خليجي 26: البحرين أول المتأهلين بعد فوزها على العراق والمباراة القادمة أمام اليمن فرار عشرات الطلاب من أكاديمية حوثية للتعليم الطائفي في صنعاء .. سقوط بشار يربك محاضن المسيرة الطائفية عاجل: صدور قرار لرئيس مجلس القيادة وكيل أمانة العاصمة يدعو وسائل الإعلام لمواكبة معركة الحسم بروح وطنية موحدة شاهد الأهداف.. مباراة كبيرة لليمن رغم الخسارة من السعودية مصادر بريطانية تكشف كيف تهاوى مخطط تشكيل التوازنات الإقليمية بعد سقوط نظام الأسد وتبخر مشروع ثلاث دول سورية توجيه عاجل من مكتب الصحة بالعاصمة صنعاء برفع جاهزية المستشفيات وبنوك الدم وتجهيز سيارات الإسعاف ما حقيقة خصخصة قطاعات شركة بترومسيلة للاستكشاف النفطية في اليمن أبرز خطوة رسمية لتعزيز الوسطية والاعتدال في الخطاب الديني في اليمن وزير الأوقاف يفتتح أكاديمية الإرشاد مدير عام شرطة مأرب يطالب برفع الجاهزية الأمنية وحسن التعامل مع المواطنين
ما كان للمنتحر الذي فجر نفسه منتصف الشهر الفضيل بحزام ناسف في مدينة جعار في بيت عزاء ما كان له أن يقدم على مثل هذا العمل الأكثر دموية وتوحش في هكذا مناسبة وتوقيت, لولا استغلاق فهمه على تأويلات شاذة تعُني بأن: القتل أينما وكيفما كان وبحق ايٍ كان هو جهاد في سبيل الله, ولولا يقينه بأن الجنة مثواه وفق ما زُينَ له تحت الأرض من قبل شواذ العقيدة, الذين فروا بحياتهم بعد ذلك متنكرين بملابس النسوة.
هذه المقتلة, وما نعيشه هذه الأيام من مقتلات متنقلة هنا وهناك, تذكرني بحكاية تلميذ المدرسة, الذي أقدم على قتل أبيه لأن المدرسة قررت القيام برحلة خاصة للأيتام, ثم الحق عمه بأبيه ليصطحب ابن عمه عزوة وسند في الرحلة, وبعد ان أجهز عليهما صادف عمته في الطريق فلم يتردد في قتلها لأنه اعتاد القتل, واخبراً أقدم على الانتحار لأن المدرسة قررت إلغاء الرحلة...
هذه الحكاية بدوافعها الهزلية ومعطياتها الكئيبة تلخص عبثية القتل وسفاهة سفك الدم, التي تصول وتجول بفخاخها في كل مكان, إذا ما أسقطناها على واقع الحال الذي نعيشه, فيمكن اعتبار المَدرَسة هنا من الناحية الرمزية التنظيم الإرهابي الذي يتربّص براءة التلميذ, ويستغل هشاشة حصانة التفريق لديه بين النصيحة والخديعة, أما الرحلة فهي البرزخ المفخخ (الصاعق) المؤمن للحياة الأبدية, حياة المروج والزمهرير مع عذراوات الجنّة, واليتم هو الشرط الأساس لمجانية الرحلة الذي سيتوفر بقتل كل الأهل والأقارب..
أما المحرضون أصحاب هاروت وماروت الذين يتسّقطون معانات الشباب وحاجات القُصَر, الذين يشترون حياتهم بالأوهام فهم نوعان: الأول ذا جنوح غريزي, يُلّح على صاحبه بعلة الأخلاق المشوهة, وبتبريرات دينية مغلوطة, يسعى إلى إعمار القلوب بدمار العقول ويصور قتل الأخرين أفراداْ وجماعات نحراً وغدراً بأنه: فتحاً جهادياً وإمتلاكاً أصيلا لناصية الشهادة .. بدأ بـ(الكفار) في أفغانستان وفلسطين ثم انتقل الى المسلمين في العراق والصومال وبعدها في ميدان السبعين في العاصمة صنعاء لينتهي به المطاف فتكاً وغدراً بالأهل والأقارب في مجلس عزاء, لأنه بالنتيجة التي صُورت له إستألف الإنتحار وأستأنس القتل الجماعي, وان ارتكب على أصداء القران الكريم.. والثاني لا يختلف عن الأول في الوسيلة وإنما في الهدف, وقد يتبادلا المنفعة, اتساقاً مع أفضالهما المتبادلة منذ حرب صيف 94م .. الفرق أن الثاني يسعى لأعمار مملكته الدنيوية الخاصة, بجماجم الأبرياء, فيما الأول يحاول تدشين مملكته الأخروية الموهومة تدشينها في الدنيا على حساب البراءة والأمن العام والسلم الاجتماعي.
أما المنتحر على الرغم من كونه الحلقة المركزية في إرهاب الغدر, فأنه الفقيد عند اقتسام النتائج, مجرد ضحية أفك محلي وثمن لمغالطة عالمية كبرى تتاجر بالقتل جملة ومفرّق, تلميذ أغوته وعود فردوسية, ممن لا يملكون بصيرة ولا سند, وعود حاصرت البراءة من كل الاتجاهات ولم تترك لها سوى الإيفاء بشرط مجانية الرحلة الى الفردوس .. وأياً كانت المبررات التي يسوّقها المنتحر لذاته وهو يسجل وصيته, فأنه في المحصلة النهائية قاتل لنفسه وللأخرين في آن, أي أن جريمته مركبه تدعو إلى التحفظ بقوة على أي احتساب يتجاوز عقاب القتل المركب.
أما الذين يوفرون الدعم المادي واللوجستي للقاتل (السفري) فالسؤال الأساسي الذي يوجه لهم: لماذا لا ترسلون أولادكم الى الجنة؟ والسؤال الفرعي عن ماهية التفسير الذي يقدموه لأنفسهم وهم يتلقون النتائج بقتل العشرات وأحيانا المئات من بني جلدتهم وعقيدتهم؟ .. فان اقتنعوا بجريرة ما يقترفوه بحق الفرد والمجتمع, واستطاعوا النوم في المساء ومداعبة أطفالهم صباح كل جريمة, فمن المؤكد أنهم ليسوا من البشر ولا صلة لهم بأحاسيس ومشاعر الناس الأسوياء الأتقياء وان لحاهم مجرد لحى تيوس.
وأما في الإجمال فنقول: إن المرء يصاب بالصدمة من تصريحات بعض رموز الإرهاب التي تقول: أن الإسلام شجرة تغذيها الدماء وأخرى تدعو الانتحاريين, لجعل نحورهم دون نحورهم .. تصريحات وأحاديث مبنية على الانتحار والقتل الجماعي لا تغدو عن كونها مجرد لغو موغل في العنف والتخلف, لغو منحرف يستسقي الدم ويستجر لحوم البشر, لغوٌ يتناقض في المبنى والمعنى مع كل ما عرفناه وتعلمناه من أهلنا وفقهائنا وعلمائنا عن سماحة الإسلام باعتباره دين سلام, دين رحمة ومحبة. والراسخ أن حسابات الجنة والنار حق إلهي لا دخل للبشر في توجيهه وأي اجتراء على هذا الحق يمثل تحدياً لإرادة الحق, استثناءه الوحيد شفاعة سيد البشر رسول الله صلى عليه وسلم.