أزمة الأمة .. حاكم وعالم .. فمتى يتفقان ؟
بقلم/ ابو الحسنين محسن معيض
نشر منذ: 14 سنة و 6 أشهر و 8 أيام
الأحد 06 يونيو-حزيران 2010 11:21 ص

الآمة المسلمة صاحبة الريادة والقوة .. صارت في ذيل القائمة وعنوانا للعجز والمذلة ..آمة الحضارة والعزة.. صارت مستباحة الكرامة قليلة الحيلة والفتيلة .. ماذا حصل وما الذي صار .. ما الذي ينقصنا لنعيد مجدا أضعناه بأيدينا بعد أن صنعناه بأخلاقنا وقيمنا وان لزم الأمر بسيوفنا .. ما هي أزمتنا الحقيقية .. حب الحياة وكراهية الموت .. أم انهزامية وضعف ثقة .. أم هي سنة الله في الأرض في إتباعهم شبرا بشبر .. وبوقفة بسيطة مع سببين من أسباب العزة والتمكين .. سببان يقودان الأمة إلى المجد والقوة .. هما ما افتقدناهما اليوم وعدم وجودهما أو عدم توافقهما سبب الأزمة الحالية التي أودت بنا إلى هذا المآل الحقير.. وإلا فان الشعوب المسلمة متحفزة متعطشة للموت في سبيل الله .. متواجدة بقوة مع الأحداث .. متألمة متفاعلة مع نكبات المسلمين ومصائبهم .. وحب الله ورسوله متمكن في هذه الأمة الصابرة .. وأسباب النصر متوفرة من مال وسلاح ورجال .. رجال أصحاب عقول عسكرية ليست بالهينة ولا بالدنيئة .. فماذا بقي لنا .. بقي العنصران الفاعلان .. بقي الركنان المتنافران أحيانا والمسيطر أولهما على ثانيهما أحيانا فصار يدور في مداره خاضعا .. ركنان وعنصران إن توافقا فابشروا بنصر من الله وعزة .. هما سبب أزمة الأمة الإسلامية اليوم .. أزمتنا .. حاكم وعالم .. بدراسة التاريخ نجده يتجلى جليا قوة هذا الثنائي إذا كانا على وفاق وسداد ..لقد قادا بتوافقهما الأمة إلى انتصارات متتالية واستقرار اجتماعي ونمو تجاري ونهضة علمية وإبداعات عملية .. كان كل واحد منهما يكمل الآخر ..عمر بن عبد العزيز ورجا بن حيوة ... ابن تيمية وحرب التتار.. قطز المملوكي والعز بن عبد السلام .. قتيبة بن مسلم يبحث عن محمد بن واسع ويعتبر أصبعه المسبحة خيرا من ألف فارس طرير .. صلاح الدين يقصد لقاء العدو في يوم الجمعة عند الصلاة تبركا بدعاء المسلمين والخطباء على المنابر .. نشوء الدولة السعودية والشيخ محمد بن عبد الوهاب وغير ذلك كثير ..

حاكم :

يحكم بكتاب الله وسنة نبيه يقيم الحق والعدل ويرعى مصالح العباد وتطوير البلاد لا يخاف في الله لومة لائم.. جبار على المعتدين .. رحيم ودود مع المستضعفين المساكين .. لا يحتجب دون الناس .. ولا يكون ذيلا لأحد .. يحمي عرين الإسلام ويدفع عن أهله الصائل المعتدي المقاتل .. يشعر بثقل مسئوليته تجاههم .. ويرفع شعار العدل .. القوي عنده ضعيف حتى يأخذ الحق منه والضعيف عنده قوي حتى يأخذ الحق له إذا رأيته بين الناس حسبته مواطنا .. وإذا رأيته بين الحكام علمت انه القائد الفذ .. يستشير أهل العلم والحل والعقد .. ويستخير الله في أموره.. الناس عنده سواسية كأسنان المشط .. محافظا على أصول الدين .. يخشى الله في السر والعلن .. يقسم بالسوية ويعطي بالرضية ولا يقرب أهله وذويه لمناصب ومراتب ولا يمنحهم إلا ما يمنح مواطنا سواء بسواء .. يأخذ بأسباب تطور العصر ومخترعاته في شتى مجالات الحياة ويشجع العلم ويهيئ للشباب أسبابه هل من حاكم فينا اليوم هكذا ؟!

وعالم :

رباني ..تقي ورع .. فذ في تخصصه ومجال علمه ..إذا رأيته هبته .. وإذا جالسته أحببته .. وان سايرته أنسته .. تراه قائما في محرابه ومكتبه ومختبره وبين تلاميذه ذاكرا شاكرا مخلصا في أداء عمله متقنا أسباب مهمته .. تجده حيث يحب الله إن يراه .. في الحق لا يخاف لومة لائم .. فتواه وخطابه ومقالته وبحثه العلمي مرضاة لله ورسوله ودرء مفسدة وجلب مصلحة يحرك الأمة إن أحاط بها خطر .. ويدعو للخير عند حدوث الشر .. لا يترك الصغيرة تكبر وتتعاظم فان عظيم النار من مستصغر الشرر .. ويقوي العزائم عند اليوم المشهود .. صوته وقلمه ودرجته ومكانته توازي في الشدائد كتيبة جنود ..يبذل النصح والمشورة لحاكم ومواطن .. يتحرى الصواب ويبتعد عن الهوى ..ولا يتعصب ويتحزب إلا في الله رب العلى ..ولكن اليوم كثير من العلماء والمفكرين لديهم انهزامية وانطواء هذه الانهزاميات في الفكر والتوجه لن تصنع لنا أمة تحمل شعار ( الإسلام هو الحل ) ولن تحرر شبرا من أرضنا المحتلة , وهناك حكام وظفوا بعض العلماء ليتحدثوا بما يرونه .. أن تحدث عن الصلاة وهو أمر مطلوب بل واجب , لكن إياك أن تتكلم عن العدو اليهودي الأمريكي الذي أستباح كرامتنا .. تكلم عن الخلافات الفقهية ولكن احذر الخوض في الخلافات الحكومية أو العربية .. هاجم المخالفين ولكن لا تقترب من عرشنا .. انشغل مفكرونا وفقهائنا وعلمائنا برضاع الكبير .. وسياقة المرأة وزواج الصغيرات وسجود اللاعبين .. وللقدس رب يحميه ..

والواقع فعلا مرير .. فلا الحاكم استشار العالم ولا علم هو شيئا من أحكام الدين والمعالم بل اتخذهم أعداء ومنافسين ومحادين له ولسياسته .. فقاطعهم وأذاهم .. وكان على وجل منهم .. وان وصلته تقارير مغرضة أودعهم السجون .. وبعض الحكومات رسمت لهم صورة وغرستها في عقول الناس أنهم أهل فتنة ودمار وفي أفلامهم يصورونه مسخا كسولا أشعبيا ..ومحل سخرية الصغار والكبار .. والعالم ابتعد عن أداء دوره العظيم في التوجيه والنصح السليم .. فحصر نفسه في المنبر والمحراب وإلقاء دروس الفقه في النكاح والنفاس واحتفل بمولدٍ وجمع له الناس .. وترك أبوابا لم يلقها بحجة دفع اللوم والعتاب .. وللدين ولفلسطين وللأمة المنكوبة رب الأرباب ...

الخلاصة :

صار كل منهما يدفع العربة في اتجاه مختلف .. فصار الحال كما هو عليه .. لا تقدم ولا تطور ولا أمان ولا استقرار ولا عزة ولا كرامة ..

تضع أمرآة الأمريكان رجلا على رجل أمام ولاة أمرنا وتكاد تلامس بطرف حذائها أنوفا شامخة لحكامنا !! تعرف الشموخ فقط على شعوبهم المساكين.. ويذهب عالمنا ليسلم مبتسما على من يده ملطخة بدماء أطفالنا ونسائنا ..وربما أفتى بتقارب الأديان وصلاحية اليهودية والنصرانية لهذا الزمان أكثر من دين الإسلام .. وبأن علم الجهاد في فلسطين غير واضح المعالم والبيان ..وخذل الأمة المتوقدة وأرضى الحاكم وأمريكان وما أرضى بقوله الملك الديان فالله الله إن وجد الحاكم العالم والعالم الحاكم .. وكيف إن اتحدا في رسم الطريق والسير فيه بهمة ووئام .. تخيل معي خطيب الحرم يعلن في خطبة جمعة على مسمع العالم أن حي على الجهاد ويؤيد خطبته كبار العلماء والحكام .. ألن ترتجف وتنخلع قلوب الظالمين الصهاينة ؟ ألن تتحرك الأمة تحت راية موحدة ؟ ألن يتحقق نصر الله ؟ ألا ليت الحاكم ينزل من ظهر العربة ويمسك باللجام ويسير بها للأمام .. وان يتوقف العالم عن الدفع بعكس اتجاهها أو التفرج بسلبية عليها وليتعاونا في السير بها نحو الهدف المرسوم .. سيقول كثيرون جن الرجل وتأثر عقله وتكدر بما قد رآه في الأيام الماضية.. أي إعلان يطالب به وأي حاكم وعالم هكذا يحلم بوجوده ..فما نعرف إلا إعلانات الشجب والتنديد .. والوعد والوعيد ..ولكني أقول لا يأس أيها الأخ الحبيب فسيأتي حتما هذا اليوم الأكيد وهو غير بعيد..

وان غدا لناظره لقريب.