مليشيات الحوثي تُدرج مادة دراسية طائفية في الجامعات الخاصة. اللواء سلطان العرادة: القيادة السياسية تسعى لتعزيز حضور الدولة ومؤسساتها المختلفة نائب وزير التربية يتفقد سير اختبارات الفصل الدراسي الأول بمحافظة مأرب. تقرير : فساد مدير مكتب الصناعة والتجارة بمحافظة إب.. هامور يدمر الاقتصاد المحلي ويدفع التجار نحو هاوية الإفلاس مصدر حكومي: رئاسة الوزراء ملتزمة بقرار نقل السلطة وليس لديها أي معارك جانبية او خلافات مع المستويات القيادية وزير الداخلية يحيل مدير الأحوال المدنية بعدن للتحقيق بسبب تورطه بإصدار بطائق شخصية لجنسيات اجنبية والمجلس الانتقالي يعترض إدارة العمليات العسكرية تحقق انتصارات واسعة باتجاه مدينة حماةو القوات الروسية تبدا الانسحاب المعارضة في كوريا الجنوبية تبدأ إجراءات لعزل رئيس الدولة أبعاد التقارب السعودي الإيراني على اليمن .. تقرير بريطاني يناقش أبعاد الصراع المتطور الأمم المتحدة تكشف عن عدد المليارات التي تحتاجها لدعم خطتها الإنسانية في اليمن للعام 2025
في اليمن يستفيد من الطاقة الكهربائية قرابة الـ40 % من مجموع السكان، وهذه الفائدة جزئية في أحيانا كثيرة، في حين أن باقي السكان يعانون شبة انعدام للطاقة، ومن هنا نستطيع الربط ما بين الطاقة والأمن الغذائي فالارتفاع المتزايد في نسبة معدلات الفقر في اليمن وتقارب نسبته مع نسبة الانعدام الطاقي يوحي بالصلة المتلازمة بينهما، فوجود الطاقة يسمح بإنتاج الغذاء بالنسبة للبلدان الزراعية والصناعية أو شرائه بالنسبة للبلدان التي لا تستطيع إنتاجه.
لذلك يجب الاعتراف بأن التفكير الإستراتيجي للطاقة غير موجود بعد ضمن مكونات العقلية اليمنية سواء على الصعيد الفردي أو الجماعي، فالحكومات المتعاقبة تعاملت مع إشكالية الطاقة تعاملا جزئيا أو مرحليا يعتمد على سد الحاجة الآنية ولم تضع أي منها إلى يومنا هذا استراتيجية مستقبيلة لتأمين الطاقة، وهذا أمر محير!!، إذا ما استثنيننا بعض الورش أو الندوات المتناثرة هنا وهناك دون رؤية واضحة.
وعلى هذا الأساس وشعورا بالمسؤولية الذاتية يلزمنا تسمية الأمور بمسمياتها وطرح الحقيقة كما هي بدون تضخيم أو تزلف، ليس بغرض إثقال الهم الوطني ولكن لتسليط الضوء وتعزيز الشعور الوطني بالمسؤولية بغية الوصول لحلول تؤدي إلى نتائج ملموسة، من هنا سأطرح بعض الأفكار لمناقشتها, لربما تحرك مياه راكدة في ظل اهتمام الناس المتزايد بتحديات الشأن السياسي على الرغم أن هذه التحديات حلها في متناول اليد متى ما توفرت الإرادة الحقيقية، في حين أن هنالك تحديات أخرى أشد صعوبة وهي في رأيي التي ستحدد حتما مستقبل اليمن وفي مقدمتها تحد الطاقة، وهو موضوعنا.
ندرك أن تأمين الطاقة هو الذي يقود السياسات الدولية التي تسعى إلى السيطرة على مصادر الطاقة في العالم، وعليه فإن أي دولة بدون تأمين كافي للطاقة هي دولة غير كاملة الاستقلال، ومستقبلها غير واضح المعالم، لان امتلاك الطاقة يعني امتلاك مصادر مستديمة لطاقة كافية ورخيصة ليس فقط لهذا الجيل ونشاطه الاقتصادي والاجتماعي بل أيضا بالقدر الذي يفي بحاجات الأجيال القادمة، ومع الأسف فإن مفهوم الاكتفاء الطاقي غير مستخدم في البيئة السياسية والاقتصادية اليمني بالرغم من تردده على السنة السياسيين والاقتصاديين في بلدنا، وقد حان الوقت لإدخاله في الفكر الاقتصادي والسياسي اليمني، ولن يكون ذلك إلا بوجود استراتيجية مستقبيلة لتأمين الطاقة تهدف إلى الوصول بالبلد إلى الاكتفاء الطاقي.
مررنا العام الماضي بتجربة قاسية ومريرة مع الكهرباء (ولازالت) واستخدامها كوسيلة عقابية، ولان الوقت ليس للتأسف على ما فات بل العكس تماما هو وقت النظر للمستقبل والتخطيط له والعمل أيضا.
في بلدنا تتولد الطاقة الكهربائية بمصدرين متاحين حاليا هما النفط والغاز ولا يكادان يكفيان الفقر الطاقي الذي نعيشه اليوم فما بالنا بمتطلبات المستقبل، فالنفط قليل والغاز في حقل صافر بيع أغلبه كغاز مسال فلم يعد مصدرا للطاقة يعتمد عليه. وأكثر مستهلك للطاقة اليوم في بلدنا هي النقل والكهرباء وبعدهما الاستخدامات المنزلية ثم يأتي قطاع الخدمات والتجارة وأخيرا قطاع الصناعة، وإنتاج الكهرباء يستهلك حوالي سبعمائة وستون ألف طن ( ثمانمائة مليون لتر تقريبا) من الديزل، وحوالي مليون طن (مليار وستون مليون لتر تقريبا) من المازوت (الوقود الثقيل) سنوياً، في حين يستهلك قطاع النقل مليونين وستمائة وستون ألف طن من مشتقات النفط سنويا منها مليون ومائتا ألف طن ديزل و مليون وثلاثمائة ألف طن جازولين والباقي وقود طائرات، في حين أن ما يستهلكه قطاع النقل من غاز هو سبعة عشر ألف طن فقط، واستهلاك الغاز المنزلي السنوي يساوي حوالي ثمانمائة ألف طن (الأرقام ألوارده أعلاه تقوم على إحصائيات 2008). وهذا مما يدفعنا إلى البحث عن بدائل أخرى تماشيا مع الاتجاه العالمي نحو توليد الطاقة الكهربائية بواسطة الطاقة البديلة (المتجددة) بدلا عن الطاقة المستنفذة، فالطاقة المستنفذة مهما كانت متوفرة اليوم وغدا فسيأتي اليوم الذي تستنفذ وتنتهي فيه، بينما الطاقة المتجددة مستمرة ودائمة باستمرار الحياة كالطاقة الشمسية والحرارية والرياح وكسر الأمواج ..الخ، وكلها تعتبر طاقات صديقة للبيئة وأي جهود مبذولة للمحافظة على البيئة من انبعاث الكربون إلى الغلاف الجوي تؤدي إلى الحصول على تعويض مادي من المؤسسات الدولية ذات العلاقة في إطار البرنامج الدولي المسمى (الرصيد الكربوني Carbon credit ) .
في بلادنا الحلول الممكنة تكمن في الطاقة المتجددة وسأضع هنا لمحات بسيطة عن استخدام الطاقة المتجددة لتوليد الطاقة الكهربائية علها تفتح آفاق نحو المستقبل :
أ- الطاقة الحرارية لباطن الأرض
ترتفع درجة الحرارة كل 100 متر في عمق الأرض 2.7 درجة مئوية، ذكر د.زغلول النجار في كتاب "الإعجاز العلمي للقرآن – الجزء الثاني" أنه بالتفكير في استغلال هذه الحرارة فإنه من الممكن تطبيق هذه الفكرة بتدخل الإنسان للحصول على الطاقة الكهربائية من مصدر طبيعي متجدد وكذلك الماء العذب (والهام جداً في هذه الأيام)، من خلال حفر بئرين متجاورين وايصالهما ببعض بحفر بئر بيني، و من ثم إدخال ماء البحر في إحدى البئرين سيخرج من البئر الأخرى على هيئة بخار شديد الحرارة يمكن الاستفادة منه في تشغيل التوربينات وتوليد الكهرباء بتكلفه رخيصة للغاية ثم يتكثف هذا الماء على هيئة ماء عذب!.
ففي كينيا مثلا استخدمت هذه الطاقة لإنتاج الكهرباء فتم حفر عدد من الآبار في حقل" 2 كيلومتر × 2 كيلومتر " تولد منه كهرباء تكفي لإنارة و خدمة مدينة كاملة يزيد تعدادها على 3 ملايين نسمة، مثل هذا الحل قد نحتاج لاستخدامه في بلادنا لتوفير الطاقة والمياه العذبة في آن واحد.
ب- الطاقة الشمسية
يعيبها التكاليف الباهظة لمنشئاتها، ومع ذلك فهي مستخدمة، ومؤخرا تم التوصل لإنتاج ألواح من البلاستيك أخف وزناً وأكثر مرونة من سابقاتها كما أن سعرها هو الأرخص أيضاً، و قد تقود ثورة في سوق الطاقة الشمسية في مقبل الأيام. ومع ذلك فأوروبا تستعد لاستيراد "شمس" من شمال أفريقيا، ليس هذا فحسب، بل تلك الشمس ستغطي ما نسبته 20 في المائة من احتياجات دول الاتحاد الأوروبي من الطاقة الكهربائية المتجددة بحلول العام2020م. وذكر مدير المشروع الفيزيائي الألماني "غيرهارد كنيز" أن الصحراء تستقبل خلال فترة 6 ساعات طاقة تفوق ما يستهلكه الإنسان في عام كامل، مشيراً إلى أن مساحة 1 في المائة فقط من الصحراء الكبرى يكفي لتزويد العالم بالطاقة المتجددة، أي أن تغطية مساحة تقدر بحوالي 350 كيلو متراً مربعاً من الصحراء بالألواح المستقبلة للطاقة الشمسية، يكفي لتزويد كل العالم بالطاقة الكهربائية.
هذا الأمر يفتح لنا عامل تحفيز وطني للتفكير مليا بكيفية استغلال صحراء الربع الخالي، فيمكن الاستفادة منها بالاكتفاء الطاقي والتصدير.
ج- طاقة الرياح
استخدم الإنسان فيما مضى طاقة الريح لتحريك الطواحين الهوائية وكذلك لدفع السفن الشراعية واليوم يستخدمها الإنسان كمولد للطاقة الكهربائية، وتُعدُّ الرياح مصدر الطاقة الذي يشهد النمو الأسرع في العالم.
توفر الرياح في بلدنا يضع حلولا مستقبليه للاكتفاء الطاقي ويبشر بخير إذا ما استغلت فهناك ممر رياحي واسع تستديم فيه طوال العام يمتد في مناطق من شبوة ومأرب والجوف وكذلك امتداد آخر من المضاربة والعارة إلى مدينة المخا، ولكن هناك مشكلة سهلة الحل و بيد الحكومة وهي إنشاء نظام للاستثمار الخاص في إنتاج الكهرباء بالرياح، فالتكلفة الرأسمالية تقدر بحوالي 1.5 إلى 2 مليون دولار للميجاوات في حين أن توليد الكهرباء بالطاقة النووية يكلف من 2 إلى 3 مليون دولار للميجاوات!.
ويعد توليد الطاقة بواسطة الرياح الأنسب لبلادنا من حيث الكلفة والاستدامة بشكل رئيسي.
لن يكون هذا الكلام ذو فائدة عملية إن لم يحدث حراكا فكريا ومدخلا لدى المهتمين وصانعي القرار وعامة الناس باتجاه التحول إلى منهج التفكير الاستراتيجي في التعامل مع موضوع الطاقة الذي يمثل أهم تحد يواجه مستقبل اليمن واليمنيين، لقد حان الوقت لو ضع إستراتيجية مستقبيلة لتأمين الطاقة في بلادنا.