شاحن هاتف ينهي ويوجع حياة 7 أفراد من نفس العائلة في السعودية توافق دولي عربي على الوضع في سوريا جدل بشأن عودة السوريين اللاجئين في أوروبا إلى بلادهم بعد سقوط الأسد وزير الدفاع التركي يكشف عن عروض عسكرية مغرية قدمتها أنقرة للحكومة السورية الجديدة ماذا طلب الرئيس العليمي من واشنطن خلال اجتماع عقده مع مسئول كبير في مكافحة الإرهاب؟ قرارات واسعة لمجلس القضاء الأعلى القائد أحمد الشرع يتحدث عن ترشحه لرئاسة سوريا أميركا تطلب من عُمان طرد الحوثيين من أراضيها مؤشرات على اقتراب ساعة الخلاص واسقاط الإنقلاب في اليمن.. القوات المسلحة تعلن الجاهزية وحديث عن دعم لتحرير الحديدة تعرف على ترتيب رونالدو في قائمة أفضل 100 لاعب في العالم
من المؤكد أن اجتماع " فيينا " بين القوى الكبرى وإيران الثلاثاء 6 أبريل/ نيسان الجاري، يمثل أول اختراق هام يُؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات الأمريكية- الإيرانية بعد أعوام من العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، التي وصلت إلى حدودها القصوى، وما رافقها من تصعيد سياسي وإعلامي متبادل، ومن استخدام لكافة الأوراق والضغوط المتبادلة.. الاجتماع تم تحديده لبحث عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي الإيراني، ورفع العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران بشكل كلي أو تدريجي، مقابل التزام طهران الكامل ببنود الاتفاق النووي الإيراني، إضافة إلى تلبية إيران لعدد من المتطلبات الأمريكية الأخرى، ومن المرجح أن التسوية الأمريكية القادمة مع ايران ستثمر عن تفاهمات -إن لم نقلْ اتفاقيات- حول النفوذ الإيراني في المنطقة العربية، ومنها الوضع في اليمن.
لكن ما مدى جدية واشنطن في إيقاف الحرب في اليمن من خلال الضغط على السعودية لإيقاف الحرب، ودفع إيران للضغط على حلفائها في اليمن للقبول بتسوية سياسية؟
وكيف ستنعكس التسوية الأمريكية - الإيرانية القادمة على الوضع في اليمن؟
وهل ستضغط إيران على حلفائها الحوثيين للعودة إلى طاولة المفاوضات السياسية، وتقديم تنازلات؟
تساؤلات سنجيب عنها في هذا التحليل:
رغم وعود الرئيس الأمريكي بايدن، خلال حملته الانتخابية، بإيقاف الحرب في اليمن في حال فوزه برئاسة الولايات المتحدة، وإعادة ضبط العلاقات الأمريكية - السعودية، إلا أنه منذ فوزه لم يبدِ اهتماما كبيرا بالوضع في اليمن، ولا يبدو أن هذه القضية تمثل أولوية بالنسبة إليه، وليس لها أهمية بعلاقات واشنطن بالرياض أو التسوية الأمريكية- الايرانية، إذ من الواضح أن واشنطن تنظر للقضية اليمنية بصفتها جزءا من الملف السعودي والنفوذ الإيراني، وهو تداخل فرضته طبيعة أزمات المنطقة المتشابكة، وتماهي القوى اليمنية بين التبعية للسعودية أو ايران. السعودية من جهتها، استبقت الذكرى السادسة لإطلاق حملتها العسكرية في اليمن المعروفة بـ "عاصفة الحزم"، التي انطلقت في 26 مارس/ آذار 2015م، لتطلق من جانبها في 22 مارس/ آذار الماضي مبادرة للسلام في اليمن، رفضها الحوثيون.. وقد أرادت السعودية استباق الضغوط الدولية والأمريكية على وجه الخصوص، فأطلقت مبادرتها، وسمحت بإدخال بعض سفن الوقود إلى ميناء الحديدة، كبادرة حسن نية، لترمي الكرة في ملعب الحوثيين، الذين ما يزالون يخوضون مفاوضات موازية مع السعودية لم تصل إلى مرحلة توافق تام.. إذ حرص الحوثيون على استمرار مفاوضاتهم مع السعودية إلى أن تنجز إيران الشراكة الاستراتيجية مع الصين، وتتم التسوية الأمريكية- الإيرانية المرتقبة، وتفتح واشنطن مع طهران صفحة جديدة، فتتغير موازين القوى في المنطقة لصالح إيران وحلفائها، فيفاوضون السعودية وهم في وضع أقوى وأفضل من قبل.
التسوية السياسية المرتقبة بين واشنطن وطهران، وعودة واشنطن للاتفاق النووي، ورفع العقوبات المفروضة على إيران بشكل كلي أو جزئي، سوف تُقرأ من جانب إيران وحلفائها بصفتها انتصارا كبيرا لإيران ول"محور المقاومة" في المنطقة، بقيادة ايران، التي صمدت كل تلك السنوات، حتى رضخت واشنطن ورفعت عقوباتها، وفشلت حملة الضغوط القصوى في إجبارها على الجلوس مع إدارة ترامب لإبرام اتفاق نووي معدّل، ولذا فإن هذه التسوية سوف تنعكس على الحوثيين في اليمن الذين تعاملوا مؤخرا مع رفع اسم الجماعة من قائمة الإرهاب الأمريكية بصفتها ضوء أخضر من واشنطن لمواصلة حملتهم العسكرية على مأرب.. ولذا فإن هذه التسوية الأمريكية المرتقبة سوف ترفع من سقف مطالبهم، وتزيد من تصلبهم وإصراراهم على تحقيق أهدافهم الميدانية، ومن المتوقع أن يواصلوا الحشد العسكري باتجاه مأرب، واستهداف السعودية بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، للضغط عليها للقبول بمطالبهم.
الحوثيون لا يبدو أن لديهم الآن استعدادا للتوجه إلى طاولة المفاوضات لأسباب أبرزها: عدم نجاح حملتهم العسكرية للسيطرة على مدينة مأرب، حيث تشكل هذه المدينة الهدف الاستراتيجي لهم، منذ سنوات.. كما أن الجماعة ترى أن الأحداث في المنطقة تسير لصالحها، حيث بدأت موازين القوى في المنطقة تتغير لصالح إيران وحلفائها.
ومؤخرا رحبت قيادات في الجماعة بالشراكة الصينية - الإيرانية، حيث بارك القيادي الحوثي محمد علي الحوثي الاتفاقية، في تغريدة له ب'تويتر'، يوم 27 مارس/ آذار الماضي، ورآها "فشل للسياسة الأمريكية، وكسر للحصار المفروض على إيران.. ففي النموذج الصيني تفكير للبناء، بعكس النموذج الأمريكي وحلفائه القائم على الحلب، ببيع أسلحة الدمار الشامل لقتل الشعوب" في إشارة إلى علاقة أمريكا بالسعودية والإمارات.
تنظر إيران إلى الحوثيين في اليمن بصفتهم الحليف الأهم خلال هذه الفترة، والورقة الأكثر قيمة.. ورغم أهمية جماعة الحوثي لإيران إلا أن إيران لديها استعداد للضغط على الحوثيين، إذا كان هذا الضغط سوف يحقق مصالحها الاستراتيجية، وإذا رأت أن مفاوضات السلام اليمنية ستكون لصالح حلفائها الحوثيين، وأنهم سيحققون من خلالها أهدافهم، حينها سوف ستضغط عليهم للقبول بتسوية تعطيهم نصيب الأسد من السلطة في شمال اليمن، على أن يكون لبقية القوى السياسية وجود هامشي ومجرد ديكور لشرعنة سلطة للحوثيين، وذلك لأن إيران الآن ترى أنها في وضع أقوى بعد شراكتها مع الصين، وعودة واشنطن المرتقبة للاتفاق النووي، ورفع العقوبات المفروضة عليها، ما سيعطيها وحلفاءها دفعة جديدة من القوة والإمكانيات لبسط نفوذها بشكل أكبر في المنطقة، وليس للتضحية بحلفائها ومكاسبهم.
* باحث في الشأن الإيراني والتركي