هاكان من سوريا يتوعد : لا يمكن التسامح مع سلب إسرائيل للأراضي السورية شابة سعودية حذرت سلطات ألمانيا من منفذ حادثة الدهس العثور على أحد الضباط اليمنيين المفقودين من أصل سته آخرين بعد خروجه من معتقلات الاسد وهو في وضع شبه منهار عاجل : قوات المقاومة المشتركة تدك مواقع المليشيات الحوثية بالمدفعية وتسقط مسياراتها جنوب اليمن مليشيا الحوثي تتجاهل جثامين ضحايا القصف الإسرائيلي بميناء الحديدة دون انتشالهم وزير الأوقاف يرأس اجتماعا لمجلس المعهد العالي للتوجيه والإرشاد وفاة القيادي البارز في الإخوان المسلمين يوسف ندا ...مهندس استعادة جزر حنيش اليمنية هل ينجح أردوغان في حل الخلاف بين السودان والإمارات.. وماهي فرص نجاح الوساطة التركية؟ أول دولة أوروبية تتخلى عن ميليشيات قسد المدعومة امريكيا وتقف في صف تركيا الجمارك في سوريا تلغي 10 قرارات أرهقت المواطنين خلال نظام الأسد.. تعرف عليها
*تمهيد*
" يدل استقراء تاريخ عدد من الحضارات على أن روح البطولة والشهادة مؤشر على ميلاد حضارة جديدة. فإذا رأيتَ أمة تبذل الشهداء بسخاءٍ فاعلم أنها في فجْر حضارتها، وإذا رأيتَ أمة تبخل بالشهداء فاعلم أن حضارتها في إدبار.
وهذا الذي يطَمْئن على مآلات الصراع بالوطن العربي''عموما واليمن خصوصا''. ولو أننا أردنا أن نصوغ نظرية في ميلاد الحضارات فلن نجد معيارا أدقَّ من معيار السخاء بالشهداء.
وقد وُلدت الحضارة الإسلامية في بطحاء بدر، وعلى سفح أحُد، أما العلوم والفنون التي ازدهرت فيما بعدُ في ربوع بغداد ودمشق وقرطبة وسمرقند..
فهي ثمار تلك البذرة التي روَّتها دماء شهداء بدر وأحُد. فالشهداء عملة صعبة نادرة في التاريخ، وهم ضرورة لتسوية النتوءات القبيحة في حياة الأمم، وفتْح الثغرات في الطريق المسدود أمام ميلاد حضارتها. بل يمكن القول إن الحضارة يشق طريقَها الشهداءُ الذين يُعطون ولا يأخذون، ويضع أسُسَها المفكرون والعلماء الذي يُعطون ويأخذون، ويفرِّط فيها الأمراء الذين يأخذون ولا يُعطون.
وما يميز حروب الشهداء هو أنها حروب حول معنى الحياة، وموازين العدل والظلم، ومعايير الخير والشر، وليست حروبا من أجل المكاسب المادية، فلم يكن طالب الخلود قط حريصا على مغانم فانية. وربما كان ذاك ما قصده الفيلسوف الجزائري مالك بن نبي إذ كتب "إن الأبطال لا يقاتلون من أجل البقاء، بل في سبيل الخلود". وهذا النمط من الحروب حول معنى الحياة هو الذي يغيِّر وجْه الحياة، بخلاف الحروب على المكاسب المادية مهما كانت شرسة. فغزوات بدر وأحُد والخندق في العصر النبوي لم تكن -بمعايير التاريخ العسكري- سوى مناوشات بسيطة بين جيوش صغيرة في صحراءَ جرداءَ.. لكنها بموازين تاريخ الحضارة حروبٌ غيرتْ وجه الأرض ومسار التاريخ". نُقل بتصرف من مقال د.محمد المختار الشنقيطي. *الشهداء* : هم عنوان التحول الكبير والتغيير الجذري في حياة الأمم والشعوب، قاموا بالواجب المقدس نضالا وتضحية وفداءً، وتجاوزوا استحقاق قيامهم بواجبهم تجاه شعبهم وأمتهم، وتكاد نبضات قلوبهم وخلجات أفكارهم وأحاسيسهم لاتتوقف عن النضال في أرض الوطن حتى تحلق أرواحهم في سماءه، ولا أبلغ من أبياتٍ للشهيد الزبيري أبي الأحرار رحمه الله وهو يعبر عن حبه وتعلقه بوطنه: وهبني أمتطي عنق الثريا...
واملكها وأُرهقها ركوبا. وتسبح في فضاء الله نفسي... أوجهها شروقا أو غروبا. إذا لوجدتُني في النجم أحيا...
هجين العرق مبتورا غريبا.
وراحت فطرتي تلوي بعنقي..
إلى وطني وتنشدني الهروبا.
أغار من الحصى وأقول شوقا...
لطوب الأرض في صرواح طوبا.
وعبارات من حوار بين العزي محمود والحورية لميس في سماء الشهداء الحمراء براويته"واق الواق" تقول: "غير أنه تقرر-بصورة قاطعة،لاتقبل النقاش- أن الشهداء ومبادئهم وأهدافهم المحددة ومثلهم العليا التي ضحوا لأجلها.
كل تلك الإعتبارات هي صاحبة الحق الأول لتقرير مصير اليمن،على النحو الذي يقرره الشهداء أنفسهم،ومادمت انت القائل "إنما يملك التراب شهيده" فإني لا أشعر بالحرج إذا صارحتك أني لن أسمح حتى لك أنت،بالتسلل إلى وطنك إلا بأن تذهب بجسدك الحي وتقضي في ترابه شهيدا. العزي محمود: إنني أُذعن لقدسية الوفاء نحو الشهداء،غيرَ أنهم لا يستطيعوا أن يسيّروا حركة الشعب،وهم وراء الحياة. الحورية لميس: هناك مبادئهم وتراثهم النضالي وأهدافهم المعروفة لديكم، فإن كنتم على صلة بالوفاء لهم فارجعوا إلى تلك المقدسات ولاتحيدوا عنها.
" نعم إنه الوفاء لهذه المقدسات التي تخلد ذكرى الشهداء في الذاكرة الوطنية وفي سياق التخليد للنضال الوطني بشموله وامتداده. *شهداء الوطن والجمهورية*
أول خطوة لتخليد الشهيد في الذاكرة الوطنية هو تخليده في سياق مشروعه الوطني المقدس الذي ضحى من أجله، وبمجرد حمله لراية هذا المشروع فقد تجاوز الإطار المناطقي والجغرافي والفئوي الذي جاء منه، والتصق بمشروع اليمن الجمهوري شمولا وامتدادا، وهو ينافح ويكافح من أجل شعبه، فهو فارس اليمن، وبطل الوطن، وفدائي الجمهورية والحرية والكرامة، وتُذكر منطقته وأسرته للتعريف لا ليُنسب إليها كبطل أو شهيد. وبعد قضاءه شهيدا على ثرى اليمن الطاهر من المؤسف أن يُختزل في منطقته، أو أسرته،ويكتب على صوره، ولافتاته، واعلان خبر استشهاده، "شهيد منطقة كذا... أو قبيلة كذا... أو حزب كذا... أو أسرة كذا.. ".
إذ لاينبغي أمام جلال موقف الشهيد ومرتبة الشهادة، إلا أن نُطلق عليه شهيد الوطن والجمهورية، شهيد الشعب، شهيد الحرية والكرامة. ويجب على الجهات المختصة وفي مقدمتها دائرة التوجيه المعنوي: أن تضطلع بمسؤوليتها تجاه هذا الخلل الكبير الذي يقلل من مكانة الشهيد ،ويسيء إلى نضاله بإخراجه من سياق المشروع الجمهوري الكبير إلى إطار مناطقي أسري قد يتحول في مرحلة ما إلى وسيلة استرزاق لذويه ومنطقته على حساب مبادئه ورصيده النضالي الذي قضى شهيدا في سبيل الله من أجلها.
. مشروع تخليد لا ذكرى موسمية
جميل هو إحياء ذكرى الشهداء بل واجب لكن: وكون المعركة لم تكتمل بعد حتى استعادة مؤسسات الدولة وقطع دابر انقلاب خرافة الإمامة، يتم دفع تكاليف حملات وبرامج الذكرى للشهداء وخاصة القادة رحمهم الله جميعا إما من نائب الرئيس أو وزير الدفاع أو رئيس هيئة الأركان أو محافظ أو مأرب، بصورة انتقائية تكرس المناطقية والفئوية وتتجاهل آخرين لأنها تتعاطى مع الإحراج اللحظي حسب نفوذ وعلاقة أهل ومنطقة الشهيد لا مكانته ومنزلته. ومن جهة أخرى فإن المضمون الفكري لإحياء ذكرى الشهداء الأبرار رحمهم الله جميعا تتفاوت حسب مستوى القائمين على الحملة أو المقيمين للفعالية، وفي الغالب يَنزع ذلك العقل الفردي أو الجزئي إلى استدعاء مصطلحات وعبارات وسلوكيات تسهم في إعادة انتاج المفاهيم الجهوية والمناطقية والفئوية التي تخرج الشهيد من سياق المشروع الجمهوري الكبير شمولا وامتدادا إلى إطار مناطقي أسري ضيق . ومن نتائج هذا التصرف أيضا على المدى البعيد المتوسط هو العمل على صناعة صورة نمطية سلبية عن الجيش الوطني تُسهم تلك الصورة التي تُرفع موسميا لكل شهيد في صورة غير مكتملة تكرس مفاهيم المناطقية والجهوية و.....
وتشتت الرؤى والأهداف الجامعة للمشروع الوطني عموما. وأمام هذه الظواهر التي يجب أن نضع لها حدا عبر منهجية واضحة لتخليد ظاهرة الشهداء رحمهم الله في سياق المشروع الجمهوري الكبير شمولا وامتدادا لتصبح محركا استراتيجيا دافعا لحركة الحياة. أمام هذه الظواهر تظهر أصوات تنادي بتوقف إحياء ذكرى الشهداء، وهذه الأصوات هي التي يجب أن تتوقف وتلتزم الصمت، سواء كان صوتها عن غياب إدراك بأهمية تخليد ذكرى الشهداء، أوأنها امتداد مبكر لسلوك خرافة الإمامة الهاشمية التي تحرص في مراحل الصراع التاريخي مع اليمنيين على تغييب الذاكرة التاريخية الوطنية بتغييب الرموز الوطنية ليتسنى لها إعادة إنتاج نفسها في فراغ تيه الهوية والانتماء والحلقات التاريخية المفرغة.
*بين يدي مشروع شامل*
يجب على دائرة التوجيه المعنوي بالتعاون مع دائرة الرعاية الإجتماعية بالجيش ووزارة الإعلام ومكاتبها بالمحافظات أن تتبنى برنامج تخليد وطني شامل للشهداء جميعا ونضع بين يدي هذا المشروع بعض الأفكار:
*مهرجان سنوي للشهداء يحضر فيه الفن بكل مجالاته والشعر بكل أنواعه والدراما والمسرح والرواية والتعبير والتجسيد والتجسيم. *اطلاق اسماء الشوارع والمنشئات وقاعات الدراسة والتدريب والنوادي والمدارس والحارات والفنادق والمؤسسات والمحلات بأسماء الشهداء القادة ضمن خطة شاملة.
*تسمية المواليد بأسماء الشهداء وهو توجه اجتماعي ويذكر المسمى بدلالة الإسم على مدار العمر. هذه بعض أفكار افتتاحية ضمن مشروع شامل لتخليد الشهداء مطروحه للجهات الرسمية والشعبية لإثراءها والخروج بمشروع وطني للتنفيذ بهذا الشأن.
في الوقت الذي يتعين على دائرة التوجيه المعنوي للقوات المسلحة ومعها المؤسسات المعنية أن تتحمل المسؤولية في هذا الموضوع وتقدم مشروع وطني شامل لتخليد الشهداء في الذاكرة الوطنية الجمعية وانهاء مظاهر حضور الشهداء في ذكرى موسمية في اطار مناطقي أسري جهوي أو نستبهم لها.
*شكرا جزيلا لفعاليات إحياء ذكرى الشيخ ربيش والعميد شعلان وأربعينية اللواء الذيباني والعميد الشرعبي رحمهم الله جميعا بتحسن ملحوظ عبر دائرة التوجيه المعنوي، خرج فيه الإحياء عن البعد المناطقي والجهوي إلى الحضور في سياق المشروع الوطني، ولكنها لم ترقَ إلى المستوى اللائق بالشهداء والمطلوب للمشروع الوطني.