لماذا قاطعت حضرموت مؤتمر عدن الجنوبي؟
بقلم/ زين بن زيمه
نشر منذ: سنة و 7 أشهر و 9 أيام
الأربعاء 03 مايو 2023 10:21 م

ان دعوة الانتقالي لحوار جنوبي- جنوبي مبادرة يستحق الثناء عليها و استقبل ذلك النداء بتفاؤل واسع كثقافة جديدة لا تؤمن بقوة البندقية بقدر إيمانها بقوة الفكره و بمنهج الحوار المتزن و المتكافئ حيت لا يرى طرف انه الأعلى او الاجدر او الاحق بان يفرض إرادته على احد.

خلال سنتين عقد فريق الانتقالي اكثر من 200 لقاء في الداخل و الخارج بحسب تصريح الاخ احمد بن فريد في صفحته على تويتر. و أضاف الاخ بن فريد بانهم تحملوا الكثير من التهم و التجريح وهذا متوقع جدا عند الشروع في عمل كبير فلن تجد كل المكونات معك الا بعد ان تتضح الرؤية و الالية و مستوى الشفافية في جهود الطرف المبادر، وحتى في ظل وضوح كل ماسبق ذكره ستجد المشكك او المتوجس وهذا ايضا طبيعي و لا يعني التخلي عن الفكره او تهميش من ما زال في انتظار بوادر ايجابية و مطمئنة لينظم لتلك الغاية المنشودة و الهدف المشترك.

في خلال العامين الماضيين تبلورت عن هذه اللقاءات سبع ملفات و بحسب الأستاذ احمد بن فريد كان على رأس تلك الملفات الميثاق الوطني. و بحسب تقديرات فريق الحوار الانتقالي اعتقدوا بانهم توصلوا لرؤية مشتركة تمثل الجميع و من حقهم ان يكونوا ذاك الاعتقاد و لكن ليس من حقهم ان يعتقدوا بان "الجميع" يشاركهم نفس الاعتقاد و النتيجة التي توصلوا لها.

قد يرى الأخوة في الانتقالي بان " الميثاق الوطني" هو القضية الرئيسية بينما قد يرى طرف اخر بان هناك ملف -او رزمة ملفات اخرى- هي الاهم و يكون الميثاق الوطني هو التعهد و الختم الاخلاقي و الشرفي لتحقيق تلك الملفات الهامة التي اتفق عليها بعد حوار حقيقي.

الميثاق الوطني هو عهد بالالتزام بإتفاق و رؤية و لا يمكن باي حال من الاحوال ان يطلق عليه - اي الميثاق- مسمى رؤية سياسية جديدة بشكل منفرد. هو جزء من مشروع أشمل و اكبر ذو أبعاد سياسية و اقتصادية واجتماعية وثقافية.

في نقطته الرابعة على صفحته تحدث العزيز بن فريد بان باقي الملفات المطروحة متروكة لان تملأ بما تراه الاطراف الجنوبية و تنتظر إسهامات جميع الاطراف. هناك بعض التوضيح المطلوب هنا لان هذا الطرح كمن يضع العربة قبل الحصان و يريد من المسيرة ان تتحرك.

في المقابل عندما طرحت بعض الاطراف تحفظاتها او اعتذارها عن المشاركة لحين إعادة تصحيح ما يعتقده الانتقالي بانه القضية الرئيسية في الوقت الذي يعتقدون هم بان هناك قضايا اكثر أهمية، نجد ان الانتقالي ضجر من مواقفهم - الغير رافضة للحوار- وصب غضبه عليهم و نسى او لم يراعي اهمية الحفاظ على "ما اسماها انجازات و منجزات العامين الماضيين". و لا اعتقد ان ذلك عمل حصيف او استراتيجي.

قضى فريق الحوار عامين من اللقاءات فاق ال 200 لقاء ولم ينجز فيها آلية للحوار و رغم هذا يعتقد الفريق بان لقاء لمدة اربعة ايام سيحقق خلالها تلك الألية بشرط ان يوقع المشاركين على الميثاق الوطني اولا كمنجز لعمل عاميين.

هل يعقل ان يستغرق الوصول لميثاق وطني عامين و هو مجرد التزام ادبي و اخلاقي بينما آلية الحوار ستحل و تحدد في 4 أيام. طبعا من يصدق ذلك لا يمكن وصفه الا بالحالم او الموهوم. حتى و ان فرضنا ان المستحيل تم تحقيقه و اتفق على آلية في اربع ايام.

هل من الواقعية الاعتقاد بان باقي الملفات المطروحة، و هي الشائكة و الاكثر تعقيدا من ميثاق شرف، سيتم التوصل فيها لحلول في اقل من سنتين؟ و هل يملك الجنوبيون سنتين اخرى لقضيتهم في ظل تسارع الاحداث السياسية اليوم؟ هناك حاجة ملحة و ماسة ليبدي و يعبر الانتقالي بشكل عملي مدى احترامه لمواقف الاخرين ورغبته في ايجاد وحده جنوبية قوية و يسعى الى تبديد تلك المخاوف و أول خطوة لذلك هو اعلانه تاجيل - ليس إلغاء- اللقاء التشاوري الموسع و يستمع لوجهة نظر الآخرين لحماية منجزات العامين الماضيين.

ثانيا عليه ان يعيد النظر في ما هو الدور الذي يرغب ان يحتفظ به لنفسه في الحوار. فهل يريد ان يكون الداعي للحوار و الميسر له و كذلك المظلة و الإطار السياسي؟ ام ان لديه رغبة في تقاسم تلك الادوار مع باقي مكونات الجنوب بشكل مؤسسي و بشراكة متكافئة؟ هذه هي الاسئلة التي يجب ان يتعامل معها المجلس الانتقالي اليوم و بجدية مهنية و عمل مؤسسي. و فرصة لتأكيد ايمانه بان الحوار هو قيمة حضارية و وسيلة مثلى لحل الخلافات و توحيد الصف. ليس للتصلب في المواقف اليوم مكان ان كان هناك قيادة تقدر الامور و تزنها بميزان المصلحة العامة لا الخاصة.