حجاب زوجة الرئيس
بقلم/ احمد منصور
نشر منذ: 17 سنة و 3 أشهر و يومين
الثلاثاء 28 أغسطس-آب 2007 04:38 م

تعيش تركيا هذه الأيام حالة من النقاش الحاد ليس حول الرئيس الجديد لتركيا وهو المرشح الوحيد والقوي وزير الخارجية عبد الله جل الذي سيتم اختياره بشكل نهائي بعد الجولة الثالثة من اقتراع البرلمان التركي في الثامن والعشرين من أغسطس ، ولكن بسبب حجاب زوجة الرئيس خير النسا أوزيروت ، فمنذ قيام الجهورية العلمانية التركية فى العام 1923 لم تظهر زوجة رئيس تركي وهي ترتدي الحجاب ، بل إن الأمر ذهب إل ي أبعد من ذلك حينما أصدر العلمانيون الذين يحكمون تركيا قرارات تمنع أي امرأة محجبة من الألتحاق بالجامعات مما دفع كثيرا من الأتراك المحافظين والميسورين إلي إرسال بناتهن خارج تركيا للدراسة والحصول علي الدرجات الجامعية ، وكافح العلمانيون كفاحا مريرا طوال السنوات الماضية في حربهم علي الحجاب رغم أن هذه الحرب تناقض أبسط مباديء العلمانية التى تقوم علي احترام الحريات الشخصية ،

كما أن أتاتورك نفسه مؤسس الدولة التركية العلمانية لم يعلن تلك الحرب بهذه الفجاجة علي الحجاب كما أعلنها المتمسحون بمبادئه

لكن بعد أكثر من سبعين عاما جاء قرار الشعب التركي باختيار حزب العدالة والتنمية بأبرز قادته الذين تظهر زوجاتهم بجوارهم وهم يرتدون الحجاب ومنهم عبد الله جول الرئيس القادم لتركيا ، ولأن معركة العلمانيين مع جول فشلت لاسيما بعد النجاح الهائل الذي حققه حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المبكرة التي أجريت فى شهر يوليو الماضي ، وضمن نجاحا مريحا لمنصب الرئاسة وإن كان فى الجولة الثالثة لمرشحه للرئاسة عبد الله جول ، إلا أن نكبة العلمانيين فى تركيا ليست فى نجاح جول وإنما في أن سيدة القصر الرئاسي خير النسا أوزيروت ترتدي الحجاب ، ومن ثم فإن هذا يعني هزيمتهم في الحرب علي الحجاب التى شنوها طوال العقود الماضية ، ويعني أيضا أن القوانين التى كانت تجرم ارتداء الحجاب في طريقها إلي الزوال ، وتعني أيضا أن التى لم تكن تجرؤ علي ارتداء الحجاب أو تخاف أو تتحسب لنظرات أو انتقادات العلمانيين سوف تتشجع لأن زوجة الرئيس ترتدي الحجاب ، كما أن الرئيس القادم عبد الله جول أعلن بشكل واضح : " أن الحجاب خيار شخصي علي الجميع احترامه " وقد اعتبر المراقبون أن هذه مقدمة لإلغاء كافة القوانين المقيدة لارتداء الحجاب أو منع المحجبات من دخول الجامعات أو ارتقاء الوظائف العليا أو الرسمية فى الدولة

لذلك فقد نقل العلمانيون فى تركيا نقلوا معركتهم من جل إلي زوجته وأعلنوا أنهم سوف يقاطعون أي احتفالات يدعو إليها الرئيس وتحضرها زوجته بحجابها كما أنهم سوف يوجهون الدعوات الرسمية في احتفالاتهم لجول وحده دون زوجته ، جل لم يعرهم اهتماما وقال إن فعلوا ذلك فقد أراحونا ، كما نوه إلي أن زوجته غير مهتمة بحضور كل المراسم والحفلات الرسمية ، ويشير بعد المراقبين إلي أن المعركة لاي مكن أن تنتهي عند هذا الحد فكل طرف يسعي من جانبه لاستغلال أي فرصة لأثارة الموضوع علي طريقته لكن مراقبين آخرين يقولون بأن الشق الأساسي من المعركة قد انتهي بهزيمة العلمانيين في معركة الحجاب حيث ينتظر القصر الرئاسي التركي وصول السيدة الأولي بحجابها خلال أيام

وقد أفردت مجلة " تايم في عددها الصادر في 23 يوليو الماضي غلافها لصورة شابة تركية محجبة اضطرت للذهاب إلي الولايا ت المتحدة للدراسة حتى تحافظ علي حجابها ثم عادت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وأبدت ارتياحها الآن من أن حزب العدالة والتنمية سوف ينهي مشكلة الفتيات المحجبات ومنعهن من الدراسة في الجامعات ، ولم يقف الأمر عند مجلة " تايم " بل إن كثيرا من الصحف التركية علقت علي حجاب زوجة الرئيس ربما أكثر من تعليقها علي اختيار الرئيس نفسه الذي أمرا لا جدال فيه ، وكتبت عشرات المقالات والتعليقات في تلك الصحف كان من أطرفها إشارة الكثير منها إلي أن زوجة عبد الله جول قد اتفقت مع أحد مصممي الأزياء العالميين في إيطاليا علي أن يصمم حجابا جديدا لها ، يصبح " موضة " لدي النساء التركيات يجمع بين شروط الحجاب الواجبة شرعا وفي نفس الوقت يجاري أحدث صيحات الموضة ، بحيث ترتديه كل النساء حتى غير المتدينات في تركيا .

هذه المؤشرات تدل علي أن معركة حجاب زوجة الرئيس ستأخذ خلال الفترة القادمة أشكالا أخري من المواجهة وربما من الطرافة أيضا ، لكن زوجة الرئيس يبدوا أنها تعد نفسها بحجابها ليكون وسيلة لتغيير وجه تركيا وليس نظام حكمها فقط .