التساؤلات المؤلمة
بقلم/ سيف الحاضري
نشر منذ: 3 أسابيع و 4 أيام و ساعتين
السبت 16 نوفمبر-تشرين الثاني 2024 05:24 م

يبقى الوضع الاقتصادي في اليمن في حالة انهيار مستمر دون أي مؤشرات لحلول حقيقية من قِبل الحكومة الشرعية. المشهد اليومي لمعاناة الناس يتجاوز حدود التصور؛ ففي أحياء المدن والقرى، يتسابق المواطنون ليلاً وأوقات أخرى على براميل القمامة للبحث عن بقايا الطعام، مشهد يحطم القلوب ويعكس حجم الأزمة. هذه الصور المروعة لا يبدو أنها تشكل أي أهمية لرئيس الحكومة أو أحد وزرائها، وكأنها تحدث في عالم بعيد عنهم.

 

الحكومة لا تكترث للأسر التي تفضل الموت جوعاً في صمت داخل منازلها بسبب العفة، مثل قصة أم في إحدى قرى تعز رفضت الاستسلام للواقع المهين وفضلت إطعام أطفالها بقطع خبز جافة من مخلفات الآخرين قبل أن يلقوا حتفهم جوعاً. ولا تبالي بحرمان الأطفال من التعليم، حيث يعجز الآلاف من الآباء عن توفير متطلبات الدراسة لأبنائهم. إحدى المدارس في محافظة إب سجلت انسحاب 60% من الطلاب هذا العام لأن أسرهم لم تتمكن من دفع رسوم الدراسة، وبعضهم لا يملك حتى ثمن الزي المدرسي.

 

أما معاناة ضباط وجنود الجيش، فهي قصة أخرى من القهر. هؤلاء الذين يدافعون عن الوطن يعيشون دون رواتب لعدة أشهر، وكثير منهم اضطروا لبيع ممتلكاتهم البسيطة لإطعام أسرهم. في مأرب، ضابط سابق اضطر للعمل حارساً ليلياً بأجر زهيد لإعالة أطفاله، بينما ينظر بحسرة إلى أولئك المسؤولين الذين لا يعرفون قيمة الجوع.

 

التساؤلات المؤلمة

 

كيف يمكن لهؤلاء المسؤولين أن يشعروا بمعاناة هذا الشعب؟ هل سمعتم يومًا عن ابن وزير أو مسؤول يخرج خلسة ليلاً للبحث عن بقايا الطعام؟

هل عرفتم قريباً لمسؤول مهدد بالطرد من منزله لعجزه عن دفع الإيجار؟

هل عرفتم طفلاً من أبناء أو أقارب الوزراء حُرم من التعليم لعجز أسرته عن تسديد الرسوم الدراسية؟

هل سمعتم عن قريب لمسؤول توفي في منزله نتيجة مرض لم يتمكن من علاجه بسبب عجزه عن تحمل تكلفة العلاج؟

هل عرفتم عن جريح قريب لمسؤول بُترت أطرافه لأنه لم يتمكن من شراء معقم لجروحه؟

 

قطعًا، لم تسمعوا ولن تسمعوا، لأن المسؤولين يعيشون في عالم مختلف، حيث أبناؤهم وأقاربهم ينعمون برغد الحياة، سواء داخل اليمن أو خارجه، بعيدًا عن ويلات الجوع والفقر والمرض التي يعاني منها عامة الشعب.

 

لكنكم شاهدتم وستشاهدون في عدن، كيف توفيت أم شابة نتيجة مضاعفات الولادة لأن أسرتها لم تتمكن من دفع تكاليف نقلها للمستشفى، ركزوا تكاليف نقلها، ومثلها كثير. 

 

وفي عدن ولحج وتعز وشبوة ومأرب وحضرموت وصنعاء، أطفال في عمر 8 سنوات تركوا المدرسة ليعملوا في بيع المياه في الشوارع، ليعود كل واحد منهم إلى أمه نهاية اليوم ببضعة ريالات لا تكفي لشراء وجبة واحدة.

 

جرحى حرب في تعز ومأرب والحديدة والجوف تُركو لمصيرهم بعد أن فشلو في تأمين ألف ريال لشراء معقم لجروحهم، مما أدى إلى بتر أطرافهم بسبب تفاقم الالتهاب.

 

عائلة في محافظة الحديدة طُردت من منزلها لعجزها عن دفع الإيجار، ووجدت نفسها تعيش في العراء، بين الأطفال الرُضع والمسنين ومثلها مئات العائلات. 

 

إن استمرار هذا الوضع الكارثي يعني أن اليمن بأكملها تُدفع نحو الهاوية. حكومة لا تشعر بمسؤوليتها تجاه ملايين المواطنين الذين يعانون الجوع والمرض والظلم ليست جديرة بتمثيل هذا الشعب.

 

الشعب اليمني يستحق قيادة وطنية حقيقية تشعر بآلامه، تواجه تحدياته، وتعيد له الأمل في حياة كريمة. إن تجاهل هذه المأساة لن يؤدي إلا إلى المزيد من الانهيار، وستبقى التساؤلات السابقة وصمة عار في جبين كل من يدّعي تمثيل هذا الشعب..!