يعز من يشاء ويذل من يشاء،هكذا انتهت حكاية الزعيم،خليفة المسلمين،ملك ملوك أفريقيا!!!

أين ثائر البادية،ومجاهد الخيمة،ومقاتل الأمريكان،أين صاحب أسطورة زنقة زنقة!!أين قاهر الجرذان!!أين وأين!!كل تلك التساؤلات انسحقت مذهولة أمام الجثة الهامدة للعقيد،وقبل ذلك أمام نظراته المذهولة التي بعثرها في عيون الثوار وهم يسوقونه إلى مصيره الأخير.

الشعب الليبي شعب حر،أخبرنا التاريخ بذلك،وأيقنا بصدق ذلك عندما علمنا وتعلمنا قصة عمر المختار المجاهد البطل،ورأينا ذلك منذ أن خرج الثوار رجال ليبيا الحرة ليفدوها بأرواحهم،الشعب الليبي كان سابقاً مجرد كتاب أخضر وملامح ساذجة للقذافي يتصدر المحافل الدولية ليعكس صورة همجية ومتخلفة لشعب حضاري اختفى خلف تراهات أشاعها القذافي على أنها حكم ودساتير،قام الشعب الليبي بثورته ليستعيد حضارته ورقيه وإيمانه.

من طرابلس إلى بن غازي،وسرت ومصراته وكل ثراه انتفض ليستعيد أغلى شيء في ليبيا،أغلى من نفطه الذي أركع النيتو وأجبره على حماية الثورة من أجل الحفاظ على مصالحه،ذلك الشيء هو الحرية التي لم يؤمن بها القذافي ولا للحظة،لأن كتابه الأخضر لم يحوي تلك المفردة،القذافي ظن أن الحرية التي يؤمن بها هي أن يحكم الشعب نفسه لذا أنشاء المجالس الشعبية التي لم تغن الشعب من جوع بل أسمنته وهماً على وهم،إذ أن تلك المجالس لم تكن تمثل أحد سواه وأبناءه وزمرته.

لذا بمثل هذا الحدث يحق لكل أم شهيد ،لكل أسرة مهاجرة،ولكل جريح وثائر أن يفرحوا ويباركوا لبعض ونبارك لهم ببدء عهدة جديد بإذن الله.

تساءلنا كثيراً:كيف تكون خاتمة هذا الطاغية؟!وسبحان من قرن خاتمته بلفظه،فلجرذان الذين هددهم فر منهم إلى جحوره تحت الأرض،ليخبر العالم أجمع من هو الجرذ الحقيقي.وجميعنا شاهدنا صور نهايته،ما أغنى عنه أرديته الفاخرة،ولا ألقابه العملاقة،ولا حراسه العجيبين،ولا ذهبه ولا نفطه ولا خنوعه وسكوته عن آلاف القضايا الغربية ضد المسلمين.

سبحان الله جر كجرذ ذليل وأصيب برصاص قاتل،حاول أن يتشبث بالحياة لكن هيهات فالنهاية وشيكة،ولكل ظالم نهاية مهما طال الزمن،المثير للإستغراب أن البعض كا ن يرى(جنان القذافي)قومية عربية،لذا نعاه البعض في تعليقاتهم،متناسين حمام الدم الذي ضخه تحت نيران طائراته الوطنية!والبعض يرى أنه ليس من حق الثوار التسرع في قتلهم وأن عليهم أن ينتظروا للعدالة لتأخذ مجراها فيهم،متعامين عن حقيقة شوهاء وهي أن الأطفال والأبرياء الذين قتلوا بنيران القذافي ومرتزقته لم يمثلوا لمحكمة الخونة الذين قتلهم من اجل الدفاع عن ليبيا الحرة على حد زعمه.

سقط القذافي ورحل إلى مكان لن يعود منه مرة أخرى،والكثير يعتقد أن مهمة الثوار انتهت،غير أن الحقيقة التي لا مراء فيها هي أن مهمة الثوار ستبدأ الآن،فالأسلحة التي بيدهم لا ينبغي أن توجه لأحد منهم،ولكن يمكن أن توجه إلى حلف النيتو إن انحرف مساره صوب مصافي النفط متناسياً سيادة البلد الجديد،مهمتهم الآن هي لم الصفوف،وإعادة البناء بل البدء بالبناء،فالقذافي لم يبن شيئاً ليهدم.

غادرنا القذافي…غير أن خطاباته الرنانة ما زالت شاهدة على رجل عابث فر من هنا،وهناك كلمة حق أوردها في أحد خطاباته ولكنه أراد بها كعادته باطلاً وهي(عاشت ليبيا حرة أبية)بالفعل عاشت ليبيا حرة وأبية وستعيش كذلك طالما حماها ثوارها،وتماسك شعبها ،واتحاد الجميع من أجل بنائها لتجد مكاناً حقيقياً في خارطة التاريخ.