رسالة مفتوحة إلى المعتصمين في ساحات التغيير بمدن اليمن
بقلم/ ابراهيم بن محمد الوزير
نشر منذ: 13 سنة و 8 أشهر و 20 يوماً
الخميس 31 مارس - آذار 2011 08:48 م

الحمدلله رب العالمين القائل (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً) ، والقائل عز وجل في آخر آية من سورة آل عمران (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) ، والقائل سبحانه وتعالى (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا).

والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا رسول الله محمد بن عبدالله ، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد الصادق الأمين وعلى آله الهداة الطاهرين وأصحابه المجاهدين الصابرين ، وعلى من اتبع هديه واستن بسنته الى يوم الدين ,,,, وبعد .

لقد خرجتم يا أولادي واخواني واحبابي من بيوتكم ومنازلكم ومن بين أهليكم واعتصمتم في ساحات التغيير وميادين الحرية للمطالبة بحقوقكم وحقوق الشعب الطيب المغلوب على أمره ، الشعب اليمني الذي يسعى المتنفذون في النظام الى تجهيله وتجويعه واستغلال طيبته ليتم استخدامه ضد ارادة الشعب في كل الأوقات وفي هذا الوقت بالذات .

وقد شاهد جميع مشاهدي قناة الجزيرة وقناة سهيل أولائك المتواجدين في ساحة السبعين وهم يؤيدون النظام ويصرخون بأعلى أصواتهم ، ومنهم من جاء الى ميدان السبعين ليصرخ بتأييد النظام ورئيس النظام بدون وعي ولا ادراك وبدون أن يفكر في مصلحة الوطن ولا حتى في مصلحة نفسه وعزه ، ومصلحة أولاده من بعده ، وإن الانسان العاقل ليرحم أولئك الجهلاء ومنهم جائعون عرايا يصرخون بحفنة من المال في تأييد الظلم والفساد ولا يفكرون في مصلحة الوطن وعزه بين الأمم ولا في مصلحتهم ومصلحة أولادهم من بعدهم ولا في طاعة الله عز وجل أولاً وأخيراً ولا في التمسك بقول الحق الذي أمر الله به ، حتى يأمنوا من غضب الله ومقته وحتى لا يكونوا من أتباع الشيطان الرجيم في معصية الله والاضرار بخلق الله ، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم .
انكم يا أولادي خرجتم للمطالبة بحقوقكم كجزء من هذا الشعب وللمطالبة بحقوق الشعب اذي يعيش أغلب أفراده جائعين جهالاً عراياً والذي يريد النظام لأفراده أن يظلوا جهلاء جائعين متفرقين يتحاربون فيما بينهم ويقتل بعضهم بعضاً دون أن تتدخل أجهزة الأمن حتى لمجرد الاصلاح بين المتنازعين فما بالك باقرار العدل والحق والدفاع عن المستضعفين والمظلومين ، مع أن هذه واجبات أي نظام في العالم ، وواجب رئيس أي نظام في العالم أن يحكم بالعدل وأن ينصف المظلوم من ظالمه لا أن يؤيد الظالم ويسخر من المظلومين ، وأن يعلم الجهلاء لا أن ينشر الجهل ، وأن يتفقد أحوال الجائعين والمستضعفين لا أن يزيدهم جوعاً وفقراً وعرياً ، بينما هم يأكلون المال العام ويتمتعون به وهو مال الشعب عامة والفقراء والمستضعفين خاصة .

لقد كان النظام دائماً ينشر الخلاف والصراع بين أبناء الشعب وشرائحه وكان يفرح بالصراع والنزاع فيما بينهم ، حتى ينشغلوا عنه وعن مظالمه .

وما دمتم أيها الاخوة والأبناء والاحباب الشرفاء خرجتم من أجل مصلحة الشعب و الوطن ولم تطلقوا ناراً على أحد ولم تقتلوا أحداً ولم تضروا أحداً ، ولم تستخدموا أي وسيلة من وسائل العنف فأنتم آمرون بالمعروف ناهون عن المنكر تطالبون بالحق المشروع وبالوسائل المشروعة ، ولكم أجر المجاهدين في سبيل الله الداعين الى كلمة الله ، ومن استشهد منكم فهو في أعلى درجات الفردوس مع سيد الشهداء عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحمزة بن عبدالمطلب أسد الله وأسد رسوله ، كما كان يسميه رسول الله (ص) ، وقد أطلق عليه رسول الله (ص) بعد استشهاده لقب سيد الشهداء ، ثم قال في حديث معروف متلقى من الأمة بالقبول (سيد الشهداء الحمزة بن عبدالمطلب ورجل أمر ملكاً طاغية بالمعروف أو نهاه عن منكر فقتله فهو وعمي الحمزة في الجنة بمنزلة سواء) ، والذين استشهدوا في ساحات التغيير انما كانوا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فهم مع الحمزة بن عبدالمطلب سيد الشهداء في أعلى درجات الفردوس فهنيئاً لهم هذه المنزلة الرفيعة ورحمهم الله وأعلى في الفردوس درجاتهم وعصم قلوب ذويهم وأهلهم بالصبر وضاعف لهم الأجر ، وأخلفهم عليهم وعلينا وعلى أبناء الوطن اليمني بأحسن خلافة .

فقط يا أولادي واخواني واحبابي عليكم أن تخلصوا نياتكم فيما تقومون به من اعتصام ومطالبه فتكون نيتكم ازالة المنكر ، ازالة الفساد والعبث بالمال العام ، وتقييد الحريات ، وضد اهدار المال العام ، وتجهيل أبناء الشعب ، وعدم الاهتمام بمصالح البلد في أي مرفق من مرافق الحياة ، وتجويع الشعب واذلاله ليتم استخدامه واستخدام أكابر رجاله وأبناء مشائخه في أعمال أجهزة المخابرات ، وتسليط بعض ابناء الشعب على البعض الآخر الى آخر تلك الأعمال السيئة في الفساد والإفساد .

فعلى كل فرد في ساحات التغيير خرج في سبيل الله ، ومن أجل اعلاء كلمة الله أن يخلص في ما خرج لأجله وفي هدم تلك المساوئ والأجهزة التي كانت ولا زالت الى هذه الساعة تحاول نشر الفساد والافساد والوقوف أمام دعوة الحق والخير التي أمر الله بها ، ومن أجل نيل الحقوق المشروعة التي أقرها الاسلام وحث على المطالبة بها وبكل حق حتى قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (الساكت عن الحق شيطان أخرس) ، وقال عليه الصلاة والسلام (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم) ، فتلك حقوق لكم ولكل الشعب اليمني على حكامه ، والمطالبة بها من حقكم وستنالونها وتنالون الأمن والاستقرار ، والازدهار لبلادكم و جميع حقوق الانسان المواطن في بلادنا الكريمة عن ما قريب باذن الله ان أخلصتم لله ولمبادءكم وصبرتم وثابرتم ، وان الله لمع الصابرين .
أخلصوا يا أولادي واخواني وأحبابي لهذه المبادئ والحقوق ولا يكن هم أحدكم في ساحات التغيير والحرية مكاسب شخصية ، فأنتم تتعبون في ساحات التغيير وتتعرضون للموت والاستشهاد فليكن همكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و نيل الشعب حقوقه التي أمر الله بها وازالة الفساد والافساد ، ومن وافاه أجله واختار الله له الشهادة فعليه أن يموت ويلقى الله مخلصاً لهذه الحقوق التي يريدها الله وضد الفساد والافساد والاجرام الذي يمارسه النظام حتى يكتبه الله من الشهداء ويجعله مع سيد الشهداء الحمزة بن عبدالمطلب عم رسول الله رضي الله عنه وعنهم أجمعين .

فلنترحم على أرواح شهداء ساحات التغيير والحرية ، التي سيخلد الله ذكرها ان شاء الله الى يوم القيامة بما قدمت وما صنعت .

طالبوا بالحرية وتشبثوا بها ولا ترضوا عنها بديلاً ، وأي حلول فيها التفاف على ثورة الشعب فعليكم أن ترفضوها لأن كثيراً من الحلول انما يراد بها الالتفاف على ثورتكم ، وانتزاع النصر من بين أيديكم بعد أن أصبحتم من النصر قاب قوسين أو أدنى .

أن النظام ورئيس النظام لم يسمع نصيحة ولا يريد أن يسمع أي نصيحة ، حتى ولو كان البعض يبحث له عن مخرج مشرف ليتنحى عن السلطة بشرف وكرامة ، إنه لا يريد أن يسمع ولعل عدم الفهم والاصرار على عدم سماع النصائح من العلماء وغيرهم الذين يريدون له وللشباب المعتصم ولأبناء الوطن جميعاً الخير ، وأن يتجنب الجميع سفك الدماء ، دليل على أن ذنوبه تسوقه الى مصير محتوم قد قدره الله .

لقد أعمت ذنوبه الماضية بصيرته ليصل به الله عز وجل الى الغاية التي يريدها .

فاصبروا أيها الشجعان البواسل المضحون في سبيل الله ومن أجل الحرية والديموقراطية والشورى وحقوق الانسان، اصبروا وصابروا كما أمر الله في الآية الكريمة التي ذكرتها أول هذه الرسالة (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) ، اصبروا وصابروا ورابطوا ، ولا بد من التقوى فيما تفعلون لعلكم تفلحون .
انها تعاليم سماوية نزلت بها آيات إلاهية كريمة لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها تنزيل من عزيز حميد .
وأخيراً أيها الأحبة تشبثوا بالوحدة وعدم الفرقة ومن أراد أن يخذّلكم أو يضعف عزيمتكم أو يخوفكم أو يطمعكم بالمال والجاه ، أو يحدث الخلاف والشقاق فيما بينكم فلا تصدقوه وكونوا يداً واحدة في المطالبة بالتغيير الصحيح على أساس من الحرية الكاملة ، والمساواة ، والشورى المفعَّلة بالوسائل والمؤسسات الديموقراطية ، وحقوق الانسان التي أمر الله بها ، ولا ترضوا بهذه المبادئ الالهية الكريمة بديلاً ، واذكروا قول الله عز وجل ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها ، كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون).

لقد كانت هناك تفرقات في الماضي ولمدة ثلاثين عاماً وكانوا يسعون دائماً لأحداث تفرقات متعمدة وانشقاقات وخلافات ونزاعات وسنكون في هذا البلد العظيم بلد الايمان والحكمة بعد انتصار هذه الثورة المباركة في المستقبل القريب ان شاء الله اخواناً في الله أعواناً على ما يرضي الله متساوين في الحقوق والواجبات .
ولله الفضل والمن ثم الفضل لكم بصبركم وتحملكم وتجلدكم وايثاركم وتمسككم بمبادئكم ، واصراركم عليها دون التفاف ، جزاكم الله عن الشعب اليمني وعن أمة سيدنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم خير الجزاء ، وأصلح بنا وبكم العباد والبلاد ، إنه على ما يشاء قدير وبالاجابة جدير وهو عز وجل نعم المولى ونعم النصير .