هل ستنجح المشاورات اليمنية ؟
بقلم/ خالد عليان.
نشر منذ: سنتين و 8 أشهر و 25 يوماً
الثلاثاء 29 مارس - آذار 2022 06:41 م

هل ستنجح المشاورات اليمنية ؟ هذا ليس سؤلًا فحسب بل هو تحدٍ ورهان أيضًا ، فحين تتجه أنظار وآمال اليمنيين صوب مجلس التعاون بغية الخلاص من صراعات وحروب أكلت خيرات البلد ثمة من ينظر للمشاورات بعين السخط ويسخر كل امكانياته لإفشالها .

و بمعزل عن الآمال أو الأحلام أو العرقلة والتآمر نتساءل مالذي قد ينجح المشاورات اليمنية ويجعلها مختلفة عن دعوات السلام الأممية التي لم تشهد أي نجاح على مدى تاريخ اربعة مبعوثين ، دونما شك التجربة الخليجية الناجحة في اليمن عام 2011 التي أطفأت وقود حرب أهلية عبر المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ماثلة للعيان وشاهدة على تقبل المجتمع اليمني وثقته بالتدخل الخليجي في الأزمة اليمنية ودليل ذلك ما نتج عن المبادرة من حكومة وفاق وطنية ومؤتمر حوار وطني ورئيس توافقي وهو ما يستدعي لفت الانتباه اليوم لبعض من مقومات النجاح للمشاورات اليمنية - اليمنية المنعقدة حالياً في مقر مجلس التعاون الخليجي بالرياض .

ولعل البداية أساساً وتأسيسًا لنجاح المشاورات الراهنة هو معرفة مدى التوافق الخليجي لدول المجلس الستة مجتمعة على رؤية الحل في اليمن ودعم مسارات السلام فيه وفق مخرجات المشاورات والقرارات الأممية الحاكمة للقضية .

فإذا كانت الدول الست على رؤية متوافقة في النظر لمستقبل اليمن فإننا سنكون تجاوزنا أكثر من 60٪ من الطريق الصعب للحل القادم ، لأن الدول الضامنة للمشاورات ستعمل ككتلة واحدة في تسهيل إنجاح الاتفاقات ولن نشهد تجاذبات للقوى السياسية اليمنية واستحواذ على قراراتها .

فقرار مجلس التعاون الموحد هو الاستهلالة الحقيقية للحل ومايليه من مواقف دولية تفاصيل تابعة رغم أهميتها. فالخليج هم القادرون على إحداث تغيير إقتصادي وإنساني كبيرين في اليمن وهم الأكثر قرباً منها جغرافياً و ثقافياً .

ولعل التفكير في انضمام اليمن إلى محيطه الخليجي سيشكل مرشال عمل تنموي لا يهيء اليمن للعضوية فحسب ولكنه سيقضي على تسلل الأفكار الرجعية التي شكل الفقر واليأس حاضنة لها .

الموقف الدولي والأممي الصادق الذي يخلو من توظيف الأحداث واستثمارها للمصالح الدولية المتصارعة يعد عامل النجاح التالي للموقف الخليجي وهو ما يمكن الوصول اليه أو فرضه بوحدة القرار الخليجي واليمني معاً .

موقف القوى السياسية والحزبية والتكتلات الناتجة من آثار الأزمة هو موقف رافع للنجاح وأساسي في جلب المناصرين وحشد المجتمع وعلى الرغم من حديث حول صعوبة الحصول على رؤية واحدة من متصارعين سياسيين نشب الخلاف السياسي و الايدلوجي بينهم منذ العام 90 و 94 م و 2011م وحتى 2014م لكن الاختلاف في الرؤى هو في واقعه ظاهرة صحية إن وجدت عقلية تقبل الرأي الأخر وتقديم المصلحة الوطنية على المصالح الأخرى وهو ما يمكن أن يحول الصراع إلى آلية التنافس السياسي المتعارف عليها دولياً في الدول الديمقراطية ونبذ الاسقاطات والتصنيفات والأحكام المسبقة ضد الأخرين ، ومن المعتقد أن يسهم الرعاة للمشاورات في إحداث هذا التقارب .

موقف القوى المدنية والأهلية والقبلية يعد من الأولويات الصانعة لنجاح المشاورات كون هذه القوى هي الخلفية الضامنة لحماية المجتمع من صراعات السياسيين وتلعب دوراً هاماً في الحفاظ على قيم المجتمع وإبقاء عاداته الأصيلة الضامنة لتماسكه وسط كل الازمات.

موقف الإعلام ووسائله المتعددة القديمة والجديدة ؛ وقد تركت الحديث عنه للأخير رغم هيمنته على المواقف السابقة حتى لا يحسب للكاتب تحيزه نحو مهنته لكن دونما شك إن كانت الحرب على قبحها بدايتها كلام (إعلام) فنهايتها سلام يصنعه الإعلام . الإعلام هو المسؤول عن حرث الأرض وزراعة القناعات وتهيئة المناخات لحصيلة الجهد المبذول في المشاورات وعليه وعلى منتسبيه ورواده وهواته أن يدركوا حجم المسؤولية وعظمها في دورهم في إنجاح المشاورات .

إن مؤتمر الرياض 2015 م واتفاق الرياض 2019 م هما نتاج جهد كبير بذلته المملكه العربية السعودية لانهاء معاناة اليمن ورأب التصدع بين أبنائه لكن التنفيذ للاتفاقات خاض مرحلة تجاذب و تأويلات من قبل السياسيين مما بدد كثيرًا من الآمال التي علقت على مخرجات المؤتمر والإتفاق وهو ما ينبه إليه اليوم المجتمع المتعطش للحياة الكريمة والمتأمل أن تكون هناك ضمانات مؤكدة لتنفيذ الاتفاقات وجدولة آلية لإنجاح مساراتها بمعزل عن التأويل والتحليل الذي قد يجعل الجهد المتعوب عليه ناقصاً في طريق الحل .. المشاورات اليمنية - اليمنية تشكل قارب النجاة لأحلام كثيرة وبسيطة تبحر وسط أمواج متلاطمة وتنتظر الوصول إلى شاطيء الأمان فهل ينجح التعاون الخليجي في إنقاذ الأحلام المجتمعية من الغرق ؟

مشاهدة المزيد