مزارعو الطماطم في مأرب يواجهون أزمة غير مسبوقة .. تحديات يجهلها المستهلك وتتهرب منها الحكومة بيان لمبعوث الأمم المتحدة حول آليات وخطط وقف شامل لإطلاق النار في اليمن الحوثيون يستثمرون معاناة غزة للدفاع عن نظام الاسد .. إرغام طلاب جامعة صنعاء بترديد هتافات تضامنية مع مخلوع سوريا.. عاجل بمشاركة 100 رجل أعمال من السعودية واليمن.. مباحثات في مكة تحت شعار ''رؤية سعودية وتنمية يمنية 2030'' المشاط يُغضب قبائل عنس ويتجاوز القضاء بقرار عفو عن قاتل موالي لجماعته.. القبائل تصدر بيان وتصف ما حدث بالخيانة عاجل: تفاصيل اجتماع جديد للمجلس الرئاسي بحضور جميع أعضائه أول رحلة بعد سقوط الأسد.. مطارات سوريا تعود للعمل مطار في اليمن سيشهد تشغيل رحلات جديدة مع مصر قصف حوثي عنيف يتسبب في اغلاق شريان تعز معركة برية تنطلق من الداخل.. محلل سياسي يتحدث عن الخطر الحقيقي على الحوثيين وماذا يريدون من الهجمات على إسرائيل
للحب في قلوبنا مكان راسخ ، فبعد حب الله ورسوله ودينه نحب زوجاتنا وأبناءنا وأحبابنا من المؤمنين، وتحت هذا العنوان يظهر لنا نوع آخر من الحب هو الحب السياسي والوطني المسيطر على عقول المواطنين الأحرار.
للتأكيد فإننا نود أيضا تنبيه القارئ الكريم والمتابع لما نكتب بأن القيم السياسية التي تعزز ثقافة المواطن هي التي تحدد نوع الحب السياسي الذي يمارسه في ظل أي نظام سياسي ، وأن هذه القيم تتمايز بين نظامين سياسيين مختلفين ومتضادين ومتناقضين وهما : النظام الاستبدادي والنظام الديمقراطي. فمن هو قائد المسيرة في كلا النظامين ؟.
أولا: قائد المسيرة في النظام الاستبدادي
يختزل هذا النظام سيئ السمعة الأمة والوطن والتاريخ والجغرافيا في شخص الحاكم حتى يصل به إلى مرتبة الإله، فيحل محله فيعبد – ضمنا وصراحة - بشكل أو بآخر من دون الله حين يربط كل حركة التاريخ به وبفضله ، ولم يعد مستغربا ولا مرفوضا عند من يمارس هذا السلوك أن يساوي بين الحاكم وبين الله، وقد سبق للشاعر العربي في ظل دولة الإسلام أن خاطب الخليفة بقوله:
شئت لا ماشاءت الأقدارُ *** فاحكم فأنت الواحد القهارُ. (=ابن هاني للمعز الفاطمي)
أروح وقد ختمتَ على فؤادي *** بحبك أن يحل به سواكا (=المتنبي لعضد الدولة)
ومنذ تحول نظام الخلافة من الشورى بين المسلمين إلى ملك سلطاني بالوراثة على يد العقل السياسي العربي المؤسس للملك بدلا من الشورى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ظلت الأمة الإسلامية تجتر خطيئة هذا التحول إلى يومنا هذا .
وفي ظل الحاكم المستبد ، لا معنى للوطن ولا معنى لقيم العدالة والحرية ولا للمساواة ولا حضور للمواطن الحر ولا وجود للدولة ولا لسلطة المؤسسات، فالحاضر الوحيد هو الحاكم الفرد الذي يختزل بشخصه كل القيم السياسية. وكل بطانته ومن حوله لكي ينعموا وينهبوا ويستبدوا ويطغوا في الأرض الفساد، هم دُمى يعملون عمل هامان لفرعون : ( ياهامان ابن صرحا لعلي اطلع إلى إله موسى...). لأنه يعتبر أن الله ينافسه على الألوهية وليس هو من ينافس الله ، فهو من يمتلك كل شيء. لقد حُـق لهامان أن يؤله فرعون لأنه مستفيد منه، لكن الغرابة أن يؤله الحاكمَ شخصٌ لا يستفيد من حاكمه بل يتضرر.
وعند هؤلاء المنافقين الذي لا يجرأ أحد منهم أن يخالفه الرأي أو يسدي له نصحا، يكون الحاكم هو السيد المطلق، هو قائد المسيرة الذي لا ينزل الغيث ولا تنبت الأرض إلا ببركته، وهذا لا يوجد في نظم ديمقراطية تجعل من الإنسان الفرد هو محور الوجود السياسي .
ثانيا: قائد المسيرة في النظام الديمقراطي
في النظام الديمقراطي ، من يمتلك السيادة الحقيقية هو المواطن الحر الذي يختار بإرادته الحرة حكامه فيكونون موظفين مؤقتين عنده، فإن أحسنوا صنعا استمر بمنحه ثقته بهم، وإن أساؤوا عزلهم وحاسبهم وشنع بهم وحاكمهم، وبحث له عن شخوص آخرين يقومون بممارسة السلطة نيابة عن الأمة لفترة محدودة لا يصح بعدها أن يستمروا بالحكم لأسباب تمنع انبعاث الطغيان وتغلغل الفساد ومافيا الإجرام السياسي في نهب الثروات وتجويع الشعوب وتجهيلها واستبدادها وتملكها.
في النظام الديمقراطي يكون المواطن الحر هو قائد المسيرة الذي يصنع التاريخ ويبني العمران ويؤسس لحضارة تسهم في المسيرة الإنسانية، ويرفض أن يستعبد أو أن يورث لأحد . فقط المواطن الحر هو قائد المسيرة الذي نقف بحضرته إجلالا وإكبارا واحتراما ويقف الحكام خداما طائعين ذليلين بين يديه في كل جلسة لمجلس النواب، وفي كل دورة انتخابية، وفي كل اعتراض شعبي على قرار خاطئ، المواطن الحر ينتخب إرادة حرة حاكمة تعبر عن إرادته فإن قصرت الهيئات المنتخبة يخرج بجلاله وكبريائه وشموخه إلى الشارع في مسيرات سلمية ومظاهرات عارمة يرفض التجاوز لسيادته وتحتشد خلفه الجماعات والأحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني فترضخ السلطة لرأيه ومطالبه.
في النظام الديمقراطي يبادر الحاكم إلى الاعتذار وطلب العفو من المواطن الحر صاحب السيادة عند كل قرار خاطئ ويطلب رضاه ويستجديه، ومع ذلك يخضعه للمساءلة ، في مثل هذا النظام خضع أقوى رئيس دولة عظمى لشكوى مواطنة حرة هي مونيكا حاول العبث بها فجرجته في المحاكم واضطر أن يسوي الوضع معها صلحا، (رأس برأس head to head ). المواطن الحر في ألمانيا كان وفيا لهيلموت كول عندما وحـَّد ألمانيا ، ولكن عندما شاع أنه أخذ عشرة ملايين دولار دعما غير معلن عن مانحيه وحسب طلبهم، قدم المواطن الحر باعتباره قائد المسيرة حاكمه العبقري وصاحب الفضل على أوروبا المعاصرة الموحدة إلى الملاحقات القضائية المؤلمة.
المواطن الحر الذي تحدث عنه أفلاطون وأرسطو وسقراط في حكومة أثينا هو من اخترع السياسة وعبقرية الديمقراطية فكان يختار من بين صفوف المواطنين الأحرار رجالا يمارسون الوظيفة العامة لمدة ستة أشهر ويأتي بآخرين غيرهم .
إن المواطن الحر في بلادي الحبية أينما يكون موقعه هو قائد المسيرة الذي أحبه واحترمه وأعول عليه في تغيير عجلة التاريخ نحو الدولة الحديثة دولة القانون والمؤسسات حيث يصبح الموظف الحكومي أجيرا عنده بدءا من رئيس الجمهورية إلى أصغر موظف مدني وعسكري، لا وجود لسيادة أحد سوى للمواطن الحر الذي يحدد بنفسه ولنفسه من يأمنه على تولي الحكم ويباشر حق العزل والمساءلة ، وحين يصبح المواطن الحر هو صاحب الكلمة لن يكن بوسع الأمن القومي إهانة النواب في المطارات والاستعلاء عليهم والاستنكاف عن حضوره إلى المجلس أو ملاحقة المواطنين الأحرار في الشوارع أو خطفهم من منازلهم ولن يكون بيننا مكان للفاسدين.
المواطن الحر الذي لا يركن إلى سلطة فاسدة في تغيير الوضع بل يبني نفسه بنفسه بالعلم والمهارات فيبني مجتمعا حرا لدولة حرة، المواطن الحر هو قائد المسيرة الذي سيغير وجه اليمن نحو الأفضل فله كل حبي واحترامي وعظيم امتناني.
hodaifa@yahoo.com