أكفان الموت لا تصلح ثياباً للحياة
بقلم/ محمد المقبلي
نشر منذ: 5 سنوات و 10 أشهر و 3 أيام
الأحد 10 فبراير-شباط 2019 05:23 م
 

تحمل جماعة الحوثي ثقافة فاشية تقدس الموت والكهنوت تحت لافتة التفسير العنصري للموروث الديني وتظهر كثقافة مضادة للثقافة اليمنية الحديثة القائمة على تقديس الحرية والحيوية. والواقع يقول إن المقاومة الثقافية العقلانية تسير باتجاه التقويض الهادئ للثقافة الفاشية القائمة على التعبئة مكفوفة العقل.

المقاومة اليمنية الحضارية التي تتنامي كل يوم وتتوسع كخيوط الصبح تؤكد أن حيوية الشعب لا يمكن لها أن تتصالح مع أكفان الموت وثقافة الموت التي لا تصلح ثياباً للحياة لا تصلح لليمنيين باعتبارهم كيان حي يتحرك في قلب الحياة.

كما أن الدوائر الشعبية الحية التي تلتحق بدائرة اليقظة كل يوم تدرك أن الاستمرار في الغيبوبة لم يعد ذات جدوى إلا باعتبار الغيبوبة المتعمدة نكتة سامجة بالغة الخطأ، والتملص من الاستجابة لنداء الفطرة اليمنية القائمة على رفض الإخضاع والإستلاب للوجود اليمني ومساحة الحق العام من الهوية إلى السلم الاجتماعي إلى دولة المواطنة إلى الركائز السياسية الثلاث لليمنيين: النظام الجمهوري، والوحدة، والديمقراطية.

في كتاب قضايا يمنية أشار ضوء الذات اليمنية عبد الله البردوني إلى أن الذات اليمنية ذات حيوية مقبلة على الحياة وأن إسطوانات الموت والركود لا تناسب كينونة الذات اليمنية باعتبارها ذات حيوية تلتف حول نداء الحياة والحرية أكثر من التفافها حول أي شيء آخر وأكد ان أكفان الموت لا تصلح ثياباً للحياة.

واللافت أن انطلاقة التحولات للذات اليمنية الجديدة في 11 فبرايرالتي شكلت امتداداً طبيعياً لتراكم سبتمبر واكتوبر و22 مايو أفصحت عن نداء الحياة من اللحظة الأولى لانطلاقتها كما أيقونة الشابي "إذا الشعب يوماً أراد الحياة" نداء مناهض لثقافة الجمود والموت كما يندد النداء الصباحي بالليل والقيد والمعيقات التي تقهر الإنسان والوطن وتعيق حركته وتطمس ملامح ذاته الوطنية الإنسانية.

اليمني ذلك الطروب شديد التناغم مع الحياة والطبيعة يهتز مع كل نداء حي يحسسه بذاته وفطرته كما كان يتقافزفي المظاهرات السلمية الشاب الذي يرسم على صدره علم بلاده في ساحات الحرية ولايتوقف عن التصفيق والهتاف لليمن وللثورة والحرية. بالمقابل لا يتوقف المزارع في وادي دوعن ووادي بنا وخولان عن المهاجل وتعمير المدرجات في السهل والجبل، وعندما يمد كفه ليمسح العرق من على جبينه القمحي لا يكف عن الابتسامة كإشارة على التصالح مع الحياة.

الصياد أيضاً عندما يبرم تحالفات مسائية مع البحر هو يعبر عن الحياة.. والبحر لايقبل إلا حياً، يعود إلى صيرة يفرغ حمولته من على القارب ليضع في المصيد أسماكاً طازجة تنبض بالحياة.

الحركة اليومية لصباحات طلبة المدارس والجامعات والموظفين والعمال تجسد الرغبة في الإلتحاق بالحياة العصرية التي تدفعها دواخل كينونة الذات اليمنية كذات إنسانية تؤثر وتتأثر بحركة الزمن وتضيف ويضاف إليها.

ذلك أن ثقافة الحياة والحرية هي السمة البارزة في الشخصية الجمعية للإنسان اليمني ككينونة فردية وذات يمنية وأرض ثرية تدب في أعماقها طاقة الحياة المادية من الماء إلى النفط إلى المعادن النفيسة إلى الذاكرة الحضارية التي طمر بعضها تحت الأرض ككنوز وآثار ربما تكون مخاوف اليمني من طمس ذاته اليمنية هي من أجبرته على عمل ذلك، أن تكون في باطن الارض خير من أن تكون في يد الطغيان الماحي.

اليمني كائن حي حركي وقلق هاجر للبحث عن الحياة خارج وطنه الذي كان يشكل له روحه الداخلية وإن كان قد غادره فيزيائياً.

كل ما سبق إشارات لملامح الذات اليمنية التي لا تتعايش مع ثقافة الجمود والموت والإخضاع التي تتعاقب بين فترة وأخرى تريد أن تفرض أكفان الموت كثياب للحياة والتخلف كبديل للعلم والسلاح كبديل للقلم وتصادر حق الشعب لتنسج كفن جديد من الاستبداد باسم الحق الإلهي.