تفاصيل مروعة عن جريمة قتل فتاة في صنعاء 18شهيدا بغزة والاحتلال ينسف منازل بشمال القطاع وجنوبه ندوة حقوقية في مأرب تسلط الضوء على أوضاع المرأة اليمنية بعد انقلاب الحوثيين تحقيق 42 ألف مستفيد من خدمات الوحدة الصحية في القطاع العاشر بمخيم الجفينة تفاصيل حصيلة 3 أيام من الحرب و الاشتباكات في سوريا الكشف عن أكبر منجم جديد للذهب في العالم قد يقلب الموازين ويغير التاريخ عاجل: المليشيات الحوثية وتهدد بإعتقال مشائخ ووجهاء محافظة إب المعتصمين بدار سلم وتفرض حصارا بالاطقم المسلحة على مخيمات المعتصمين الباحث اليمني نجيب الشايع يحصل على درجة الدكتوراه بامتياز في مجال جراحة المخ والأعصاب الرئيس العليمي يصل الإمارات مليشيات الحوثي تواصل إرهاب الأهالي بمحافظة إب وتلجأ الى فرض الجبايات بالقوة والاكراه ومن يرفض يتم الاعتداء عليه
في منتصف شعبان نحتفل كأنه عيد .!
نزين البيت ونلبس الجديد ونذبح الذبائح ، في المساء تعد أمي لكل فرد منا كعكة ، ننتظر فطائر الكعك على أحر من الجمر ، تضعها في التنور ، نراقب بخوف وقد وضعنا أيدينا على قلوبنا ؛ فمن تسقط كعكته وتحترق فهذا يعني أنه سيموت .
ولأن لي مكانتي الخاصة عند أمي فقد أعدت فطيرتي قبل الجميع ، نضجت فأخرجتها ساخنة ، تنفست الصعداء فرحاً ، لقد نجوت من الموت ، شرعت ألتهم الفطيرة بشهية تزغرد في عيني الفرحة ، لم يعد يهمني ما سيحدث للآخرين .!
في أعماقي تمنيت أن تسقط كعكة أختي الكبيرة ، تضربني باستمرار وتمنع أمي من تدليلي ، لقد عاتبت أمي لأنها بدأت بتجهيز فطيرتي قبل غيري .
يا لها من وقحة .!
ليت فطيرتها تسقط وتموت .
في ذلك اليوم حدث ما لم نكن نتوقعه ، لقد سقطت فطيرة أمي واحترقت ، ألجمتنا المفاجأة واجتاحنا شعور عارم بالحزن ، لقد أيقنا أن أمنا ستموت بلا شك فهرعنا نحضنها ونقبل رأسها ونبكي بينما ضحكت قائلة :
ـ الأعمار بيد الله لا تخافوا من هذه الخرافات .
عندما وجدناها قوية متماسكة حاولنا التماسك ونسيان ما حدث ، لكن جدار الأمان في داخلنا كان قد تداعى فحولنا المنزل إلى سرادق عزاء حتى بدأ الخوف يهاجم أمي .
في ذلك اليوم العصيب الأسود طلبنا من أمي أن تسامحنا وتدعوا لنا ، وعلى الفور تحولت أمي إلى ملكة وتحولنا إلى خدم لها ، جهزنا لها أفخر مجلس وشرعنا ندللها ونقبل أقدامها ، منعناها من دخول المطبخ أو القيام بأي عمل ، تأمر فنسارع إلى طاعتها ، تتحدث فنصغي لحديثها ، ما تتمنى شيئا إلا وسارعنا إلى تنفيذه .
لقد قطعنا على أنفسنا عهداً أن لا تموت إلا وهي راضة عنا ؛ والله وحده يعلم كم بقي من عمرها ؟
ـ ربما ساعات
أو أيام ..
أو أسابيع .
لكنها ستموت بلا شك فقد سقطت فطيرتها واحترقت .
وكانت ليلة حزينة ، أنزوى كل واحد منا في ناحية من البيت يبكي الرحيل المنتظر لأمنا التي تذكرنا فجأة فضائلها وقصص تمردنا عليها وندمنا أشد الندم .
صلينا ودعونا الله أن يطيل عمر الوالدة ، مسحنا دموعنا وحاولنا إخفاء حزننا وتحلقنا حولها من جديد .
لأول مرة تعرف منا الطاعة التي كانت تتمناها .
نمت بجوارها ، وحين صحوت في منتصف الليل وجدتهم قد نقلوني إلى الغرفة ، كنت وحيدا فخرجت أبحث عنهم ، كان إخواني كلا في زاوية يبكي بصمت فيما أمي ما تزال تمضغ القات في المجلس ومداعتها ( النارجيلة ) تقرقر ، من الباب استرقت النظر إليها ، تنفث دخان المداعة وهي غارقة في شرودها ، حتى الراديو الذي تعودت على سماعه يقبع صامتاً في النافذة .
لمحتني ونادتني فذهبت إليها احتضنتني وقبلتني ، وشرعت تحكي لي القصص ، ظلت يداها تحسس شعري حتى نمت بجوارها من جديد .
في اليوم الثاني عقدنا اجتماعا هاما في إحدى الغرف وقررنا أن تذهب أمي للحج ، سنبيع الثور والبقرة ونصف الأغنام لتذهب إلى الحج ، لكن أخي تساءل :
ـ هل ستعيش أمي إلى موسم الحج ؟!
وحينها انفجرنا بالبكاء ولم نسكت إلا حين اقتحمت أمي اجتماعنا متسائلة عما يحدث .
لقد أخبرتنا أنها سألت عمها الشيخ سالم وهو عالم كبير :
ـ هل يموت من تسقط فطيرته ؟
فأكد لها ضاحكاً أنها خرافات غير صحيحة .
لم نصدقها لقد ظننا أنها تريد تطميننا ليس إلا .
رفضت أمي أن نبيع المواشي لتذهب للحج أو العمرة ، أكدت لنا أنها غير قادرة على الذهاب للحج وتركنا لوحدنا .
وتوالت الأيام وجاء موسم الحصاد فحرصنا على أن تظل أمي بالمنزل ، قمنا بكل الأعمال نيابة عنها .
لقد حرصنا على أن لا تخرج من البيت .
لقد سمنت أمي وزاد وزنها وأبيض وجهها لبقائها بالبيت كأنها عروسة تستعد للزفاف .
لقد أعجبها تفانينا في خدمتها ، تأمر فنطيع ، وحين تتحدث نصغي لها بكل اهتمام .
وحين ينسى أحدنا قصة الفطيرة ويتباطأ في خدمتها تقول :
ـ الله يعلم كم بقي في عمري
وتتأوه وتردد :
ـ أسأل الله حسن الختام
وحينها نتذكر ما حدث ونهرع إلى خدمتها وطلب السماح منها .
لقد أنتظم شأن البيت وصارت أمي أسعد نساء القرية .
تمضي الأيام ونحن نعيش بخوف ، ونواصل خدمة أمي التي ما تزال تعيش معنا بكامل صحتها وتدعوا لنا .
رغم الخوف الذي نعيشه فقد مر العام سريعا ولم يبق لمنتصف شعبان إلا شهرا واحدا نعد أيامه بكل خوف .
لقد نذرنا لله أن نصوم شهرا كاملا إن نجت أمي من الموت .
ودخل شهر شعبان وصارت الأيام تمضي بطيئة ثقيلة ..
كل صباح نصحو بفزع نتفقد أمي ، وحين نجدها تشرب قهوتها وتستمع للقرآن نحمد الله أنها ما تزال على قيد الحياة .
وفي منتصف شهر شعبان كانت فرحتنا الكبرى أن أمي تجاوزت مرحلة الخطر ولم تمت كما توقعنا .
تحلقنا حولها وهي تعد الكعك .
لم يعد الخوف يداهمنا كما كان في الماضي فهذه أمنا لم تمت رغم سقوط فطيرتها ، في هذا العام أخرت أمي فطيرتها إلى النهاية لكنا لم تسقط ، حينها فرحنا واحتفلنا بنجاتها فيما كانت أمي الوحيدة التي حزنت لعدم سقوط فطيرتها .!