ربيع الشعوب وخريف الطغاة
بقلم/ عبد الملك العامري
نشر منذ: 13 سنة و شهر و 14 يوماً
الخميس 27 أكتوبر-تشرين الأول 2011 05:49 م

إن الحلم الذي كان يراود الشعوب المغلوبة على أمرها بدا اليوم حقيقةً ملموسةً جاءنا راكباً على مطية الربيع العربي فاتحة الخير ورسول الحرية وبازار الكرامة

ربيعٌ اخضرت أوراقه وأينعت ثماره وآتى أكله بإذن ربه

ربيعٌ زارنا على حين غفلة من غير إعداد العدة ولا أهبة استعدادات مادية تُذكر

ما أعظم هذا الربيع وما أجمله بعد طول شتاء قاحلٍ أكل الأخضر واليابس

ما أبهى طلعته وأجمل طلّته الزكية وإن كان هذه المرة جاء بعد عناء طويل وثمن باهظ لكن ميزته أنه رمى الشتاء في غياهب جبٍ عميق ليس له قعر فسيظل يهوي إلى أن يشاء الله

أيها الربيع طالما اشتقنا إليك ، طالما تغنينا فيك بقرارة أنفسنا وبحضرة أولادنا وبين الوديان وفي السهول وعلى الفيافي والبحار والقفار فأنت الأمل المنشود لهذه الشعوب المكلومة ، وأنت متنفسها الحقيقي ، بك تستقوي وتقول كلمتها غير آبهة بأحدٍ وبملئ فيها

الذي نطق حقاً بعد طول صمت ليفجر دوياً يزلزل عروش الطغاة القساة

أيها الربيع لقد مرت علينا عقوداً ونحن بانتظارك على أحرّ من الجمر لم أتذكر متى آخر مرة زرتنا فيها لأن الطغاة المجرمون هم من حالوا بينك وبيننا فخادعونا نحن أيضاً جاءوا لنا بورود مزيفةٍ وقالوا لنا هذا هو الربيع وتحت مسمى الحرية الزائفة والديمقراطية بمفهومها البلدي والحقوق التي لا نعرف منها إلا ما نسمعه في وسائل إعلامهم والمشاريع التنموية القليلة والتي لم تكن فضلاً ولا منّةً من أحد والتمييز الطبقي والخدمي تحت مسمى لكل مجتهد نصيب وبعبارات مبهرجة ومنمقة اقتنعت هذه الشعوب

لكن مقدمك أيها الربيع الجميل أفهم القاصي والداني أن الشعوب مهما تمادت ومهما صبرت ومهما طالتها يد الظلم والإجرام والاستبداد لابد وأن يأتي عليها لحظات تشعر بقيمتها الحقيقية وتخرج خباياها الكائنة في أغوارها معبرة عن ذلك بشكل ثورة عارمة تقتلع الظلمة وتهوي بهم في مكان سحيق إن هم ركبوا العناد وأصروا على إذلال شعوبهم عندها يدرك الطغاة حجم شعوبهم وتكون قد فاتتهم أنفسهم في الوقت الذي لاينفع الندم

يا أيها الربيع العربي الكريم : سيخلد التاريخ مقدمك بأحرف من ذهب على صحائف الأيام محبّراً بدماءٍ قانية اللون يفوح عبيرها مسكاً حتى قيام الأشهاد ، وسيخفق علمك على قمم الجبال الشامخة ويرفرف أريجك على ضفاف كل القلوب التي شهدت وتشهد انسداحك اللطيف على أرضنا ، وستظل حكاية الصغار قبيل الغروب وبعد كل شروق ،

فمن خلالك أيها الضيف الكريم سنرى النور وينقشع عنا غبار الجهل

سنصنع المجد التليد الذي بدأناه ونعيد أمجاد آبائنا الأشاوس ، ونُخضع الدنيا برمتها لنا ونفرض ثقافتنا وحضارتنا التي غُيبت كل هذه العقود بسبب حكامنا لا سامحهم الله

إنني أيها الربيع العربي العظيم أكتب هذه الكلمات وكلي أمل بأنك ستغير حالنا وحال الأرض التي نقطنها إنني على يقين بأنك وبرفقة كل أبنائك الغيورين على أرضهم وأوطانهم ستصنعون العجائب وستدين لكم الدنيا بكلكلها والأرض برمتها وأنا لا أبالغ إن قلت هذا

فبوادر الخير بدت من أرض تونس الحبيبة وظهرت جليةً من ليبيا الأحرار وأحفاد المختار وكان السبق لأرض الكنانة قبلاً وسيرى العالم ما يصنع الربيع بشامنا ويمننا .

مشاهدة المزيد