مصفوفة (المعوقات)
بقلم/ عبد القوي العديني
نشر منذ: 12 سنة و أسبوع و يومين
الإثنين 10 ديسمبر-كانون الأول 2012 05:03 م

في السياسة كما في الاقتصاد وفي جميع المجالات ، لا يمكن تحقيق النجاح قبل تهيئة البيئة المثالية .،  لن ينجح مؤتمر الحوار الوطني بدون قرارات جديدة وأعمال ملموسة لتهيئة البيئة المناسبة للحوار ، ولن تعود عجلة التنمية والاستثمار للدوران ، قبل تهيئة الظروف المناسبة والمحفزة للشركات المغامرة والتي لديها سياسات ورؤى بعيدة وأفاق واسعة لاقتحام الفرص حتى ولو كانت في اليمن .

إن تهيئة بيئة مثالية مرهون بأعمال جادة لمحاربة الفساد ، وهنا لا نستطيع ان نعرف سببا مقنعا يمنع السلطات الحالية من اتخاذ حلول عاجلة لمواجهة مشاكل الفساد , فما جدوى ان نتحدث عن جهود تعريف الفساد وتهديد مصادره , ونتجاهل محاكمة المفسدين واتخاذ الإجراءات العاجلة لمكافحة من خرجوا عن القانون ونهبوا المال العام وأساءوا للبلد .

إن كانت الحكومة وقرارات الرئيس قد وقفت عند اتخاذ عدد محدود من القرارات التي غيرت الأفراد وبعض القيادات الفاسدة ؛ فما الذي يمنع ان تصدر قرارات حاسمة من اجل تهيئة الأجواء المناسبة للحوار الوطني ، وتجسيدا لإرادة سياسية تسعى لحل بعض القضايا والأسباب الرئيسية الملحة للقضية الجنوب مثلا , ومنها عشرات المظالم التي تمس حقوق الناس ومعيشتهم , وهي قضايا لا تؤجل ، ولا تتحمل انتظار الحوار والتسويات التي لا شان لها بمتطلبات حقوق الناس .

أتساءل لماذا لم تصدر قرارات شجاعة بخصوص التقارير والنتائج المسبقة لحوار اليوم والتي وردت في تقرير باصرة وهلال , وفي مجمل القضايا التي جبن النظام السابق عن التعامل معها بايجابية وبمنطق وبعدل ولما يجسد أحلام التغيير من الاسوأ إلى الأحسن و الأجمل على قاعدة الحكم الرشيد .

ان من مرارة وسخرية الزمن ان نسمع اليوم , بعد ثورة التغيير وبعد أن سكب أفضل أبناء هذا الشعب دمائهم على ساحات التغيير برا وكرمانا ووفاء وتقديسا لهذا الشعب , أن تكون إدارة ملفات أمن البلاد وتامين المشاريع والبنى التحتية من المخاطر والتهديدات التي تواجهها بعقلية المساومة والرشوة , مع الأفراد والمجاميع القبلية , دون التفكير بالحلول الصحيحة للمشاكل والدوافع التي تشكو منها تلك المناطق مثل مطالبة الدولة بمسؤوليتها التنموية ؛ وتعليق النظام وقتل أحلام الناس من جديد في زمن ولت فيه أسباب المراوغة وتعمد ان تظل الدولة ضعيفة ومنهوبة .

هل نجد الرئيس هادي يبدأ بتنفيذ المرحلة الثانية للقرارات الشجاعة , وان يعزز بذلك قراراته القوية التي اتخذها في بداية مشواره الرئاسي , والتي اتسمت بالحكمة وحققت طمأنينة كبيرة بمستقبل مبشر وواعد ؟

هل نجد حزمة جديدة من القرارات التي ينتظرها كل أبناء وطننا الحبيب وشعبنا في الجنوب ؟

أنا أتحدث هنا عن القرارات التي لا تحتمل التأجيل , والتي تناقش الآن في كل منتديات عدن و( مقايلها ) وشوارعها .. في كل بيوتها المتضررة من ظلمات الحكم الشمولي الذي سلب الكثيرين أراضيهم ووظائفهم وحقوقهم .

لكي ينجح الحوار ، ولكي نتجاوز الأزمة الاقتصادية ، وتكون حياة الاستثمار آمنه وبيئته مشجعة , يجب أولا أن أن يعود للمتعاقد مرتبه الذي حرم منه ،وللمظلوم حقه المنزوع ؛ فالمواطن ليس عليه أن ينتظر , او يتحمل عذاب البرد والجوع والحر والشتاء وخطابات الأحزاب , ليسهم في إنجاح الحوار.

وهل على الأعمال والمشاريع والتطلعات والطموحات والصفقات والفرص التي يرغب المستثمرين باقتناصها , والشباب العاطل بتحريكها , أن تتأجل وان تخزن في ثلاجات اللجان المتحاورة .؟

ولعل من القضايا المهمة التي نأمل من الأخ رئيس الجمهورية ان يجعلها في أجندته اليومية , متابعة الجهات الحكومية التي شهدت تغيير في قياداتها او في بعض جوانب آلياتها وبرامجها العملية ؛ لان القرارات التي صدرت وحظيت بارتياح كبير وكانت حكيمة للغاية , تحتاج إلى إشراف مستمر ومتواصل , لمتابعة نشاط تلك الوحدات الاقتصادية , من أجل تقييم كل اعوجاج او ضعف , او ان ثمة قرار قد طاش ولم يحقق الهدف , ولعله أدى إلى خيبة امل كبيرة لدى الأوساط المهتمة والتي تربطها أعمال او مشاريع تمس حياة المجتمع وفرصة في التغيير وفي التحولات المنشودة .

إن من الأهمية مراجعة مثل تلك القرارات ؛ لان القرار ان أخطاء سيقع الضرر على المجتمع كله , ولن يتحقق الهدف المنشود لرئيس الدولة او لرئيس الحكومة , الذي بني على أساسه الحكم وافترضت بشأنه توقعا ونتائج محددة .

كيف تكون المعالجة ان ظلت القرارات طريقها , وخابت التوقعات ببعض رجال التغيير الذين دفعت بهم الرياح الى قمة بعض الوحدات والمؤسسات الاقتصادية والوزارات الحيوية ؟

وكيف ان جانبنا التوفيق , وتم تعيين من لا يمتلك مهارات القيادة , والقدرات الفذة , ويفتقد لكاريزما رجل الدولة الذي ينبغي ان يكون على قدر كبير من الخبرة , وان تكون في سماته صفات القائد الملهم لتحقيق التحول المنشود والعمل على ترجمة مجمل توجهات المرحلة بذكاء .

وبالحديث عن ملفات الاقتصاد والاستثمار ، نجد بحق أن رئيسا الدولة والحكومة , بمجمل نشاطهما العام , يبذلان جهودا مهمة ومتقدمة في سبيل مواجهة التحديات المتراكمة في طريق التغيير , هذه النشاطات والأعمال بمجملها العام انعكست إيجابا على بيئة الاستثمار ، ونتج عنها مؤشرات قوية وضمانات وحوافز مشجعة , و الامل ان عجلة الاستثمار ستنطلق بقوة أكثر وبأعمال ومشاريع مضاعفه .

نعم .. استطاعت اليمن أن تنتزع إعجاب العالم , بحكمتها لتجاوز الخراب الذي شهدته العام 2011 , لان الرئيس هادي تمكن من تحقيق الاستقرار .. وتجاوز الأزمة بجدارة الهدوء وحنكة السياسي الخبير بالتركيبة السياسية لليمن .

ورغم كل التحديات القائمة , تظل هناك الكثير من المؤشرات والعوامل الجاذبة للمزيد من الشركات والأعمال الاستثمارية إلى فرص وخدمات مستقبلية واسعة ومتوقعة سيشهدها اليمن السعيد بإذن الله تعالى .

وتأكيد هذا الحديث , المتفائل بحركة مضاعفة وقوية للاستثمار , مشروطا بتعديل قانون ومراجعة كل التعديلات التي أدخلت العام 2010 على القانون , والاستماع إلى صوت القطاع الخاص وإشراكه في صناعة القرارات المتعلقة بأعماله واستثماراته .

إن تحقيق الضمانات والمطالب للمستثمرين ؛ يجب أن تبدأ من إعداد مصفوفة , او خارطة طريق لجمع المعوقات وتحديد المخاطر التي تواجه الاستثمار والعمل عليها أولا , وتلك هي الكلمة الأولى للحوار .