الحركة الحوثية : ظالمة أم مظلومة...؟!`
بقلم/ علي أحمد العمراني
نشر منذ: 10 سنوات و 5 أشهر و 6 أيام
السبت 05 يوليو-تموز 2014 08:32 م

قبل يومين ألزمت نفسي بمتابعة "السيد" عبد الملك الحوثي وهو يتحدث في محاضرة رمضانية بثت من القناة التابعة للحركة ورأيت سمته وكلامه لا يختلف كثيرا عن دعاة دين آخرين مسالمين !.. كان يتحدث عن أهمية أثر العبادات على الفرد ومنها الصلاة والصيام ، وليس في كلامه ما له علاقة بالقتال.. ومع ذلك كنت أجد صعوبة في المواءمة بين ما أسمع وأشاهد، وما أعرف وأعلم .. ! .تحدث عن الظلم الذي يقع على المسلمين من غيرهم، وعن التظالم الذي يقع من المسلمين على بعضهم..

وتساءلت في نفسي : كيف يرى هذا الشاب الجاد حركته وهي تتوسع من مران إلى عمران وهمدان ، هل يراها ظالمة أو مظلومة ..؟!

وتساءلت أيضا : هل بالإمكان أن يكون هذا الشاب الجذاب يوما داعية سلام ووئام في اليمن ، وهي الأكثر أحتياجا إلى دعاة السلام والوئام من أمراء الحرب والتفرقة..؟! وهل يمكن إن يفكر في تحقيق مآربه وتطلعاته بالعمل السلمي..؟! أقول هذا حيث أعلم أن عبد الملك ليس المؤسس أو المؤصل للحركة الحوثية وليس كلما فيها من بنات أفكاره وجهده أو قناعاته بالضرورة، وهو لا يزال شابا يمكن أن يأتي بشيء يغير ويحول ويبدل ويصلح، ولكن لا بد أن يحصل ذلك إذا كان له أن يحصل، قبل فوات الأوان .. !

ولا بد من التأكيد هنا، على أن استمرار الحوثية القتالية / الجهادية / على ما هي عليه، ينهك اليمن ويحطم أواصرها ويقوض السلام الاجتماعي فيها بشكل عميق، وإلى حد غير مسبوق تاريخيا ، ولعل الشواهد واضحة في المناطق التي سيطرت عليها الحركة...

وقد لا يدرك كثيرون أن السيف هو الذي قوض بنبان هذه الأمة منذ البداية.. وأن كلما تم تشييده بالسيف هدم به أيضا ...! ولننظر ما الذي انتجته ثقافة السيف في اليمن ذاتها منذ أكثر من آلف عام..؟! لا شيء يعول عليه أو يعتد به في الكسب الثقافي والبناء الحضاري وكرامة الانسان ...

ربما لا يدرك المقاتلون باسم الدين أو المذهب أنهم إنما يقوضون الدين نفسه أوالمذهب في المحصلة النهائية، وسينصرف الناس عن دين أو مذهب يشع كراهية ويبرق عنفا ويمطر موتا وقتلا .. وغالبا ما يأتي الحساب بعد فترات التعبئة والتحشيد ..

لدي معارف من الأخوة الحوثيين ويمكن اعتبار بعضهم أصدقاء ولو من طرف واحد..!

من أولئك، شخصان نابهان عضوان في المكتب السياسي لجماعة الحوثي أعجبت كثيرا بلباقتهما في الحديث ودماثة خلقهما..، زارني الشابان بترتيب من صديق ثالث الى المكتب عندما كنت في وزارة الإعلام..! قلت لهما أنني ممن ينظر إلى الحركة الحوثية باعتبارها تنظيما يشكل خطرا على البلاد ، طالما استمر ولعها بالسلاح وانغماسها في العنف والبطش والدمار ..!

وتمنيت مخلصا، مثل كثيرين، لو تتحول الحركة إلى تنظيم سياسي مدني ينبذ العنف..! وسأكون أول المرحبين بذلك، فنحن في الأخير أخوة وإبناء بلد واحد ...

وعبرت عن تفهمي لدعوة قائدهما عبد الملك للمصالحة الوطنية، لكنني قلت حينها وأقول الان ودائما ، إن المصالحة التي يطرحها "مقاتل" ومسؤول عن التحشيد للقتال والتوسع مثل عبد الملك، ستكون ذات دلالة وتقبلا عندما يمر على أخر طلقة رصاص، وآخر جريح أو قتيل زمناً لا يقل عن شهور أحيانا، وغالبا سنوات ...

ويبدو أن السؤال الكبير الذي يجب طرحه أمام الأخوة الحوثيين : كم يلزمكم من القتال إو القتل حتى تحقيق الأهداف....؟!

وقريب من هذا التساؤل سبق وطرحته في مقابلة مع صحيفة الأهالي في شتاء 2007 في سياق الرد على سؤال عن بنية الجيش اليمني وغلبة ولائه العشائري حينذاك ، وقلت : كم ستقتل من شعبك حتى تستمر ، في حال قيام ثورة شعبية ..؟! وكان التساؤل موجها للرئيس السابق، ربما بشكل غير مباشر .. !

خلافا لما كان عليه موقف المشترك في الحروب السابقة لم أر الحوثية مظلومة ( إلا ما يمكن اعتباره من قبيل ظلم النفس أو تعرض أبرياء لويلات الحرب ونتائجها ).. وأنظر إليها باعتبارها قوة متزمتة أصولية توسعية (ويلاحظ عليها شيء من العجرفة والتعالي أحيانا) تنتهج العنف سبيلا لنيل المطالب وتحقيق الأغراض .. وخلافا لما نسب لرئيس الوزراء السيد باسندوه لم ادع للحوثيين يوما بالنصر، لكنني كنت ولا زلت أتمنى حقن دماءهم ودماء جميع اليمنيين منذ البداية والآن.. وفي المقابل من الصعب الدفاع عن حماقات وأخطاء النظام السابق في التعاطي مع الحوثية وغيرها.. لكن ذلك لا يعني أننا في النظام اللاحق مصيبين فيما نفعل في مواجهة من يستخدم العنف والبطش مع الدولة ومواطنيها، ومنهم أيضا أولئك الذين يقطعون الكهرباء والنفط والطرق .. ويعلم زملائي السابقين في مجلس الوزراء أن هذا هو رأيي وموقفي بكل وضوح، وطالما عبرت عنه في مجلس الوزراء، وهو رأي آخرين في مجلس الوزراء أيضا ..

خلافا لكثيرين ومنهم أكثرية موتمرية الان، لا أرى أن الحرب التي تدور اليوم في عمران وغيرها حرب حوثية إصلاحية لا ناقة لليمن فيها ولا جمل، بل هي في حقيقة الأمر امتدادا للحروب السابقة، وتأكيد لنهج حوثي في الاستناد الى القوة في وجه من يقف في سبيل ما يريد من هيمنة ونفوذ، وسيطرة وتوسع تفرض بكل الوسائل بما في ذلك القوة، بل بالقوة خصوصا...

قلت للشابين القديرين أن مواقفنا من الحوثية ليست نهائية فلو غيروا فسنغير، بل إن كثيرين يحترمون قائدهم على المستوى الشخصي وإن كانوا خصوما ومناوئين له، وقد يروق للبعض بعض سمات عبدالملك الحوثي،ومنها بساطة المظهر التي يبدو بها، غير أن ذلك كله يتلاشى ويذهب سدى في حال تذكر وتقييم آثار الحركة الحوثية على اليمن منذ بزوغها وحتى الآن.

لكننا عندما ندرك أن في الامر جديد يصلح حال اليمن ، سنرحب بالتأكيد ... !

وإذن ، ننتطر ونرى...!

*نقلاً عن صفحة الكاتب بالفيس بوك