آخر الاخبار
الثورة اليمنية في خطر ولابد من الحسم العسكري قبل فوات الأوان
بقلم/ د: حسين عبدالقادر هرهره
نشر منذ: 13 سنة و 4 أشهر و 30 يوماً
الأحد 24 يوليو-تموز 2011 06:49 م

لا شك أننا مع التغيير السلمي، وهذا الأمر الذي تحقق عمليا في ساحات التغيير ودفع أبناء الشعب اليمني ثمنه غاليا من دمائهم وقدموا الشهداء بالمئات والجرحى بالآلاف وهدمت البيوت على رؤوس أهلها من قبل جهلة الحرس الجمهوري والأمن المركزي الذين باعوا وطنيتهم لهذا الطفل المدلل احمد علي عفاش وإخوته وأبناء عمه ،وكانت النتائج الايجابية أن الثورة قد نالت تأييد الغالبية العظمى داخليا من أبناء الشعب اليمني الذي يتوق إلى الحرية ومن القيادات العسكرية الحرة التي استشعرت بواجبها الوطني تجاه شعبها وأمتها، وقد أنظمت أربع مناطق عسكرية هي الأهم من خمس مناطق على مستوى الجمهورية ولم تبق إلا منطقة واحدة هي المنطقة الجنوبية التي بدأت بوادر الانشقاقات فيها من قبل الأحرار من الضباط والجنود وانأ متأكد انه لم يبق إلا قليل من الوقت حتى تنظم كامل هذه المنطقة إلى ثورة الشعب، بل وصل الأمر إلى قيام بعض من القوات الخاصة بحماية الرئيس أن يثأر لأهله بتدبير عملية اغتيال للرئيس المخلوع والتي نجى منها بعد أن أبقاه الله بجسده حتى يذوق عذاب المصابين من أبناء الشعب بأيدي عملائه الخونة ، وهذا دليل على أن الجسد اليمني لم يعد يحتمل هذا الوضع ويبحث عن المخرج.

أما على المستوى الخارجي فقد حظيت ثورة الشعب اليمني السلمية بالتأييد الإقليمي والعالمي وبدأت وفود كثير من الدول الغربية تحاول إقناع الرئيس المحروق بالتنحي، وان كانت المؤامرة تدور عبر الولايات المتحدة ودولة خليجية لمحاولة إطالة معاناة أبناء اليمن حتى يستسلموا للأمر الواقع ويرضوا بنصف انتصار أي إزاحة الرئيس مقابل بقاء أبنائه وأبناء إخوته ومن لف لفهم في مناصبهم العسكرية مع تغيير حكومة نصفها من حرامية حزب المؤتمر الشعبي العام، والهدف من ذلك هو أن تبقى اليمن في قبضة القرار الخارجي من اجل العبث بمقدرات شعبها بالإضافة إلى استمرار الولايات المتحدة الأمريكية في انتهاك سيادة اليمن كما تريد وتقصف من تريد وتنتهك سماءنا وبحارنا وأرضنا وكأننا دولة مستعمرة ليس لها وزن ولا قيمة، وهذا لن يتحقق لها إلا بمجموعة من المنتفعين المتسلقين الجهلة الذين لا يهمهم إلا ملئ كروشهم بالطعام وجيوبهم بالمال الحرام ولن يجدوا أفضل من أبناء الرئيس وأقاربه وبقايا حزبه الذين يشعرون أن حبل النجاة يكمن في الخيانة لوطنهم بالتسليم للإدارة الأمريكية ومن يسيرون في دربها من دول الجوار الإقليمي الذين يهمهم بقاء اليمن أسيرا لان تحرره يضرهم كثيرا ويدمر سياساتهم الداخلية واقتصادهم القائم على بقاء اليمن تائها في دوامة الزمن.

إذن ما هو الحل للخروج من هذه الدوامة ؟ وما الواجب علينا عمله من اجل انجاز ثورتنا في ظل هذا الوضع الشائك؟ إنني أقولها بصراحة وقد يخالفني الكثير ويحق لهم ذلك لان وجهة نظري هي الخروج من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم والانتقال من الثورة السلمية إلى الثورة المسلحة الخاطفة التي تنهي الوضع بأقل قدر من الخسائر.

وقبل الرفض أو القبول بهذا المبدأ أرجو أن تعطوني الفرصة لأشرح لكم الأسباب التي دعتني إلى تغيير وجهة نظري والمطالبة بالحسم المسلح السريع.

أولا : أن بقاء الأوضاع كما هي سوف يكلف اليمن إثمانا غالية لان هناك عدة جهات لن تستسلم لهذه الثورة وعندها القدرة على تدمير كل مقومات الدولة اليمنية مادامت الثورة غير قادرة على الدفاع عن نفسها وأول هذه الجهات هم بقايا الحزب وأبناء الرئيس وأقاربه الذين فقدوا كل إحساس بالوطنية ولا يهمهم إلا بقاء امتيازاتهم، وثاني هذه الجهات هي الولايات المتحدة الأمريكية وقد أسلفنا الأسباب باستفاضة أما الثالثة فهي بعض دول الجوار التي لا تتحمل أن تقوم دولة حرة ديمقراطية بجوارها، وسوف يؤدي استمرار هذا الوضع المتأزم في اليمن إلى انهيار اقتصادي وسياسي وتحول بلادنا إلى دولة فاشلة مثل الصومال.

ثانيا: أن الوضع في اليمن يختلف تماما عن الوضع في مصر وتونس وهو وضع شبيه إلى حد بعيد بالوضع الليبي والسوري، فإذا كان الشعب اليمني يعتقد انه بثورته السلمية سوف يقنع المجموعة الداخلية بالتنحي على اعتبار أن هذه المجموعة سوف تقدم مصلحة الأمة على مصلحتها الخاصة مثل الذي حدث في مصر وتونس فان هذا الوهم لن يتحقق لان الفارق الثقافي للمجموعة الحاكمة في مصر وتونس يختلف كثيرا عن المجموعة الحاكمة في اليمن فالأولى لديها من الثقافة والوعي بالمخاطر المحتملة على الدولة بالرغم من انحرافها الأخلاقي ما يجعلها تفضل التنحي بأقل قدر من الخسائر بينما المجموعة الحاكمة في اليمن هي مجموعة من الجهلة عديمة الثقافة وليس لهذه المجموعة أي انتماء وطني وقد اختارهم الرئيس لان لديه من وسائل الضغط عليهم ما يجعلهم يتمسحون بأقدامه ليلا ونهارا ويعيشون على فتات فضلاته وقد باعوا أنفسهم له بيعة لا رجوع فيها وربطوا مستقبلهم بمستقبله ولا يرون لأنفسهم مكانا تحت شمس وطنهم إلا بوجوده، لذلك من الصعب إزاحتهم بالثورة السلمية وقد ارتكبوا من المجازر ضد أبناء وطنهم ما يجعلهم لا يتراجعون عن موقفهم حتى لو كان الثمن حياتهم.

ثالثا: أن الثورة الشعبية قد كسبت أوراق قوية جدا تمكنها من حسم الأوضاع لصالحها وإقامة الدولة اليمنية الحرة المبنية على المواطنة المتكافئة واهم هذه الأوراق أن لديهم كتلة عسكرية تسيطر على ثلاثة أرباع الدولة اليمنية وتتركز عملية الحسم في العاصمة صنعاء فقط ، كما أن البعد القبلي الفاعل يقف تحت تصرف الثورة الشعبية وقد تغيرت ثقافة هذه القبائل بحيث سلمت قيادها لشباب الثورة وتوقفت عن حمل السلاح بل وصل الأمر إلى أن كثير من أبناء القبائل قدموا أرواحهم فداء لثورة شعبهم على مذبح الحرية ولم تقم القبائل بأخذ الثأر كما هو المعهود في ثقافتنا اليمنية بل استسلمت لتوجهات الثورة وكفت يدها وقد تجاوز النظام حدوده في الاعتداء على هذه القبائل بسبب قضية السلمية الثورية ولم تحدث مواجهات إلا بحدود ضيقة جدا، وهذه القبائل سوف تكون رافدا قويا للثورة إذا طلب منها حمل السلاح لإنهاء الأزمة والخروج من هذا الوضع الكارثي الذي تعيشه بلادنا.

رابعا: أن حسابات الربح والخسارة ترجح وبقوة الحسم الثوري المسلح لمجموعة من الأسباب أولها أن بقايا النظام تقوم بالجرائم ضد الشعب اليمني الثائر لأنها تعلم انه لن يكون هناك ردة فعل مباشرة ولذلك فهي لا تخشى من المحاسبة ولكنها إذا شعرت أن التوجه قد تغير فسوف تغادر اليمن وهذا يسهل كثيرا من عملية التغيير، ثانيا أن كثير من العسكريين الذين لازالوا مقيدين بالأوامر العسكرية لصالح النظام إذا وجدوا أن كافة أبناء شعبهم قد هبوا للتغيير بالقوة فان الأمر سيتغير وسوف ينحازوا للثورة ولا يمكن أن يسمحوا بوصمهم بالخيانة، ثالثا أن خسارة اليمن من بقاء الوضع المتأزم كما هو عليه الآن اكبر بكثير من الخسائر المترتبة على إسقاط النظام بالقوة ففي الجانب البشري سوف يسقط كثير من الضحايا من خلال الاعتداءات على ميادين التغيير أو في بعض المناطق القبلية كما هو حاصل لقبائل أرحب وفي تعز، بينما التغيير العسكري سوف يحسم الأمر في أيام ودعوني اضرب لكم مثل بما حدث عندنا في منطقة يافع العليا عندما بدأ معسكر الحرس الجمهوري في جبل العر بالاعتداء على أبناء القبائل قامت قبائل يافع العليا بالصدام مع هذه القوة العسكرية المتفوقة في العدد والعتاد وبمساندة الطيران الحربي واستمر القتال أثنى عشر يوما وشاركت فيه قبائل آل حميقان وقبائل البيضاء إلى جانب قبائل يافع العليا وتم هزيمة الحرس الجمهوري وخرجوا مستسلمين رافعي الرايات البيضاء وسمح لهم بالخروج ومغادرة المعسكر وكانت الخسائر في الجانب القبلي قليلة جدا وانتهت المشكلة بينما لو بقي الحال كما هو لاستمرت الاعتداءات وفقد الكثير من أبناء تلك المناطق حياتهم وممتلكاتهم لان قيادة الحرس الوطني قيادة اسرية وليس وطنية وتفرض على العسكريين أوامر يتم تنفيذها رغما عنهم وليس لها أي علاقة بعقيدتهم العسكرية.

خامسا: ان الجناح السياسي المساند للثورة الشعبية والمتمثل بأحزاب اللقاء المشترك يقوده مجموعة من كبار السن الذين لديهم القابلية بأنصاف الحلول وتقوم حساباتهم على المصالح الحزبية وليس لديهم الحماس الثوري الذي فجر الأوضاع وجعل الشباب يقودون التغيير، لذا فان كافة الجهات المعارضة للثورة في الداخل والخارج تمارس ضغوط قوية على هذا الجناح للقبول بأنصاف الحلول الذي يحقق لهذه الإطراف مصالحها ويقف حائلا دون تحقيق الثورة لأهدافها النهائية، لذلك فإنني لا أرجو خيرا من هذه الأحزاب ولا أرى أنها ستتمكن من تحقيق أهداف الثورة بل أن أهدافها مقدمة على الهدف الثوري لذلك لابد من حرق هذه الورقة واستبعادها من الحلول النهائية إذا أردنا تحقيق كل مطالبنا.

سادسا: إن مطالب الشعب اليمني هو تغيير شامل في بنية النظام وهذا لن يتحقق إلا باجتثاث حزب المؤتمر الشعبي من جذوره وإقفال مقراته ومنع الفاسدين من العمل السياسي نهائيا ومحاكمة كل من امتدت أيديهم بالعبث بأموال اليمن أو ارتكبوا جرائم قتل بحق الثوار أو قاموا بإصدار أوامر للحرس أو الأمن بإطلاق النار على الثوار، أو من اثروا من أموال الشعب بدون وجه حق، أيضا فالثوار يطالبون بتغيير الدستور والانتخابات النزيهة وتحديد فترة الرئاسة وخضوع الرئيس للمساءلة في حالة مخالفته وعدم إقحام الجيش والأمن في السياسة واستقلال القضاء والفصل بين السلطات، واعتماد الكفاءة في التعيين بين كافة أبناء اليمن بدون محسوبية ولا واسطة واجتثاث الفساد والرشوة التي أصبحت فضيحة تطارد كل يمني في الخارج والداخل، وحماية الاستثمار والمستثمرين من عبث رجال السلطة ...وأخيرا دولة مدنية غير مسموح لأي عسكري أن يتحكم فيها إلا بعد استقالته من منصبه ودخوله معترك السياسة، هل تعتقدون أن الثورة السلمية والمفاوضات سوف تؤدي إلى تحقيق مطالبنا ؟ والإجابة أننا لن نحظى بنصف هذه المطالب.

وأخيرا فان الحسم العسكري هو الخيار المطروح لتحقيق كل مطالبنا وهذا يتطلب زحفا عسكريا من كل الاتجاهات على العاصمة صنعاء وزحف قبلي جارف للسيطرة السريعة وتقليل كلفة التغيير ولابد من قيام شباب الثورة بالمشاركة الفاعلة للسيطرة على كل المناطق في الجمهورية ، ما لم يحدث ذلك فأن اليمن مقبلة على كارثة في كافة المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والجميع متربص بثورتنا في الخارج والداخل واستمرار الثورة السلمية سوف يفرض عليها الانصياع للأوامر الخارجية بما يتعارض مع آمالها بدولة اليمن الحرة، والحسم السريع سوف يؤدي إلى تحقيق كل مطالب شعبنا بالتغيير، والقاعدة الفقهية تنص على أن( مالا يقوم الواجب إلا به فهو واجب) وواجب التغيير يفرض علينا سرعة الانجاز قبل فوات الآوان.