استبدال عملة السودان.. أهداف اقتصادية ومعوقات سياسية واتساب يطلق ميزة جديدة لمسح المستندات داخل التطبيق مقتل 14 عنصر أمن في كمين لفلول النظام السابق في طرطوس نتنياهو بين 50 ضيفاً دعاهم ترامب لحضور حفل تنصيبه.. تفاصيل إسرائيل تدخل معركة جديدة ..استهداف لأبناء قادة حماس في قطاع غزة أول دولة عربية تعلن عن عفو رئاسي يشمل نحو 2.5 ألف محكوم وسجين خليجي 26: البحرين أول المتأهلين بعد فوزها على العراق والمباراة القادمة أمام اليمن فرار عشرات الطلاب من أكاديمية حوثية للتعليم الطائفي في صنعاء .. سقوط بشار يربك محاضن المسيرة الطائفية عاجل: صدور قرار لرئيس مجلس القيادة وكيل أمانة العاصمة يدعو وسائل الإعلام لمواكبة معركة الحسم بروح وطنية موحدة
إن الإشكالية الأساسية التي واجهت اليمن ولا تزال منذ عام 1990 إنما تكمن في طبيعة العلاقة القائمة بين السلطة وأحزاب المعارضة ، تلك العلاقة الني اتخذت مسارات واتجاهات متعددة ومتنوعة جمعت ما بين التحالف أحيانا والصراع أحيانا أخرى ، وتحّكم في مضامينها ومساراتها عنصر المصلحة السياسية الضيقة التي لا تنظر إلى المصلحة الوطنية إلا من منظور المصلحة الحزبية الضيقة ، ومن ثم لم يتبلور مشروع وطني حقيقي يحمل هموم الجماهير اليمنية وتطلعاتها نحو مستقبل أفضل .
الأمر الذي جعل من سلسلة الحوارات التي جرت بين السلطة والمعارضة ، خلال أكثر من عقد ونصف من الزمن ، مجرد مناورات سياسية جوفاء لم تفض إلى تحقيق اتفاقات على الحد الأدنى –على الأقل - من الثوابت والأطر الوطنية .
ولعل القراءة الموضوعية لخبرة تلك الحوارات تؤكد بجلاء بأنها لم تفض إلى نتائج ملموسة ، بدليل وصول الأوضاع اليمنية إلى مرحلة متقدمة من الاحتقان السياسي والاجتماعي هيأت البيئة المناسبة لانطلاق ثورة الشباب في 11 فبراير 2011 ، والتي لم تكن مجرد محاولة لاستنساخ نماذج عربية أخرى – كما قد يطن البعض – وإنما انبثقت عن بيئة يمنية خالصة توافرت فيها كل شروط الثورة ، وان كنا لا ننكر أنها قد استلهمت تلك النماذج التي شكلت شرارة ثورية ألهبت حماس الجماهير اليمنية وعززت من ثقتها وقدرتها على التغيير الثوري السلمي .
ولا شك أن تلك الإشكالية ، السابق ذكرها ، ظلت قائمة حتى بعد انطلاق ثورة السباب الأمر الذي شكل عائقا أساسيا أمام سرعة انجاز الثورة وتحقيق أهدافها . فبعد أن وضعت الثورة النظام الحاكم في مأزق تاريخي يصعب الخروج منه ، وجد هذا النظام ضالته المنشودة في أحزاب المعارضة كي يعيد إنتاج نفسه من جديد عبر اسطوانة الحوارات السياسية والتي منحته الوقت الكافي كي يعيد ترتيب أوراقه السياسية من جهة ، ومحاولة تصوير الثورة على أنها مجرد أزمة سياسية بين السلطة وأحزاب المعارضة وبالتالي إمكانية تسويتها على قاعدة التوافقات السياسية ، من جهة أخرى .
وعلى ذلك مثلت استجابة أحزاب المعارضة للحوار مع النظام عائقا أساسيا أمام سرعة انجاز أهداف الثورة . صحيح أن تلك الاستجابة قد أسهمت في تعرية النظام سياسيا وأخلاقيا كونه استخدم ورقة الحوار للمناورة وكسب الوقت ليس إلا ، إلا أنها منحته مزيدا من القدرة على ترتيب أوراقه السياسية والعسكرية .
وينبغي ألا يفهم من التحليل السابق أننا نشكك في ثورية أحزاب المعارضة أو نتهمها بالتواطؤ مع النظام الحاكم ، فذلك أمر غير وارد ، لان أحزاب المعارضة قد قامت بدور أساسي – ولا زالت - في دعم الثورة ، ولكن ربما كان لها رؤية معينة تقتضي تعرية النظام سياسيا واستنزاف قدراته المادية والمعنوية بغية تقليل التكلفة البشرية للثورة ، وهي رؤية ربما كان لها مبرراتها خلال الأشهر المنصرمة من عمر الثورة ، لكن الوضع الحالي ، وبعد أكثر من تسعة أشهر من انطلاق الثورة ، لم يعد يحتمل مزيدا من الانتظار أو الجلوس إلى طاولة الحوارات فذلك أمر أصبح غير مجد ، في ظل تفاقم الأوضاع الاقتصادية وانهيار الأوضاع الأمنية ، والتي - بلا شك - ستمثل بيئة خصبة لنمو الأفكار والتوجهات المتطرفة ، والتي قد تفضي إلى تمزق النسيج الاجتماعي وتهديد الوحدة الوطنية .