القائد أحمد الشرع يتحدث عن ترشحه لرئاسة سوريا أميركا تطلب من عُمان طرد الحوثيين من أراضيها مؤشرات على اقتراب ساعة الخلاص واسقاط الإنقلاب في اليمن.. القوات المسلحة تعلن الجاهزية وحديث عن دعم لتحرير الحديدة تعرف على ترتيب رونالدو في قائمة أفضل 100 لاعب في العالم قرار مفاجئ يفتح أبواب التحدي في كأس الخليج تقارير حقوقية تكشف عن انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية الكشف عن ودائع الأسد في البنوك البريطانية..و مطالبات بإعادتها للشعب السوري ماهر ومملوك والنمر وجزار داريا.. أين هرب أبرز و كبار قيادات نظام الأسد الجيش السوداني يُعلن مقتل قائد لقوات الدعم السريع في الفاشر إيران تطالب الحكومة السورية الجديدة بتسديد 30 مليار دولار ديون لإيران قدمتها لبشار
أود أن أضع بين يدي القارئ في هذه التناولة جهود عدد من الباحثين المعاصرين في تحقيق قصة زواج أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تحقيقاً علمياً يفند الرواية الشهيرة التي تحدد سنها حين زواجها بتسع سنوات ، وللأمانة العلمية أود التأكيد أن جهودي في إعداد هذا المستخلص لم تتجاوز الاستخلاص والتأكد من بعض المعلومات من مصادرها والمقارنة بين هذه الدراسات التي تصدت لمواجهة هذه الرواية التي تلقفتها بعض الدوائر المسيحية الحاقدة حديثاً وروجها بعض المستشرقين قديماً فاستفزت الغيرة عدداً من الباحثين للدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحاولوا تفنيد رواية زواجه بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وهي قاصرة بمنطق الأرقام ومراجعة التواريخ، ونقدوا سند الروايات التي روي بها أشهر الأحاديث الذي جاء في البخاري ومسلم، وعلى رأس هؤلاء الباحثين المفكر الكبير عباس محمود العقاد في كتابه الصديقة بنت الصديق و الداعية خالد الجندى والدكتورة السعودية سهيلة زين العابدين عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين و الشيخ عدنان ابراهيم والباحث إسلام بحيري وغيرهم.. اعتمدت هذه الدراسات على مصادر السيرة والتاريخ الإسلامي كالبداية والنهاية لابن كثير والكامل وتاريخ دمشق،و سير أعلام النبلاء و تاريخ الطبرى وتاريخ بغداد ووفيات الأعيان وغيرها. كما اعتمدت على كتب الجرح والتعديل والمنهجيات الحديثة في نقد الروايات.
وحسب علمي فإن أول من تصدى لتفنيد هذه الشبهة هو المفكر الموسوعي عباس محمود العقاد في كتابه الخاص بسيرة السيدة عائشة رضي الله عنها «الصديقة بنت الصديق» ومن الغريب أن صحفياً مصرياً يدعى إسلام بحيري نشر مقالة في صحيفة اليوم السابع المصرية العام الماضي في 15/7/2008 لتنفنيد رواية السن المشهور لزواج السيدة عائشة دون أي إشارة للعقاد والأغرب أن المفكر المشهور جمال البنا كتب مقالاً العام الماضي في صحيفة المصري اليوم في ت 13/8/2008 تحت عنوان (صحفي شاب يصحح للأئمة الأعلام خطأً ألف عام) واعتبر البنا دراسة إسلام بحيري أول دراسة تتصدى لهذه الشبهة والأكثر غرابة أن تنبري شخصية أكاديمية كالدكتور محمد عمارة- وهو غير المفكر المشهور- لمهاجمة جمال البنا وإسلام بحيري باعتبارهما أول من بدأ بمحاولة نقد هذه الرواية مع أني شخصياً كنت قد نشرت في ملحق الوسطية في صحيفة الجمهورية في تاريخ 2542008م مستخلصاً لهذه الدراسات قبل أربعة أشهر من نشر مقالي إسلام بحيري وجمال البنا وقد اتضح لي مؤخراً أن العقاد سبق جميع الباحثين بأكثر من نصف قرن ومع أن عباس محمود العقاد أشهر من نار على علم فمن الغريب أن نجد مفكرين مصرين معاصرين أمثال جمال البنا ومحمد عمارة يجهلون السبق العلمي للعقاد في التصدي لمواجهة هذه الشبهة من شبهات المستشرقين .
وفي أول تعليق للعقاد على سن عائشة حين زواجها بالرسول عليه السلام يقول العقاد: «ولا يعرف على التحقيق في أي سنة ولدت عائشة رضي الله عنها ولكن أقرب الأقوال إلى الصدق وأحراها بالقبول أنها ولدت في الحادية عشرة أو الثانية عشرة قبل الهجرة فتكون قد بلغت الرابعة عشرة من العمر أو قاربتها حين بنى بها الرسول عليه السلام» (ص 32 الصديقة بنت الصديق الطبعة الثانية عشرة دار المعارف) وفي معرض ثنائه على أم المؤمنين عائشة واعتزازها بذاتها وافتخارها بحداثة سنها يقول العقاد:” وإذا ذكرت مناسبة للسن فليس أحب إليها من أن تقول وكنت جارية حديثة السن أو حدث ذلك لجهلي وصغر سني وربما راقها أن تختار من الروايات التي ذكروها لها عن سنها أقرب تلك الروايات إلى التصغير وأولاها أن تميزها عن زميلاتها بميزة الشباب”(ص31) ويفسر العقاد اختلاف أصحاب السير في تحديد تاريخ ولادة عائشة وتاريخ زواجها بقوله:
«وتختلف الأقوال في سن السيدة عائشة يوم زفت إلى النبي عليه السلام في السنة الثانية للهجرة فيحسبها بعضهم تسعاً ويرفعها بعضهم فوق ذلك بضع سنوات وهو اختلاف لا غرابة فيه بين قوم لم يتعودوا تسجيل المواليد إذ قلما يسمع بإنسان رجلا كان أو امرأة في ذلك العصر إلا وكان له تاريخان أو ثلاثة لميلاده أووفاته أو زواجه وقد يبلغ الاختلاف بين تاريخ وتاريخ في تراجم المشهورين فضلا عن الخاملين عشر سنين» (ص50) ويرجح العقاد أن السيدة عائشة كانت لا تقل عند زفافها إلى النبي عليه السلام عن الثانية عشرة ولا تتجاوز الخامسة عشرة بكثير.
ويستدل العقاد على ترجيحه هذا بما جاء في طبقات ابن سعد أنها خطبت ابنت تسع وأن زفافها كان بعد ذلك بخمس سنوات على أرجح الأقوال،ويستدل أيضاً بما جاء في السير بروايات حسنة وبعضها صحيحة أنها كانت مخطوبة لجبير بن المطعم بن عدى الذى ظل مشركاً على دين قومه حتى السنة العاشرة للهجرة ويستبعد العقاد أن يكون أبو بكر قد وافق على خطبتها لرجل مشرك وهو مسلم إلا إذا كانت هذه الخطبة قبل إسلامه وهذا يعني أن عائشة ولدت قبل البعثة ويرجح العقاد ما ذهب إليه بما ورد أن السيدة خولة بنت حكيم اقترحت على النبي الزواج بعائشة بعد أن أشفقت عليه من الوحدة فيستبعد العقاد أن تكون اقترحت له هذا الاقتراح وهي تريد له أن يبقى في حالة الوحدة أربع أو خمس سنوات جديدة.
ويؤكد العقاد تفسيره لما روته عائشة عن تاريخ زواجها بقوله “أنها كانت تسمع تقديرات عمرها ممن حولها لأنها لم تقرأها في وثيقة مكتوبة فكان يعجبها على سنة الأنوثة الخالدة أن تأخذ بأصغرها(ص50) ويورد العقاد أقوالاً لعائشة تدل على تفاخرها بصغر سنها ويختم العقاد بالقول “ ذلك هو التقدير الراجح الذي ينفي ما تقوُله المستشرقون على النبي بصدد زواجه بعائشة في سن الطفولة الباكرة وكل تقدير غير ذلك فهو تقدير مرجوح”(ص50) وفيما يلي موجز لأهم عشرة أدلة استندت عليها الدراسات الحديثة في نقد الرواية المشهورة لتاريخ زواج عائشة.
1ـ عمر عائشة بموازاة عمر أسماء
حسب عبد الرحمن بن أبي الزناد فقد: كانت أسماء أكبر من عائشة بعشر سنوات (سير أعلام النبلاء ، الذهبي : مج 2 ص 289 ، مؤسسة الرسالة ، بيروت 1992).كما أن ابن كثير يوافق رواية بن أبي الزناد و يحكي أنها-أسماء: وهي أكبر من أختها عائشة بعشر سنين ( البداية و النهاية ، بن كثير مج8 ص 371 ، دار الفكر العربي ـالجيزة 1933).
ويتفق ابن كثير مع ما يؤكده جميع المؤرخين بلا خلاف بأن أسماء “ شهدت مقتل ابنها خلال ذلك العام (73 هجرية) كما سبق و أن ذكرنا ، و بعدها بخمسة أيام توفيت .” و على غرار روايات أخرى فإنها لم تتوف بعد 5 أيام و إنما بعد 10 أو 20 يوماً أو بعد ذلك بأيام قلائل أو حتى لمائة يوم بعد الحادث ، لتظل الرواية الأكثر ترجيحا هي وفاتها بعده بمائة يوم و هي تبلغ المائة من عمرها.( البداية و النهاية ، بن كثير ، مج 8 ص 372 ، دار الفكر العربي ، الجيزة 1933).
و يروي بن حجر العسقلاني أن “أسماء بنت أبي بكر الصديق [ذات النطاقين] زوج الزبير بن العوام من كبار الصحابة عاشت مئة سنة و ماتت سنة ثلاث أو أربع و سبعين (تقريب التهذيب ،بن حجر العسقلاني ، ص 654 ، باب في النساء ، حرف ألف).
على رأي أغلب المؤرخين فإن أسماء الأخت الكبرى لعائشة ، كانت تفوق الأخيرة بعشر أعوام و إذا كانت أسماء بلغت المائة سنة 73 للهجرة فإنه بالضرورة يكون سنها زمن الهجرة 27 أو 28 عاماً وعليه يكون سن عائشة زمنئذ 17 أو 18 عاما ، و إذا كان ذلك كذلك تكون قد بدأت العيش إلى جنب النبي وهي بنت 19 أو 20. وتأسيسا على روايات بن حجر ، بن كثير و عبد الرحمن بن أبي الزناد ، فإن عمر عائشة وقت زواجها بالنبي كان يتراوح بين 19 و20 عاماً.
فبعملية حسابية بسيطة عمر السيدة أسماء قبل الهجرة = ( 100 سنة ـ 73 سنة هجرية) = 27 سنة.
بما أن السيده أسماء تكبر السيدة عائشه أم المؤمنين بعشر سنوات.إذن عمر السيدة عائشه قبل الهجرة مباشرة وقبل زواجها من الرسول الكريم كان 17 عاما .
أي أن عمر السيدة عائشة قبل الهجره مباشرة = (عمر السيده أسماء ـ 10)= (27-10) =17 عاماً 2ـ نقد سند الحديث الحديث الذي ذكر فيه سن (عائشة) جاء من خمس طرق كلها تعود إلى هشام بن عروة، و هشام هذا قال فيه ابن حجر في (هدي الساري) و(التهذيب): «قال عبدالرحمن بن يوسف بن خراش وكان مالك لا يرضاه، بلغني أن مالكاً نقم عليه حديثه لأهل العراق، قدم ـ جاء ـ الكوفة ثلاث مرات ـ مرة ـ كان يقول: حدثني أبي، قال سمعت عائشة وقدم ـ جاء ـ الثانية فكان يقول: أخبرني أبي عن عائشة، وقدم الثالثة فكان يقول: عن أبي عن عائشة».
والمعني ببساطة أن (هشام بن عروة) كان صدوقاً في المدينة المنورة، ثم لما ذهب للعراق بدأ حفظه للحديث يسوء وبدأ (يدلس) أي ينسب الحديث لغير راويه، ثم بدأ يقول (عن) أبي، بدلاً من (سمعت أو حدثني)، وفي علم الحديث كلمة (سمعت) أو (حدثني) أقوى من قول الراوي (عن فلان)، والحديث في البخاري هكذا يقول فيه هشام عن (أبي) وليس (سمعت أو حدثني)، وهو ما يؤيد الشك في سند الحديث، ثم النقطة الأهم وهي أن الإمام (مالك) قال: إن حديث (هشام) بالعراق لا يقبل، فإذا طبقنا هذا على الحديث الذي أخرجه البخاري لوجدنا أنه محقق، فالحديث لم يروه راو واحد من المدينة، بل كلهم عراقيون مما يقطع أن (هشام بن عروة) قد رواه بالعراق بعد أن ساء حفظه، ولا يعقل أن يمكث (هشام) بالمدينة عمرًا طويلاً ولا يذكر حديثاً مثل هذا ولو مرة واحدة، لهذا فإننا لا نجد أي ذكر لعمر السيدة (عائشة) عند زواجها بالنبي في كتاب (الموطأ) للإمام مالك وهو الذي رأى وسمع(هشام بن عروة) مباشرة بالمدينة، فكفى بهاتين العلتين للشك في سند الرواية السابقة.ومن المآخذ على هذا الدليل ورود بعض الروايات الصحيحة في غير صحيح البخاري من طرق ليس فيها هشام.
3ـ تاريخ وفاة عائشة يحدد تاريخ زواجها
كما هو مذكور فى المعارف لابن قتيبة أن السيدة عائشة أم المؤمنين قد توفيت عام 58 هجرية عن عمر يناهز 77 عاما.وبالتالى يكون عمر السيدة عائشة أم المؤمنين قبل الهجرة مباشرة كان 19 عاما (77-58)وبما أن الرسول الكريم بنى بها فى العام الثانى للهجرة..إذن كان عمرها حينئذ 21 عاما .
ومن المآخذ على هذا الدليل ورود روايات أخرى في مصادر تاريخية أخرى تحدد عمر عائشة حين وفاتها ب66عام 4ـ أحاديث أخرى في البخاري تحدد عمر عائشة أخرج البخاري نفسه (باب ـ جوار أبي بكر في عهد النبي) أن (عائشة) قالت: لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله طرفي النهار بكرة وعشية، فلما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرًا قبل الحبشة)، فـ (عائشة) تقول إنها لم تعقل أبويها إلا وهما يدينان الدين وذلك قبل هجرة الحبشة كما ذكرت، وتقول إن النبي كان يأتي بيتهم كل يوم وهو ما يبين أنها كانت عاقلة لهذه الزيارات، والمؤكد أن هجرة الحبشة إجماعًا بين كتب التاريخ كانت في عام (5) من بدء البعثة النبوية ما يوازي عام (615م)، فالرواية التي وردت في صحيح البخاري والتي تدل على أحداث وقعت قبل العام الرابع من البعثة والتي روتها السيدة عائشة , تدل على أن السيدة عائشة كانت موجودة قبل السنة الرابعة من البعثة , وليست موجودة فحسب بل كانت فى قمة وعيها وإدراكها بما يمكنها من سرد أحداث قصة حدثت بهذا الشكل وهذا معناه : أنه لو فرضنا أن السيدة عائشة كان عمرها 3 أعوام فقط قبل السنة الرابعة من البعثة.وهذا مستحيل شكلا وعقلا وموضوعا .فإن هذا يعنى أن عمرها وقت أن بنى بها الرسول فى العام الثانى للهجرة لايمكن أن يقل بأى حال من الأحوال عن 15 عاما وهذا ينسف الرواية التى تقول إن عمرها كان تسع سنوات من جذورها!
بفرض أن عمرها كان 3 سنوات فقط + 12 عاما (من السنة الرابعة قبل البعثة حتى السنة الثانية للهجرة) = 15 عاما على أقل تقدير 5ـ تاريخ نزول سورة القمر يحدد عمر عائشة جاء في صحيح البخاري عن يُوسُفُ بْن مَاهَكَ، قَال إِنِّي عِنْدَ عَائِشَةَ أُم الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ لَقَدْ أُنْزِلَ على محمد صلى الله عليه و سلم بمكة ،و إني جارية ألعب [ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ] َ ُ( صحيح البخاري ، كتاب التفسير ، باب قوله :بل الساعة موعدهم و الساعة أدهى و أمر. وسورة القمر نزلت في السنة السادسة أو السابعة قبل الهجرة والرسول عليه السلام تزوجها في العام الثاني للهجرة فلو صدقنا بالرويات التي تحدد السن بتسع سنوات لكان معنى هذا أن سورة القمر نزلت وهي رضيعة لا جارية تلعب كما قالت هي في هذا الحديث الذي ورد في صحيح البخاري. ومن المآخذ على هذا الدليل عدم وجود رواية صحيحة يعتمد عليها في تحديد زمن نزول سورة القمر 6ـ نقد الرواية من كتب الحديث والسيرة:
قال ابن كثير _ رحمه الله _ في البداية والنهاية ( 3/37 ) : ((وقد سرد ابن اسحاق أسماء من أسلم قديما من الصحابة رضي الله عنهم قال ثم أسلم أبو عبيدة وأبو سلمة والأرقم بن أبي الأرقم وعثمان بن مظعون وعبيدة بن الحارث وسعيد بن زيد وامرأته فاطمة بنت الخطاب وأسماء بنت أبي بكر وعائشة بنت أبي بكر وهي صغيرة وو قال ابن اسحاق: ثم امر الله رسوله بعد ثلاث سنين من البعثة بان يصدع بما أمر وأن يصبر على أذى المشركين قال وكان أصحاب رسول الله إذا صلوا ذهبوا في الشعاب واستخفوا بصلاتهم من قومهم فبينا سعد بن أبي وقاص في نفر يصلون بشعاب مكة إذ ظهر عليهم بعض المشركين فناكروهم وعابوا عليهم.
استنتج الباحث المصري إسلام بحيري من هذه الرواية أنها تدل علي أن (عائشة) قد أسلمت قبل أن يعلن الرسول الدعوة في عام (4) من بدء البعثة النبوية بما يوازي عام (614م)، ومعني ذلك أنها آمنت علي الأقل في عام (3) أي عام (613م) فلو أن (عائشة) علي حسب رواية (البخاري) ولدت في عام (4) من بدء الوحي معنى ذلك أنها لم تكن على ظهر الأرض عند جهر النبي بالدعوة في عام (4) من بدء الدعوة أو أنها كانت رضيعة، وهذا ما يناقض كل الأدلة الواردة، ولكن الحساب السليم لعمرها يؤكد أنها ولدت في عام (4) قبل بدء الوحي أي عام (606م) ما يستتبع أن عمرها عند الجهر بالدعوة عام (614م) يساوي (8) سنوات، وهو ما يتفق مع الخط الزمني الصحيح للأحداث وينقض رواية سن الزواج المشهورة وقد وقع الدكتور محمد عمارة في خطأ فاحش في رده على إسلام بحيري فاتهم الباحث بتلفيق هذه الرواية منكراً وجودها في كتاب البداية والنهاية لأبن كثير فقال عمارة: «نقل الصحفي كلامًا من كتاب البداية والنهاية ليس له وجود أصلا فيزعم أن ابن كثير قال عن الذين سبقوا بإسلامهم: “ومن النساء أسماء بنت أبي بكر وعائشة وهي صغيرة وأخذ يستطرد ويدور حول هذه القصة الملفقة ليثبت المراد من هذا الكذب ظنًّا أن هذا الأمر لن يبحث عنه أحد، قلت: وقد رجعت إلى الموطن المشار إليه فلم أجد ما ذكره الصحفي الهمام الذي لم يجد بدًّا من الكذب على الأعلام لإظهار الخطأ الموهوم، ولم يذكر ابن كثير خبرًا فيه ذكر أسماء في السابقين إلى الإسلام فضلا عن عائشة» وفي الحقيقية لم استوعب تكذيب الدكتور محمد عمارة للباحث بهذه الطريقة واتهامه في نواياه وعدت إلى المصدر فاكتشفت الخطأ الفادح الذي وقع فيه محمد عمارة ومن الطبيعي أن يقع الإنسان في خطأ ما ولكن الغريب أن يسارع إلى اتهام النوايا دون تمحيص دقيق وعلى العموم الرواية موجودة بالفعل في البداية والنهاية .
7ـ اسلام عائشة قبل عمر ابن الخطاب
حسب مُختصر ابن هشام للسيرة النبوية لابن إسحاق فإن عائشة اعتنقت الإسلام قُبيل اعتناق عمر ابن الخطاب له مما يعني أن عمرها كان على الأقل 14 سنة وقت زفافها إلى النبي عليه السلام 8ـ حداثة هذه الشبهة إن هذه الشبهة حديثة وليست بقديمة وهذا يدل على أنها لو كانت حدثت لكانت مطعنا حقيقياً يستغله أعداء الإسلام الأول الذين بذلوا كل ما فى وسعهم للنيل من هذا الدين سواء كانوا من كفار قريش أو يهود المدينة وجميعنا يعلم الأذى الذي واجهه النبي (ص) عندما تزوج امرأة دعيّه زيد بن حارثة زينب بنت جحش.
9ـ المشاركة في معركتي بدر و أحد
في صحيح مسلم رواية تؤكد مشاركة عائشة في معركة بدر و تنسب لعائشة في معرض حديثها عن رحلتها إلى بدر و عن حادث مهم وقع أثناء السفر :” … حتى إذا كنا بالشجرة ….” و هو دليل ساطع على أنها كانت ضمن الوفد المسافر نحو بدر. ( كتاب الجهاد و السير ، باب كراهية الاستعانة في الغزوة بالكافر).
وفي صحيح البخاري رواية أخرى تؤكد لنا مشاركة عائشة في معركة أحد. «يروي أنس أنه في يوم أحد
: لقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سليم، وإنهما لمشمرتان ـ أرى خَدَم سوقهما ـ تَنْقُزَانِ القِرَبَ على متونهما، تفرغانه في أفواه القوم، ثم ترجعان فتملآنها، ثم تجيئان فتفرغانه في أفواه القوم (البخاري ، الفتح، كتاب الجهاد والسير ، باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال. رقم (2880) وهذا دليل على كبر سنها وقدرتها على خدمة الجيش أثناء غزوة أحد و هكذا يتأكد مرة أخرى أن عائشة شهدت معركتا أحد و بدر.. يروي لنا البخاري في حديث آخر عن يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ،قَال أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَن ابْن عُمَر رضى عنهما أَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَرَضَهُ يوم أُحُدٍ و هو ابن أربع عشرة فلم يجزه ،و عرضه يوم الخندق و هو ابن خمس عشرة فأجازه . (كتاب المغازي، باب غزوة الخندق و هي الاحزاب). وفي هذا دليل على أن النبي عليه السلام لم يجز خروج من عمره أقل من خمسة عشرسنة في غزوة أحد 10ـ خطبتها السابقة لجبير بن مطعم وقد سبق أن تعرضنا لهذا الدليل عند استعراض أدلة عباس العقاد لأدلة ترجيحه للقول بأن سن عائشة حين زفافها إلى النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن يقل عن خمسة عشر عاماً.
وثمة أدلة أخرى تقارن عمر عائشة بعمر فاطمة وتعتمد على بعض المصطلحات العربية وروايات أخرى متناقضة تثبت صعوبة الاعتماد على رواية معينة في تحديد عمر عائشة أثناء زواجها بالنبي عليه الصلاة والسلام.