من يقرر مصير غزة؟
بقلم/ علي العقيلي
نشر منذ: سنة و شهر و 7 أيام
الجمعة 03 نوفمبر-تشرين الثاني 2023 07:17 م

قدر الهي عظيم يقضي بهلاك فرعون على يد شاب من بني اسرائيل المستضعفين الذين يستعبدهم الفراعنة ويعملون في خدمتهم.

لحكمة من الله تكهن الكهنة بذلك القرار كما سيحدث ليثبت للإنسان بأنه حتى وأن علم بما سيحدث له وسعى إلى عدم وقوعه فإنه يحدث له كما قدره الله أن يحدث وعلم به ذلك الانسان الذي لم يسعفه علمه بذلك القدر بالنجاة منه.

حاول فرعون تعديل ذلك القدر الالهي ومنع حدوثه فبدأ بقتل كل المواليد الذكور من بني اسرائيل فأشار عليه الكهنة بأن يقتل المواليد الذين يلدون في اعوام محددة سيكون ميلاد ذلك الطفل الذي سيصبح عدواً لفرعون ويهلك على يده.

ولد موسى عليه السلام في ذلك العام الذي حدده الكهنة ضمن الاعوام التي يجب على فرعون قتل المواليد الذكور من بني اسرائيل فيها.. وهذا تحد الهي عظيم بأن ما قدره الله أن يحدث سيحدث ولو علم به الانسان وملك القوة والسلطة والسيطرة لمنع حدوثه.

ولم يقتصر التحدي إلى ميلاد موسى في العام الذي يقتل فيه فرعون مواليد بني اسرائيل، بل تربى على يده وفي قصره.. تخيل فرعون رغم كل الاحتياطات البعيدة والمسبقة وطويلة المدى والمكثفة الذي اتخذها لقتل قاتله بلحظة ميلاده، بات يربي قاتله في العام الذي يجب عليه قتل كل مواليد بني اسرائيل وهو ما فعله لكنه اخذ موسى يربيه على يده وفي قصره فما الذي جعل فرعون لا يشك بأن موسى قد يكون مولود من مواليد بني اسرائيل..؟؟!!.. سبحان من يعمي الابصار والعقول ليقضي ما قدره..

تخيل والدة ذلك المولود الذي سيهلك فرعون على يده خائفة لا تعلم أين تخفيه وهل سيعيش وما شأنه.. تخفي ذلك المولد العظيم الذي سيهلك فرعون وجنوده عن أعين الناس ثم تضعه في صندوق وتلقيه في الماء ثم يدفعه الماء ويلقيه على مقربة من قصر ذلك الملك العظيم الذي يريد قتل ذلك المولد في حال وجده جنوده في احضان امه أو منزل والده..

بعد دخول ذلك المولود قصر عدوه الملك أصبح في أمان من القتل فهو لم يتم العثور عليه في منزل رجل من بني اسرائيل أو بيد امرأة من بني اسرائيل لكن سيعود وهو في أمان وهنا تكمن الحكمة الالهية العظيمة في الهام الله سبحانه وتعالى لأم موسى أن تلقيه في البحر ليذهب به الموج ويلقيه بجوار منزل فرعون ثم يأخذه فرعون ويبحث عن مرضعة تقوم بإرضاعه وتربيته ثم يعود إلى أمه ومنزل والده وهو في أمان من القتل الذي يجب أن ينزل بكل مواليد بني اسرائيل في ذلك العام دون استثناء.. لكنه بحكمة الله استثنى موسى الذي يعتقد فرعون أن كل ذلك القتل الشامل لكل مواليد بني اسرائيل لن يستثني المولود الذي في حال نجا من الموت سيزول ملكه على يده.

فرعون ملك عظيم لا قوة تقف في وجهه ولا يخشى أي خطر يهدده لذلك بات يدعي الالوهية، شعبه يدينون له بكل الولاء والطاعة بني اسرائيل ضعفاء جدا يعملون عبيداً في خدمته كل مصر تخضع لسلطته يملكها ويملك بشرها وشجرها وحجرها وثمرها ونهرها..

ما القوة التي يمكنها القضاء على فرعون وانهاء ملكه..؟؟.. كيف يمكن أن يزول ملك ذلك الملك العظيم الذي من قوة والسلطة والسيطرة بات يدعي الالوهية، على يد شاب من بني اسرائيل المستضعفين كيف يمكن لذلك أن يحدث..؟؟.. لا أحد يتصور كيف يمكن أن يحدث ذلك.

كبر موسى عليه السلام اصبح شاباً قوياً ثم أصبح خائفاً مطارداً بعد قتله لرجل من قوم فرعون، خرج من مصر للنجاة بنفسه ولا وجهة له تائه لا يعلم أن يذهب ومن مورد الماء الذي أرشده الله إليه بدأ بتكوين حياة جديدة وبدأ بتكوين أسرة وحياة مستقرة..

عاد موسى إلى مصر بأمر من الله والله معه، وبدأ مهمته التي ستنهي فرعون وملكه، بدأ في مواجهة مع الكهنة الذين تنبأوا بتلك النهاية التعيسة واتخذوا مع فرعون وجنوده كل الاسباب التي يعتقدون بأنها ستحول دون حدوث تلك النهاية.

في أول مواجهة انهزم الكهنة وانتهت مهمتهم وباءت كل مهامهم بالفشل فقد آمن السحرة بكل ما جاء به موسى عليه السلام..

بقي فرعون في مواجهة مع موسى.. بات موسى كل حلمه وطموحه هو الذهاب ببني اسرائيل والخروج بهم من مصر وترك فرعون وشأنه ولم يدعوه وقومه إلى اتباعه، فبعد أن يأس من هدايته أمره الله أن يخرج ببني اسرائيل من مصر لكن فرعون كان يمنع حدوث ذلك دون معرفة ما الخطر الذي يراه في حال سمح لهم بالمغادرة.

لنفرض أن فرعون سمح لبني اسرائيل بمغادرة مصر أو غادروها دون علمه ولم يتبعهم أو أرسل مع جنوده أحد وزرائه للحاق بهم وإعادتهم هل كانت ستحدث نهايته التي تنبأ بها كهنته وعجز هو وهم عن منع حدوثها رغم الاجراءات المبكرة والمكثفة التي اتخذوها لمنع حدوث تلك النهاية..؟؟؟..

غادر بني اسرائيل مصر دون علم فرعون وعند معرفته بذلك جهز جيشه وخرج على رأس جنوده للحاق بهم وإعادتهم إلى مصر، ما الذي اقنع فرعون بأن يخرج بنفسه لملاحقتهم وإعادتهم ما الذي جعل فرعون يتخذ قرار اعادتهم وليس تركهم وشأنهم..؟؟.. سبحان الله لا أحد يعلم.. هكذا يجعل الله الانسان يمشي إلى القدر الذي قدره عليه حتى وأن علم به ذلك الانسان وخافه ويسعى إلى عدم حدوثه.

تبعهم فرعون بنفسه على رأس جنوده وهناك هلك في البحر على يد موسى بعظمة الله وقدرته وزال ملكه على يد ذلك الشاب من بني اسرائيل كما تنبأ الكهنة بتلك النهاية وعجزوا هم وفرعون منع حدوثها رغم القوة والسلطة والقدرات التي ملكوها.

اليوم تجتمع امريكا مع الصهاينة وبكل ما يملكون من قوة في ظل صمت وضعف عربي واسلامي وعالمي لإبادة غزة وأهلها واحتلال أرضها تلك المساحة الصغيرة المحاصرة المحصورة المتبقية من فلسطين المحتلة.

لا أحد يعلم ما الذي سيحدث وربما هي نهاية تلك القوى الغاشمة المتكبرة المتجبرة، فقد يهزمهم أهل تلك البقعة الصغيرة المحاصرة بإيمانهم وتأييد الله لهم فقوته سبحانه هي من يقرر ما يحدث ولن يحدث إلا ما قضاه الله وقدر له أن يحدث.

الله سبحانه وتعالى وحده هو من يقرر مصير غزة وليس الصهاينة ولا واشنطن مهما امتلكوا من القوة ومهما ارادوا وقرروا واتخذوا من القرارات وأصروا على تنفيذها وتحقيقها فقد يكون ذلك الاصرار الذي يتعارض من اقدار الله سبباً في هزيمتهم كما كان قرار فرعون اعادة بني اسرائيل واصراره على افشال فرارهم من مصر سبباً في هلاكه فلو قدر له أن ينجو لألهمه إلى تركهم وشأنهم والبقاء في مصر وعدم الخروج في ملاحقتهم لإعادتهم.

نسأل الله النصر والتمكين والتأييد لأهل غزة وكل فلطسين وكل المستضعفين المظلومين في الارض وأن يهلك كل ظالم ومتكبر ومتجبر وباغي في الارض كما أهلك فرعون وجنوده وهو سبحانه على كل شيء قدر وبيده أمر وتقرير مصير كل شيء.