مليشيات الحوثي تُدرج مادة دراسية طائفية في الجامعات الخاصة. اللواء سلطان العرادة: القيادة السياسية تسعى لتعزيز حضور الدولة ومؤسساتها المختلفة نائب وزير التربية يتفقد سير اختبارات الفصل الدراسي الأول بمحافظة مأرب. تقرير : فساد مدير مكتب الصناعة والتجارة بمحافظة إب.. هامور يدمر الاقتصاد المحلي ويدفع التجار نحو هاوية الإفلاس مصدر حكومي: رئاسة الوزراء ملتزمة بقرار نقل السلطة وليس لديها أي معارك جانبية او خلافات مع المستويات القيادية وزير الداخلية يحيل مدير الأحوال المدنية بعدن للتحقيق بسبب تورطه بإصدار بطائق شخصية لجنسيات اجنبية والمجلس الانتقالي يعترض إدارة العمليات العسكرية تحقق انتصارات واسعة باتجاه مدينة حماةو القوات الروسية تبدا الانسحاب المعارضة في كوريا الجنوبية تبدأ إجراءات لعزل رئيس الدولة أبعاد التقارب السعودي الإيراني على اليمن .. تقرير بريطاني يناقش أبعاد الصراع المتطور الأمم المتحدة تكشف عن عدد المليارات التي تحتاجها لدعم خطتها الإنسانية في اليمن للعام 2025
لا يختلف عاقلان يمنيان في أهمية اتفاق وتوافق السلطة والمعارضة حول المصلحة العامة –وليس العليا- للبلد، وضرورة موافقتهما على إجراء حوار وطني شامل، بيد أن اتفاقهما مؤخراً في (17يوليو) أثار حفيظة البعض وإعجاب البعض الآخر أيضاً.
فهل أصاب الطرفان بهذا المحضر كبد الحوار الوطني أم استهدفا حياته؟! وكيف تعامل الطرفان مع هذا المحضر قبل وأثناء وبعد التوقيع عليه؟! وما مدى نجاح هذا الاتفاق من فشله؟
وبعيداً عن التجديف في بحر التكهنات العشواء، دعونا نجيب على الأسئلة الآنفة من خلال المعطيات التالية:
أولاً: دوافع السلطة:
- كان للضغوط الخارجية الدور الأبرز في توليد رغبة الحاكم حيال محضر الاتفاق، وتأتي هذه الضغوط لسببين، أولهما حرص الخارج على أن تتفرغ السلطة لمحاربة القاعدة وهذا لن يكون قبل تسكين بقية الأزمات الأخرى وفي مقدمتها الأزمة السياسية، وثمة تسريبات تشير إلى ارتفاع نبرة الضغوط الخارجية إلى درجة التهديد بالتدخل الخارجي إذا لم تتفرغ السلطة لمواجهة تنظيم القاعدة والتي كان لها "أي السلطة" الفضل في تهويل القاعدة، ولعل الدافع في قوة اللهجة الخارجية هو تهديد حزب السلطة بالمضي منفرداً باتجاه الانتخابات النيابية القادمة –قبل توقيع المحضر-، مما يضاعف من حجم الأخطار التي يدركها الخارج والداخل معاً، الأمر الذي دفع برئيس المفوضية الأوربية للقول " لن نسمح بتأجيل الانتخابات، ولن نقبل نتائج انتخابات من طرف واحد" وهذا هو السبب الآخر لتلك الضغوط.
- عقب التصريحات الأوربية، لم يعد بإمكان الحزب الحاكم الاستئناس بـ"أحزاب الموالاة" أو " أحزاب الأنابيب" لحل معضلة "الديمقراطية الأحادية" فهو قد ينجح في استنساخ حزب أو صحيفة، لكنه من الصعوبة استنساخ تكتل معارض بأكمله، وهنا تيقن الحاكم استحالة تجاوز أحزاب المعارضة الحقيقية التي نجحت مؤخراً في فرض نوع من العزلة السياسية عليه وإن بشكل مؤقت، ولعل هذا الشعور ساهم في قبول الحزب الحاكم اليوم بما رفضه بالأمس.
- من المعروف أن السلطة مهووسة باعتزازها بالذات إلى حد الغرور والمغامرة في إبرام اتفاقيات ثقيلة حتى وإن كانت مجحفة بحق الوطن كاتفاقية جدة الحدودية مثلاً، وأيضاً اتفاقية تصدير الغاز المسال على رؤوسنا بالخسارة والخجل معاً، وعلى غرار ذلك (أو أقل) حرص الحاكم على توقيع محضر الاتفاق مع المشترك في يوم تاريخي (17 يو ل يو) بهدف إيصال رسائل وهمية للداخل وللخارج -المنتظر لحظة سقوطه– مفادها أن كل شيء تحت السيطرة، وأنه مازال ممسكاً بتلابيب الأمور، ومتحكماً بخيوط اللعبة العتيقة، وقادراً على تحديد زمن ومكان وشخوص أي حدث داخلي، وأنه وحده من بيده "تفريق" المشاكل، و"تجميع" الحلول!
دوافع المعارضة:
- في ظل الضغوط الخارجية، وموافقة الحزب الحاكم على مقترحاته في إبريل 2009م، لم يكن أمام اللقاء المشترك سوى الاستجابة على مضض للتوقيع على محضر الاتفاق رغم شكوكه في قرارة نفسه بجدية الحزب الحاكم.
- لعل المشترك أراد من وراء انسيابه السلس باتجاه التوقيع إثبات حسن نواياه تجاه الحوار الذي ما فتئ أن يصم آذان الجميع به، وأراد أيضاً إماطة اللثام عن سوء نوايا الحاكم إزاء الحوار "إن وجدت"، وثمة من يرى أيضاً رغبة المشترك في التخلص من عبء التهمة الثقيلة التي ظلت تطارده وهي التهميش والتماهي في تكتل اللجنة التحضيرية للحوار الوطني، وقد يقتفي أثر المقولة القديمة "إن سبرت حكومة وحمار، وإن ما سبرت تخلص من لجنة الحوار".
لكن هذا التفسير الأخير سرعان ما تبددت مصداقيته بمجرد ترحيب لجنة الحوار "شفهياً"بالاتفاق، إضافة إلى إعلان المشترك بأنه لم يقدم على خطوة التوقيع إلا بعد إقرارها من قبل لجنة الحوار، وفي هذا تأكيد واضح على واحدية المشترك ولجنة الحوار، ودحض بالغ لإدعاءات تهميش أي منهما للآخر.
استعدادات السلطة:
من الواضح أن السلطة كانت على أتم الاستعداد المسبق وفي كامل الجاهزية القبلية لهذا المحضر، ويظهر ذلك من:
1- العناية الفائقة في اختيار موعد التوقيع (17 يوليو) كيوم تاريخي في نظر الحاكم، مع أنه في نظر الحراك الجنوبي "مناسبة شطرية" لكنه مجرد "يوم من أيام الله" في نظر المعارضة الخلاقة.
2- تبني حملة إعلامية ممنهجة ترمي إلى تصوير هذا الحدث وكأنه بداية لعهد جديد بمباركة مختلف القوى السياسية التي –من وجهة نظر البعض- لم يسعها الواجب أن تغلّف تهنئتها للمشير بـ"بوكي ورد" بل ذهب بها إبداعها إلى تقديم التهنئة للمرة الـ(32) بأسلوب مبتكر وطريقة مختلفة فكان التوقيع على محضر الاتفاق كأقل واجب من "الرعية السياسية" إلى "الراعي الأول والأخير للسياسة والساسة".
وهذا ما أكدته صحيفة الثورة الرسمية في افتتاحيتها بتاريخ 18/7/2010م حيث قالت بالحرف الواحد: ( هذا اليوم تحديداً حمل دلالات كثيرة لا مكان فيها للمصادفة أو التزامن العارض،بل أن الأقرب إلى الصحة قد أرادت أحزاب المشترك من خلال هذا التوقيت تقديم التهنئة لفخامة رئيس الجمهورية بمناسبة ذكرى الـ17 من يوليو، اعترافاً بدور هذا الزعيم في تعزيز الاصطفاف الوطني وترسيخ ثقافة الحوار ).
بل حاول الإعلام الرسمي إظهار السلطة بأنها بهذا الاتفاق منحت المعارضة "المتهمة" هبة عظيمة وفرصة تاريخية نادرة وعلى هذه المعارضة كما قالت صحيفة الجيش "أن تستوعب دروس التاريخ، وتعمل على تنفيذ الاتفاق دون تلاعب أو مماطلة أو...أو.. إلخ"
وهذا بالطبع يتنافى مع جوهر الحوار السياسي، ناهيك عن الحوار الوطني الشامل.
-حاول الحزب الحاكم إحداث الوقيعة بين أحزاب المشترك من خلال اشتراطاته الخفية بعدم حضور أمناء عموم الأحزاب غير الممثلة في البرلمان، بينما يستدعي شخصيات شبه موالية له للحضور كالشيخ حسين الأحمر، ومحمد عبداللاه القاضي مثلاً.
وأورد المحضر بنود متعارضة مع بنود اتفاق فبراير، حيث ينص البند الثالث في المحضر على "أن يوقع على محضر الاتفاق كل من رئيس المجلس الأعلى للقاء المشترك والأمين العام للمؤتمر الشعبي العام" في حين أن اتفاق فبراير ممهور بتوقيعات كافة أمناء عموم الأحزاب الممثلة في البرلمان.
ومن الغريب عدم إشارة المحضر إلى إصلاح المنظومة الانتخابية أو النظام السياسي، كما احتوى المحضر على " بنود عامة وعبارات مطاطية "حمالة أوجه" كالبند الرابع على سبيل المثال.
- تعمد الحزب الحاكم تجاهل زمن محدد لإحضار كل طرف أسماء ممثليه في لجنة "المائتين"، وبعد أيام من توقيع المحضر يبادر الحزب الحاكم عبر أمينه العام المساعد صادق أمين أبو رأس للتواصل مع المشترك بغرض إبلاغه جاهزية الحاكم بأسمائه (دون التأكد من ذلك!) وحثه على التعجيل بأسماء مماثلة دون استكمال عملية الإفراج عن المعتقلين السياسيين، الأمر الذي قد يؤدي إلى بزوغ الخلافات داخل المشترك.
مفاجأة المشترك:
-بدا تكتل اللقاء المشترك مشدوهاً بعنصر المفاجأة المدروسة من قبل الحزب الحاكم كمحاولة منه في بناء جدار الفصل السياسي بين اللقاء المشترك واللجنة التحضيرية للحوار الوطني، والحيلولة دون رجوع المشترك إلى اللجنة، وبالتالي إهدار سنوات "ثمينة" من بناء الشراكة الوطنية.
غير أن هذا الهدف كما يبدو لم يتحقق "حتى الآن".
-في حين هلل الإعلام الرسمي وإعلام السلطة بهذا المحضر وكأنه اتفاق ما بعد الحوار، وكأن الحاكم بحنكته ومهاراته فرغ للتو من معالجة كافة المشاكل التي كانت محدقة بالوطن.
ومع هذا أثبت إعلام المعارضة تيهاناً منقطع النظير في تناولاته الضبابية لهذا الاتفاق بطريقة لا تقدم أدنى إجابة لأبسط التساؤلات المنبثقة عن قواعد المعارضة، وهذا بالطبع يعد انعكاساً سلبياً لعدم توفر جاهزية المعارضة لمثل هكذا حدث!.
-تم التوقيع على محضرين اثنين متفقان في الصياغة مختلفان في الشكل، أحدهما بحوزة الحزب الحاكم ويحمل شعاره الانتخابي "الحصان" والمحضر الآخر بحوزة اللقاء المشترك خال من أي شعار حزبي، كإشارة بأن هذا الاتفاق ليس بين طرفين شريكين، وإنما بين "أصل" و "مجموعة فروع".
-رغم اعتراف الجميع بالدور الخارجي في هذا المحضر، إلا أن قيادات المعارضة غاب عن ذهنها اشتراط رعاية إقليمية ودولية للحوار، ولعلها استبدلته بالبند القائل بعلنية وشفافية الحوار، لكنها سمحت لرئيس الجمهورية أن يكون راعياً لهذا المحضر، بعد أن كان طرفاً في الحوار، وهذا ما يتناقض كلياً مع رؤية الإنقاذ التي اعتبرت شخصنة النظام وفردية الحكم هو جذر المشاكل الراهنة بأجمعها!.
بوادر نجاح الاتفاق:
ليس هناك ضمانات محددة لنجاح تنفيذ اتفاق فبراير باستثناء ما يأتي:
1-علنية وشفافية أعمال لجنة الحوار، كما يحكي البند العاشر من بنود المحضر الموقع عليه، وهذا من شأنه أن يتيح للرأي العام والأشقاء والأصدقاء متابعة سير الحوار أولاً بأول.
2- تضافر الضغوط الخارجية والداخلية، وشعور الطرفان بانعدام خيار آخر غير الحوار الوطني.
3- عنصر الوقت يمثل عاملاً سلبياً وإيجابياً في آن واحد، فمع صعوبة تنفيذ كل بنود اتفاق فبراير لضيق الوقت، إلا أن هذا قد يضع الطرفان أمام الأمر الواقع كما هو معتاد منهما قبيل كل استحقاق انتخابي، وبالتالي قد توافق المعارضة على خوض الانتخابات النيابية القادمة تحت تأثير وإصرار الخارج، وذلك مقابل العمل بمبدأ "التقسيط" أو "الجرع الحوارية" أي تجزئة بنود الاتفاق عبر مرحلتين (قبل الانتخابات وبعدها) خاصة إذا ما توفرت ضمانات آنية لتنفيذ بنود ما بعد الانتخابات (وفق تقرير الأمانة العامة للإصلاح مؤخراً).
ويتعزز هذا إذا ما أمعنا النظر في تصريحات الأستاذ عبدالوهاب الآنسي- أمين
عام التجمع اليمني للإصلاح- والتي وصف فيها هذا الاتفاق بأنه "الأقل سوءاً" مشدداً على "عدم استعداد أحزاب المشترك للإسهام بأي شيء يضر هذا البلد، بل أنها تبذل كل الجهود في سبيل إصلاح البلد وتتصرف بمسؤولية لحمايته".
ومن هنا يمكننا القول بأن السلطة ستظل تراهن على "وطنية المعارضة" حسب الدكتور محمد السعدي، وديمومة استغلال القاعدة المعمول بها لدى المعارضة وهي "درء المفاسد" ولو على حساب جلب مصلحة واحدة.
مؤشرات انهيار الاتفاق:
لا نود إشاعة مزيد من التفاؤل السلبي بشأن اتفاق "الفرصة الأخيرة" لكنا نورد أبرز نقاط الخلاف في سبيل تداركها وتصويبها، وهي:
1- قبل أن يجف حبر التوقيع على المحضر، أدلى الدكتور الإرياني بتصريح إعلامي ينطوي على إصرار مؤتمري على تجزئة بنود الاتفاق، وهذا ما رفضه حينها رئيس المجلس الأعلى للمشترك، لكنه أشعل هواجس الكثيرين من الافتراق بين الطرفين.
2- ضيق الوقت في ظل انتزاع الثقة بين الطرفين، بدليل أنهما اتفقا على التهيئة والإعداد للحوار بعد سنوات من المراوحة، فكيف بالقضايا الجوهرية للحوار؟!
3- إعلان أمين عام مساعد لجنة الحوار الوطني مؤخراً في قناة سهيل استمرار اللجنة في عملها، وأنها ماضية في تنفيذ برنامجها للوصول إلى مؤتمر حوار وطني شامل، ومعالجة القضايا التي لم يتم التطرق لها في اتفاق فبراير كالقضية الجنوبية وقضية صعدة والقضية الاقتصادية"، ومن المؤكد قطعاً بأن الحزب الحاكم لن يقبل بهكذا وضع، مع أنه لا يوجد مانعاً قانونياً أو شرطاً حوارياً يحول دون استمرار بقاء لجنة الحوار، بل أنها ستشكل أحد الضمانات الأكيدة والضاغطة بيد المشترك لا سيما في ظل غياب الثقة بين السلطة والمعارضة.
4- بعد أن حسم الحزب الحاكم خلافه مع أحزاب التحالف الوطني عبر وعود رئاسية بمنح أمناء عموم هذه الأحزاب درجة وزير فخري (بلا وزارة) يبدو أن السلطة حالياً تراهن كثيرا على بروز اختلافات حادة بين مكونات وشركاء اللقاء المشترك، بل أنها تسعى لإيقاد جذوة الخلافات فيما بينهم من خلال إنتقائها أو مماطلتها في الإفراج عن المعتقلين السياسيين وفق كشوفات ثلاث منظمات مدنية (المرصد اليمني –منظمة هود – الحركة الوطنية للتغيير)، وتأتي تلك المماطلة بحجة قضايا جنائية، أو بذريعة الازدواجية في جهات الاعتقال كالأجهزة الأمنية من جهة والنيابة من جهة أخرى.
5-صعوبة مشاركة بعض شركاء اللقاء المشترك، وخاصة بعض أقطاب معارضة الخارج.
6-إغفال المحضر للبند المتعلق بحيادية وسائل الإعلام الرسمية، كمؤشر على وجود نية مبيتة لاستغلال هذا الاتفاق دعائياً عبر المناكفات الإعلامية، والتي بدأت تطل بقرونها في صحيفتي الثورة والجيش بعد أيام من توقيع المحضر.
ختاماً:
نخشى أن لا ينذر هذا الاتفاق باندلاع حرب سابعة في صعدة، على غرار الحرب السابعة التي اندلعت بعيد التوقيع على وثيقة 23 فبراير 2009،وكعادة الاتفاقات في بلادنا تنتهي بحرب منذ وثيقة العهد والاتفاق.
كما نتمنى على طرفي الحوار تذليل كافة الصعاب أمام نجاح مهمتهما، والكف عن المكايدات السياسية والمكاسب الحزبية الضيقة، وليدرك الجميع يقيناً بأن هذا الحوار يمثل فرصة أخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وأن أي فشل لهذا الحوار يعد دفناً عميقاً لأي محاولة حوارية قادمة، ولم يعد بإمكان أحد انتظار التوقيع القادم رقم (3) لتنفيذ اتفاق فبراير "القديم".
Mos.75@hotmail.com