تنفيذا لأوامر ترامب.. السلطات الأمريكية بدأت باعتقالات واسعة اغتيال مسؤول في حزب الله بالرصاص أمام منزله في البنان واتساب تعتزم إتاحة المشاركة عبر إنستاجرام وفيسبوك باكستان تكشف عن موافقتها على شروط بنكين في الشرق الأوسط لمنحها قرض بمليار دولار تعرف كم بلغ الإنفاق الحربي لإسرائيل في عام 2024؟ أول عضو في مجلس القيادة الرئاسي يكشف عن إنعكاسات عودة ترامب الى واجهة المشهد الأمريكي وخيارات الحرب ضد الحوثيين المركز الأمريكي للعدالة يدين محكمة في شبوة أصدرت حكماً بسجن صحفي على ذمة منشور على الفيسبوك السفير اليمني بدولة قطر يزور معسكر منتخبنا الوطني للشباب بالدوحةضمن استعداداته لنهائيات كأس آسيا بالصين من نيويورك.. رئيس الوزراء يؤكد للأمين العام للأمم المتحدة تمسك الحكومة بمسار السلام وفق المرجعيات الثلاث ويطالب بضغط دولي تجاه المليشيا بعد دعوات تشكيل لجنة من المحايدين لزيارة الأسرى.. حزب الإصلاح يعلن موافقته ويضع شرطا صغيرا يحرج الحوثيين ويضعهم في زاوية خانقة
قرن من الزمان أو يقل عن ذلك منذ ظهور اول فكرة لليمننة السياسية في منطقة جنوب الجزيرة العربية وذلك بإعلان قيام المملكة المتوكلية اليمنية بدلا عن المملكة المتوكلية الهاشمية, في محاولة للخروج من القمقم المذهبي لمشروع الدولة ( المملكة المتوكلية الهاشمية) الذي قامت عليه سلطة الأئمة الزيديين منذ وصولهم لهذه الركن من شبه الجزيرة العربية, الى مشروع الدولة الوطنية التي ترتبط بالمكان بعيدا عن التمذهب المحدود والمحاط بخصوم كثر بعد أدراك الإمام يحي بن حميد الدين عمق المتغيرات التي طرأت على الساحة الدولية بعد الحرب العالمية الأولى, خصوصا انكفاء الدولة العثمانية و تقاسم ارثها بين اطراف محلية واخرى دولية.
في ضوء هذا المعطى الجديد كبرت احلام الإمام وزادت أطماعه في ضم المزيد من الأراضي لزيادة مداخيله من الخراج من مناطق يحلم بضمها الى مملكته فكان ان اعتبر ان ما هو جنوب الطائف ومكة الى مضيق هرمز يدخل ضمن حدود مملكته الطبيعية , وبطبيعة الحال هذا يشمل الجنوب العربي, ولذلك دخل حروبه المعروفة ضد الادارسة في اقليم عسير ونجران وضد سلطنات الجنوب ابتداءا من بداية القرن الماضي لينتهي به الامر الى توقيع اتفاقية الطائف بعد خسارة حربه ووصول القوات السعودية الى بيت الفقية قرب الحديدة في 1934م واتفاقية اعتراف مع سلطنات الجنوب وبريطانيا في الجنوب , لينسحب بموجبها من بعض الأطراف التي احتلتها قواته في حدود المناطق الجنوبية المحتلة ويقر فيها بالحدود القائمة بين الطرفين.
استفادت اليمن بعد انقلاب سبتمبر من حالة المد القومي التي عمت المنطقة العربية والدعوة الى توحد الامة لكي تعيد إحياء مشروع الأئمة في إلحاق الجنوب العربي بما يسمى اليمن ولعبت العناصر اليمنية المهاجرة الى الجنوب للعمل ( كولية ) دورا لا يستهان في تزييف الوعي واستغلت عناصرها في حركة القوميين العرب لتجيير نشاط الحركة في هذا الاتجاه وبالمقابل تم شن حملة شعواء على الاحزاب الوطنية الجنوبية وخصوصا على اهمها واكبرها واقدمها رابطة ابناء الجنوب العربي وتم الإساءة الى كل ما قدمته من اجل قضية استقلال الجنوب العربي في المحافل الدولية ونضالها من اجل وضع قضية الجنوب امام لجنة تصفية الاستعمار في الامم المتحدة, لكي يتم فسح المجال امام الحركات الوافدة من اليمن لتأخذ الدور الأكبر في الإعلام فكان إسقاط كلمة الجنوب اليمني على الجبهة القومية هو خطوة في طريق يمننة الجنوب لينتهي بها الامر الى تسلم الحكم في 1967م بعد مؤامرة استبعاد كل القوى الجنوبية الاخرى وتشريدها بالتعاون مع بريطانيا ويصبح مسمى الجنوب العربي (جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية) ليس هذا فقط ما جرى بل تبعه عمليات تجريف شاملة لكل القوى والشخصيات الجنوبية في كل المجالات السياسية والاقتصادية والإعلامية من خلال السجون والقتل والإخفاء المنتهي بالقتل والتشريد. فيصل عبداللطيف تم التخلص منه بانقلاب 69م لانه كان يريد اصدار قانون الجنسية الجنوبية وسالم ربيع تم التخلص منه لانه رفض ان يصبح المعارضين اليمنيين ضمن الحزب الحاكم في الجنوب, قادة الجيش الجنوبي تم تصفيتهم لكي يفتح المجال امام المليشيا الحزبية, وقادت هذه السياسة عناصر معروفة للجميع, حتى قرار التأميم تم ابلاغ الكثير من التجار اليمنيين به قبل صدوره لكي يتخلصوا من املاكهم ويتجنبوا الخسائر وهذه مسائل ليست خفية على الكثيرين كل هذا قاد الى فرض اليمننة القسرية على الجنوبيين بعد ان تم تزييف التاريخ وتجاهل كل نضالات الجنوبيين في مواجهة البريطانيين وقبلهم في مواجهة ائمة اليمن قبل ما يسمى ثورة 14 أكتوبر والحديث المزيف عن واحدية الشعب والثورة الام وصنعاء العاصمة التاريخية و هلم جرا...., حتى وصلنا الى تسليم الجنوب لقمة سائغة لجحافل الطامعين في عام90م ويتم استباحة كل ما هو جنوبي عام 94م في الحرب العدوانية على الجنوب ليصبح الجنوبيين مواطنون من الدرجة الثانية في أرضهم .
تحول فكرة الوحدة من اتحاد بين دولتين يهدف إلى تنمية البلدين وتحقيق الاستقرار وتحسين حياة الناس كما نظر لها الكثيرين لم يدم طويلا فقد تحول هذا الحلم المثالي للوحدة بين الدولتين الى مجرد ضم وإلحاق دفع الجنوبيين للوقوف في وجه هذا المسعى الذي قاده أكثر ابناء اليمن تخلفاً(شيوخ قبائل, عسكريين ورجال دين) وبدلا ان يتم تعزيز الوحدة وجعلها جاذبة للجميع جرى اقصاء واستبعاد الجنوب شعبا و قانونا و ثقافة وابقوا عليه ارضا مستباحة وهو ما دفع الشعب الجنوبي العربي ان ينتفض ويرفض الاستكانة لهذا المصير الذي ارادته هذه القوى المتخلفة له وليخلع عنه وبصورة مستمرة لا لبس فيها يمننة لم يكن له اي راي فيها في اختيارها.
إن الحصيلة السوداوية لما اسمي بالوحدة كانت كافية لاسقاط مشروع يمننة الجنوب و تراجع المدافعين عنها وخروجها من وعي الجنوبيين، وبالتالي أصبحنا نعيش المشاهد الأخيرة لفكرة اليمننة التي ابتليَ بها الجنوب طوال 45 عام والى الأبد.