إلى الأشقاء في أرض الحرمين ...المفتاح السياسي هو الحل!!!
بقلم/ د. عبد الملك الضرعي
نشر منذ: 13 سنة و 6 أشهر و يوم واحد
الثلاثاء 21 يونيو-حزيران 2011 04:11 م
رسالة مفتوحة إلى الأشقاء في أرض الحرمين الشريفين ، هذه الرسالة معبرة عن وجهة نظر يمنية حول المواقف الرسمية السعودية من المستجدات على الساحة اليمنية ، ويمكن أن نلخص وجهة النظر تلك فيما يلي :

أولاً/ الشعب اليمني يدرك وبما لا يدع مجالاً للشك أن المواقف السعودية بنيت على أساس مصالح الحكومة السعودية ، تلك المصالح تستدعي المعرفة بطبيعة المشكلة السياسية في واحدة من أكبر دول شبه الجزيرة العربية وهي الجمهورية اليمنية ، ولذلك الموقف مبرراته السياسية ، لأن تدهور الأوضاع السياسية في اليمن سيؤدي إلى تدهور أمني واقتصادي واجتماعي ، ومن ثم سيكون لذلك عواقب على السلام والأمن المحلي والإقليمي ، والذي سيؤثر بشكل مباشر على أكبر جيران اليمن وهي المملكة العربية السعودية.

ثانياً/ تراوحت رؤية اليمنيين للموقف السعودي بين مؤيد ومعارض ، فالمناصرين للحزب الحاكم يؤيدون ذلك الموقف كونه يعزز من سلطة الحزب الحاكم وأسرة الرئيس صالح ، وقد عبرت المجاميع المناصرة في ميدان السبعين عن موقفها ذلك فيما اسمي بجمعة(الوفاء للوطن والقائد) حيث كانت الكلمات والشعارات والصور المرفوعة تؤكد على ذلك الشعور، أما الطرف الثاني والمتمثل بقوى المعارضة وخاصة شباب ساحات التغيير والحرية فقد وجدوا في تلك المواقف إسنادا مباشراً لسلطة الرئيس صالح ، في وجه ملايين اليمنيين المعارضين لبقائه في السلطة ، بل تطور الأمر إلى شعور لدى بعض شباب الثورة بأن الموقف السعودي موجه لإجهاض ثورتهم الشبابية الشعبية السلمية ، كما أن هناك بعض الأطراف التي تحاول استدعاء مواقف سعودية تاريخية من أحداث يمنية سابقة خاصة ثورة سبتمبر والوحدة اليمنية لتكوين رأي شعبي ضمني مفاده أن السعودية تعارض بشكل دائم تطلعات الشعب اليمني.

ثالثاً/ في ظل تباين المواقف اليمنية من تصرفات الحكومة السعودية حيال المأزق اليمني الراهن ، نود التأكيد مرة أخرى بحق السعودية في حماية مصالحها الإستراتيجية على المستوى السياسي أو الأمني لأنها وبشكل يقيني سوف تتضرر من توتر الأوضاع على حدودها الجنوبية ، خاصة مع وجود ملفات أمنية مفتوحة مثل القاعدة وغيرها، كما ندرك الجانب الإنساني السعودي في استقبال رئيس الجمهورية وآخرين للعلاج نتيجة أحداث الحصبة وجمعة القصر الرئاسي .

رابعاً/ في ظل حقوق الحكومة السعودية ومساعيها التي اشرنا إليها ، تبقى هناك حقوق هامة تتصل بخيارات الشعب اليمني وحقوقه التي يجب الحفاظ عليها ، خاصة ورئيس الدولة وأهم أركان نظامه متواجدين حالياً للعلاج في السعودية ، ولأهمية الأحداث بالنسبة لعموم أبناء الشعب اليمني فإننا نود الإشارة إلى ما يلي:

1-  من حق اليمنيين معرفة مصير أبرز الشخصيات اليمنية ممثلة برئيس الجمهورية وبقية أركان الدولة ، كون الجهة الوحيدة التي تعرف مصيرهم الآن هي الحكومة السعودية كونهم متواجدين على أراضيها ، لذا يجب عليها الإشارة إلى وضعهم الصحي بشكل دقيق ، أما إذا كانت هناك جهات يمنية تشترط سرية الوضع الصحي للرئيس وأركان نظامه يجب إيضاح ذلك للرأي العام اليمني.

2-  الوضع الصحي لرئيس الجمهورية وأركان نظامه على درجة كبيرة من الأهمية من المنظور السياسي لأن معظم سلطات الدولة معطلة الآن ، وتحولت العديد من مؤسسات الدولة إلى إدارات مالية لصرف المرتبات لموظفين غالبيتهم غير قادرين على ممارسة إعمالهم نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية.

3-  معرفة الوضع الصحي لرئيس الجمهورية وأركان نظامه سوف يساعد على استقرار الوضع السياسي في اليمن ، هذا الاستقرار سيؤثر بشكل مباشر في عودة الحركة الاقتصادية التي تعاني حالياً من شلل كبير يهدد بانهيار اقتصادي وشيك ، وفي حال حدوث الانهيار الاقتصادي لا سمح الله فإن تراجعاً غير مسبوق ستشهده الحياة الأمنية ، مما يهدد بدخول اليمن في دوامة من الصراع لا يمكن التحكم بها بعد ذلك .

4-  سيؤدي تحديد مصير رئيس الدولة وأركان نظامه إلى نقل سلمي للسلطة ، ومن ثم يمكن للسلطة الجديدة ممارسة مهامها الدستورية التي يمكن أن تؤدي إلى عودة الحياة على أجهزة الدولة المختلفة.

5-  من حق الشعب اليمني تقرير مصيره السياسي ، وخيار غالبية اليمنيين الآن مع التغيير السلمي للسلطة ، وفق رؤى جديدة للنظام السياسي حددتها أهداف الثورة الشبابية الشعبية السلمية.

أخيراً كان الطرح السابق يمثل جانباً من رؤيتنا لطبيعة العلاقة مع الأشقاء في أرض الحرمين الشريفين ، ولكننا وباختصار نؤكد لأخوتنا بأن الحال في اليمن أصبح لا يطاق لكثير من الشرائح الاجتماعية في اليمن نتيجة الغلاء الفاحش وتدني مستوى الدخل الفردي وضعف الخدمات وسؤ الأوضاع الأمنية والسياسية، وأن الحلول التي تقدمها الحكومة السعودية حتى الآن لا تصب في صالح خيارات غالبية أبناء الشعب اليمني ، فالدعم المادي والنفطي للسلطة القائمة لم يزد الموقف السياسي إلا توتراً، لذلك نأمل من إخوتنا في الحكومة السعودية أن توجه جهودهم التي تحظى بقبول أطياف يمنية واسعة إلى معالجة المأزق السياسي أولاً وقبل كل شيء ، أما الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية فهي نتاج للمأزق السياسي ، ويمكن معالجتها بالشراكة مع القوى الوطنية التي سوف تخلف النظام الحالي ، بحيث تحقق المعالجات الاقتصادية هدفها في الحد من البطالة والفقر وبما يساعد في آخر المطاف على تعزيز الأمن والاستقرار المحلي والإقليمي والدولي.