هُراء من يصدق ذلك
بقلم/ منير الماوري
نشر منذ: 15 سنة و 8 أشهر و 30 يوماً
الثلاثاء 17 مارس - آذار 2009 12:53 م

· قيل عن التنافس بين الأستاذ ياسين المسعودي والدكتورة رؤوفة حسن على نقابة الصحفيين بأنه تنافس بين الرجل والمرأة، وقيل أنه تنافس بين عمار ويحي، أو بين الأمن القومي والأمن المركزي، وقيل أنه تنافس بين علي ومعاويةِ، أو بين الهاشميين والأمويين، وقيل أنه تنافس بين الزيود والشوافع، أو بين السنة والشيعة، أو بين العدنانيين والقحطانيين، وقيل أنه تنافس بين اليمين والوسط، أو بين " طالع" و"نازل"، أو بين الحكومة ونفسها، ولكن كل هذا هراء، فالواقع أن هذه أول انتخابات ليس في تاريخ النقابة، بل ربما في تاريخ اليمن لا نعرف نتائجها مسبقا. وقد كنا حتى اللحظات الأخيرة من الفرز عاجزين عن التنبؤ باسم الفائز.

· وبما أن المنافسة كانت حقيقية بين اسمين كبيرين وليست هراء، فإن الفائز الحقيقي هو الوسط الصحفي. ورغم أني لست عضوا في النقابة إلا أني سعيد جدا بالنتيجة، ليس لهذا السبب فقط، بل أيضا لأسباب أخرى إضافية من بينها، أن فوز الأستاذ الكبير، والزميل العزيز ياسين المسعودي سوف يبعده عن أهل السلطة إلى حد كبير بحكم موقعه النقابي الجديد، شاءت السلطة أم أبت. كما أن حصول الدكتورة رؤوفة على عدد كبير من الأصوات سوف يجعلها أكثر تفهما للمعارضة، لأن معظم من صوتوا لها هم من تلاميذها الصحفيين ومعظمهم في المعارضة، وهذا يثبت لها كما قالت أن الرجل اليمني يصوت للمرأة عندما يشعر أنها صاحبة كفاءة، أما خذلان الحكومة لها فهو أمر ليس بجديد، فلولا هذا الخذلان الدائم لكانت بخبراتها رئيسة الحكومة، وليس مجرد مرشحة عن نصف الحكومة.

· أضحكني الرئيس علي عبدالله صالح عندما طالب الصحفيين أثناء اجتماع نقابتهم بأن يطلبوا المعلومة من جهات الاختصاص مطالبا وزير الإعلام أن يعقد مؤتمرا صحفيا اسبوعيا عقب اجتماع مجلس الوزراء لإطلاع الصحفيين على مادار فيه. وسبب ضحكي هو أن اختيار وزير الإعلام ليكون مصدرا للمعلومات، يشبه اختيار غالب القمش، أو محمد خميس ليكون راعيا لحقوق الإنسان. فهل يريد منا الرئيس أن نستمع إلى هراء أم أن نرقص على حركات الطبال وصوت الطبلة. فلو كان وزير الإعلام مستعدا لإطلاعنا على المعلومة الصحيحة، لما كان الإعلام اليمني مصابا بمرض فقر الدم أو "اللوزيميا" على وزن اللوكيميا، حسب تعبير كاتب يمني كبير. ولا نريد من اللوزي أن يعقد مؤتمرات صحفية يحرج فيها نفسه ويحرج زملائه الوزراء، ولكن نريد منه على الأقل أن يسمح ببث خبر ما جرى بين مجور والأرحبي في مجلس الوزراء حتى لا نستقي معلوماتنا من المواقع المحجوبة.

· وبمناسبة الخلاف الجاري بين مجور والأرحبي، أحب أن أقول هنا أني رغم كل ما قيل عن الاستاذ الأرحبي من هراء، فإني مازلت أعتبره من المسؤولين اليمنيين القلائل الذين أكن لهم كل احترام، رغم عدم معرفتي الشخصية به، فهذا الرجل يعمل بهدوء، وقد قدم لبلاده الكثير، وحصل لها على الكثير من المعونات والمنح والمساعدات والقروض، من الدول المانحة. ولكني أختلف معه في تحذيره القوي للعالم عبر وكالة الأنباء الفرنسية، بأن اليمن يتجه للصوملة، إذا لم يستمر العالم في مساعدته، والواقع أن الشعب اليمني من صالحه أن تتوقف المساعدات لأنها لا تعود عليه بالنفع، ولا يلمس مردودها، واستمرار هذه المساعدات قد يمد في عمر سلطة فاسدة، نريد لها أن ترحل كي نستفيد من خبرات الأرحبي ونزاهته فيما يفيد شعبه بشكل حقيقي، وليس فيما يمد من عمر سلطة لا تستحق البقاء. أما الصوملة فهي قادمة في حال بقاء السلطة القائمة وليس العكس.

· الشئ الذي لا يريد الاستاذ الأرحبي أن يقتنع به، أو ربما لا يريد أن يواجه نفسه به في هذه الآونة، هو أن الحكومة ليست السبب في خسران البلاد لكثير من الفرص المتاحة، وإنما المسؤول هو الرئيس وسياساته وتصريحاته، ومهادنته للإرهاب، وهذا هو ما أخرج اليمن بالفعل من قائمة البلدان المستحقة لمعونات مؤسسة الألفية، وغير الألفية، والتفاصيل يعرفها الأرحبي ومجور أكثر من غيرهما، ولاداعي أن يحمل أحدهما الآخر مسؤولية الأخطاء التي يرتكبها الرئيس. وربما أن مجور يدرك أن الأرحبي يدفع ثمن أخطاء الرئيس، مثلما يدفع هو ثمن انتمائه للجنوب حيث يزعم البعض أنه تولى منصبا أكبر من قدراته لأنه جنوبي وليس لأنه كفوء لهذا المنصب، وهذا هراء. والصحيح أنه لا يجب أن نتساءل عن كفاءة مجور أو كفاءة الأرحبي، بل يجب أن نتساءل عن كفاءة الرئيس لتولي منصبه، فهذا تساؤل مشروع، ويمكن أن يجيب عليه فقراء اليمن خصوصا المتسولين منهم في بلدان الخليج، ومصر والأردن، كما يمكن أن تجيب عليه تلك اليمنية التي تزوجت خمسة سعوديين في عهد الرئيس الصالح، ويمكن أن يجيب عليه، مجور والأرحبي والقربي، والإرياني، وعبدالغني، وغيرهم ممن تعاملوا مع الرئيس عن قرب.

 

· وإذا كان الرئيس قد وعد في حملة الانتخابية عام 2006 بالقضاء على الفقر نهائيا، في عام 2007، وإنشاء شبكة قطارات تنطلق من المهرة، و..... إلى آخر ما سجله له اليوتيوب من هراء، فهل يمكن أن نصدقه الآن بأنه جاد في السماح للفضائيات والإذاعات المستقلة بمنافسة فضائيات اللوزيميا؟ وهل يمكن أن نصدقه ان الزميل فكري قاسم سيحصل على ترخيص بإصدار صحيفته؟ وهل يمكن أن نصدقه بأن الزميل الخيواني لن يتعرض للسجن أو المضايقات بعد الآن، وبمعنى آخر هل هذه وعود جديدة حقيقية أم مجرد هراء؟!

 

· ومن أجل إنقاذ اليمن من كل هذا الهراء، فإن أمام أحزاب المشترك فرصة كبيرة أن تضغط باتجاه ترسيخ مبدأي الشفافية والمساءلة في الدستور إذا ما تم تعديله، من أجل الحفاظ على المال العام. ويجب تخصيص ميزانية محددة لقصر الرئاسة لا يتجاوزها الرئيس، وإلغاء اللجنة الخاصة اليمنية التابعة لقصر الرئاسة، التي تصرف أموالا طائلة لشراء ذمم بعض الصحفيين والبرلمانيين والمشائخ. كما يجب احترام آدمية الوزراء السابقين عن طريق تسليم رواتبهم بإيداعها في حساباتهم الشخصية، أو على الأقل تسلمها من رئاسة الوزراء وليس من قصر الرئاسة، حيث مازالوا حتى الآن مضطرين للتوجه إلى القصر شهريا لاستلام رواتبهم بغرض إذلالهم وإجبارهم على تقديم فروض الولاء والطاعة. وفي كل الأحوال فإن أي حديث عن مكافحة الفساد بدون الشفافية والمساءلة سيكون مجرد هراء، ولا داعي لإقرار الذمة المالية إذا لم تنشر الإقرارات على الملأ، مثلما أن هيئة مكافحة الفساد لا لزوم لوجودها إذا كانت عاجزة عن إحالة فاسد واحد للمحاكمة، وما أكثرهم.