وزير الداخلية: اليمن لن تكون وزيرستان ولن نسمح بانتقال الإرهاب إلى السعودية
بقلم/ مأرب برس - متابعات
نشر منذ: 12 سنة و 7 أشهر و 7 أيام
الإثنين 07 مايو 2012 06:50 م

 

اللواء الدكتور عبدالقادر محمد قحطان المتخصص في الشريعة والقانون المدني، وصاحب التجربة التراكمية في الأمن الداخلي والخارجي بحكم عمله في الإنتربول الدولي، يتحمل العبء الأكبر في المؤسسة الأمنية اليمنية، ويحمل تركة ما بعد الثورة في محيط غير آمن.

وما بين تهديدات القاعدة وضغوط الشارع اليمني، يعمل وزيرا للداخلية في أول حكومة يمنية بعد الثورة، بصمت وبعيدا عن الإعلام لإرساء أمن اليمن الجديد.

لقاؤنا بوزير الداخلية اليمني اللواء ركن قحطان تم في مقر رئاسة الوزراء في صنعاء وبدون تنسيق مسبق. الوزير الأنيق اعتذر في البداية عن إجراء الحوار، إلا أنه أمام إلحاحي وتدخل بعض الوزراء في الحكومة وافق، حيث تحدث بداية عن حرصه الشديد لتعزيز العلاقات مع المملكة في الجانب الأمني وفي مجال مكافحة الإرهاب موضحا بأن كل ما يؤثر على أمن المملكة يؤثر على أمن اليمن.

واستنكر الوزير اليمني عملية اختطاف الدبلوماسي السعودي الخالدي مؤكدا أنه يرفض الابتزاز وأن وزارته تتابع خطوة بخطوة سير البحث والتحري عنه وصولا لتحريره، وأشار إلى أن صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز يمثل مرجعا لجميع وزراء الداخلية العرب باعتباره الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب ورجل الأمن العربي الأول.. وإلى نص الحوار..

حاوره/ موفد صحيفة عكاظ إلى صنعاء، فهيم الحامد

• بداية كيف تنظرون لمستقبل العلاقات السعودية اليمنية في الجوانب الأمنية ؟

• أولا نرحب بكم في اليمن، وأعتقد أن صحيفة «عكاظ» ومن خلال مراقبتنا لما تنشره عن الأحداث في اليمن، فإننا نستطيع أن نحكم عليها بأنها من الصحف الرائدة وذات مصداقية على المستوى اليمني والعربي، وفيما يتعلق بالعلاقات السعودية اليمنية فإنها ليست فقط متجذرة، وإنما أزلية وتتمازج في الدماء والجوار والأرض والهواء والسماء والتاريخ.

ونحن ننظر إلى التاريخ القديم والحديث لليمن الذي يرتبط بالمملكة ارتباطا وثيقا في كافة أوجه التعاون وخاصة في الجانب الأمني، فعلاقاتنا مع المملكة وطيدة ومتميزة واستراتيجية .وكما تعلمون هناك اتفاقيات أمنية ثنائية مصادق عليها من الطرفين، وكما أن هناك اتفاقية لمكافحة المخدرات وتبادل المعلومات والهجرة غير المشروعة وتهريب الأسلحة، ونحن نعتبر هذه الاتفاقيات الأمنية تجسيد للعلاقات المتطورة بين الجانبين فضلا عن العلاقات في جوانبها السياسية والاقتصادية من خلال مجلس التنسيق السعودي اليمني الذي يعتبر أحد المجالس الفاعلة في مسار العلاقات. كما أن هناك تعاونا كبيرا بين حرس الحدود وخفر السواحل في البلدين، وربما تعثرنا بعض الشيء خلال العام الماضي بسبب الأزمة التي مرت بنا في اليمن، ولكننا حريصون أن نصل بهذه العلاقات إلى مكانة رفيعة لكي تصبح أكثر عمقا ونحن لن نسمح بانتقال الإرهاب إلى المملكة. وفي الواقع إننا نعتبر المملكة هي الداعمة الرئيسية لليمن، ولولا تدخل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، لما حصل التحول الإيجابي في اليمن عبر تنفيذ المبادرة الخليجية التي كانت بمثابة طوق نجاة لليمن وحالت دون التشرذم والتشتت.

• ماهي رؤيتكم لدور صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية في تعزيز العمل العربي المشترك، باعتباره الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب؟

• في الحقيقة إن صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز شخصية رفيعة المستوى، ليس على المستوى الخليجي بل العربي والعالمي، ومعروف بحسه الأمني العالي، وحيث أنه الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب، فإن جميع وزراء الداخلية العرب، يلجؤون إليه للاستشارة وأخذ الرأي السديد حيال سبل تعزيز العمل الأمني العربي المشترك، باعتباره رجل الأمن العربي الأول، وصاحب التجربة التراكمية الكبيرة في المجال الأمني، وقد تكون شهادتي مجروحة لأنني عملت خلال الفترة الماضية كرئيس للاتصالات لمجلس وزراء الداخلية العرب، كما أنني شاركت بما لا يقل عن 14 مؤتمرا لوزراء الداخلية العرب ورأست أيضا اللجنة التحضيرية التي تعد لاجتماع وزراء الداخلية العرب. ولهذا نحن ندرك الثراء الفكري والسياسي والأمني الموجود لدى سمو الأمير نايف وحرصه على تعزيز العمل الأمني العربي والدفع بالمنظومة العربية الأمنية إلى آفاق أرحب. وإنني أتطلع لفتح آفاق التعاون مع المملكة في جميع الجوانب الأمنية خاصة في مجال مكافحة الإرهاب، لأن هناك رغبة صادقة لدى رئيس الوزراء اليمني محمد سالم باسندوة ورئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، لتعزيز العلاقات بين البلدين وتكثيف التعاون في مجال مكافحة الإهاب. لأننا نؤمن أن كل ما يؤثر على أمن المملكة يؤثر على أمننا ونحن حريصون على ضبط الحدود ومنع التسلل.

• كيف تقيمون واقع اليمن في ظل الظروف الأمنية الحالية التي تعيشها وحالة عدم استقرار الوضع السياسي؟

• في الواقع نحن ندرك ما تعيشه اليمن من ظروف صعبة في كل المجالات الاجتماعية والاقتصادية، وخاصة بعد أحداث عام 2011م وما أسفرت عنه من نتائج غاية في السوء على المستوى الوطني الداخلي ولولا المبادرة الخليجية وآلياتها المزمنة التي دعمتها المملكة ودول الخليج لما وصلنا إلى هذه المرحلة من الاستقرار .

ونحن نشكر خادم الحرمين الشريفين على دوره ومواقفه الثابتة مع اليمن، فمن لا يشكر من له الفضل بالوقوف معنا في أحلك الأوقات لا يشكر الله ويعتبر نوعا من الجحود.

• ما الأهمية التي اكتسبتها المبادرة الخليجية إزاء نزع فتيل الأزمة في اليمن؟

• في الواقع إن المبادرة الخليجية كانت بمثابة طوق نجاة وساهمت في إنقاذ اليمن من مأزق كاد أن يعصف بها عصفا شديدا. وليس هناك شك أن تشكيل حكومة الوفاق وانتخاب الرئيس اليمني هادي كرئيس توافقي وتشكيل اللجنة العسكرية المعنية بإنهاء التوتر، كان بمثابة خارطة لإعادة المسار الصحيح لليمن، وما حدث يشكل جوانب إيجابية مضيئة للمجتمع اليمني الذي كان يتجه في عام 2011 لنفق مظلم، ونحن نسير نحو الأفضل لكننا نواجه معوقات. وأكون معكم صريحا إننا على المستوى الأمني وصلنا إلى ضعف وترهل شديد، وأصبحنا بحاجة ماسة للدعم الفوري للنهوض بالعملية الأمنية، لأننا لم نصل بعد إلى الاستقرار الذي ينشده اليمنيون والعالم، فالاستقرار الأمني يحتاج إلى جهد لتعزيز عمل المؤسسة الأمنية وإنهاء الاختلالات الأمنية وقضايا الاختطاف.

• ما هي الجهود التي تبذلها وزارتكم، لتحرير نائب القنصل السعودي عبد الخالق الخالدي الذي اختطف من قبل تنظيم القاعدة؟

ــ إن ما حصل لنائب القنصل السعودي في عدن من الأشياء المؤلمة والمؤسفة ونحن في وزارة الداخلية نتابع مجريات الاختطاف خطوة بخطوة بهدف الوصول إليه، كما أن أجهزة الدولة الأمنية سواء الأمن القومي والسياسي والاستخبارات العسكرية تعمل بشكل جماعي، في اتجاه الخروج من هذا المأزق وتحرير المختطف السعودي ونأمل الوصول إلى نتائج خلال الأيام القادمة بنتائج إيجابية.

• كيف ترون عملية الابتزاز التي ينتهجها تنظيم القاعدة ضد المملكة؟

• نحن نرفض العمل الابتزازي سواء ضد المملكة أو اليمن وللأسف فإن ثقافة الابتزاز عملية تكرست في الماضي ، بسبب تدهور الأوضاع اليمنية وينبغي أن ننهي هذه الثقافة الدخيلة على مجتمعنا لان استمرارها مؤلم و ومؤثر ويخل بكيان اليمن. ونأمل أن نصل إلى مرحلة الانضباط الأمني الكامل ولن نستجيب للابتزازات، وهذا بالتأكيد يحتاج منا للصبر والمتابعة حتى نخرج من هذه المآزق المضرة باليمن والأمن العالمي. وتعرفون موقع اليمن الاستراتيجي المؤثر على العالم بكامله من خلال الطرق الأساسية للحركة الدولية للتجارة وغيرها عبر المحيط الهندي ثم البحر الأحمر مرورا بمضيق باب المندب وهذا يجعل من اليمن موقعا حساسا جدا يستدعي الاهتمام من الدول للخروج من هذا المأزق الحرج. وأمامنا تحديات كبيرة ممثلة بتنظيم القاعدة وأنصار الشريعة ومجاميع كبيرة مسلحة تهدد الوضع الأمني ونحن نسعى لتعزيز التعايش والاعتدال في المجتمع اليمني.

• إذن كيف تتعامل زارة الداخلية مع خطر القاعدة واستراتيجياتها التدميرية؟

• نحن نتعامل معها بحزم وشدة، واعتقد جازما أن اليمن ليست البيئة المناسبة فكريا لاحتضان القاعدة، فمكونات المجتمع اليمني وتفكيره ووسطيته في التدين ، لا تسمح لتمدد هذا الفكر المتشدد ولا يوجد تطرف في اليمن، فالجماعات الإسلامية التي تنتمي إلى الساحة السياسية اليمنية مثل الإصلاح وغيرها ليسوا ممن يحملون الفكر التطرف إطلاقا، ولذلك أستطيع أن أجزم أن البيئة الفكرية اليمنية ليست حاضنة للقاعدة، ولكن الفقر والبطالة شكلا عاملا مساعدا على إيجاد هذه المجاميع الكبيرة التي لا تفهم من أفكار القاعدة ولا من التطرف الإسلامي شيء إطلاقا.

• إذن من يدعم تنظيم القاعدة، إذا كان المجتمع اليمني لا علاقة له بهذا التنظيم؟

• هذا سؤال جيد.. هؤلاء هم مجرد أشخاص يستغلون ظروف اليمن المعيشية الصعبة ويتحركون يمنة ويسرة لاستقطاب الشباب، وكما ذكرت هناك عوامل تساهم في التطرف منها الفقر والبطالة والإشكاليات الاجتماعية التي تعمقت في الفترة الماضية، وعدم معالجة بعض القضايا الهامة للمواطن اليمني البسيط.

• من يقف وراء تنظيم القاعدة في اليمن؟

• حقيقة هذا السؤال محير جدا، ولعلي أقول إن الطبيعة الجغرافية لليمن من أوجدت القاعدة فيها وجعلتهم ينجرفون نحو هذا البلد ونحن نقف لهم بالمرصاد رغم الضعف الحاصل في أجهزة الدولة الأمنية، لكننا نقوم بإجراءات أمنية وعسكرية حازمة حيال تلك الجماعات الإرهابية فقواتنا بمختلف تشكيلاتها العسكرية والأمنية بدأت تتحرك ولعلكم شاهدتم خلال زيارتكم إلى لودر المواجهات العسكرية ضد عناصر تنظيم القاعدة وأنصار الشريعة التي تحاول الإخلال بالأمن، ونحن على يقين أن أبناء اليمن سيقضون على بؤر التوتر والإرهاب عاجلا وليس آجلا.

• كوزير للداخلية ما هي رسالتك للجماعات الإرهابية وللشعب اليمني؟

• أتطلع من كل أبناء اليمن أن يعملوا لبناء يمن جديد خال من الإرهاب، والتفكير في مصلحة الوطن، والبعد عن الأفكار الدخيلة عن المجتمع اليمني، لأنه لا مكان للتطرف في اليمن وما نؤمله من المواطن اليمني أن يكون درعا واقيا ومساندا لرجل الأمن اليمني، لأن الأمن لن يتحقق في الداخل بدون تعاون الجمهور مع رجال الأمن والقوات المسلحة.

والمطلوب أيضا دعم مهام اللجنة العسكرية التي تشارك في تحقيق التكامل في العملية الأمنية والاستقرار. أما بالنسبة للجماعات الإرهابية فإنهم لن يستطيعوا التأثير على كيان اليمن ونقول لهم عودوا إلى رشدكم وسنقف لهم بالمرصاد.

• هل يمكن القول إن اليمن لن يكون وزيرستان المنطقة؟

• بالتأكيد لن يكون وزيرستان، ولكن هذا التطمين لن يأتي مني فقط بل من المجتمع الدولي وخاصة الأشقاء جيران اليمن، فنحن محتاجون للدعم لأننا استمرار حالة الضعف وضعف الاقتصاد اليمني يعني أن بؤرة الإشكالات ستستمر، لأن اليد الواحدة لن تصفق . نحن نرغب في مكافحة الإرهاب لكننا بحاجة إلى إمكانات، فأنا كوزير داخلية ومسؤول عن الجهاز الأمني صادق في مكافحة هذا الإرهاب بشكل عام، لأننا لا نقبل هذا التطرف وهذه الأفكار ولا نقبل أن يكون اليمن مصدر ضرر لجيراننا، وتوجيهات رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية حازمة وصادقة وهي أن نتعامل بشفافية، وأن لا نستخدم أي قضية تتعلق بالإرهاب كورقة تكتيك كما كان الآخرون يستخدمونها لتحقيق أهداف محدودة ، فنحن بتكويننا الأخلاقي والنفسي والديني لدينا أهداف استراتيجية نريد تحقيقها وننطلق برؤية ثابتة في مواجهة كل ما يضر بمصالح اليمن والمجتمع الدولي إقليميا ودوليا.