مليشيا الحوثي ورقة ضغط أمريكية أمام طموحات السعودية
بقلم/ أحمد عايض
نشر منذ: سنة و 9 أشهر و 10 أيام
الأحد 19 فبراير-شباط 2023 06:48 م
 

نجحت الإدارة الأمريكية بصورة غير مباشرة في بناء المليشيات الحوثية عسكريا وتحويلها الى قوة فاعله في الارض ، وسمحت لها طوال السنوات الماضية بوصول اسلحة متطورة وفعالة، حتى تمكنت من ضرب اعماق ابوظبي والرياض.

التساهل الامريكي او لنقل التعامي الامريكي عن تدفق صفقات السلاح الى المليشيات الحوثية "طوال السنوات الماضية" والتي مازالت تقوم بها إيران حتى اللحظة، ليس حبا فيهم ولا بغضا في الشرعية، ولكن حتى تصبح تلك المليشيا ورقه ضغط فاعلة بيدها ضد حلفائها الخليجيين وفي مقدمتهم الرياض.

طوال السنوات الماضية، برزت الادارة الأمريكية كوكيل مدافع عن الحوثين، ووقفت في وجه التحالف والشرعية ، وطالبت منهم.( قبل عدة سنوات) " بوقف اي تقدم للجيش الوطني نحو العاصمة صنعاء"يومها كانت أضواء العاصمة صنعاء تحت رحمة نيرانهم المسلحة، في حين كان ساكني الأحياء الشمالية للعاصمة صنعاء يسمون دوي المواجهات ورجيج قذائفها ، ومعهم غالبية قبائل الطوق الذين كانوا يتابعون من روؤس منازلهم يوميات زحف الجيش وتقدمه.

مشاريع في رحم مشروع

في عام 2014 تدفقت المليشيات الحوثية لاسقاط العاصمة صنعاء والانقلاب على شرعيتها وفق مشروع كبير، كان يمضي وفق اجندة دولية.،

منهم من رأي في ذلك اداة لاخماد انفاس الربيع العربي في اليمن، ومنع انصاره من الوصول الى مقاليد السلطة وادخالهم في حرب استنزاف طويلة.

ومنهم من كان ينظر برؤية اكثر اتساعا واكثر خبثا وهي نظرة كانت قائمة على تأهيل تلك المليشيات الغوغائية وتحويلها الى خنجر يهدد الامن القومي للسعودية اولا وباقي دول الجوار ثانيا. كانت الادارة الامريكية والحكومة البريطانية هما من دعم ذلك المخطط العميق الذي كان يمضي بعيدا وبهدوء عن ادراك بقية المباركين .  

 صراع المصالح 

تداخلت الاوراق وتزاحمت الاطماع وتصادمت المخططات حتى تكللت بتراجعات وانهيارات داخل صف الشرعية حتى مُنع عنها استيراد الاسلحة او طلب الدعم من اي أطراف خارجية خارج محيط التحالف العربي.

اليوم تمضي انعكاسات المشهد السياسي الكئيب الذي يقوده المجلس الرئاسي بقيادة د رشاد العليمي ،وهو المجلس الذي لم يستطع منذ قرابة عام تنفيذ اي وعد من وعوده، بل تحول لاداة لتقدم التنازلات وزرع القيادات الرخوة اللاهثة وراء سراب السلام. 

حسب التصريحات العليا لقيادات الحرس الثوري الإيراني او لقيادات اذرعها في الضاحية الجنوبية ولشيعة شوارع اليمن تؤكد أن الهدف القادم بعد اسقاط اربع عواصم عربية هو عواصم الخليج.

تداعيات المشهد السياسي والعسكري في اليمن تتحدث ان الهدف الرئيسي في مؤامرة انقلاب 2014م لم تكن الشرعية فقط،بل كان مخططا اكبر حجما من جغرافيا ونظام الجمهورية اليمنية.

ترويض الرياض

باتت الادارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي ترى في السعودية نمرا صاعدا في سلم الاقتصاد العالمي، وقوة شرسة تحاول التمرد على الترويض، ومشروعا يناضل للنهوض بكل ادوات المرحلة الاقتصادية والدبلوماسية، بقيادة الامير محمد بن سلمان، وهو صعود لا يرغب فيه أولئك.

نجحت الرياض خلال العامين الماضيين في فرض شروطها وتنفيذ مطالبها من الادارة الأمريكية التي حاولت عرقلتها ومنعها، كونها ترى في الرياض تابعا لا شريكا. شعرت الادارة الأمريكية مبكرا واطلعت باكرا على مخططات مشروع النهضة التي تسعى له المملكة العربية السعودية، وهو تحرك طموح لا ترغب فيه واشنطن، وهو ما ايقنت به الرياض مؤخرا. فيممت الرياض وجهتها وغيرت دفتها وتلاعبت باوراقها ، فلجأت الرياض الى تحركات سياسية ناجحة قادها الامير محمد بن سلمان ، ادت الى ارباك سريع ومباغت للادارة الأمريكية والدول الغربية ككل، وتحديدا بعد نجاح الرياض في عقد تحالفات جديده اتجهت نحو الشرق وتحديدا الصين.

لذا ترى الادارة الأمريكية ان المليشيات الحوثية هي الاداة الأفضل التي من خلالها سيتم لجم طموحات الرياض، واعادتها الى حديقة الولاء ومحيط الاستهلاك لا التصنيع والاكتفاء والقوة. 

مهما حاولت الأطراف الدولية في تقديم التزامات على المليشيات الحوثية وو عود بتحقيق مطالب الرياض خاصة تلك المتعلقة بأمنها القومي ، فسوف تتبخر كل تلك الالتزامات والوعود في غمضه عين ، بناء على خوارزميات العقلية الحوثية الغارقة في احقاد الماضي ورغبات الابادة للخصوم وهواية الهيمنة وجعل كل من حولها تابعا مهانا لا شريكا محترما.

ستجد الرياض انه كلما شعرت انها حسمت ملفا مع حوثة اليمن ستجد نفسها أمام مطالب جديده وشروط اكثر تعقيدا واذلالا.

بالمختصر المفيد :

المسيرة الحوثية سرطان خبيث ، لا يمكن الشفاء منه او التعايش معه الا بابستئصاله، وكل علاج اخر ماهو الا تخدير مؤقت سيتيح لذلك الورم بالاتساع والتوغل حتى يفتك بكل ما حوله.. والحر تكفيه الإشارة...

ولا نامت أعين الجبناء.