في "القصير" مأتم الشيعة طويل
بقلم/ مفكرة ألإسلام
نشر منذ: 11 سنة و 6 أشهر و 21 يوماً
الجمعة 31 مايو 2013 07:11 م

"لبيك يا صاحب الزمان، أدركنا يا صاحب الزمان، إلى رجال الله في " القصير" لكم منا كل التحايا، أنتم أيها الحسينيون يا أبناء محمد، وعلي، وفاطمة، والحسن والحسين، أنتم شجاعة العباس، وأصحاب الحسين بكربﻼء يا صرخة زينب عبر التاريخ تلك التي هزت عرش يزيد واليزيديين، نعم، أنتم في "القصير" تقولون لن تسبى زينب مرتين، ليتني كنت معكم، ليتني رصاصكم، ليتني مع وسداتكم في سوح الكرامة والعنفوان، ليتني زغردة حناجركم، حياكم الله ونصركم على الضﻼل كله والكفر كله".

بهذه العبارات الحماسية المشحونة بالحقد الطائفي والذكريات التاريخية السوداء، وبهذه الكلمات التي تقطر دمًا، وتعبث بالمشاعر وتزكي الأحقاد وتثير الضغائن، دشن زعيم "حزب الله" الشيعي حسن نصر الشيطان فصلاً جديدًا من فصول الطائفية البغيضة على أرض الشام، وذكر عبر رسالة لاسلكي إلى مقاتليه المتوجهين للقتال ضد السوريين في محاولة جديدة لاقتحام مدينة " القصير" واحتلالها، بعد أن جعلها حربًا بين الإيمان والكفر، والحسين ويزيد، والتاريخ والحاضر.

ويرى المراقبون للشأن السوري أن المعارك بين الثوار و"حزب الله" ليست جديدة، فقد انطلقت بشكل علني منذ أشهر، لكن تم توصفها في البداية على أنها معارك تسلل وكر وفر ومعارك جبهات، أما اليوم فالمعركة أخذت أساليب أخرى، يطلق عليها محاولات اقتحام أو اجتياح بهدف إبادة سكان مدينة القصير، لذبح وسلخ 40 ألف سوري معظمهم من أهل السنة والباقي من النصارى، والهجوم على "القصير" يتم من 9 محاور، 6 محاور استلمها "حزب الله" الذي يحاول اقتحام المدينة من الجهتين الغربية والجنوبية، و3 محاور لكتائب الأسد الذي يحاول اقتحام القصير من الجهتين الشرقية والشمالية"، وقد تمكن مقاتلو "حزب الله" الشيعي من السيطرة على عدة قرى محيطة بالقصير مثل تل مندو والرضوانية والبرهانية وأبو جورة وسفرجة وموج، ورغم ضراوة القصف الجوي والأرضي على المدينة إلا إنهم فشلوا مرتين من اقتحام المدينة التي تداعى إليها رجال الشيخ أحمد الأسير زعيم السنة في لبنان دفاعًا عن أهل السنة.

القصير مدينة لها أهمية إستراتيجية بالنسبة للثوار، وأعدائهم من مقاتلي "حزب الله" والحرس الثوري وشبيحة الأسد على حد السواء، فالقصير تعتبر مركزًا إستراتيجيًّا للنظام، فهو يربط الساحل السوري بدمشق من ناحية وبلبنان من ناحية أخرى، كما يعتبر طريق الإمداد لـ"حزب الله" اللبناني، لينقل الصواريخ والمقاتلين إلى سوريا، ويحاول النظام السوري إخافة المجتمع الدولي والسوريين بمشروع التقسيم الذي يهدف إلى احتلال الساحل لإقامة الدولة العلوية، فهي ستكون بوابة دخول العلويين إلى الساحل السوري، وبقاء المدينة بيد الثوار والجيش الحر سيكون حجر عثرة أمام مشروع الأسد الطائفي.

وفي الوقت الذي فيه أعداء الثورة يحيطون بالقصير من كل جانب، ويصبون عليهم نيران الأسلحة الثقيلة وبصورة محمومة، بغية إنهاء المعركة، ومحو آثار فشلهم المتكرر عدة مرات في اقتحام المدينة، ولا يوجد بالمدينة سوى أقل من سبعة آلاف مقاتل من أهلها ومن خارجها للدفاع عن سكان المدينة، وهم في غاية الصمود واليقين بنصر الله، في هذا الوقت العصيب نجد أن دول العالم المتحضر ترتدي أقذر حلل النفاق والازدواجية، فتهرع لنجدة حيوان الببر السيبيري الذي هو على وشك الانقراض، وترسل الأساطيل إلى أعلى البحار لحفظ مسار الحوت الأزرق النادر من الانجراف إلى الشواطئ الأسترالية فيهلك، تهرع لنجدة الحيوانات والأسماك، وتتعامى عن نجدة البشر والآدميين في القصير وغيرها؛ لأن قدر أهلها عند العالم المتحضر هو دون قدر هذه الحيوانات والأسماك النادرة، لأنهم بمنتهى البساطة مسلمون وأضف إلى ذلك أنهم أهل سنة.

أما دول الجوار من العرب والمسلمين، ثائرين وملكيين، منتخبين وموروثين، فلم يكن منهم رد فعل يناسب خطورة الحدث على المستوى الرسمي، كما هي العادة، لأنهم مثل السيارات في إشارة المرور، لا يتحركون إلا بعد إعطاء الضوء الأخضر من السيد الأمريكي، وغاية رد الفعل العالم الإسلامي المسكين؛ بيانات إدانة وشجب ولهفة من الهيئات الإسلامية والشرعية في مصر والعراق ولبنان.

ووسط هذا التعامي الدولي، والتخاذل العربي والإسلامي، نجد مبشرات النصر بالقصير مما يصيب أعداء الإسلام بالنكبات والأذى والألم، ما تنشرح به الصدور، وتنكشف به غمة الكروب، فمقاتلو "حزب الله" الشيعي ظنوا أن مسألة احتلال القصير، وتفريغها عرقيًّا وطائفيًّا عبارة عن نزهة يتريض خلالها مغاوير نصر الشيطان بهذه المدينة الصغيرة، فإذا بأحلامهم وطموحاتهم في نيل شرف الدفاع عن المقام الزينبي كما خدعتهم المراجع والعمائم والملالي تتحول إلى أسوأ كوابيسهم، وإذا بجثامين المخدوعين تتقاطر على بلدات بيروت والضاحية الجنوبية، حتى بلغ عدد من عاد إلى بلده مسجى في التوابيت أكثر من 300 مقاتل من "حزب الله" الشيعي، وهي الخسارة الأكبر للحزب الذي ظل لسنوات يخدع الجماهير الساذجة بالخطابات والشعارات الرنانة.

المشهد اليومي لجثامين شباب "حزب الله" أدى لاشتعال الموقف في لبنان الواقف على فوهة البركان بسبب طائفية "حزب الله" وإصراره على الارتهان بجانب الطغاة، والتدخل السافر ضد أهل السنة، وعقب وصول دفعة جديدة من عناصر الحزب الذين قتلوا في المعارك في القصير إلى منطقة الجنوب وعددها يقارب 17 عنصرًا.

منهم: نادر حسن، نعيم سامر ظاهر، سعادة علي محمود، حسن محمد حدرج، علي حسن بدران، محمد جواد راضي، وغيرهم ما إن وصلوا إلى بلداتهم حتى جن جنون ذويهم لأنهم شباب صغار في مقتبل العمر، وبدلًا من أن يصبوا جم غضبهم على من أرسلهم لحتفهم، إذا بهم يهاجمون اللاجئين السوريين في لبنان، بالسلاح فيقتلون ويجرحون، ففي أعقاب نعي محسن سمير برو مثلاً وهو من بلدة الشرقية الجنوبية والإعلان عن موعد دفنه عصر الثلاثاء في جبانة بلدته، قام عدد من الشيعة بطرد اللاجئين السوريين الذين غادروا الشرقية نحو الأودية المحيطة بها في الكوثرية ليبيتوا ليلتهم في العراء، وفي برعشيت، واثر إعلان "حزب الله" عن مقتل أحد كوادره خليل يوسف مزهر، في القصير السورية، من مئذنة مسجد البلدة، والدعوة لتشييعه الثلاثاء، توجه عند الحادية عشرة إلا ربعًا من ليل الاثنين، عدد من أقرباء وذوي القتيل، إلى المنازل التي يقطنها عدد من النازحين والعمال السوريين واعتدوا عليهم بالضرب بالعصي والسكاكين ما أدى إلى إصابة العديد منهم، ومع كل يوم تدخل فيه توابيت جديدة إلى الضاحية الجنوبية تقع اشتباكات واعتداءات على الأبرياء.