لكنها جارة لأبين وخطر القاعدة لن يكون عنها ببعيد وسوف يتهددها بين الفينة والأخرى, ناهيك أنها محافظة محاذية لمحافظة شمالية بأكثر من ثلث مساحتها الجغرافية من جهة الشمال وتحديدا محافظة تعز وهي الآن ذات كثافة سكانية عالية من الشماليين.

ألأحبة في جنوب الوطن مثلما تعالى صوتكم في نيل حريتكم سيرتفع صوت غيركم ليطالب بتحديد مصيره, وهناك دول وأجندة خارجية وداخلية تسعى لتقسيم اليمن إلى دويلات أقلها ثلاث إلا لم تكن أربع..

أرجو التوقف بالعقل والمنطق لهذه المعطيات التي إن تجاهلناها سيأتي يوم يسحق فيه الكل بنار التشظي والتفرق, وستتحول اليمن التي من المتوقع حسب رأي بعض الاقتصاديين أن تصبح من اقوى الدول الصاعدة اقتصاديا خلال العشر السنوات القادمة في المنطقة إذا توفرت ظروف الأمن والاستقرار والإدارة .

وعطفا على هذا الهوس وراء الانفصال والارتكان على قيادات منتهية الصلاحية هرمت سياسيا واجتماعيا، وأستغرب من عقليات البعض التي تعلق آمالها كما ذكرت على قيادات انفصالية هاربة خارج اليمن جربت سنوات فكان عطاؤها مفلسا وتاريخها دمويا انتقاميا.

تحضرني نتائج دراسة متخصصة أعدها فرع مركز البحوث والدراسات المعلوماتية في وكالة الاستخبارات الامريكية المركزية "سي أي ايه" أعدها عدد من علماء وأطباء نفسيين متخصصين وكانت الدراسة تستهدف تحليل أحد الأمراض النفسية التي تصيب الأمم والشعوب ويُعرف في طب النفس باسم "ستوكهولم سانديروم" أو "متلازمة ستوكهولم"أي الحالة النفسية التي تصيب الفرد أو الجماعة عندما يتعاطف أو يتعاون مع عدوه الحقيقي أو من أساء اليه بأي شكل من الأشكال أو حتى يظهر بعض الولاء للعدو.

وقد أخضعت الدراسة التي أجريت و نشرت نتائجها في عدد من الصحف الدولية والعربية بينها موقع "مأرب برس" الشعب المصري كنموذج بعد الثورة المصرية, حيث أكدت نتائج تلك الدراسة أن الجماعات المصرية التي ما زالت تؤيد الرئيس المخلوع مبارك ونجليه ليست سوى مجموعة مصابة بمرض نفسي .

وحذر التقرير من أن شعب مبارك المريض "المؤيدين لحسني" سوف يقومون بأعمال عنيفة للغاية ستصل لحد العمل الارهابي وهذا ما حصل في الشارع المصري ويحصل حاليا.

عودة البيض وانتظار الهادي المنتظر :

وأعتقد أن الكثير من المتشبثين بعلي سالم اللبيض اليوم من غلاة الانفصال هم مصابون بذات المرض, لأن البيض هو أكثر من أساء للجنوب, وحصلت في عهده من الجرائم والتصفيات ما تهول له الولدان.

وبناء على تلك الدراسة يمكن إسقاط نتائج تلك الدراسة على المصابين بحب العودة إلى ما قبل الوحدة.

لأننا لو حللنا شخصية البيض كقائد منقذ للجنوب بناء ًعلى مقومات القيادة لوجدناها تنتفي عنه, لكن ماضيه هو الذي يرسم مستقبله, والجميع يعلم ماذا قدم للشعب الجنوبي سواء يوم أن كان في رئاسة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية أو إبان تقلده منصب نائب رئيس الجمهورية اليمنية, حيث يبدو أنه تفرغ لذاته خلال السلطة خلال الفترتين من الحكم أو بعد احتجابه وهروبه طيلة 18عاما في منفاه الاختياري.

هناك من يرى أن عودة البيض هي عودة للجنوب العربي, وما أظن هذه الأمنية إلا كأمنية خروج المهدي للشيعة.

إن مستقبل دولة الجنوب العربي ما هو إلا وهم وسراب نتيجة الجهل عن تبعات ونتائج الوصول إلى شيء اسمه دولة الجنوب العربي, وسيشهد الجنوب مجازر وحروبا أهلية لن تكون أقل دموية من أحداث 13 يناير لو تقرر كل طرف يحترم تقرير مصير شقيقه.

ختاما على الجميع أن يضعوا الحوار الوطني نصب أعينهم لتصحيح كل المسارات التي أعوجت نتيجة تعامل النظام السابق مع القضية الجنوبية أرضا وإنسانا, ومن هنا نستطيع أن نصنع مستقبلا مشرقا للشمال والجنوب تحت راية اليمن الواحد.