مليشيات الحوثي تُدرج مادة دراسية طائفية في الجامعات الخاصة. اللواء سلطان العرادة: القيادة السياسية تسعى لتعزيز حضور الدولة ومؤسساتها المختلفة نائب وزير التربية يتفقد سير اختبارات الفصل الدراسي الأول بمحافظة مأرب. تقرير : فساد مدير مكتب الصناعة والتجارة بمحافظة إب.. هامور يدمر الاقتصاد المحلي ويدفع التجار نحو هاوية الإفلاس مصدر حكومي: رئاسة الوزراء ملتزمة بقرار نقل السلطة وليس لديها أي معارك جانبية او خلافات مع المستويات القيادية وزير الداخلية يحيل مدير الأحوال المدنية بعدن للتحقيق بسبب تورطه بإصدار بطائق شخصية لجنسيات اجنبية والمجلس الانتقالي يعترض إدارة العمليات العسكرية تحقق انتصارات واسعة باتجاه مدينة حماةو القوات الروسية تبدا الانسحاب المعارضة في كوريا الجنوبية تبدأ إجراءات لعزل رئيس الدولة أبعاد التقارب السعودي الإيراني على اليمن .. تقرير بريطاني يناقش أبعاد الصراع المتطور الأمم المتحدة تكشف عن عدد المليارات التي تحتاجها لدعم خطتها الإنسانية في اليمن للعام 2025
هل تخلت أمريكا عن أهم ثابتين في سياستها الشرق أوسطية: إسرائيل والنفط؟
لا يمكن أن نصدق أبدا أن أمريكا سيدة العالم التي فعلت المستحيل، وصارعت قوى كثيرة، كان آخرها الاتحاد السوفياتي، كي تتولى قيادة المعمورة، يمكن أن تتخلى عن نفوذها وهيلمانها، وتعطيه لقوى أخرى بهذه الخفة والبساطة. ولا يمكن لو حصل ذلك أن يكون نتيجة سياسات الإدارة الأمريكية الحالية بقيادة دونالد ترامب التي تتصف بالرعونة.
نحن نعرف أن السياسات الأمريكية لا يضعها الرئيس ولا أي مؤسسة حكومية أمريكية لوحدها، بل تضعها مؤسسات كثيرة بإشراف الدولة العميقة وأذرعها في المجالات الصناعية والتكنولوجية والدوائية والدينية والعسكرية وغيرها، وبالتالي، فإذا كان هناك فعلا تحول أمريكي حقيقي، فلا بد أن مراكز البحوث والخبرة الأمريكية قد وضعته قبل سنوات وسنوات، خاصة وأن الأمريكيين يخططون لعقود قادمة وليس شهرا بشهر أو حتى سنة بسنة. لكن أيا كان الأمر، لا بد للمراقب أن يلحظ أن هناك فعلا توجهات أمريكية إما للتخلي عن بعض مناطق النفوذ في العالم، أو نقل مصالح أمريكا إلى مناطق أكثر حيوية، وأكثر أهمية استراتيجية.
لنركز على منطقة الشرق الأوسط ذات الأهمية الاستراتيجية والحيوية العظيمة بالنسبة للأمريكيين. والجميع يعرف أن أهم ثابتين في سياسة أمريكا في هذه المنطقة هما الحفاظ على إسرائيل وعلى النفط، وما عدا ذلك مجرد تفاصيل. لننظر أولا إلى سوريا جارة الولاية الأمريكية الأولى (إسرائيل). صحيح أن كل ما حصل في سوريا منذ بداية الثورة كان تحت الأنظار الأمريكية، لا بل كانت أمريكا تقود كل شيء من المقعد الخلفي تاركة المقعد الأول لحلفائها وتوابعها في المنطقة، لكن لاحظنا منذ أواخر عام 2015 أن أمريكا بدأت تتخلى عن الساحة السورية لروسيا.
وقد بدأ الدخول الروسي إلى سوريا بعد اجتماع هام بين الرئيس الروسي بوتين والأمريكي آنذاك باراك أوباما على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. في اليوم التالي للاجتماع أعلنت روسيا عن التدخل رسميا في سوريا، ولا شك أن ذلك كان بمباركة أمريكية. ومنذ ذلك الحين تتولى روسيا الساحة السورية كلها عسكريا وسياسيا، بينما ينحصر الاهتمام الأمريكي في الشرق السوري مع الأكراد وبعض النقاط في الشمال.
ما الذي فعله الأمريكان؟ هل اكتفوا فعلا بمناطق معينة وتركوا سوريا للروس؟ هل يعقل أن تترك واشنطن أهم منطقة مجاورة لإسرائيل في الأيدي الروسية إذا كانت تعتبر روسيا منافسها الصاعد في العالم الذي تحاصره في أوكرانيا وأوروبا الشرقية سابقا؟
السياسات الأمريكية لا يضعها الرئيس بل تضعها مؤسسات كثيرة بإشراف الدولة العميقة وأذرعها في المجالات الصناعية والتكنولوجية والدوائية والدينية والعسكرية.
ماذا بقي للأمريكيين في سوريا غير الاعتراضات السخيفة على إعادة إعمار سوريا بوجود النظام، وبعض المشاكسات حول الدستور؟ ما عدا ذلك صار كله في الأيدي الروسية. حتى أن المتحمسين للوجود الروسي في سوريا يعتقدون أن أمريكا وحتى إسرائيل فقدتا زمام المبادرة في سوريا، وباتت إسرائيل تحديدا تتوسل إلى الروس كي يراعوا مصالحها وأمنها.
لكن ذلك لا يبدو مقنعا مطلقا، إذا ما علمنا أن موسكو تحافظ على مصالح إسرائيل في العالم أكثر من أمريكا، خاصة وأن روسيا تاريخيا كانت أول دولة اعترفت بإسرائيل قبل أمريكا. لكن بكل الأحوال صارت روسيا الآمر الناهي الآن في الشام. ولا يتردد الرئيس الأمريكي بين الحين والآخر في التعبير عن رغبة إدارته بالانسحاب كليا من سوريا.
ولو انتقلنا الآن إلى الثابت الثاني في السياسة الأمريكية الشرق أوسطية، ألا وهو النفط، فسنرى أن حليفة أمريكا الأولى في المنطقة نفطيا، السعودية، باتت في مرمى النيران الأمريكية على ضوء الابتزازات الأمريكية المتواصلة للمملكة عبر قانون جاستا وبعده عبر قضية اختفاء جمال خاشقجي.
لم تعد السعودية على ضوء التصرفات الأمريكية تحظى بدور الحليف الاستراتيجي لواشنطن. لقد تحولت المملكة في عهد ترامب إلى ملطشة أمريكية تهينها واشنطن وتحط من قدرها ليل نهار، لا بل تستخف بقيادتها بطريقة استفزازية للغاية. وقد شاهدنا ترامب على مدى الأسابيع الماضية وهو يبتز القيادة السعودية، ويقول لها لولانا لما بقيتم في الحكم لأسبوعين، ولما استطاعت أن تطير طائرة الملك لولا الحماية الأمريكية.
هذه التصريحات ليست عابرة، بل تعبر عن تحول استراتيجي في النظرة الأمريكية إلى ثاب النفط. وقد اتضح الموقف الأمريكي المتحول من السعودية بعد قضية خاشقجي حيث استخدمت واشنطن القضية كأداة ابتزاز وضغط على السعودية لإهانتها وإذلالها، لا بل إن السيناتور الأمريكي الشهير ليندسي غريام وصف ولي العهد السعودي الحاكم الحقيقي للملكة بالصبي المجنون الذي لا نفتخر بصداقته. وهناك الآن تهديدات بفرض عقوبات أمريكية على السعودية كما لو أنها أصبحت في منزلة إيران أو كوريا الشمالية بالنسبة لأمريكا.
وكما أن الانسحاب الأمريكي التدريجي من سوريا أغرى الروس بالهيمنة على الساحة، ها هم السعوديون أنفسهم يهددون أمريكا بمنح قواعد عسكرية للروس في تبوك. وقد جاء التهديد على لسان مدير قناة العربية المقرب من القيادة السعودية، رغم أنه تراجع عن تصريحاته واعتبرها شخصية، مع العلم أنها لم تكن شخصية مطلقا، بل تعبر عن روح القيادة السعودية التي باتت تتخوف من الحليف الأمريكي.
هل يعقل يا ترى أن أمريكا بدأت تتخلى عن ثوابتها التاريخية في الشرق الأوسط، وخاصة إسرائيل والنفط؟ ألا تتقدم روسيا في المنطقة بينما تتراجع أمريكا؟ أليس الفراغ الذي تتركه أمريكا سيملأه الروس حسب قوانين الطبيعة؟ ألا ترى أمريكا أن الروس بدأوا فعلا يستفيدون من علاقاتها المتدهورة مع حلفائها الشرق أوسطيين وخاصة السعوديين والخليجيين عموما؟ هل هو انسحاب أمريكي مدروس؟ هل بدأت أمريكا تنقل اهتمامها باتجاه الصين حيث الخطر الأكبر؟ هل بدأت أمريكا تتخلى عن القيادة السعودية الحالية فقط مع إبقاء اهتمامها بالسعودية كمركز استراتيجي كبير؟ هل هو مجرد تقاسم نفوذ مع الروس، بحيث تبقى حصة أمريكا في الشرق الأوسط محفوظة؟ الجواب في التطورات المتلاحقة.
عن صحيفة القدس العربي