الحرب وديمقراطية اليمن المركزية!
بقلم/ دكتور/عبد الله الفقيه
نشر منذ: 17 سنة و 6 أشهر و 16 يوماً
الأربعاء 06 يونيو-حزيران 2007 09:13 ص

تحتفل الجمهورية اليمنية بالعيد الوطني للبلاد وقد بلغ عمر الوحدة 17 عاما، لكن احتفال هذا العام يأتي والبلاد تعيش في حالة صراع حاد مع نفسها تمثل أعظم تعبير عن حالة الاستبداد السائد التي تحكم علاقة الدولة بالمجتمع والعكس. ولا يتوقف الأمر على حالة الحرب الغامضة التي تدور رحاها في شمال البلاد وان بشكل متقطع منذ عام 2004 والتي وصلت هذا العام إلى مستوى لم تصل إليه في اي وقت مضى ولتتحول إلى محرقة لموارد البلاد المادية والبشرية والى عامل توتير لعلاقات اليمن مع الدول الأخرى. ولكن البلاد تعيش أيضا حالة طوارئ غير معلنة تبدو في الظاهر وكأنها إحدى أعراض حالة الحرب الدائرة في محافظة صعدة لكنها في جوهرها تتخذ أبعادا خطيرة وتعكس حالة من الاستبداد السياسي غير المسبوق في عمر الجمهورية اليمنية. فالمئات ان لم يكن الآلاف من المواطنين يقبعون في زنازن أجهزة القمع لا لسبب ولكن لأنهم ينتمون إلى نفس الأصل الذي ينتمي إليه الحوثيون أو لأنمجرى حياتهم قد تقاطع يوما ما مع مجرى حياة المتمردين. وتقول بعض المصادر داخل منظمات المجتمع المدني ان بعض صغار السن تم جمعهم من المدارس وإيداعهم المعتقلات خوفا من ان ينضموا إلى المتمردين ويقاتلوا معهم وان البعض الآخر من صغار السن يتم الزج بهم في أتون المعركة من قبل الجانبين وبالمخالفة لقواعد القانون الدولي الإنساني.

ومع التسليم بوجود قدر كبير من الغموض في الحرب الدائرة الإ انه وبغض النظر عن التفاصيل، فان الحرب، أي حرب كانت، تمثل انعكاسا للاستبداد وليس للديمقراطية. وكما ان الدول الديمقراطية لا تحارب بعضها فان المجتمعات المحكومة بالديمقراطية لا تخوض حروبا مع نفسها. فالديمقراطية كثقافة وكنظام سياسي تقوم على مجموعة من المبادئ والمؤسسات والآليات لحل الصراعات سلميا داخل وبين المجتمعات. ولذلك فان وقوع الحرب داخل أي مجتمع هو مؤشر هام على الاستبداد وغياب الديمقراطية في ذلك المجتمع أو على وجود خلل عميق في الطريقة التي يعمل بها النظام الديمقراطي. وفي المجتمع الذي تغيب فيه الديمقراطية كآلية لحل الصراع السياسي سلميا تخضع العلاقة بين الحاكم والمحكوم لعلاقة القوة بينهما. فالمحكوم يضطر للخضوع في مواجهة الحاكم المستبد لكنه لا يتردد أبدا في الخروج على الحاكم المستبد عندما يجد الفرصة المناسبة لذلك. 

 وعلى ضوء هذا الفهم فان اخطر تهديد تمثله الحرب الدائرة في صعدة هو—كما قال نائب السفير الأمريكي في اليمن الدكتور نبيل خوري في حديث لإحدى الصحف اليمنية مؤخرا—ان تشجع بعض الأطراف الأخرى على القيام بعمل مماثل. وسواء قصد نائب السفير ذلك أو لم يقصد فان المعنى الضمني لما قاله هو ان شرعية النظام في اليمن تعتمد بشكل أساسي على شرعية القوة وليس على شرعية الانتخاب. فإذا كانت شرعية الحاكم في أي مجتمع مستمدة من الطبيعة الديمقراطية للنظام فان تمرد جماعة على النظام لا يمكن ان يقود إلى تمرد جماعة أخرى. أما في المجتمعات غير الديمقراطية، فان تمرد جماعة يؤدي اذا ما تطور بطريقة معينة إلى تشجيع الجماعات الأخرى. ويزيد من القلق المتصل بهذه المسألة حقيقة ان المجتمع اليمني يتصف بالتنوع القبلي والعشائري والمناطقي والمذهبي والثقافي ويعاني من وجود تركيز كبير للسلطة والثروة واختلال كبير في عملية التنمية
 وتوزيع للغنى والفقر على خطوط طائفية ومناطقية وأزمة اقتصادية حادة.

حروب أخرى.

ولا تقتصر أعراض أزمة غياب الديمقراطية في اليمن على الحرب الدائرة في شمال البلاد. فالحكومة اليمنية تمارس كافة أشكال القمع ضد الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والصحف. وفي الوقت الذي ترخص فيه الحكومة وتدعم شكل هلامي من أشكال المجتمع المدني (الأمني) يمثل وجهة نظر الدولة ويسيطر عليه أشخاص مرتبطون بالحزب الحاكم وأجهزته الأمنية فإنها لا تلتزم بالدستور ولا بالقانون فيما يتعلق بالترخيص لمنظمات المجتمع المدني غير التابعة للسلطة وتمارس ضد تلك المنظمات كافة أشكال القمع والذي يبدأ من رفض منح المؤسسين لتلك المنظمات سند استلام بطلب التسجيل وتتطور إلى مماطلة خارجة على الدستور والقانون.

ولا يجد قادة الحزب الحاكم والمسئولين بكافة درجاتهم حرجا في الإقرار بالدور الأمني الذي تقوم به وزاراتهم. فالأستاذ علي صالح عبدالله وكيل وزارة الشئون الاجتماعية والذي يمثل الوزير الفعلي كما تدل القرائن، يقول، كما نقل عنه موقع المؤتمر نت التابع للحزب الحاكم بتاريخ 12 مايو 2007 بأنه مع أي مبادرة من المواطنين لتأسيس منظمات المجتمع المدني على اعتبار ان ذلك حق دستوري وقانوني لكنه يضيف، والنص منقول من موقع الحزب الحاكم "هناك إشكالية تعيق عمل هذه المؤسسات، وهي السيطرة الفردية والتوجيه الحزبي وضعف الممارسة الديمقراطية داخل المنظمات وهشاشة البناء المؤسسي."

ويضيف الوكيل "إن وزارته تعكف على تعديل قانون الجمعيات بمشاركة منظمات مدنية، بهدف الوصول إلى صيغة تضمن شراكة بين المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية. " ويفهم من كلام الأستاذ علي صالح عبد الله انه يعترف بحق اليمنيين الدستوري والقانوني بتأسيس المنظمات المدنية لكنه يعمل اجتهاده الشخصي ويعطيه أولوية على الدستور والقانون . فقلقه الشخصي من السيطرة الفردية على تلك المنظمات يجعله يمتنع عن منح الترخيص لمنظمة مدنية هي "منظمة التغيير للدفاع عن الحقوق والحريات" بالرغم من ان رئيس اللجنة الأستاذ احمد سيف حاشد ونائبه الشيخ سلطان السامعي هما عضوان في مجلس النواب. والغريب ان الوكيل ينتهك دستور البلاد وقانونها ويميز في المواطنة بين اليمنيين ويتحول من موظف عام يفترض ان يكون محايدا في أدائه لوظيفته إلى إمام مطلق السلطات والصلاحيات ثم، وهي الطامة الكبرى بعينها، يتحدث بعد ذلك عن قلقه من "الحزبية" و"الفردية." فهل هناك فردية وحزبية أكثر من تلك التي يمارسها؟

ولأن القانون المنظم لعمل الجمعيات يعتبر من أكثر القوانين ايجابية فان وكيل الشئون الاجتماعية يعلن عزمه على تعديله ويؤكد، في إشارة واضحة إلى رغبة في إرضاء الخارج، عزمه إشراك "منظمات مدنية" في العملية بهدف الوصول إلى صيغة تضمن الشراكة بين المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية. فعن أي مجتمع مدني يتحدث الوكيل؟ أعن اتحاد نساء اليمن التابع لوزارة الشئون الاجتماعية؟ أم عن جمعية الصالح؟ أم عن الجمعيات الوهمية التي لا وجود لها سوى على كشوفات الدعم السنوي الذي توزعه وزارته للجمعيات المرضي عنها فقط؟ وعن أي شراكة يتحدث الوكيل؟ عن شراكة "المواطنة المتساوية" أم عن شراكة من نوع آخر؟ 

ولا يختلف وزير الإعلام "القروسطي" نسبة إلى القرون الوسطى كثيرا عن وكيل وزارة الشئون الاجتماعية الإ من حيث السوء. فقد اتصل محرر موقع نيوز يمن  newsyemen.net   وهو يحتفل بإكمال عامين بالوزير "التاريخي" ليعرف رأيه في الموقع والمناسبة. وكانت الصدمة عندما رد الوزير بان "كل المواقع قيد التقييم ".
أليس هذا هو اغرب تصريح يمكن ان يسمعه شخص يعيش في القرن الواحد والعشرين؟ ولا بد وأن المحرر قد أصيب بصدمة لسماعه ذلك الصوت وربما ظن للحظة بأنه قد أتصل بالخطأ بجوزف ستالين. ويبدو ان عقدة اللوزي أعمق من عقد كل الناس وهي تتصل بالطريقة التي يشعر بها تجاه المواطنين الآخرين. ويبدو أن النظام قد عمل على تعميق عقدة اللوزي يوما بعد آخر. ففي كل مرة عين فيها اللوزي في موقع حكومي قامت الصحف بنشر سيرته الذاتية بعد حذف مكان ميلاده برغم انه لا فرق بين مواطن ومواطن الإ بالتقوى والالتزام بالدستور.

وبمرور الزمن نمت عقدة الوزير اللوزي. وأصبح يملك وعلى نحو مستمر شيئا يريد إخفائه عن الناس. واختزل الوزير، الذي يشعر بان حقوقه في المواطنة مرهونة بولائه لأشخاص، وظيفته إلى تقييم مواقع الإنترنت وإصدار قرارات الحجب والى اصدرا تعميم يطالب فيه شركة الاتصالات بإيقاف خدمات الرسائل الإخبارية القصيرة المعروفة بالأس ام أس. ويصر الوزير على ان يمنح تراخيص خارج الدستور والقانون وكأنه لا يعرف ان اليمن قد توحدت وانه أصبح لها دستور.

وفي الوقت الذي يعترف فيه الوزير بحق اليمنيين في تأسيس الصحف لا يجد حرجا في رفض تسجيل صحيفة "بلا قيود" التابعة لمنظمة "بلا قيود" برغم كفالة الدستور والقانون لحق المنظمة في إصدار صحيفة. ويعترف الوزير وفقا للكثير من المصادر بان هناك 60 طلبا لتأسيس صحف لم تبت فيها الوزارة. وفي الوقت الذي يرفض فيه الوزير التصريح لصحف مهنية فانه يرخص ويرعى ويدعم صحفا تمارس الطعن في عروض المواطنين والمواطنات والوجاهات الاجتماعية والمشايخ والأعيان والعلماء وأساتذة الجامعات وتنشر ضدهم أخبارا وتهم تمس بالشرف والكرامة وتشكك بالانتماء الوطني والولاء للبلاد وتحرض التنظيمات الإرهابية والدول الأجنبية ضدهم. 

وبرغم التزام رئيس الجمهورية في برنامجه الانتخابي بإطلاق حق اليمنيين في امتلاك القنوات الإذاعية والتلفزيونية، وبرغم تحريم الدستور لعملية تسخير الإعلام لصالح فرد أو حزب الإ أن الوزير اللوزي مثله مثل وكيل الشئون الاجتماعية له رأي آخر في المسألة. فهو يخضع كل وسائل الإعلام العام وبقبضة حديدية لخدمة هدف غامض لا علاقة له باليمن ومصلحة اليمن وأهل اليمن. ويحتفظ اللوزي بقوائم سوداء للأفراد الذين يحرمون من الظهور على القنوات والصحف الرسمية. وفي الوقت الذي يزداد فيه انصراف الناس عن "إعلام اللوزي" الذي يتصف بالتخلف والرداءة والأحادية في النظرة والسعي إلى تعميق ثقافة معادية للمواطنة المتساوية، وينصرف إلى متابعة القنوات الفضائية العربية والأجنبية التي تمتاز بالكثير من الخصائص التي تجعلها قادرة على إعادة صياغة العقل اليمني بعيدا عن أي هوية وطنية محددة، فان اللوزي يصر على نزع أي سلاح يمكن لليمنيين من خلاله الدفاع عن هويتهم وثقافتهم وحقوقهم. والسؤال هو: من يقيم أداء هذا الوزير الذي تجاوزه العصر؟ ولصالح من يعمل اللوزي بالتحديد؟ ولمن هو ولائه؟ ولماذا يصر على الانتقام من اليمنيين بهذا الشكل؟ 

هناك مؤشرات على أن السماح لليمنيين وغير اليمنيين بالاستثمار في قطاع الإعلام المسموع والمرئي وخدمات المعلومات والتكنولوجيا يمكن ان يخلق خلال الخمس سنوات القادمة ما لا يقل عن 300 الف وظيفة ويمكن ان يساهم في إعالة قرابة مليوني يمني الإ ان اللوزي وأمثاله مصرون على فرض التخلف والفقر على اليمن وعلى مسخ هوية اليمنيين وعلى حرمان اليمنيين من تحقيق أي منجز فكري أو ثقافي أو حضاري.  فالوزير الشاعر والمفكر والمنظر والسياسي والفنان والمخرج و"بتاع كله" لا يريد لليمنيين ان يستيقظوا ذات صباح فيجدون قصائد لم يؤلفها اللوزي وبرامج لم يكن هو صاحب فكرتها ونظريات ورؤى لم تكن نتاج قريحته. يخاف اللوزي ان يستيقظ ذات صباح ويجد الآلاف من الإعلاميين الذين كان يحبسهم في الزنازن خلال ثمانينات القرن الماضي فرصا جديدة لتحسين دخولهم والتحول إلى مستثمرين ومبدعين ومفكرين. 

ولا تختلف وزيرة حقوق الإنسان الجديدة عن وزير الإعلام ووكيل الشئون الاجتماعية الإ من حيث حداثة العهد بالمنصب. وتدل التصريحات والمقابلات الكثيرة لوزيرة يعتبر سكوتها فضيلة من الفضائل على أنها مهتمة جدا بالمعتقلين اليمنيين في "جوانتنامو!" وبالطريقة التي تعامل بها إسرائيل الفلسطينيين. ويبدو أن رادار الوزيرة التي يفترض ان تهتم بحقوق اليمنيين قد أصيب بعطل "نووي" فجعلها غير قادرة على التقاط صيحات اليمنيين القابعين في السجون لأسباب سياسية وغير سياسية. جميل ان تدعو الوزيرة لإنصاف الفلسطينيين من الإسرائيليين وان تدعو النازيين الأمريكيين الجدد لإقفال معسكر "جوانتنامو" لكن الأجمل من كل ذلك هو أن تدعو الوزيرة لإنصاف اليمنيين من ظلم اليمنيين ولإغلاق الأجهزة الأمنية والسجون الخاصة التي تعمل خارج الدستور والقانون ولإطلاق كل المساجين الذين يجري اعتقالهم وحجزهم خارج إطار الدستور والقانون. 

الديمقراطية اليمنية 

وتتطور الديمقراطية اليمنية بفضل أشخاص يدوسون على الدستور والقانون من أمثال وكيل الشئون الاجتماعية علي صالح عبد الله، ووزير الإعلام حسن اللوزي، ووزيرة حقوق الإنسان الجديدة هدى البان إلى نموذج أشبه ما يكون بالديمقراطية المركزية التي تبنتها الأحزاب الشيوعية في الإتحاد السوفييتي السابق وأوروبا الشرقية واليمن الجنوبية قبل الوحدة أو في أحسن الأحوال لنموذج الحزب القائد الذي يسود في سوريا والذي ساد في العراق قبل سقوط نظام صدام حسين وهو نظام يسيطر فيه الحزب "الوحيد" على مجريات الحياة العامة ويحتل فيه الحيزين العام والخاص ويسيطر على الجامعات ومنظمات المجتمع المدني وأحزاب المعارضة ويحول كل القوى الحية في المجتمع إلى مجرد أرقام. 

وفي ظل نظام كهذا يتم الحديث كثيرا عن انتخاب المحافظين والحكم المحلي والاقتصاد الحر وفتح الباب للاستثمار بهدف دغدغة مشاعر الداخل والخارج فقط، لكن السياسات التي يتم تنفيذها حتى الآن تختلف كثيرا عن الشعارات التي يتم رفعها. ففي الوقت الذي يتم فيه الحديث عن مكافحة الفساد فانه يختار لعضوية الهيئة المختصة بمكافحة الفساد أشخاصا من أمثال وكيل وزارة الشئون ووزير الإعلام ووزيرة حقوق الإنسان. بل أن وزيرة حقوق الإنسان نفسها كانت على قائمة المرشحين لعضوية الهيئة. وفي الوقت الذي يكثر فيه الحديث عن انتخاب المحافظين فان النظام يستكثر على أساتذة الجامعات ان ينتخبوا رؤوسا أقسامهم وعمداء كلياتهم ويعتبرهم قاصرين وغير مؤهلين للقيام بتلك الأعمال.

وتمارس أجهزة القمع كافة أشكال الإرهاب ضد الصحف والصحفيين الذين يتجرؤون على الحديث ولو من بعيد عن فساد كبار القوم. ويتم منح التراخيص بامتلاك الصحف فقط للعناصر المرتبطة بالنظام. أما القنوات الإذاعية والتلفزيونية فانه لا يسمح للناس بامتلاكها لأن النظام يعتبرهم قصر وناقصي أهلية. وفيما يتعلق بالاستثمار فان النافذين في السلطة وكبار المسئولين وأقاربهم والموالين للسلطة والمستعدين لدفع الإتاوات الخاصة بالحماية هم الذين يسمح لهم بالاستثمار في حين ان استثمارات الآخرين يمكن ان تتعرض للاستهداف والتصفية لأي سبب وبدون سبب.

الاقتصاد والاجتماع 

لا تتوقف أعراض الأزمة التي تعيشها البلاد على الحرب الدائرة في صعدة وحالة الطوارئ غير المعلنة في البلاد بل ان هناك أزمة اقتصادية واجتماعية طاحنة. فعلى الصعيد الاجتماعي يعيش الكثير من اليمنيين تحت خط الفقر وتشهد البطالة اليمنية في شكلها المكشوف اتساعا يوما بعد آخر. أما البطالة المقنعة فتكاد تشمل الغالبية العظمى من سكان البلاد. وهناك تدهور مريع في الأوضاع الصحية للمجتمع بسبب تخلي الدولة شبه الكامل عن دورها في الحفاظ على صحة المواطنين. وتضع المؤشرات الصحية المختلفة اليمن كواحدة من أسوء الدول العربية في الرعاية الصحية. ورغم ان اليمن هي واحدة من الدول التي تنفق مبالغ طائلة على التعليم الإ ان الواضح ان الفساد يبتلع معظم تلك المبالغ مما أدى إلى حدوث تدهور في قطاع التعليم بكافة جوانبه.

 وعلى الصعيد الاقتصادي تشهد الموارد في البلاد وخصوصا النفط نضوبا مستمرا في حين ان جهود الحكومة في البحث والتطوير للموارد البديلة ما تزال جد ضعيفة.

وفي مواجهة الأداء السيئ للحكومات اليمنية المتعاقبة تزداد ضغوط المنظمات النقدية الدولية والمانحين بشكل عام على البلاد لتعويم "الريال اليمني" والذي تقترب نسبة الدعم السنوي الذي تقدمه الحكومة له من حوالي 15%. وفي الوقت الذي لم تستطع نسبة كبيرة من اليمنيين حتى الان تجاوز اثر الارتفاعات السعرية التي قامت بها الحكومة في صيف عام 2005 فان هناك ضغوطا متزايدة على الحكومة اليمنية بسحب الدعم كلية عن النفط ومشتقاته والذي تصل نسبته حاليا إلى قرابة 13 % من الناتج الإجمالي للبلاد ويتجاوز في حجمه المبالغ التي يتم إنفاقها على الاستثمار.

*نقلاً عن صحيفة الوسط الأسبوعية