أنا مراسل الجزيرة.. لكن في العصر العباسي
بقلم/ أحمد الشلفي
نشر منذ: 14 سنة و 8 أشهر و 18 يوماً
الثلاثاء 23 مارس - آذار 2010 08:00 ص

احاول ان اعيد كتابة مقال مرة اخرى.

الوضع بالنسبة لي لم يعد يحتمل او هكذا يخيل الي بعد ان اصبحت قناة الجزيره التي اعمل فيها مع زملاء مهنيين ومحترفين في كفه ووحدة الوطن واستقراره في كفة أخرى.

 غير أن علي ان أكسر حاجز الصمت القاتل واتحدث قليلا عن يقين مكرر وجازم أن وطنا رائعا كوطني الذي انتمي اليه وأحبه ولا تستطيع كل سلطات العالم ان تحاول اقناعي بغير ذلك لا يحتاج في لحظات الحشرجة هذه سوى الى جرعة حريه فقط لا أكثر.

جرعة الحريه هذه لا يهم كيف ومتي واين تقال؟ .

سأتجنب فعلا ان اقدم عريضة دفاع عن الجزيرة في اليمن.. هذا ما لاأحبه بالفعل ويجدر بي ان ابحث عن اسلوب مختلف للحديث عن جرعة حرية ضروريه قد تكون بملء الكف وقد تكون اكثر من ذلك .

لست أيضا معنيا بالحديث مرة أخرى عن التزامي والتزام زملائي المهني فمن لا يريد ان يقتنع سوف يجد ألف طريقة لذلك.

اليوم لم يعد من المجدي الحديث هل ان وسائل الاعلام تكذب ام لا؟

الصور التي تتجاوز كل وسائل المنع والرقابة أصبحت ملك الناس قبل القنوات لدرجة انها تزيد احيانا على الحاجه بعد ان تعددت وسائل الاتصال والتكنولوجيا.

 والطرق التي توفر امكانية النقل اصبحت سهله لدرجة ان عدم السماح بدخول أجهزة البث او الخوف منها تبدو سذاجة لاتنم عن ذكاء يحتاجه العاملون في مجال الأعلام وما أشبه.

 اذن كيف تكذب وسائل الأعلام اذا كان الامر على هذا النحو من التطور والتقنيه والمشاهدة المباشرة?

 يعرف الذين يصرون على مواجهة الاعلام الحر كل ذلك ولكنهم لا يريدون القيام بشيئ في اتجاه تعامل مختلف مع هذه الحقائق .

 لا تريد السلطات في عالمنا العربي ان تجهد نفسها وموظفيها في النظر الى الاعلام الجديد والتعامل معه من زاوية مختلفه على الأ قل من جهة التعامل معه كخصم شريف او حتى خصم يستحق مجموعة من الاستراتيجيات لمواجهته بشكل جدي.

منذ عرفت الاعلام قارئا وعاملا في الصحافة اليمنية لم اجد تغيرا في اللغة المستخدمة لدى أجهزة الأمن والاعلام تجاه من يصفونها بوسائل الاعلام المضاده ..يعود الامر الى كسل موظفي هذه الأجهزه و الى انعدام وسائل الابتكار وتجديد حتى لغة التخوين والشتم.

 ربما قبل مئة سنه لم تدخل هذا القاموس اضافة جديده لا على مستوى اللغة ولا حتى الامكانيات.

 اليوم تدار وسائل الاعلام الرسميه بنفس الطريقة التي اديرت بها اول صحيفة عرفت الحياه

لست هنا بصدد مناقشة مكامن الاخفاق والنجاح ومدى امكانية تعديل السلوك الرسمي في النظر للحاجةالى اعلام حر مهني وملتزم يتواكب والحاجة الى احداث اصلاحات جذريه في أي نظام وفي أي بلد.

 في الاصل أنظر الى مفهوم اثارة البلبله الذي يلصق بالصحافه اياكانت على انه مفهوم بال لا يتسق ومقتضيات مواجهة المعلومه..

 تذكرني عبارات اثارة الفتنه والبلبله بعصور غابره وبالشرط والعسس وما اشبه.

اثارة البلبه لم تعد صيغه مناسبه في عصر الصورة والانترنت واجهزة البث المتعدده وفي عصر المواطن الصحفي الذي يستطيع ان يمارس دور الصحفي دون ان ينتمي الى مؤسسة صحفيه.

 تضيع وسائل الاعلام الرسميه وقتا طويلا لتبحث عن تصنيفات وشتائم للصحفيين ووسائل الاعلام وتنسى ان عليها مثلا ان تجهز ناطقين رسميين على قدر كبير من التمرس ومراكز اعلام وان تزودهم بمعلومات صحيحه لقطع أي طريق على معلومات خاطئه.

 بل انها اذا فعلت تزودهم بمعلومات مغلوطه بداية النهار .. ثم تقضي بقية نهارها في شتم الوسائل التي فبركت تلك المعلومه.

 تضيع السلطات وقتا اطول وهي تشتم معارضا ووسيلة اعلامية استضافته وتنسى انها بحاجه الى معاونين أذكياء يستغلون المنابر الاعلاميه ويقدمون حججا دامغه بدلا من استهلاك مفردات عفى عليها الزمن.

 تضيع السلطات أوقاتا طويلة من اعمارنا ونحن ندقق في معلومة تافهة احيانا لنقلها للجمهور لنجد بعد ايام مثلا انها غير صحيحه وان الكتمان منحها البقاء وأحيانا المشروعيه.

اليوم وبعد سنوات من العمل أشعر بأهمية كوني صحفيا ولكن احتاج لمن يقول لي بان اساء ة فهم الصحفي على هذا النحو مع توفر كل وسائل الاتصال هذه لا يمكن ان تحدث الا في العصر العباسي مثلا