اليمن تشارك في مؤتمر احياء الذكرى السبعين للمساعدات الإنمائية الرسمية اليابانية المجلس الرئاسي في اليمن ينتظر دعما دوليا دعما لخطة الانقاذ وبشكل عاجل دراسة تكشف عن المحافظة اليمنية التي ستكون منطلقا لإقتلاع المليشيات الحوثية من اليمن تدشين عملية فحص وثائق الطلاب المتقدمين لاختبارات المرحلة الأساسية والثانوية العامة في مأرب. مليشيا الحوثي تجبر طلاب الجامعات والمدارس للمشاركة في استعراض عسكري تحت وعود زائفة وتهديدات قسرية - عاجل مزارعو الطماطم في مأرب يواجهون أزمة غير مسبوقة .. تحديات يجهلها المستهلك وتتهرب منها الحكومة بيان لمبعوث الأمم المتحدة حول آليات وخطط وقف شامل لإطلاق النار في اليمن الحوثيون يستثمرون معاناة غزة للدفاع عن نظام الاسد .. إرغام طلاب جامعة صنعاء بترديد هتافات تضامنية مع مخلوع سوريا.. عاجل بمشاركة 100 رجل أعمال من السعودية واليمن.. مباحثات في مكة تحت شعار ''رؤية سعودية وتنمية يمنية 2030'' المشاط يُغضب قبائل عنس ويتجاوز القضاء بقرار عفو عن قاتل موالي لجماعته.. القبائل تصدر بيان وتصف ما حدث بالخيانة
لماذا لا نسمع بوجود "الشيوخييون" (أعني بها قيادة الشيخ) في أفغانستان؟ لماذا "الطالبانييون" (أعني بها قيادة الطالب) هم القابضون على زمام حراك المقاومة الحنفيـّة-السنـّية في أفغانستان؟ لماذا يقود الطالب؟ ماذا حصل بالشيخ؟ سؤال يتطلب استذكار أحداث التاريخ و بإلمام ببعض من الثقافة الأفغانية لكي نتوصل إلى الجواب.
تاريخ الجهاد الأفغاني أرتبط بادئ الأمر ب "الشيوخييون" من أمثال الشيخ برهان الدين رباني (ولد 1940م)، الشيخ عبد رب الرسول سياف (ولد 1944م) والشيخ قلب الدين حکمتيار (ولد 1947م). مباشرة بعد أن نجح "الشيوخييون" من إسقاط الحكم الشيوعي في كابول في عام 1992 شهد المجتمع الأفغاني حرب صدمته حتى النخاع لأنها كانت ما بين شيوخ الجهاد أنفسهم. شيوخ ضد شيوخ. ولمدة أربع سنوات 1992-1996 طوع كل شيخ مـَلـَكـَتـَه في الخطاب الإسلامي ليصد خطاب إسلامي لشيخ آخر وليشرع اقتتاله وسلب ممتلكات أعوانه. تمكنت الحروب من إيصال رسالة للشعب الأفغاني بأن "الشيوخييون" غير عابئين به. مع الوقت انتشرت الفوضى وازداد الوضع الاقتصادي، السياسي والأمني ترديا، في هذا الجو لم يعد التساؤل ما إذا سيحصل انقلاب ضد هؤلاء الشيوخ مطروح بل أصبح السؤال ما هو الغطاء الشرعي المناسب لإزالة سطوة "الشيوخييون" دون الاتهام، في مجتمع متدين، بالمروق من الدين؟
وفجأة في عام 1994 عثر الأفغان على حل مقبول لإنهاء حقبة "الشيوخييون" المتحاربون. حصل في صيف 1994 أن اعتدى رجلين على عرض فتاة دون أن يعاقبهما أحد. قام ملـّة، وهي رتبه علمية ابتدائية تطلق على مدرس في الكتاتيب وتعني أنه لم يرتقي بعلمه إلى مستوى شيخ، أسمه "عمر" بالتعاون مع ثلاثين طالبا بتتبعهما، إلقاء القبض عليهما، جلبهما إلى القرية، وإعدامهما أمام أهالي القرية. في غضون أسابيع أنتشر خبر ما قام به الطلبة في بقية المدارس الدينية. فقرر 1500 طالب حمل السلاح والتوجه إلى تلك المدرسة وعيونهم تنتظرون الأوامر من الملة عمر. بعد أن تأكد للزعامات الأفغانية من رجال القبائل أن الطلبة يملكون السجية والعزيمة على إقامة "العدل على الطريقة الأفغانية"، كما أنهم تيقـّنوا من أن الطلبة يستطيعون القضاء على الشيوخ دون أن يتهموا بالمروق من الدين لارتباطهم بالمدارس دينية، قرروا دعمهم. عرف الملة عمر والطلبة ما يجب عليهم إنجازه وبمباركة الجماهير المشتاقة إلى الأمن وصلوا إلى الحكم في عام 1996.
عند البحث عن العلاقات الدينية في المجتمع الإسلامي كثيرا ما يغيب علينا تقصي طبيعة علاقة الشيخ مع "الطالبان" أي طبقة الطلبة المحيطين به. فهناك شواهد تاريخية إسلامية رصدت ردود فعل صاخبة قادها تمرد الطالب عندما أساء الشيخ معالجة حالة حرجة تمر بها الأمة الإسلامية. في مثل هذه الظروف الغامضة يجيز الطالب بمساعدة زملائه الطلبة من إسقاط سيادة الشيخ ليبدأ حقبة سيادة الطالب. من أشهر أوائل "الطالبانيين" في التاريخ الإسلامي واصل بن عطاء الله المعتزلي (80هـ ـ 131هـ) الذي خرج على شيخه الحسن البصري (110 ﻫ) عندما لم يقدم الشيخ على توفير غطاء تنظيري لرفع راية المقاومة ضد الأمويون وولاتهم كما كان يريد الطالب واصل. هنا أعتزل واصل بن عطاء شيخه الحسن وقرر الطالب أن يقود المقاومة. فنجح من قيادة حراك ثقافي مع أمثاله من الطلبة، والذين تمكنوا بعد قرابة الثلاثين عاما من إسقاط خلافة بني أمية. ومن أكثر الحركات تشابها مع "الطالبان" الأفغان هو "الملة" الصوفي عمر المختار (1861 - 1931). فعندما تردد شيوخ ليبيا من التصدي للغازي الإيطالي (مدة الإستعمار1911-1943) قرر "الملة" عمر المختار المدرس في الزوايا الصوفية من تحميس طلبة الزوايا الصوفية الليبية فرفع بيرق الجهاد و"الطالبان" يتدافعون يجاهدون معه. كما نجح "الملة" عمر المختار من استغلال خلفيته القبلية حيث نال دعم من قبيلته (قبيلة بريدان الهلالية) وحلفائها فتوسعت دائرة المقاومة "الطالبانيية" وخاضوا معارك ضروس مع المستعمر الإيطالي مازال التاريخ يتحدث عنها.
ليس صعبا على ذاكرة الأفغان استعادة هذه الشواهد التاريخية الإسلامية وتطويعها لخدمته. فعند إضافة كلمة "الطالبان" أو كلمة "ملة" (كما في هذه المقالة) يتمكن "الطالبانييون" بكل سهولة من أن يقربوا التاريخ الإسلامي إلى أذهان الأفغان ومن أن يستخرجوا منه منح شرعية تجيز خروجهم على الشيوخ. تاريخ يساعد الطالب من اختراق الرادع المحيط بالشيخ من سيادة، هيبة ووقار.
وعندما أقدم الطالب الأفغاني على إشهار السلاح في وجه الشيخ أنكسر الشيخ الأفغاني بسرعة ونصب الطالب نفسه مقاليد المسئولية. وإذا أردنا إعادة التفكير بالحالة الأفغانية فيحسن بنا أن نعي أن الطالب ليس كالشيخ كما علينا أن نعي بأعماق التحول وبما يجلبه معه من فكر، مؤسسات وقيادات جديدة.
*مدير مركز التنوع الثقافي للاستشارات الثقافية
المحرق – البحرين
cultural_diversity@ymail.com