أكبر فساد في تاريخ اليمن
بقلم/ متابعات
نشر منذ: 15 سنة و 8 أشهر و 4 أيام
الخميس 26 مارس - آذار 2009 04:40 م
 
 

مأرب برس - الصحوة نت – عدن- سميرحسن

بعد ما تكشف من حقائق جديدة الأسبوع الماضي حول ما آل إليه الوضع من تدهور المستوي الإنتاجي فيه ونزوح كبري الشركات الملاحية لرداءة الخدمات وهشاشة الآليات التي يجري العمل بها في الميناء.

حقائق ومعلومات كان مصدرها تقرير ميداني من داخل الميناء أسدلت الستار عن حقائق مره أهمها نجاح شبكة دبي العالمية في إيصال ميناء عدن للحاويات إلى وضع مزري من تدهور في المعدات وتعطل في البرنامج المنظم لأجهزة الكمبيوتر ليمارس العمل كتابياً في جميع أقسام الإدارة للشركة ونفور الخطوط الملاحية العالمية بعد أن عمدت الشركة إلى رفع التعرفة بنسبة "80% " منذ الأشهر الأولى لتشغيلها للميناء.

وعلاوة عن ذلك كله هو هروب الكادر المشغل للميناء إلى موانئ أخرى بعد عملية استقطاب لهذا الكادر بشتى الوسائل المغرية ساهمت- بحسب التقرير- شركة "دبي" على نفورهم لتصبح عملية نفور الخطوط الملاحية والكادر المشغل للميناء بين مد شركة دبي العالمية وجزر الموانئ الأخرى المنافسة.

ما حواه التقرير- والذي تسلمت الصحوة نت نسخه منه- جاء ليؤكد صدقية كل التنبؤات والأقاويل والتكهنات التي كانت تدار قبل مجيء شركة دبي العالمية لتشغيل ميناء عدن للحاويات وأنها سوف تعمل على تجميد نشاط الميناء وستسعى جاهدة إلى شل حركته من خلال وضع سياسة تشغيلية ذات نوايا مبيتة وخفية لتجعل من هذا الميناء مجرد موقع خامل مقتصر على نشاط محدد لا يتجاوز النسبة المحددة له في تناول الحاويات.

وضع مزري سبق وان تم التحذير منه وقوبل بالرفض وعدم الاستجابة من قبل الحكومية التي مضت حينها بكل عنجهية في عقد الصفقة المشبوهة، ليكشف التقرير الميداني اليوم وبعد مضي أكثر من تسعة أشهر من بداية تسلم عملية التشغيل للميناء لشركة دبي تبعات تلك الصفقة المشبوهة وهو بالإضافة إلى تراجع المستوى الإنتاجي والخدمات للميناء ونفور الخطوط المحلية تهالك معظم معدات العمل في الميناء من رافعات وكرينات وعربات وانتهى عمرها الافتراضي وغياب الصيانة الدورية لها.

ليس هذا فحسب بل إن ما أقدمت عليه شركة دبي منذ الوهلة الأولى لتسلمها زمام الأمور في الميناء من رفع للتعرفة بنسبة (80%) منذ الأشهر الأولى لتشغيلها لهذا الميناء بدلاً من تقديم التسهيلات كباقي الموانئ لكسب رضاء الخطوط الملاحية العالمية وترغيبهم في التعامل معها وهو ما أدى إلى نفور الخطوط الملاحية الكبرى تفاديا لرفع التعرفة المفروضة عليهم ورداءة الخدمة المقدمة لهم بسبب تعطل نظام الكمبيوتر المنظم للعمل ومن هذه الخطوط الملاحية ( pil ) الذي يشكل نسبة حاويات المتعامل بها في الميناء ما يقارب (40%) إلى (50%) من إجمالي العمل الكلي في الميناء حيث يعتبر هذا الخط هو الخط الملاحي الأساسي المشغل للميناء.

كما أقدام الخط الملاحي الأخر المسمى ( apl ) الذي يعتبر الخط الأساسي الثاني بعد الخط الملاحي الأول ( pil ) أقدم على تحويل مسار حاويات الترانزيت التابعة له إلى الموانئ المجاورة واكتفى مقتصرا على جلب الورد المحلي ( transhipe ment )وهذه العملية الغير مسبوقة كانت نتيجة لرفع التعرفة ورداءة الخدمة.

ويقول التقرير بان هناك عوامل كثيرة أخرى كانت سببا في تراجع المستوى الإنتاجي والخدمات ونفور الخطوط المحلية في الميناء منها عدم اهتما المشغل بشراء معدات وآلات جديدة تعمل على تحسين ورفع مستوى العمل واكتفاء المشغل بمعدات وآلات متقدمة ومتهالكة وان كان قد انتهى العمر الافتراضي لها فهي لا تتلقي الصيانة الكافية والدورية لها بشكل منتظم بالإضافة إلى عدم تطبيق قواعد السلامة الصحية والمهنية في الميناء وبصورة لا تطمئن أي متعامل مع المشغل سواء أكان يمنيا أو أجنبيا .

كما أدى غياب الاهتمام بهذا الجانب ذات الأهمية إلى كثرة الحوادث مخلفة خسائر مادية كبيرة وخسائر بشرية وكان أخرها الحادثان اللذان أسفر احدهما عن وفاة احد العمال المشغلين فيما أسفر الحادث الأخر مطلع هذا الشهر عن بتر ساق احد عمال الميناء ناهيك عن بعض الحوادث التي تسببت في إعاقة الحركة لبعض العمال.

ومن خلال الإضرابات التي دشنها العمال مع بداية عمل الشركة احتجاجاً على عقود العمل المجحفة أظهرت تلك الاحتجاجات وما تلاها من ممارسات تعسفية بحق قيادات نقابية في الميناء عدم حرص المشغل بتمسكه للكوادر اليمنية المؤهلة العاملة لديه وهو ما دفع بعض الموانئ المجاورة من خلال التواصل مع هذه الكوادر وتقديم لهم العروض المغرية لاستقطابهم للعمل لديهم كما حصل مؤخرا من اتخاذ قرار جماعي لمجموعة كوادر يمنية تعمل في الميناء على عزمهم بقبول العرض المقدم لهم من ميناء انشأ مؤخرا في المملكة العربية السعودية ويقدر عدد هؤلاء الكوادر ما بين (35 ـ45) هم من خيرت المشغلين الممتازين للميناء ناهيك عن كثرت العروض المقدمة من عدة موانئ مجاورة توالت ولازالت تتوالى لاستقطاب العمالة المشغلة لهذا الميناء بالذات .

صفقه مشبوهة

الوضع في ميناء عدن هو نتاج طبيعي لتجاهل الدولة لكل الدعوات التي طالبت في حينه بإعادة مناقشة موافقة الحكومة على منح شركة ميناء دبي حق تشغيل المنطقة الحرة بعدن على الرغم من تفوق عرض الشركة الكويتية بأكثر من 100 % من عرض دبي العالمية على اعتبار أن ميناء عدن سيفقد مكانته كميناء مرشح بأن يكون الخامس في العالم في تجارة نقل الحاويات كون أن "دبي هو ميناء منافس لعدن وبالتالي فان قرار تسليمها الميناء يجعلها تسيطر على أهم مرفأ عالمي شديد المنافسة لها ولمدة 30 عاما".

سار الأمر دون أي مبالاة أو إحساس بالمسؤولية وكان قرار تسليم الميناء بهذه الطريقة بمثابة صفقه مشبوهة خصوصاً إذا ما نظرنا إلى المستندات والوثائق المقدمة في حينه والتي تؤكد أن الشركة الكويتية قدمت عرضا يصل إلى 892 مليون دولار لإدارة محطة عدن للحاويات وجزء من ميناء المعلا ثم رفعت عرضها إلى 924 مليون دولار في الجولة الثانية من المناقصة ومع هذا جرى تجاهل العرض الكويتي في المرحلتين رغم انه الأقوى ماليا ويعتمد على الأهمية التي يحتلها ميناء عدن".

وما زاد من غموض هذه الصفقة هو عدم إبداء الحكومة للأسباب التي جعلتها تمنح مشروعين خارج المناقصة لدبي، وهما مشروع قرية الشحن الجوي ، وشركة أحواض السفن بعدن وتجاهل العرض الكويتي الذي كان الأقوى ماليا.

عمدت شركة دبي في السعي الجاد وراء الحصول على تشغيل هذا الميناء الذي لطالما كان مصدر قلق لديها بسبب الإقبال الكبير عليه من كبريات الخطوط الملاحية العالمية.

وبغض النظر عن كيفية حصولها على تشغيل هذا الميناء سواء عن طريق سحب ملف المناقصة من مجلس النواب ليأخذ بعد عملية السحب هذه طريق التفاوض المباشر مع شركة دبي دون الرجوع لموافقة المجلس، أو عن طريق إعادة المناقصة وتكرارها التي كانت قد رست على شركة " KGL " الكويتية تحت مبرر إعادة المناقصة في دهاليز مظلمة لتؤدي كل الطرق في الأخير إلى تقليد مفاتيح هذا الصرح البحري الضخم صدر شركة دبي العالمية وتشغيله حسب سياستها الخاصة بها ليتم بعد ذلك إبرام الاتفاقيات وصياغة بنودها المطوقة بعلامة استفهام إلى يومنا هذا لعدم إشهارها أو نشرها إعلامياً سوى ما يوائم الرأي العام من هذه البنود.

وتسلمت شركة دبي تشغيل الميناء في 1/نوفمبر 2008م حيث تم إماطة القناع الجميل شيئاً فشيئاً لهذه الشركة ووضوح ملامح النوايا المبيتة تجاه هذا الميناء، وكأن كل تلك الأقاويل والتكهنات السالفة الذكر التي كانت تدور من قبل مجيء شركة دبي بدأت تظهر بوضوح وبشكل يجعل المتأمل لواقع العمل في الميناء متيقناً من أن القصد هو ما تم التكهن به سابقاً.

وبالحديث مع أي من الكوادر العاملة في هذا الميناء فان كل ما يلخصه لك عن الوضع فيه هو الحالة المزرية والسيئة التي وصل إليها وضع الميناء من تدهور في المعدات ونفسيات محبطة لدى العمال بسبب ضألة أجورهم وهروب كوادر يمنية إلى الخارج بسبب عدم رؤية واضحة لمستقبل زاهر.

حيث عمدت الشركة إلى إثارة الفوضى مع بداية تسلمها للميناء من خلال صياغة عقود جديدة للعمال المشغلين في الميناء يبدأ سريان هذا العقد من 1 / نوفمبر / 2008 م أي مع بداية تشغيلها للميناء متجاهلة بذلك سنوات الخدمة الطويلة للعمال التي تعود غالبيتها إلى بداية تأسيس الميناء وتجاهلت الشركة مساعي العمال عبر لجنتهم الممثلة الهادفة إلى مناقشة العقد وما يحمل من بنود مجحفة بحق العامل والغير مستمدة من قانون العمل رقم ( 5 ) للعام 1995 م كما أصرت على عدم عرض العقد على مكتب العمل المختص لأخذ المصادقات القانونية عليه .

وكان القصد من وراء ذلك التجاهل والتعنت لجوء العمال إلى الإضراب والذي استمر عشرة أيام ولم تحرك فيها الشركة ساكنا وكأن الأمر لا يعنيها حيث لم تقبل حتى الجلوس للمفاوضات مع الجهات المعنية لحل الإضراب الذي إن قام في ميناء آخر لتداركوه في ساعاته الأولى.

ليس هذا فحسب بل إن الشركة لم تكترث أيضاً بالعطل الذي أصاب البرنامج المنضم لأجهزة الكمبيوتر ( citos ) وكان العطل قد وقع بعد تسليمها للميناء بأسبوعين أو ثلاثة ولا يزال إلى يومنا هذا يمارس العمل كتابيا في جميع أقسام الإدارات للشركة رغم انه كان حري بها أن تعمل على تفعيل نضام الـ ( citos ) الذي انتهى عمره الافتراضي في ديسمبر من العام الماضي ، لان بدون تفعيله أو استبداله ببرنامج آخر لا يمكن أن يصبح العمل دقيقا وصحيحا وخصوصا انه يتعامل مع الآلاف من أرقام الحاويات وتحديد موقعها وتفنيد موانئها وأوقات طلوعها ونزولها وسفنها وملاكها وغيره من العمل الذي يتطلب الدقة والذي لا يمكن أن يحل محله العمل الكتابي الذي جعل من العمل- بحسب توصيف العمال في الميناء- متراكما ومتكدسا في الوقت الذي يتطلب فيه الدقة والسرعة.

بالإضافة إلى ما ولده ذلك من استياء كبير من قبل الوكالات الملاحية نتيجة لرداءة الخدمة المقدمة لهم بسبب التحميل العشوائي لحاوياتهم والذي – يقول العمال - بأنه أدى في كثير من الحالات إلى ضياع الحاويات وان وجدت فهي في غير الميناء المخصص لنزولها فيه.

البحث عن الهوية

وبفعل تلك الصفقة فان أكثر من"500" عامل في الميناء لازالوا يبحثون عن الهوية والتي في سبيل إثباتها نفذوا عدد من الإضرابات وتعرضوا للاعتقالات والتعسفات مع بداية تسلم الشركة للميناء احتجاجاً على عقود العمل المجحفة في حقهم، بعد أن قامت الدولة بما يشبه عملية بيعهم وتسليمهم للشركة بدلاً من ضمهم إليها وضمان حقوقهم.

فتكريس النهب في ميناء عدن طال كل شي بما فيها حقوق الكوادر العمالية فيه والتي لاتزال تنظر بتعجب وتتساءل عن مصير إيرادات هذا الصرح البحري الضخم طيلة السنوات الماضية طالما وانه لا توجد الجهة الرسمية التي تتبني هذا الكادر.

وهو تساؤل يصفه العمال بأنه محير للأذهان ويدخل بفعل تلك الحالة الإستغرابية إلى مرحلة التشفير وترجمة تلك الطلاسم الشيطانية التي جعلت من عمال ميناء الحاويات بعدن يعيشون في تيهان وضيفي لأكثر من خمسة أعوام , مع العلم بوجود قرارات جمهورية معمدة ومصادق عليها من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ومعالي وزير النقل .

لم تطبق تلك القرارات الجمهورية وتم تسليم الميناء بكوادره لشركة دبي ولم يتم الاعتراف بضم عمال الميناء إلى الهيئة العامة للمناطق الحرة في حينه ولم تعترف مؤسسة موانئ خليج عدن اليمنية ووزارة النقل سوى بنصف القرار الجمهوري مع بقاء الخوف من إن استيعاب العمالة لدى الدولة سوف يتسبب في ضغط أو عبئ وظيفي على الدولة في حين أن الميناء يعد من أهم أعمدة اقتصاد البلد واحد الموارد السخية الذي يملئ خزينة الدولة بالعملة وطالما وان أجور عمال الميناء ليست حملاً ثقيلاً على الموازنة السنوية للدولة كقطاع التربية مثلاً أو غيرها نجد أن الميناء عبارة عن مرفق حيوي إنتاجي قادر على التكفل برواتب عماله والتكفل برواتب عدة قطاعات حكومية أخرى ناهيك عن المدخرات التي يدخرها لنفسه في خلا الأمر من الفساد.

قبل عامين من تسليم الميناء لشركة دبي كان الميناء عبارة عن حجر الشيطان الذي يرمى بجمرات الخلافات التي نشبت فيما بين مجلس الوزراء والهيئة العامة للمناطق الحرة آنذاك وأدت تلك الخلافات إلى استصدار قرار وزاري غير قانوني ولا دستوري لا يستوعبه العقل ولا المنطق وهو القرار رقم ( 112 ) الذي بموجبه تم سحب صلاحية الإدارة والإشرافية لتسيير مهام ذلك الميناء من مدير الهيئة العامة للمناطق الحرة ـ وإعطاء تلك الصلاحية الكاملة لوزير النقل الذي ضل يسير الميناء بأنظمة وقوانين الهيئة والعجيب أكثر أن المصادقة تمت وبإجماع مجلس الوزراء ولم يكن هناك معارض أو حتى متحفظ واحد إطلاقا .

ونأتي هنا إلى سرد تفاصيل العملية التي انشغل بموجبها عمال الميناء من عمالة يمنية في القطاع الخاص إلى موظفي دولة ضمن القطاع العام خاضعين لإشراف مباشر من قبل إدارة حكومية يمنية بحته .

ونبدأ بشركة ( يمن فست ) باعتبارها المالك الأول للميناء في ذلك الحين والتي تم إنشاءه على نفقتها الخاصة بـ250 مليون دولار ، وبعد تجهيزه للعمل وافتتاحه رسميا في 19 / مارس / 1999م كانت شركة ( psa ) هي التي تولت تشغيل الميناء وتم توظيف عمالة يمنية بالتعاقد معهم بعقود عمل مستندة بقانون العمل رقم (5) لعام 1995 م . وبالعملية هذه كان عمال الميناء في ذلك الحين هم عمالة تسمى بقطاع خاص نظرا لاستناد العقود لقانون العمل الصادر من قبل مكتب العمل المختص .

واستمر التعاقد إلى أن قامت الدولة بشراء الميناء من الشركة المالكة ( يمن فست ) بعد أن تسببت الأوضاع الأمنية المزعجة والمرعبة في ذلك الوقت بنفور الخطوط الملاحية وتعاقدها مع موانئ مجاورة أكثر أمنا جعل الشركة المشغلة ( psa ) تنهي تعاقدها بعد أن قامت بتخليص العمالة والاستغناء عن ثلاثمائة عامل وموظف تقريباً. رغم انف الجهات المخولة بحماية العامل.

تم بعدها كتابة اتفاقيه بين الدولة وشركة "يمن فست" في 23/أكتوبر/2003م والمعروفة باتفاقية المخالصة والتي بمقتضاها تم تسليم الميناء بكامل أصوله "موقعاً ومعدات وعمال" إلى الدولة "على اعتبار أن جميع العمالة هي جزء من الأصول في الميناء وإلا فان استمرارية حركة العمل ستتوقف بانتهاء عقود العمل للعمال متزامنة مع انتهاء عقد المشغل " pea ".

ونظراً لمتطلبات العمل بالاستمرارية في هذا المرفق الحيوي والإنتاجي حرصت الدولة على إبقاء كل العمال وعدم تسريحهم واعتبارهم جزء من الأصول الأساسية للميناء وضمهم إلى الهيئة العامة للمناطق الحرة باعتبارها المالك الحكومي آنذاك.

وعلى خلفية إشعار النقل الذي تسلمه العامل في 20/11/2003م "بأنه قد تحول عقد توظيفه إلى الهيئة العامة للمناطق كمالك للميناء منذ 20/11/2003م ".

وبموجب ذالك الانتقال أصبح جميع عمال وموظفي الميناء عبارة عن عماله حكوميه وموظفي دوله وجزء من الجهاز الإداري للدولة خاضع لإدارة وإشراف الهيئة العامة للمناطق الحرة.

بدليل انه لم تبرم أي عقود فيما بين العمال في الميناء وبين المشغل الجديد" "الذي قام باستلام وتشغيل الميناء في نفس تاريخ الإشعار وكما تؤكد ذالك الفقرة الرابعة من هذا الإشعار والتي تنص الأتي "جميع مستحقاتك وعلاواتك والفوائد الأخرى كما هي محددة في عقد توظيفك الذي انتقل إلى الهيئة ستبقى سليمة ولن تتأثر بتغيير رب العمل".

وبهذه العملية ظل العامل في الميناء يتمتع بمزايا الموظف الحكومي لدي الهيئة العامة للمناطق الحرة إلى أن صدر في حقه عملية نقل أخري كموظف حكومي أيضا إلى وزارة النقل في 11/مايو/2004م بصدور القرار الوزاري رقم " 112" لعام 2004م بشأن إدارة وتشغيل ميناء الحاويات بعدن الذي انتقل الميناء بموجبه من الهيئة العامة للمناطق الحرة إلى وزارة النقل ونورد بعض ما يثبت عملية النقل هذه من القرار الوزاري وهي:

1. فصل ميناء الحاويات عن إدارة المنطقة الحرة/بعدن

2. علي وزير النقل إصدار التعليمات التنفيذية لتسيير مهام كلاً من ميناء المعلاء وميناء الحاويات بما يزيل التداخل ويحقق التكامل وحسن الأداء".

ولو دققنا تدقيق قانوني في عبارة "بما يزيل التداخل" أي تداخل الإدارتين السابقة والحالية وتداخل الوضع القانوني لعمال الميناء وبشكل أوضح أن يتم نقل جميع العمال في الميناء من الوضع القانوني السابق في القطاع الخاص الخاضع لقانون العمل رقم "5" لعام 1995م إلى الوضع القانوني الجديد ضمن القطاع العام الخاضع لقانون الخدمة المدنية رقم "19" وان يترتب على إزالة التداخل في عملية النقل هذه بان يتم ترتيب وضعهم القانوني بموجب عملية النقل من قانون التأمينات الاجتماعية رقم (26) لعام 1991م إلى قانون التأمينات والمعاشات رقم (25) لعام 1991م .

وهذا هو التفسير القانوني والمفترض أن يتم العمل به فوريا حينذاك.

3ـ وينص البند الثالث من القرار الوزاري المشار إليه سلفاً على الأتي:" يتحدد الوضع المؤسسي الدائم للميناء بعد انتهاء الشركة الاستشارية ( opm ) من أعمالها واختيار المشغل الدائم للميناء.

ونؤكد هنا بان الوضع المؤسسي قد تم تحديده بصدور القرار الجمهوري رقم (61) لعام 2007م بإنشاء مؤسسة موانئ خليج عدن اليمنية في 21/ابريل/2007م وتنص المادتان 27ـ 28 من الأحكام الختامية في الباب الخامس من هذا القرار .

مادة (27) تؤول جميع الموجودات والممتلكات المنقولة الثابتة التي تمتلكها مصلحة الموانئ اليمنية في عدن ومحطة عدن للحاويات إلى ملكية المؤسسة المنشاة بموجب هذا القرار , كما تنقل إليها جميع الحقوق والالتزامات القائمة على المصلحة والمحطة المذكورتين وقت صدور هذا القرار.

مادة ـ (28) ينتقل إلى المؤسسة جميع العاملين المنتسبين لمصلحة الموانئ اليمنية في عدن ولمحطة عدن للحاويات بأوضاعهم القائمة وقت صدور هذا القرار.

وتأكيدا للعمل الفوري والتنفيذي لهذا القرار تقول المادة (33): "يعمل بهذا القرار من تاريخ صدوره وينشر في الجريدة الرسمية صدر برئاسة الجمهورية ـ بصنعاء بتاريخ 4/ ربيع الثاني / 1428هـ الموافق 21 / ابريل /2008م.

أليست هذه إثباتات قانونية ودلائل دامغة تثبت هوية عمال الميناء كموظفي دولة ضمن القطاع العام بانضمامهم إلى الهيئة العامة للمناطق الحرة أولا , ثم انتقالهم إلى وزارة النقل بصدور القرار الوزاري رقم (112) ثانيا, ثم تحديد وضعهم المؤسسي لدي مؤسسة موانئ خليج عدن اليمنية بصدور القرار الجمهوري رقم (61),.

لقد كان ذلك القرار الجمهوري هو نقطة الانطلاقة العمالية لمطالبة المؤسسة بتطبيق إستراتيجية الأجور للمرحلة الأولى أسوة بالموانئ اليمنية الخاضعة للمؤسسة , ولكن للأسف قوبلت تلك المطالبة بتنصل وإنكار من قبل مدير المؤسسة تحت مبرر أن عمال الميناء خاضعين لقانون العمل وليس قانون الخدمة المدنية مما جعل العمال يرفعون مطالبهم بتطبيق الإستراتيجية إلى وزير النقل باعتباره السلطة التنفيذية العليا لهم.

وكانت رسالة الرد من قبل الوزير إلى إدارة الميناء كما يلي :

"نستغرب حتى اللحظة لعدم تطبيق إستراتيجية الأجور في ميناء عدن للحاويات وعلية وحسب ما أبلغناكم بان يتم التنسيق مع المشرف العام للمحطة رئيس مجلس إدارة مؤسسة موانئ خليج عدن اليمنية ومع مدير مكتب وزارة الخدمة المدنية م/عدن على الإجراءات المطلوبة تنفيذها بهذا الشأن وتطبيقها أسوة بالمؤسسات الأخرى) .

لقد كان نص رسالة وزير النقل اعتراف صريح منه بالتواصل مع مكتب وزارة الخدمة المدنية كي يسري قانون الخدمة ويطبق على عمال الميناء.

ولكن ظلت تلك الرسالة بما احتوته من تعليمات مهمشة في درج مدير المؤسسة ولم تنفذ إلا بعد لجئوا العمال بالتلويح في الشروع بالإضراب , كما تم تواصلهم مع بعض الصحف المحلية لاطلاع الرأي العام عما يدور في الميناء من خلال البوح بتلك الحقائق الفاضحة للممارسات الغير قانونية والخروقات الهدامة والتجاوزات القانونية التي تضر بمصلحة الميناء خاصة والبلد العامة ،وهي فضائح أدت إلى إقلاق مدير الشركة المشغلة ( opm ) آنذاك وأعوانه.

حيث أدى كشف تلك الحقائق برد فعل غاشم من قبل مدير الشركة إلى فصل مجموعة من العمال لمجرد ظهور صورهم في الصحيفة , وحرمان مجموعة كبيرة منهم من استلام إكرامية العيد . وكانت تلك الإجراءات التعسفية من المشغل قبيل انتهاء عقده وعدم تدخل الجهات المعنية لحل تلك القضايا أيضا سببا رئيسيا في إصرار العمال على التدخل القضائي وبناءا على الدعوة المقدمة من قبلهم للقضاء تم إصدار أمر قضائي معمم على جميع المنافذ اليمنية بعدم السماح للمدير الشركة بالسفر إلى حين الفصل في القضية المقدمة ضده من قبل العمال.

ومع وصول الأمر إلى هذا الحد متجاوزا الخط الأحمر لكشف الحقائق كان لابد من تقديم القرابين للجهات القضائية وكانت مؤسسة موانئ خليج عدن اليمنية ممثلة برئيس مجلس إدارتها هي أفضل قربان يقدم للقضاء ليسمح من خلال ضمانة المؤسسة لمدير الشركة المشغلة ( opm )بمغادرة البلد قبل أن تفتح أسئلة القضاء لتفوح بعدها رائحة الفساد الاستثماري وفضائح المتلاعبين بالقانون والذين تمكنوا من النجاة دون أي محاسبه.

ضل مصير عمال ميناء عدن معلقاً،ومع دخول شركة دبي المشغل الجديد مؤخراً عاد العمال لتنفيذ الإضراب للمطالبة بضمهم إلى الدولة تنفيذاً للقرارات السابقة غيران السلطة لم تلتفت بقدر من المسؤولية إلى مطالب العمال العادلة وكان حريا بوزير النقل الجهة المخولة بمصير هولاً العمال أن يوجه بضرورة إعادة تموضع العمال من قانون العمل إلى قانون الخدمة المدنية عملا بقرار مجلس الوزراء رقم (112) لعام 2004م بدلا من إطلاق التهم التي وجهها لبعض العمال بأنه قد تم الدفع لهم للقيام بالتحريض وإعاقة العمل .

وكان حريا به أيضا أن يقوم بطمأنة العمال المتفانين في أعمالهم المتجلدين الصابرين على هشاشة أمنهم المعيشي الناتج عن عدم الاستقرار الو ضيفي بدلا من اعتقال لجنتهم النقابية والزج بها في السجون وملاحقة من تبقى منها امنياً .

لقد أصبحت مثل هذه التهم الموجهة من قبل المسؤولين شيء مألوف بالنسبة لعمال ميناء عدن بهدف إعطاء الجهات الأمنية الغطاء القانوني للتدخل بكل قوة بالاعتقالات والركل والرفس وممارسة أساليب المساومة بالتنازل مقابل إطلاق السراح وسحب التهم كما حدث مؤخراً من اعتقال لقيادات نقابية مع بداية تسلم شركة دبي للميناء.

لقد أوصلت السياسات العمياء والتخبط العشوائي للحكومة تجاه ميناء عدن الحيوي والاستراتيجي لليمن إلى مرحلة خطيرة في القضاء على هذا الصرح الاقتصادي بدلاً من الاستفادة من دروس الماضي أو الاقتداء بالأعمال الجبارة التي نفذتها سلطنة عمان بتحويل ميناء "صلالة" المغمور مؤخراً إلى واحد من أهم الموانئ في المنطقة، والتي تديره شركة (ميرسك) الأمريكية الدانماركية المشتركة.