شرعنة جرائم النظام
بقلم/ هاني غيلان عبد القادر
نشر منذ: 13 سنة و شهرين و 24 يوماً
الجمعة 30 سبتمبر-أيلول 2011 03:33 م

أيها المسلم، إعلم أنه لا يجوز لك الخروج على الحاكم مطلقا، بل يجب عليك طاعته طاعة عمياء، ولو كان فاسدا مستبدا، مغتصبا للسلطة لعشرات السنين، وإن جلد ظهرك وأخذ مالك، وجوعك وأذلك وأهان كرامتك، وقتل وطغى وتجبر، وشرد وبطش ونكل، وخالف الدستور والقانون، وقام بتولية أقاربه وأصهاره أهم مناصب الدولة، وسعى لتوريث أولاده السلطة من بعده، والإنقلاب على النظام الجمهوري الذي ضحى آباءنا وأجدادنا بدمائهم رخيصة من أجله، وإن صنع ما صنع، لا يجوز الخروج عليه ولو بشكل سلمي، إلا أن يأتي بكفر بواح، لديك من الله عليه برهان مبين!! وهو ما لا يمكن توفره بأي حال، وإن صادف وحدث ذلك، فيحرم عليك أيضا الخروج عليه والثورة على نظامه، إلا إذا تأكدت تماماً من نجاح تلك الثورة بنسبة 100 % وبدون تضحيات، كما يقول بعض فقهاء السلطة، وهذا ما يستحيل حدوثه أيضاً في أي ثورة بالعالم، وهو ما يعني بالمحصلة النهائية إستبعاد أي بارقة أمل في التغيير، وتطبيع الناس على التبلد والاستسلام واللامبالاة، والمزيد من غرس ثقافة الإنصياع للإستبداد في مجتمعاتنا!!

وبدلاً من كل ذلك ينصحنا أولئك النفر من مشائخ السلطان بالإنصراف كلية لقيام الليل والإكثار من صيام النوافل والتضرع بالدعاء لله، أن يزيل ما بنا من ضيق وكرب وشدة، ولنعلم أن ما أصابنا ليس بسبب فساد حاكم أو تقصير حكومة –معاذ الله- وإنما بسبب إهمالنا للعبادة والسنن وإعفاء اللحى، وعدم طاعة ولي الأمر في المنشط والمكرة، فما أصابنا لم يكن ليخطئنا، وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا، فلندع عنا شؤون السياسة والحكم التي لا خير فيها، فالحكم لله، والأمر كله بيد الله، والله تعالى هو (مالك الملك) يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء!!

هذا هو الدين الذي يحاول أن يعلمنا إياه أولئك، انهزام وتواكل وخنوع وسلبية، متناسين مبادئ الإسلام العظيمة التي تحث وتأمر بالبذل والتضحية والجهاد من أجل قول الحق والحرية والعدالة والكرامة وإحترام إنسانية الإنسان وآدميته، تلك الأخلاق الكريمة التي بعث رسولنا الكريم ليعززها ويرسخها ويتممها في المجتمع، يقول صلى الله عليه وسلم (إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الفقير أقاموا عليه الحد، والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)

برأيي أن أخطر ما يحدث اليوم هو تكفل جماعة من العلماء المسلمين بشرعنة جرائم السلطة وفسادها وسفكها لدماء الأبرياء، والغوص في القران والسنة بحثاً عن مخرج ومبرر لأي سلوك يقوم به الحاكم، باعتباره كائنا فريدا منزهاً عن الزلل، وما علينا نحن الرعية إلا السمع والطاعة..

مقتطفات:

1- كتب علاء الأسواني في مجلة العربي بتاريخ 27/3/2005م أي قبل إندلاع الثورة المصرية بست سنوات مقالة بعنوان (إرحلوا حتى نتنفس) قال فيها: (يا من أوصلتمونا إلى الحضيض، أنتم المشكلة فكيف تقدمون الحل، الحل الوحيد الذي نقبله اليوم، أن ترحلوا عن مناصبكم ليأتي من يختاره الناس بإرادتهم الحرة، ليعمل بشرف وإخلاص حتى تنال مصر المكانة التي تستحقها)..

2- يقول (ميشال دي سيرتو) في كتابه (ممارسة الحياة اليومية): أنه بفعل الصراع الأزلي بين (الأقوياء) و(البائسين) يظهر حيز اجتماعي واقتصادي منظم، في مثل هذا الميدان يكون التاجر (من يملك المال) أو الشرطي (من يملك القوة) هما الفائزان دائماً، أما كلمات الفلاحين و العلماء فمختبئة..

3- أ : ولماذا تتحمل طبيعة (المنفى) القاسية؟

ب: لأن ثمة أمراً واحداً أسوء منه، وهو أن لا يستطيع المرء أن ينام في بيته قرير العينين، أو يسعى لما يريده أو يفصح عما بباله.

أ : لكن تلكم هي العبودية، فمن العبودية أن لا نتمكن من التفكير أو العمل بحرية.

ب: إن على المرء أن يتحمل ما لدى حكامه من افتقار إلى الحكمة!! (من مسرحية الفينيقيات)..

4- قد يتمادى البعض في غيهم وظلالهم وكأنهم لا يدركون أن ردود الأفعال غالباً ما تكون عكسية، إذ الملاحظ أن أفضل مباريات المصارعة وأشدها إثارة، هي تلك التي تنشأ عن تاريخ من الظلم والإساءة، فيزداد تلهف وتحمس المصارعين لها، ويتضاعف ترقب المشجعين لبدئها، ليحصد كلٌ ما زرع (جيمس سكوت) ..

5- دخلت عجوز إلى السلطان تشكو إليه جنوده الذين سرقوا مواشيها بينما كانت نائمة، فقال لها السلطان: كان عليك أن تسهري على مواشيك لا أن تنامي، فأجابته: ظننت أنك الساهر فنمت!!

6- ليس لدي مشكلة، يا سادتي الكرام

فأوضاعنا تمااااااام

ولتحكمونا ألف ألف ألف ألف عام

ليس لدي مشكلة

كلا، ولا إستفهام

لكن رجاءً أشعلوا الأنوار في طريقنا

لينجلي الظلام

وازرعوا الحياة في قلوبنا

لا الكذب والأوهام

وارفعوا أقدامكم من فوقنا

لنستنشق الهواء

وأوقفوا الغلاء

وأطلقوا من سجنه الكلام

وإن شئتمُ فلا، لا تطلقوا له السبيل

لكن ذروه في منامه الجميل

والسلام،،،