الرحيل او الانتحار
بقلم/ فيصل علي
نشر منذ: 13 سنة و 8 أشهر و 30 يوماً
الأربعاء 23 مارس - آذار 2011 04:31 م

بدأ صالح مهزوزا كالعادة "في خطابه الاخير قبل التنحي بايام وقبل جمعة الزحف الى دار الرئاسة وحذر من حرب اهلية اذا ما استمرت الانقسامات داخل المؤسسة العسكرية وقد حاول ان يكون قويا في خطابه، لكن الضعف كان باديا من شخص هرم وصل الى مرحلة اليأس، صورته متشحة بسواد التشاؤم الذي راه منذ ان اعلن صاحب الكلمة العليا في الجيش اللواء علي محسن الاحمر قائد المنطقة الشمالية الغربية وقائد الفرقة الاولى مدرع انضمامه لثورة الشباب وحذر من العنف ضدهم. صالح وحده من يعلم حقيقة الموقف فالجيش فعليا لا يتبعه وما تبقى له هو قيادة الحرس الجمهوري وكثير من ضباط الحرس انضموا ايضا لصفوف الشباب اكثر من ربع الحرس ليسوا معه وما خفي كان اعظم.. ايضا بقى له قيادة الامن المركزي وهي غير مأمونة العواقب اذ يقودها يحيى محمد عبد الله صالح ابن شقيقة ومثقف العائلة الحاكمة وزوج سابق لابنة الرئيس خلعته قبل سنوات لاسباب عائلية .. يحيى الذي يرى احقيته في الحكم لجأ للمثقفين فاشترى من استطاع منهم منذ فترة كي يعوض النقص وظهر وكانه ما تبقى من قوميي العرب بتبنيه لجمعية كنعان لفلسطين وتبنيه لمواقف المقاومة العربية في لبنان والعراق احيانا، هو ايضا يقود تمردا داخل البيت الرئاسي مفاده "انا خير منه: والمقصود "احمد" الذي هو اصلا غائب عن الحضور الجماهيري نهائيا، يحيى ربما تواتيه الفرصة الاخيرة ليقول كلمته قبل مغادرة عمه للسلطة وينضم لشباب التغيير فطالما حلم بقيادتهم لكن هناك من اوقف طموحه منذ زمن فابن العم هو الوريث للعرش وهكذا كانت الامور تبدو لكن فرصته الان ليثأر لابيه الذي كان يلقب بفقيه الاسرة التي بدت لا تفقه شئيا من امور البلد لا سياسيا ولا حتى عسكريا ابوه مات مجهولا من الشهرة التي كان يجب ان تطاله من وجهة نظر يحيى التي صرح بها لمقربين في ساعات الانس في فندق صنعا موفمبيك على انغام الموسيقى وحنجرة مريام فارس التي استضافها في صنعاء بدعوة شخصية منه كذا مرة .. فهو يرى ان اباه كان احق بالحكم اذ لعب دورا في الثورة الام سبتمبر لكن الذي حصل ان عمه وهو اصغر سنا من ابيه قد فاز بالسبق مع العلم ان لا اباه ولا عمه كانا لهما علاقة بثورة سبتمبر الا في العداء لها فقد كانا من غلمان البدر الامام المخلوع ..

صالح عاش يوم الاثنين مشدوها لا يستطيع ان يغمض عينيه من كثر ما رأى من استقالات عجزت الصحف والمواقع واشرطة اخبار الفضائيات عن ان تحصيها فقد كان بحق اليوم العالمي للاستقالات وذهب كل المخلصون من حوله ما تبقى معه حفنة من المنتفعين الذين يحملون الجنسيات المزدوجة كعبدة برجي الحاصل على الجنسية الكندية فقد امن بها نفسه وذويه من مثل هذا اليوم العصيب، واستفاد من كل قرش يمني حوله لدولار كندي باسماء بنيه هناك، صالح اليوم ليس امامه سوى الرحيل او الانتحار.. فاما الرحيل فهو غير مشرف لرجل عسكري طالما ازعجنا بقدومه عبر الصناديق وكلنا نعلم انها صناديق او شناط الاسلحة التي استولى بها على السلطة حينما قتل الحمدي بمساعدة شركائه في اليمن والمنطقة وبرعاية دولية، وحتى الانتخابات التي خاضها هو وحزبه لم تخلوا صناديقها من الدماء فهو قد تشرب سفك الدماء من قبل وصوله للسلطة وادمن عليها فاغتال من اغتال بايدي القاعدة وبايدي اجهزته الفاسدة.

صالح اليوم بات يتمنى الوساطات تاتي من السعودية التي طلما وضعت له الخلطات الصمغية لتثبيته على كرسي الحكم لتضمن يمن ضعيف في ظل حكم رجل ضعيف النفس لا يانف ان يدعى بالشحات او اللص المهم ان يجمع ما استطاع لخزينته التي لم تمتلئ حتى بعشرة مليار دولار وضعتها السلطات السعودية في كيسه الخاص بعيدا عن اعين الرقباء كثمن لترسيم الحدود بين البلدين. السعودية اليوم في وضع لا تحسد عليه فشركائها في الفساد في المنطقة تهاووا امامها بن علي ومبارك، اليوم هي تعيش قلق الثورة التي ستصل اليها قبل غيرها من دول الخليج فهي الوحيدة التي ليس لها دستور يحكمها وكل ما لديها هي الاحكام العرفية الغير معترف بها عالميا وترفع امام شعبها انها تحكم بما انزل الله لكن شعبها يعرف حقيقة شرع الله المقتصر على طاعة ولي النعمة وترحيل باقي مواد الشرع ليوم القيامة .. هي اليوم اعجز من ان تمنحه فرصة البقاء وجاء يوم نفسي نفسي لحكام العرب الذين فضحهم البوعزيزي قدس الله روحه الطاهرة التي كشفت قذراتهم امام شعوبهم.

لكن الانتحار يا صالح هو الخيار الصعب ولا اعتقد انك تلجا اليه فانت محاصر اليوم في تسعة كيلو متر محاطا بدبات وسياج عسكري هش ولو حسبتها عسكريا فانت تحت مصب نيران الفرقة الاولى مدرع القادرة على سحق اية قوات تقف امامها لكن قائدها علي محسن يقول انها ثورة سلمية لا وصاية لاحد عليها ولن يسرقها احد من الشباب الذين سيزحفون اليك الجمعة بصدورهم العارية. كم ستقتل منهم يا صالح لتبقى رئيسا الى الابد ؟ لا اظنك تفعلها وتنتحر على اسوار دار الرئاسة فان تهورت وصدقت الاطفال الذين يحرسونك فانك ستندم يوم لا ينفع الندم فكل قطرة دم ستصب على الارض ستكون ورائها قبيلة بكالمها ستطاردك برا وبحرا وجوا لو امسكوا بك ماذا سيكون مصيرك .. الانتحار العسكري الذي يوحي به اليك طفلك المدلل احمد لن يكون الا وبالا عليك وعلى كل من انتسب اليك وستلغي به حتى وشاح الرئيس المخلوع الذي قد يهبه لك الثوار ستخسره فهل تفعلها وترحل بدون ان تنتحر؟ ليتك تفعلها ليس من اجلنا فحسب بل لاجل اسرتك الصغيرة التي تنتظرك في محطة الترانزيت بالرياض لتعيشوا في جده فهي قدرك لا محالة ..