آخر الاخبار
عبدالباري طاهر :الاخوان مكون أساس وقيادات الاشتراكي لاتواكب العصر
بقلم/ مارب برس
نشر منذ: 11 سنة و شهرين و 5 أيام
الثلاثاء 17 سبتمبر-أيلول 2013 12:04 م

حاوره فهد سلطان

- لو بدأنا معك من سؤال حول مستقبل مؤتمر الحور الوطني, وماذا عن التسريبات الأخيرة من صحف محلية وخليجية عن تحويل مؤتمر الحوار إلى هيئة تأسيسية لمرحلة انتقالية جديدة؟

طبعًا الحوار مسألة مهمة وشيء عظيم، ومؤتمر الحوار أنجز إنجازات كثيرة لا يمكن التقليل من شأنها, أو الاستهانة بها, ولكن من خلال تجارب تحاور اليمنيين غالباً يتم عدم الالتزام بما اتفق عليه, فقد تمت مصالحة وطنية في عام 68م وتخطاها الناس, تمت عشرات الاتفاقات ما بين الشمال والجنوب ولم يلتزم بها, اتفاقية الوحدة - أيضًا - كانت نتيجتها في المحصلة النهائية كارثة، وهي الحرب, وثيقة العهد والاتفاق أعلن بعدها الحرب مباشرة, الآن نحن أمام نتائج حوار.

ـ نفهم من كلامك أن مخرجات هذا الحوار سوف تكون مثل سابقاتها كما ذكرت؟

أبدًا.. هذا شِق أو جانب من الموضوع, أنا أقول إن هناك فصامًا بين القول والفعل, القول جميل ونتائج الحوار مبشرة وواعدة, لكن أهم شيء هو الالتزام بما تم الاتفاق عليه.

ـ لكن هناك حضورًا فاعلًا في مؤتمر الحوار، وهناك دعمًا أقلميًّا ودوليًّا، بالإضافة إلى أن الحوار كان بعد ثورة شعبية، كما أن غالبية اليمنيين ممثلين في هذا المؤتمر, هل هذا ضامن أساس على نجاح الحوار؟

أكيد, هذا جزء من ضامن أساس، وليس كل الضمانة.

ـ ما الضامن الأساس برأيك؟

إرادتنا اليمنيين، وهذه ضمانة أساسية, لابد أن يكون هناك إرادة يمنية، وبالأخص المكونات التي قادت الثورة الشعبية السلمية.

ـ أنت تقول لازم، وهذا استجداء وطلب؟

لازم نُلح عليهم ونطالبها، وتظل هي رهاننا الحقيقي, الضمانات الدولية مهمة, حرص دول الإقليم على سلامة اليمن وأمنها واستقرارها مهم, مسألة وجود نتائج طيبة للحوار وخطوات إيجابية في الحكم, شيء طيب, غير أن رهان الناس يكون على المكون الأساس الذي لعب دورًا حقيقيًّا في الثورة. هو المعني بالأمر. الحراك الجنوبي السلمي وثورة الشبابية السلمية في الشمال, هذه هي التي قادت الثورة, وعلينا أن يظل خطابنا يتوجه إليها ويراهن عليها بدرجة أساس, وهي جزء من همنا اليومي ومن خطابنا السياسي, ومن حلمنا العظيم أن هذا المكون لا يضيع, لأن هذه القوى هي الآن جزء مكون من الحوار, وهي تتحاور وتتقاتل في أكثر من محور, كما أنها تتقاتل أكثر مما تتحاور.

ـ تقصد أنهم كانوا سبب المشكلة في الماضي؟

سبب الماضي كله, هؤلاء فولة وانقسمت نصفين, قوى حكمت في السابق وتقاتلت في الحكم وتقاتلت على الحكم ولا تزال تراهن على الحكم بالتقاتل.

ـ كما تفضلت حول القوى التي تتحاور وتتقاتل هي هناك.. ما يفيد أنها تعمل في مؤتمر الحوار على إنتاج نفسها من جديد؟

بكل تأكيد, هذه القوى التي حكمت في الماضي انقسمت وعادت تحكم من جديد وبنفس الأسلوب وبنفس الصيغة مع الأسف الشديد.. يا أخي العزيز الآن ممكن أية مقارنة ما قبل الثورة الشعبية السلمية والوقت الحالي يمكن يكون الميل إلى ما قبل الثورة, وهذا هو الشيء المرعب.!

هذا يقود إلى سؤال: هل نفهم أن الثورة المضادة تحاول أن تقدم وتؤكد أن المرحلة الانتقالية كانت فاشلة ولم تقدم شيئًا للمواطن كما كان يحلم، وهو يمارس الفعل الثوري؟

الحكم بالمطلق صعب, هي حاولت تلجيم الثورة, القوى التي تقاتلت وتحالفت في الماضي عادت تقتسم الحكم من جديد, وأقصيت الثورة الشعبية وأقصي الجنوب, لكن هذا الإقصاء - أيضًا - مؤقت, لا يزال الناس وحلم الثورة وحلم الثورة الشعبية السلمية ما زال قائمًا في نفوس الناس, وما زال يمكن يتكرر في أية لحظة، وهو يتكرر يومياً في كثير من المناطق, في خطاب الناس السياسي ودعاواهم, ولذلك الذي يحصل - كما تفضلت في السؤال في المدى المنظور - صحيح, لكن في المدى البعيد لا يمكن أن يستمر لأن لشعب اليمني الذي خرج شمالاً وجنوباً لرفض هذه القوى التقليدية التي حكمت في الماضي لا يمكن أن تعود لتحكم من جديد.

ـ ولكن أستاذ عبدالباري في مصر عادت تلك القوى إلى الحكم من جديد؟

هذا هو مؤقت, في مصر نفس الطريقة, العسكر انقلبوا من جديد واستولوا على السلطة, هذه - أيضًا - لحظة عابرة في التاريخ، ولا يمكن أن تستمر.

ـ سيعود الحكم المدني إلى الشعب مرة ثانية؟

بكل تأكيد, هذا رهان في المنطقة العربية كلها, من تونس إلى مصر إلى سوريا إلى ليبيا إلى اليمن, هذه المسائل الآن حصل أنموذج للحكم في البلاد العربية مغاير ومختلف عن أنظمة الحكم في الماضي كلها, هذا أصبح جزءًا من حق الناس, جزءًا من طموحهم وأملهم, ولن يتخلى الناس بسهولة, الشعوب لا يمكن أن تتخلى عن حقوقها, تغلب.. تنتكس.. في نهاية المطاف يظل هذا المطلب الذي خطف اتجاه هذه الشعوب كلها هو الأساس للتحرر.

ـ ما مدى قدرة النظام السابق في الرهان على العودة إلى الحكم مرة أخرى؟

الحكم السابق انشق قسمين وتقاتل, لكنه وهو يتقاتل موحد ويتخاصم ويتصارع هو طرف واحد؛ لأن صيغه للحكم ومنهجه للحكم وطبيعته في الحكم هي واحدة, ولذلك لو نلاحظ الأوضاع في أساليب الحكم وطرائق الحكم لم تتغير عما كانت عليه في عهد علي عبدالله صالح, هي أيام علي عبدالله صالح, لكن جناح تعلق على جناح في حكم علي عبدالله صالح , حكم علي صالح هو أصبح الطرف الأضعف والطرف الآخر في الحكم هو الطرف الأقوى, وهذه مسألة مؤقتة ومسألة المطلب الشعبي والحقيقي الشعب يريد إسقاط النظام, لابد من إسقاط هذه القوى التي حكمت بالقبيلة، والتي حكمت بالعسكرة، والتي حكمت بتوظيف الدين، التي حكمت بأهل الحِل والعقد, لابد أن تتغير الصيغة ويتحول الى حكم الشعب نفسه بنفسه, ويشارك كل أطراف المجتمع في صيغة حكم قائم على الاختيار الطوعي.

ـ وكثير مما تقول هو ما يدور في مؤتمر الحوار؟

مؤتمر الحوار يطرح هذه القضية, ويتبنى جانبًا من هذه القضية, ولكن هذا المدني في الحوار - للأسف الشديد - اتخذ الطابع النخبوي والمنعزل. لم يندمج في إرادة الناس, ولم يتحول إلى هم عام، وانتقل الى الأحياء والحارات إلى الفئات، إلى المجتمع، إلى الشعب اليمني ليفرض بالقوة.. هذه القوى تتحاور ولكنها في معزل عما يعتمل في الحوار, ولذلك أنت لو تلاحظ الممارسة في الواقع شيء، وفي الحوار شيء آخر..!! أنت تتحاور والحرب مستمرة، أنت تتحاور وقطع الكهرباء مستمر، أنت تتحاور وقطع أنابيب النفط مستمر، أنت تتحاور والشحن الطائفي والمذهبي على أشده, الاختطافات والاغتيالات زادت بشكل كبير ومخيف.. يا أخي من عام 2011م سبعين ضابطًا من أهم قيادات الضباط اغتيلوا.

ـ لكن هناك من يقول إن الفترات الانتقالية، وخاصة التي تعقب ثورات يحصل فيها مثل هذه الأشياء وربما بصورة أكبر عما هو حاصل, خاصة إذا ما نظرنا الى الإرث الكبير الذي خلفه النظام السابق؟

بكل تأكيد.

ـ هل ممكن يتحول مؤتمر الحوار الوطني إلى هيئة تأسيسية لمرحلة انتقالية جديدة؟

واضح الآن الأمور والخطوات تسير في هذا الاتجاه.

ـ يعني أننا باتجاه التمديد؟

ما دام أقدمت على خطوة لتمديد الفترة الانتقالية بمسمى آخر، وهو التأسيس فيحتاج إلى التمديد، وهذا شيء واضح.

ـ هل لنا أن نعرف مثلاً هل التمديد كان بسبب الوقت لم يكن كافيًا لإنجاز بقية القضايا في مؤتمر الحوار، أم أنه هروب من استحقاقات المرحلة الجديدة وخاصة أن النظام السابق يعد العودة لـ 2014م؟

 يا أخي الكريم الصراع الذي يحصل في رأس الحكم هو تصارع على القسمة, وعلى إعادة القسمة, فالطرفان اللذان تصارعا بعد جمعة الكرامة كانت القسمة بحيث شعر طرف علي صالح بأن الغلبة فيها لغير صالحه، وهو الآن يختلق المشاكل ويعلن جاهزيته للانتخابات غدًا ليستعيد دوره وترجيح الكفة لصالحه في الحكم. الطرف الآخر المنشق عليه هو الآخر يريد أن يكون الطرف المتغلب، وأن تكون القسمة لصالحه..!

ـ طيب التمديد لصالح مَن؟

التمديد فيه شيء من المساومة.

ـ على المرحلة الانتقالية؟

بالتأكيد المرحلة الانتقالية الآن يقتسمها طرفان، ليس باستطاعة أي طرف أن يتغلب على الآخر.

ـ يعني أننا مستمرون على هذا الحال إلى ما لا نهاية؟

لا.. هي يمكن نسميها الهدنة المؤقتة, من هنا أقول إن الرهان على استمرار وإذكاء روح الثورة الشعبية السلمية. هؤلاء الشباب الذين قادوا المظاهرات في أكثر من 18 مدينة يمنية عليهم الرهان الآن من جديد.. أن يخرجوا من جديد، وأن يكسروا هذا الطوق الذي فرض على إرادتهم الشعبية، وأن يتحركوا باتجاه إعادة صياغة النظام بصورة مغايرة ومختلفة عما قام عليه النظام بعد المبادرة الخليجية.

ـ طيب أستاذ عبدالباري لو عدنا إلى مكون أساس ومهم كان له دوره على الأقل في المرحلة الماضية، وبدأ صوته يتوارى بعد الثورة بصورة ملفتة، وهو اللقاء المشترك ما هو مستقبله, مع العلم أن هناك أحزابًا أصبحت تسير باتجاه مغاير للمشترك كما أن الأسباب التي أُنشئ من أجلها ربما قد زالت؟

أنا أميل إلى هذا الرأي، وهو أن هذه القوى تكلست وتيبست وتجمدت مشاعرها, وأصبح انشدادها إلى الماضي أكثر من المستقبل.

ـ ما هو مستقبل قوى الإسلام السياسي بعد ما جرى في مصر مؤخرًا؟

أنا أتذكر بعد 94 حصلت هزيمة ساحقة ماحقة للاشتراكي، كان الاشتراكي يملك دولة ويملك نظامًا ويملك قوة، ويملك سلطة، ويملك أيديولوجية، ويملك قدرًا من التحالفات, أنا في تلك الفترة كنت أتوقع أنها ستكون خطوة لانتصار الاشتراكي وليس لهزيمته، إذا قدر الاشتراكي في تلك اللحظة أن يتخلص من عبء الدولة وحمولاتها الكريهة ومن ارتباطاتها القبلية ورهانها على القوة العسكرية. كان سيخرج إلى طريق لأنه سوف يبني حزبًا مدنيًّا قد يكون بقدرات ضعيفة وإمكانات متواضعة لكنه سوف يعطي مؤشرًا للمستقبل, في موضوع الإسلام السياسي نفس الظاهرة ولكن بشكل أجلى وأوضح.

ـ وهو؟

التيار السياسي يتخلص من الانشداد للماضي ويتخلص من حمولة التكفير والتخوين, ويتخلص من الرهان على الجملة الدينية المصمتة, عليه أن يرتبط بالحياة السياسية المدنية, ويراهن على الجانب المدني. مسألة أن يخسر الإخوان المسلمون السلطة ليس بالكارثة، خاصة في ظروف كهذه.. فقط إعادة إصلاح خطابه ورص صفوفه والنظر إلى تحالفاته, يا أخي هذا مكون أساس، ومن أهم مكونات الحياة السياسية في المنطقة العربية والإسلامية كلها, لكن الانتصار لا يكون بزهو القوة ولا بالدولة أيضاً..

ـ تقصد ولا حتى الحلم بالبقاء على الوضع السابق؟

تمامًا.. كيف تستفيد من أخطائك وكيف تُغيّر, الحركة الإسلامية في اليمن واقعة في أخطاء، في تونس وقعت في أخطاء، ولكن أقل, في السودان أكثر، في مصر - أيضًا - موجودة أخطاء, هناك عبارة لإنجلز يقول فيها: "الإنسان العظيم هو الذي يخطئ خطأ يُمكن إصلاحه وتداركه".. كل إنسان يخطئ، ولكن الخطأ الذي تقدر على إصلاحه يتحول إلى مصدر قوة لك، وليس مصدر ضعف, هذه الأخطاء التي حصلت في التجربة القصيرة جداً للإخوان المسلمين، والتي رافقها - طبعًا - شغل من القوى الأخرى, نحن أقرب مصداقية لما قاله السيد المسيح: "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر"، هذه الأخطاء متبادلة بيننا جميعاً, وفي مستويات مختلفة, الحركة السياسية القومية عندها أخطاؤها، الحركة الماركسية عندها أخطاؤها, التيار الإسلامي السياسي عنده أخطاء، وهذه الأخطاء يحصل بينها اشتباك وينشد كل إنسان لينظر إلى خطأ الآخر وتجاهل خطأه. لو قدرت الحركة الإسلامية على فعل ذلك مع إمكاناتها وقدراتها في أن يحصل هذا التحول الكلي لا يمكن أن يحصل الانتصار للإسلام السياسي فقط وإنما للمنطقة العربية كلها.

ـ نفهم من خلال سياق الحديث حول مصر أن الانقلاب لا مستقبل له؟

بالتأكيد.. الحكم بالعسكر هذه مسألة مؤقتة جداً, وما حصل لحظة عابرة، وهي محاولة استعادة روح 52، وهذا مستحيل جداً, حكيم العرب المعري يقول: "أمس الذي مر على قربه ** يعجز أهل الأرض عن رده"، اللحظة الاجتماعية لا تستعاد, فما مضى في التاريخ مضى ولا يعود, هذا حكم عسكري محاولاً تقمّص حكم عبدالناصر أو أية قوة، صعب وصعب جداً .

ـ ما توصيفك لما حصل في مصر؟

كارثة بكل المقاييس مع الأسف الشديد.

ـ سيكون لها تأثير على المنطقة؟

بالتأكيد سوف يكون لها تأثير على اليمن ولا شك.

ـ هل يصل التأثير إلى استنساخ التجربة في اليمن؟

لا.. صعب وصعب جداً, ظروف اليمن مغايرة لمصر, لكن ما حصل في مصر الآن إمكانية التغلب عليه ليس بالصعب جداً, محاولة إعادة التحاور بين القوى المدنية التي أنجزت 25 يناير، 30 يونيو، قادرة أن تخرج إلى طريق، والعسكر أصبح مسألة في غاية الصعوبة.

ـ مقاطعًا.. هناك من يقول إن حكم العسكر في مصر يحمل بذرة سقوطه وانهياره؟

صحيح وبكل تأكيد.

ـ ما رؤيتك حول الدستور القادم في اليمن؟

دستور دولة الوحدة فيه جوانب إيجابية كبيرة.

ـ تقصد كان يمكن أن نبني عليه؟

كان ممكن - أيضًا - إصلاحات معينة, ونخرج منه إلى طريق, الآن هناك صعوبة في بناء الدولة اليمنية مع الأسف الشديد حتى نكون صادقين مع أنفسنا, قراءة التاريخ في التجربة اليمنية, فقد طمح اليمنيون قبل خروج الأتراك في بناء دولة إسلامية شوروية, وقدموا الميثاق المقدس يفصل الدولة ويحدد الاختصاصات ويفصل ما بين هذه الاختصاصات ويطرح مسألة انتخابات أن الإيمان يملأ ولا يحكم ومجلس شورى ورئاسة وزراء وتقاسم للحكم في تلك الفترة، ومع ذلك فشلت.. عام 62م رافقتها حروب استغرقت 7 سنوات أعاقت بناء الدولة, إبراهيم الحمدي - عليه رحمة الله - كان قد بدأ في بناء مشروع دولة، ولكن تم الإجهاز عليه, علي عبدالله صالح جاء وحوّل الدولة تحت أقدام القبيلة. أعادها إلى الحكم وغلّب المنطق القبلي والعقلية القبلية على منطق النظام والقانون وعلى منطق الشريعة الإسلامية.

ـ يعني أننا في المرحلة القادمة أمامنا مجهود كبير في بناء الدولة؛ كونه سيتناول تركة كبيرة ورسم معالم دولة تعكس وعي الناس والتغيير الذي جرى على الأقل؟

هذا هو.. صحيح, كيف يُعاد صياغة دستور متفق عليه كل اليمنيين معبرًا عن روح الجدية لإعاده بناء يمن جديد مغاير لما كان عليه في السابق، وأهم شيء هو بناء الدولة.

ـ أنت الآن تتحدث فيما لو نجح الحوار الوطني كونه المعول عليه في صياغة الدستور والاتفاق على شكل الدول, لكن ألا تلاحظ أن هناك شحنًا طائفيًّا، وأننا يمكن نكون مقبلين على مرحلة جديدة وخطيرة قد تعصف بالجميع؟

المحظور الذي طُرح في السؤال صحيح، ولازم الناس يكونون متنبهين أن لا يدخلوا في صراع لأن اليمن لو دخل مثلاً في صراع مذهبي سوف يكون كارثيًّا.

ـ تقصد أن الصراع يمكن أن يصل إلى الأماكن التي لم تصل إليها يد الإفساد والحرب من قبل؟

تمامًا وبالتأكيد, علينا أن نتعظ بما حصل في العراق وما يجري في سوريا, علينا أن نُراهن اليوم على دولة يتوافق الناس على شكلها وتُعبّر عن إرادة الجميع, لا نريد أن يُقصى أحد في بناء هذه الدولة لا العسكر ولا المشايخ, المهم أن لا يكون هناك طرف هو صاحب الغلبة ويمتلك كل شيء، والآخر لا شيء.

ـ يعني الكل مواطنون يمنيون وتحت القانون؟

نعم.. يتفق الجميع على دولة تمثلهم جميعاً، وتلبي طموحاتهم جميعاً، تأخذ العبرة من الماضي وتعمل بما يتطلب منها المستقبل.

ـ طيب أستاذ عبدالباري.. ما مستقبل الحزب الاشتراكي اليمني؟

هناك عبء عليه أو أن المآسي التي بداخله ربما أكثر من أي حزب آخر.

تقصد الأجنحة التي بداخله، والتي أصبحت تعمل لصالح قوى خارج الحزب ومن داخل الحزب نفسه؟

كيف.. لم أفهم..!!

ـ مثلاً هناك أشخاص في المكتب السياسي للحزب، وهم يمثلون في مؤتمر الحوار، يمثلون جماعة الحوثي, وأشخاص آخرون يمثلون فصائل في الحراك؟

صعب أحكم لأني بعيد عن الحزب، والقراءة من الخارج لا تكون بهذه الصورة.. هذه التفاصيل جناح كذا وجناح كذا تحتاج إلى شخص من الداخل. الحزب الاشتراكي الآن - حسب قراءتي - أن له قيادة لم تعد تواكب روح العصر, إذا ما استثنيت الدكتور ياسين سعيد نعمان واثنين أو ثلاثة آخرين، الباقون كلهم قادمون من ترسانة الماضي, وليسوا قادرين, المأساة في الحزب الاشتراكي قد تكون أكثر منها في حزب آخر، كما أن التفاصيل التي ذكرها لم تعد عندي كوني تركت الحزب من عام 96م.

ـ هناك من يرى أن الحزب الاشتراكي الذي مثّل اليسار في فترة من الفترات وقاد طليعة التنوير لم يعد ذلك, بل أصبح اليوم يتحالف مع قوى رجعية ومتخلفة في خطابها السياسي والأيديولوجي؟

ضعف هذا الدور بشكل كبير, ولا يزال الحزب الاشتراكي والتيارات الديمقراطية والليبرالية مهيأة لتلعب هذا الدور, غير أن الرهان يمكن يكون اليوم من خارج الأحزاب مجتمعة أكثر مما هم داخل الأحزاب، وهذا لا يعني أنه لم يعد داخل هذه الأحزاب.. بالعكس هناك قوى داخل الاشتراكي وداخل الإصلاح وداخل الناصري وداخل كل التيارات دون استثناء، غير أن القيادة - للأسف الشديد - تكلّست وغابت الديمقراطية، وغابت روح المسئولية الحزبية داخل الأحزاب نفسها, وأصبحت قيادات وارثة أكثر منها فاعلة.

ـ ما الذي يخيف عبدالباري طاهر؟

عدم الإجابة في القدرة على حل الأسئلة التي تطرحها الهيئات اليمنية, المصاعب لا تنتظر، مطالب الناس لا تتوقف ولا تنتظر، المشكلات الأساسية يتم ترحيلها من مرحلة إلى أخرى. تتجمع وتتكدس ويمكن تنفجر في أية لحظة, وإذا لم يكن هناك قدرة على المعالجة، وعلى كل حال الوضع الدولي اليوم ضاغط لصالح الحاكم لكن للأسف الشديد الحاكم لا يستجيب للمحيط ولا للضغوط الدولية وهو أحد الرهانات على خروج اليمن من هذا المأزق, هناك قدر من التلكؤ والتردد بشكل غريب, يمتلك تفويضًا شعبيًّا وإرادة داخلية قوية كي يخرج من هذا المأزق، وأن يساعد نفسه للخروج من هذا الواقع إلى واقع أفضل.