مستقبل اليمن مئآلات سقوط صنعاء
بقلم/ د.مروان الغفوري
نشر منذ: 10 سنوات و شهرين و 24 يوماً
الثلاثاء 16 سبتمبر-أيلول 2014 02:03 م

صحيفة اليوم السعودية تسمي اليمن في افتتاحيتها "يمن الخليج"!

الصحف السعودية كلها تنصح الحكومة السعودية بالإسراع إلى إنقاذ صنعاء ولو اقتضى الأمر تدخلاً عسكرياً "عكاظ، الشرق الأوسط، اليوم، الوطن .. على سبيل المثال"!

هل سيحدث أن يخوض الجيش السعودي في شمال اليمن تلك الحرب التي خاضها الجيش المصري قبل نصف قرن، وضد الخصم نفسه؟

ما أدركه جيّداً، على المستوى الشخصي، هو أن اليمن التاريخي سيصبح قريباً جزءً من الماضي. وأنه في طريقه إلى التفكك إلى ثلاث دول على الأقل.

دولة كهانة وخوف في الشمال.

دولة متحضرة في الوسط.

ودولة ذات حظوظ جيّدة في الجنوب،

وربما دولة إسلامية في الشرق..

حتى هذا الشكل من التمزيق يبدو أيضاً بعيد المنال. فقد تراوح اليمن لعشرات السنين بين التمزيق والتوحد. أي في حالة موجة لا قرار لها، حالة اللادولة. سيصبح التفكيك حلماً بعيد المنال، ربما. أما عودة اليمن التاريخي الكبير ذي النصف مليون كيلو متر مربع فقد يصبح من اللامفكر فيه..

هذه مجرّد مخاوف، لا أستطيع قياس وزنها المنطقي.

سينال الحوثي منزلة الفأر الحديث. سيكون الفأر الأسود الذي حكّ لثته في جدران اليمن حتى انهارت الجدران.

صنعاء ليست قرية يمكن للميليشيا أن تسقطها بسهولة. فهي تبدو في هذه اللحظة كنفق طويل معتم غير صالح للرقص المنفرد. كما أن عود ثقاب واحد سيكفي لاشتعال النيران فيها لسنين طويلة. عندما تشتعل الحرب ستلتهم الجميع. لا ينجو من الحرب أحد، وليس من أمر جيد في الحروب سوى منع حدوثها. تنتقل العقول من الرؤوس إلى الأصابع، ويهبط اليقين إلى فوهات البنادق، ويصبح القتل هو الوسيلة الوحيدة للنجاة. بعد يوم واحد من اشتعالها يدمن المحاربون عويل النساء والأطفال.

إذا اشتعلت الحرب في صنعاء ستغلق مطارات العالم في وجه اليمنيين، سينهار الريال، وتغلق الحدود. ستصبح جوازات السفر اليمنية ملغية، وسيصبح كل يمني خطراً أمنياً في كل جغرافيا يتواجد فيها. حتى الشهائد التي تملكها ستصبح بلا قيمة، كما كل وثيقة، لأنها صادرة من لادولة. بمعنى آخر: سيتلاشى الوجود الحضاري للكائن.

توجد 160 أسرة هاشمية في صنعاء. تورّطت نسبة كبيرة منها في تمجيد حروب الحوثي والتبشير بها. هذه الأسر ستقع، للأسف، في مرمى النيران فيما لو اشتعلت الحرب. ستبكي صنعاء طويلاً.

قد يكسب الحوثي الحرب في صنعاء، في المشهد الأخير، لكنه سيخسر اليمن. سيصبح قائداً متوحّشاً لجبال معزولة. سيعيش على أكوام من الجثث، وستحاصره لعنات الموتى وذويهم. لن يكون بمقدوره أن يدمج ثلاثين جبلاً في الحضارة الراهنة.

سيرث الثلاثين جبلاً وسيقدمها لفارس. غير أنّ فارس سيقلق، لن يصدق أن الثلاثين جبلاً كنز ثمين. سيتذكر الحوثي الحجازي مقول بن يزن اليمني لملك فارس: بلدي الذهب في حقيقته. لكن فارس سيعض على شفته السفلى، ويهزّ رأسه: لم نعد بحاجة إلى الجبال، لدينا ما يكفي منها.

وربما يقول فارس: حسناً، نحن بحاجة إلى هذه الجبال، لا بد وأن تبقى جبالاً ومغارات حتى يكون بمقدورنا استعمالها في الظلام.

لا يعلم أحد ما الذي يمكن أن يحدث. شيء وحيد أجدني أكيد منه وهو أن اليمن التاريخي سيتلاشى كلّياً. ستنهض يمنات صغيرة ربما غير قابلة للحياة.

إلى العالم الخارجي، إلى العالم المتحضر:

إذا كنتم تقرؤون في الترجمات التي وصلتكم عن الإسلام أن النبي محمد جاء بالسلام والسكينة، فنحن المسلمين نعيش مع أولاده. إنهم يشعروننا بالخوف والهلع. يخيروننا بين أن ننحني لهم، ليصبحوا أسياداً في عصر الحرية اللامحدودة. أو أن نصبح دواعش وإرهابيين نستحق الموت حتف أنوفنا. نعيش في قاع أسطورة متوحّشة، سردية عظيمة كل أنهارها دم. خرج جياع السلطة من ملابسهم التنكّرية، وأشعلوا النيران في ليلنا الذي لم يخبُ رماده قط!