بلينكن يحدد شروط اعتراف الولايات المتحدة بالحكومة السورية الجديدة دعوة إلي عقد مؤتمر مانحين عاجل لدعم اليمن وقف النار في غزة واتصالات سرية لإنجاز الصفقة شرطة كوريا الجنوبية تدهم مكتب الرئيس... ووزير الدفاع السابق يحاول الانتحار دول عربية تبدأ بإرسال مساعدات لدعم الشعب السوري بعد سقوط الأسد روسيا تطلق تصريحات جديدة حول الاسد وتجيب عن إمكانية تسليمه للمحاكم الجيش السودانى يجبر قوات الدعم السريع على الانسحاب من شمال الخرطوم رسائل نارية من الرئيس أردوغان بخصوص سوريا وأراضيها وسيادتها خلال لقائه بقيادات حزب العدالة والتنمية عاجل: إدارة العمليات العسكرية تكشف قائمة تضم 160 قائدا عسكريا من نظام الأسد وصفتهم بمجرمي الحرب .. مارب برس يعيد نشر قائمة اسمائهم هكذا احتفلت محافظة مأرب بالذكرى السابعة لانتفاضة الثاني من ديسمبر 2017م
تبنت جماعة "جند الله" الإسلامية السنية أكبر هجوم على الإطلاق يستهدف الحرس الثوري الإيراني منذ سنوات، أدى الهجوم الذي وقع الأحد (18/10/2009) بمدينة سرباز إلى مقتل 42 إيرانيا بينهم قادة كبار في الحرس الثوري، وقالت المصادر الرسمية أن من بين القتلى نائب قائد القوات البرية للحرس الثوري الجنرال نور علي شوشتري، وقائد الحرس الثوري في إ قليم سيستان وبلوشستان الجنرال رجب علي محمد زاده، وقائد الحرس في مدينه إيرانشهر، وقائد لواء أمير المؤمنين، وعدد آخر من قادة هذه القوات.
وفي تصريحات لقناة "الجزيرة" قال مؤسس رابطة أهل السنة في إيران عبد الرحيم ملا زاده البلوشي إن الهدف من الهجوم رسالة إلى الحرس الثوري لوقف سياسة البطش وتعديل المعادلة السكانية وتهجير البلوش من أرضهم، مشيرا إلى أن ثلث سكان إيران من السنة ولكنهم يعانون من ظل "النظام الطائفي". واتهم زاده السلطات الإيرانية بتسليح بعض قادة البلوش بعضهم ضد بعض. كما نفى تلقي منظمة "جند الله" دعما من الخارج، مشيرا إلى أن عناصر المنظمة متواجدون في جبال سيستان وبلوشستان، وعد تلك الاتهامات شماعة لتصدير أخطاء النظام إلى الخارج.
جاء الهجوم ليسلط الأضواء على التحولات التي بدأت تهيمن على نمطية العلاقة بين الجماعات الإسلامية السنية ونظام الحكم في طهران. تلك العلاقة التي تشهد حالة من تصاعد التأزم على خلفية ما تعتبره الجماعات الإسلامية السنية اضطهاداً للسنة بإيران ومنعهم من ممارسة حقوقهم الأساسية، وما تدعيه دوائر الحكم من سعي للتمرد وممارسة للعنف من قبل بعض المجموعات.
يمثل "السنة" أقلية كبيرة داخل الدولة الشيعية، وتشير خريطة تواجدهم إلى انتشارهم في كافة أقاليمها ومحافظاتها، فقد خرجت من بينهم العديد من الحركات والجماعات المناهضة للدولة مذهبيًّا وسياسيًّا، كما اختار بعض هذه الجماعات حمل السلاح للفت انتباه الدولة إلى حقوقهم ومطالبهم. مما دفع المتابعين ووسائل الإعلام إلى تجديد الحديث عن أوضاع الطوائف المهمشة وحقوق الأقليات في الدولة ذات التعددية العرقية، التي يشكل فيها (الفرس والأذريون والجيلاك والأكراد والعرب والبلوش والتركمان) فسيفساء عرقي ومذهبي متنافر.
حركة سنية مسلحة بإيران
"جند الله" ـ التي دأبت السلطات الإيرانية على إعدام كل من يشتبه انتمائه إليها علنا ـ حركة إسلامية مسلحة معظم عناصرها من أبناء الأقلية (البلوشية) السنية المتدينة التي تسكن مناطق إقليم (سستان ـ بلوشستان) الواقع جنوب شرق إيران على المثلث الحدودي مع أفغانستان وباكستان، تأسست عام 2002 على يد الشيخ عبد المالك ريغي وهو أحد طلبة العلوم الدينية، للعمل على الدفاع عن حقوق السنة عامة والشعب البلوشي خاصة، والمطالبة باستقلال أكبر للأقاليم السنية، أو إجبار النظام الإيراني على التعاطي معها كحزب سياسي رسمي، كما يطالبون بتقسيم الثروة تقسيمًا عادلاً، وأن يكون للسنة الحرية في بناء المساجد والمدارس، حيث تتهم الجماعة حكومة طهران باضطهاد السنة، وقتل علمائهم، وهدم المساجد وإغلاق المدارس.
وفي بداية أمرها، ركزت الحرکة على توزيع الكتب والنشرات في المدن السنية، للفت انتباه أهل السنة إلى ما يجري عليهم، وما لهم من حقوق اجتماعية وسياسية ومذهبية في إيران، إلا أن السلطات الحكومية قامت باعتقال أعضاء الحرکة وأعدمت بعضهم، وهذا الأمر كان دافعاً للحرکة إلي التعجيل بحمل السلاح ومقاومة ما تعانيه من اضطهاد.
وترى "جند الله" في إيران دولة عنصرية "تأسست على فكر رجل واحد هو الخميني، ووضعت حجر أساسها على فلسفة ولاية الفقيه ليس إلا"، وبينما يصنفها البعض على أنها حركة سلفية أصولية تنفي الحركة ذلك عن نفسها، معلنة أنها تطالب بقيام "نظام ديمقراطي علماني يحترم اعتقادات الشعب ومذاهبه"، لذلك قام زعيم الحركة عبد الملك ريغي بالإعلان عن تغيير اسمها من جند الله إلى "حركة المقاومة الشعبية"، حيث يقول ريغي: إن "نضالنا لا يعتمد على العمل العسكري فحسب، فلنا مطالبنا وحقوقنا"، مشيراً إلى أن نهجه يعارض الأطروحات الراديكالية، سنية كانت أم شيعية.. إلا أن جند الله تؤكد في الوقت نفسه أنها لا تريد حكومة تعادي الدين.
تنشط الحركة المسلحة في مثلث حدودي ساخن حيث تتخذ من جبال "بلوشستان" مأوى لها، ولعل وعورة الجبال التي تتحصن بها هو سر قوتها وقدرتها على الاستمرار في مناهضة الدولة القوية، حيث تضم الحركة أكثر من 1000 مقاتل، ومنذ تأسيسها لم تتوقف الجماعة عن تنفيذ الهجمات وشن عمليات الاختطاف التي تستهدف جنودا حكوميين وعناصر في الحرث الثوري وقوات الباسيج، مستفيدة من أسر الجنود لتفاوض الحكومة على إطلاقهم فتحصل على فدية مادية، وأحيانًا على بنادق وأدوات حربية.
تنظر طهران إلى جند الله باعتبارها "فئة باغية" أو جماعة متمردة، وتصنف أميرها عبد المالك ريغي وهو في العقد الرابع من عمره بالمطلوب الأول المحكوم عليه بالإعدام "لتورّطه في عمليات خطف وقتل جنود، وتشكيل جماعة مسلحة تناهض الجمهورية الإسلامية"، متخذة من الأراضي الباكستانية خلفية لها، وهو ما تنفيه جند الله مستندة إلى قدرة الجبال الممتدة داخل الحدود الإيرانية على توفير الحماية الكاملة لعناصرها، حيث يقول ريغي في تصريحات صحفية: "لسنا بحاجة إلى المجيء إلى باكستان، معظم مراكزنا العسكرية ورجالنا هم داخل إيران، فبحمد الله عز وجل جبال بلوشستان حرة طليقة حتى الآن"، فلا يستطيع الجيش الإيراني أن يقوم بمناوشات عسكرية هناك.
وقد أصبحت الحركة الإسلامية بفضل التأييد الذي تحظى به بين الشعب البلوشي، من أقوى وأبرز الحركات العاملة في الإقليم، حتى أنها تصنف كأکبر حرکة سياسية وعسکرية تعارض النظام من الداخل، وقد تمكنت من توجيه ضربات موجعة لقوات الحكومة الإيرانية، سواء من خلال العمليات العسكرية أو من خلال نشاطها الإعلامي.
ومن بين أبرز العمليات التي نفذتها جند الله، الهجوم الذي استهدف (الخميس 28/5/2009) تجمعا للحرس الثوري وقوات الباسيج داخل حسينية في مدينة زاهدان. وجاء التفجير متزامنًا مع الحديث عن محاولة لتفجير طائرة مدنية في إقليم الأحواز العربي، وبعد أشهر من محاولة اغتيال الرئيس أحمدي نجاد في إقليم بلوشستان.
ثم قيامها في ديسمبر 2005 باختطاف تسعة جنود قرب مدينة (زاهدان)، فأفرجت عن ثمانية منهم بينما قتلت التاسع، وهو ضابط مخابرات يدعى "شهاب منصوري"، ونشرت شريطًا مصورًّا لتنفيذ حكم الإعدام ضده، وفي مارس 2006 قتلت الجماعة 26، وأصابت 12 من "الحرس الثوري" كانوا يعبرون في سيارات على مقربة من الحدود مع باكستان، كما تبنت "جند الله" عملية تفجير حافلة أدت إلى مقتل 11 من عناصر الحرس الثوري الإيراني وإصابة 31 آخرين.
وكان من أبرز ما تبنته في الآونة الأخيرة، عملية الكمين الذي نصبته لقافلة حكومية في منتصف شهر مارس الماضي على طريق (تاسوكي) الواصل بين مدينة زاهدان مركز الإقليم ومدينة زابل ثاني أكبر مدن بلوشستان، وقد أسفر عن مقتل حاكم مدينة زهدان واثنين وعشرين شخصا واحتجاز سبعة مسئولين آخرين، وتؤكد الجماعة قدرتها على تنفيذ عمليات نوعية داخل العمق الإيراني وصولاً إلى العاصمة "طهران"، حيث يقول عبد الملك ريغي: إن "معظم برنامجنا هو تدريب الشباب وإرسالهم إلى الداخل".
وإذا كانت "جند الله" تمثل إحدى حركات المقاومة البلوشية وإلى هذا الشعب وإقليمه ينتمي قادتها ومعظم عناصرها، فمن الجدير بالذكر الإشارة إلى خلفية البلوش كعرقية لها خصائصها التي تميزها عن غيرها من باقي العرقيات، فقد ظل إقليم "بلوشستان" محتفظًا بوحدة رقعته الجغرافية خلال القرون الماضية حتى تم تقسيمه بين إيران وباكستان وأفغانستان بعد الغزو البريطاني.. مما أدى إلى نشوء بلوشستان إيرانية، وبلوشستان باكستانية، وبلوشستان أفغانية، إلا أن السكان البلوش ظلوا في المناطق الثلاث متمسكين بوحدة انتمائهم العرقي، إضافة إلى اللغة البلوشية، والانتماء إلى الإسلام السُّني.. ومن ثم نشطت الحركات البلوشية مطالبة بفصل بلوشستان عن البلاد التي توزعت بينها (إيران وأفغانستان وباكستان) لإقامة دولتهم الموحدة.
يقول صباح الموسوي ـ الكاتب الأحوازي والخبير في الشئون الإيرانية ـ في مواجهة ذلك عملت إيران على فرض المذهب الشيعي على السكان البلوش بالقوة، "فمثلاً مدينة زاهدان عاصمة بلوشستان ما کان فيها قبل الثورة الخمينية شيعي واحد إلا الجنود والموظفون في الإدارات، لكن الآن وبعد ثلاثين عامًا تغير الطابع السكاني للمدينة حتى أصبحت ذات أکثرية شيعية".
وبشكل عام تتراوح نسبة المسلمين السنة في إيران بكافة عرقياتهم، وحسب الإحصاءات شبه الرسمية بين 14 إلى 19 مليون مسلم، يشكلون نسبة تتراوح بين 15 و20 في المائة من الشعب الإيراني، وهم مقسمون إلى 4 عرقيات رئيسية (الأكراد والبلوش والتركمان والعرب)، حيث يسكنون بالقرب من خطوط الحدود التي تفصل إيران عن الدول المجاورة ذات الأغلبية السنية، مثل باكستان وأفغانستان والعراق وتركمنستان، يقول موسوي: "وبالرغم من كون أهل السنة يمثلون أكبر أقلية مذهبية في إيران، إلا أن مستوى تمثيلهم السياسي في البرلمان والتشكيل الوزاري لا يتناسب مع نسبتهم العددية؛ إذ لا يمثلهم في البرلمان سوى 12 نائبًا فقط، ليس لهم أي وزن حقيقي، بل يستغل وجودهم لأهداف سياسية بما ينافي مصالحهم، والذين يصلون البرلمان من السنة هم من العناصر الموالية للنظام وليسوا ممثلين لسنة".