بدعم امريكي .. البنك المركزي اليمني يعلن البدء بنظام جديد ضمن خطة استراتيجية يتجاوز صافي ثروته 400 مليار دولار.. تعرف على الملياردير الذي دخل التاريخ من أثرى أبوابه أول تهديد للقائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع عاجل :قيادة العمليات العسكرية تصدر قرارا يثير البهجة في صفوف السوريين أول تعليق لولي العهد السعودي محمد بن سلمان بعد فوز السعودية باستضافة كأس العالم عاجل.. دولتان عربيتان تفوزان بتنظيم كأس العالم الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية بجنيف تصدر كتابًا حول الجهود السعودية لدعم الاستقرار والسلام في اليمن اليمن ..انفجار قنبلة داخل مدرسة يصيب 7 طلاب ويكشف عن مأساة متفاقمة في بيئة التعليم مليشيات الحوثي تعتدي على مختل عقليا في إب بسبب هتافه بتغيير النظام- فيديو من جنوب اليمن :وزير الداخلية يدعو لرفع الجاهزية الأمنية ويشدد على توحيد القرار الأمني والعسكري
في خضم الأحداث السياسية المتسارعة التي تمور بها الساحة في مختلف بلدان العالم، قد ننسى أن تجارة السلاح التقليدي قائمة على قدم وساق، ويتسع نشاطها لتغذي الصراعات الدائرة في مختلف القارات ولتزرع العداوة وتهلك الحرث والنسل، وتصنع المعاناة والفقر.
والغريب في الأمر أن الولايات المتحدة الأمريكية وهي التي تنادي بالأمن والسلام وتتغنى بالحرية والديمقراطية هي أكبر دولة في العالم تبيع السلاح (أو تهديه مجاناً كما في حال الكيان الصهيوني) وتتاجر فيه حتى مع من تقف ضدهم في مجلس الأمن!
وقد عبر عن ذلك الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر حين قال: "لا يمكننا الحصول على الشيء ونقيضه، فلا نستطيع أن نكون النصير الرائد للسلام في العالم والمورد الرائد للأسلحة في الوقت ذاته"!
لقد كشف الكتاب السنوي لمعهد استكهولم لأبحاث السلام العالمي ( SIPR ) أرقاماً مفزعة عن تجارة السلاح، كما ترصد منظمة العفو الدولية ( AMNESTY ) الأخطار والنتائج المؤلمة. أما اتحاد العلماء الأمريكيين ( FAS ) فيرصد تأثير ذلك على المجتمع الأمريكي والاستقرار العالمي.
يقول الكتاب: إن الإنفاق العالمي على التسليح (التقليدي والنووي) زاد إلى أكثر من تريليون (ألف بليون) دولار في العام الواحد. تحظى الولايات المتحدة بنصيب الأسد (47%)، حيث تنفق 440 بليون دولار على الأسلحة التقليدية، و23 بليوناً على الأسلحة النووية. وهذا لا يشمل الإنفاق على حربيْ العراق وأفغانستان، حيث رصد لهما 70 بليوناً هذا العام، و50 بليوناً للعام القادم، بالإضافة إلى 50 بليوناً وافق عليها الكونجرس من قبل.
والشركات المائة الأكثر بيعاً للأسلحة في العالم دون اعتبار الصين باعت في عام 2004م أسلحة بأكثر من 236 بليون دولار، بزيادة 25% عن السابق، 38 شركة منها تعمل في أمريكا وكندا، وتبيع 63% من جملة المبيعات، و62 شركة تعمل في أوروبا من بينها 6 في روسيا، وتبيع 30% من الجملة. من العجيب أن قيمة المبيعات لهذه الشركات المائة تساوي جملة الدخل القومي لجميع الدول الفقيرة وعددها 61 دولة!(1).
حصاد السلاح
وكما جاء في تقرير الألفية للأمم المتحدة، فإن 13.3 مليون إنسان لقوا حتفهم في الحروب والنزاعات المسلحة خلال عشر سنوات (من 1994 إلى 2003م)، منهم 9.2 ملايين في إفريقيا. كل ذلك نتيجة توافر الأسلحة التقليدية من الدول الديمقراطية الكبرى!
وهذا الرقم (9 ملايين) يعادل سكان لندن أو نيويورك، أو سيدني وأورجواي كلها، ومع ذلك لم يتحرك أحد، ولم يحاكم أحد ممن تسبب في قتل هؤلاء البشر الذين كان 70% منهم مدنيون، معظمهم من الأطفال والنساء، وما إخواننا في فلسطين والعراق منا ببعيد.
وقد أذكت مبيعات الأسلحة نار الحروب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في إفريقيا وغرب آسيا وجنوبها عددهم 37 مليوناً ويمثلون75% من نازحي ولاجئي العالم وأجبرتهم على مغادرة منازلهم ودمرت حياتهم وموارد رزقهم، وحكمت عليهم بالفقر(2).
ويقتطع الإنفاق الدفاعي، موارد حيوية من ميزانيات الصحة والتعليم، وتنفق دول في إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية حوالي 22 بليون دولار في السنة على الأسلحة نصف تلك المبالغ يمكن أن يكفل مصاريف الدراسة في المرحلة الابتدائية. وفي عام 1999، أنفقت جنوب إفريقيا 6 بلايين دولار على أسلحة اشتملت على غواصات وطائرات ومروحيات وفرقاطات، وكان هذا المبلغ يمكن أن يتكفل بمعالجة جميع المصابين بمرض الأيدز في جنوب إفريقيا، البالغ عددهم خمسة ملايين لمدة عامين(3).
النفاق السياسي
إنه لأمر عجيب أن ترحب الحكومات في الدول الغنية ببيع الأسلحة إلى الدول التي ترتكب انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، بينما لا ترحب بالقدر ذاته بطالبي اللجوء الذين يفدون إليها من هذه الدول نفسها!
ومن أصل أكثر من مليون طلب لجوء قُدم إلى الاتحاد الأوروبي بين العامين 2000 و2002، كان العدد الأكبر من العراق وجمهورية يوغسلافيا الاتحادية وأفغانستان وتركيا. وقد صدَّرت دول الاتحاد الأوروبي أسلحة إلى جميع هذه الدول خلال الثمانينيات والتسعينيات.
ومن عام 1998 حتى 2001م، كسبت أمريكا وبريطانيا وفرنسا مالاً من مبيعات الأسلحة إلى الدول النامية يفوق ما قدمته لها من مساعدات.
وصناعة الأسلحة تختلف عن أية صناعة أخرى، ففي العديد من الدول تعمل دون رقابة، ويشوبها الفساد والرشوة على نطاق واسع.(3)
ويؤكد معهد استكهولم لأبحاث السلام العالمي أن ما يعلن من مبيعات ومشتريات، انظر جدولي 1 و2، (مرجع 1) أقل من الواقع، وأن مجموع أموال تجارة السلاح التقليدي 43 بليون دولار في العام الواحد، نصيب أمريكا منها 23 بليوناً (لاحظ أن أعضاء مجلس الأمن الدائمين هم في مقدمة تجار السلاح! والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي تستأثر بنسبة 88% من صادرات الأسلحة التقليدية المعلنة).
وقد باعت إسرائيل خلال تلك الفترة بما قيمته 17 مليوناً لدول إفريقية، و444 مليوناً للأمريكتين معظمه للمكسيك ثم أمريكا ثم شيلي، و452 مليوناً لآسيا وعلى رأس القائمة الهند، ثم سنغافورة، فالصين فكوريا الجنوبية، ولأوروبا 301 مليون منها 190 مليوناً لتركيا والباقي لألمانيا، و45 مليوناً لأستراليا.
حجة الإرهاب
بحجة الحرب على الإرهاب، بدأت أمريكا ببيع السلاح للدول التي كانت تمنع ذلك عنها من قبل إما لكونها "إرهابية" أو لسجلها السيئ في حقوق الإنسان. وباعت بهذه الحجة لباكستان صفقة بمليار دولار تشمل 6 طائرات نقل، و8 طائرات ضد الغواصات، و100 هليكوبتر، و2000 صاروخ مضاد للدبابات، وبعد رفض دام سنوات أعلنت عن رغبتها في بيع طائرات إف 16 حتى تستطيع باكستان أن تضرب بها "الإرهابيين الإسلاميين"، رغم اعتبار البعض أن هذه الطائرة هي المثلى لحمل السلاح النووي الباكستاني، وكذلك رفعت الحظر عن اليمن ومنحته 100 مليون دولار على شكل قطع غيار وتدريب لمكافحة "الإرهاب"(1).
ويقول اتحاد العلماء الأمريكيين: إن أمريكا تقدم السلاح أو تكنولوجيا السلاح لأكثر من 92% من أماكن النزاع في العالم، وأن الأسلحة الأمريكية تساعد على بقاء الأنظمة الديكتاتورية، والجنود الذين يرتكبون الجرائم الفظيعة ضد حقوق الإنسان سواء ضد مواطنيهم أو مواطني دول أخرى، والقوى التي تتصارع في مناطق على حافة أو في وسط أو خرجت من صراعات دامية.
والحسابات تؤكد أن 80% من الأسلحة المصدرة من أمريكا للدول النامية هي لأنظمة غير ديمقراطية، وبالنسبة لداخل أمريكا فصناعة السلاح في المرتبة الثانية بعد الزراعة التي تقدم لها دعماً مالياً يقدر بسبعة بلايين دولار، وإذا استثمرت أموال صناعة السلاح في أمر آخر لزاد عدد العاملين. والمجتمع الأمريكي يتجرع من الكأس نفسها، حيث تتسبب الأسلحة الصغيرة في مقتل 32 ألف شخص أمريكي في العام(4).
وهناك حوالي 639 مليون قطعة سلاح صغير وخفيف في العالم اليوم، ويتم إنتاج 8 ملايين قطعة أخرى كل عام. وتصنع الأسلحة الصغيرة والذخائر وقطع الغيار في 1135 شركة في أكثر من 98 دولة. وستظل هذه الأسلحة تذكي نار النزاعات العنيفة والقمع الذي تمارسه الدول والجريمة والانتهاكات المحلية. وما لم تتحرك الحكومات لوقف انتشار الأسلحة، سيحدث مزيد من الخسائر في الأرواح، وسيقع مزيد من انتهاكات حقوق الإنسان، وسيحرم كثير من الناس من فرصة تفادي الوقوع فريسة للفقر(3).
وهناك وسطاء الأسلحة وهم السماسرة الذين يدبرون عمليات النقل بين البائعين والمشترين. ويُتهم العديد منهم بتوريد الأسلحة إلى بعض الأماكن التي تشهد أسوأ النزاعات في العالم، وإلى مناطق تعاني من أزمات حقوق الإنسان، وإلى أماكن تخضع لحظر أسلحة تفرضه الأمم المتحدة، بما فيها أنجولا وأفغانستان والعراق ورواندا وسيراليون.
ويُصدِّر عدد متزايد من شركات الأسلحة خبرته وتقانة أسلحته اللتين تسمحان بصنع الأسلحة بموجب ترخيص في دول أخرى، حتى إذا كانت هذه الدول مشاركة في نزاعات ترتكب فيها انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، وهذه الممارسة تتيح لمصدري الأسلحة الالتفاف على القيود التي تمنع مبيعات الأسلحة هناك. وتجيز الحكومات فيما لا يقل عن 15 دولة، بينها فرنسا أمريكا وبريطانيا وإسرائيل وسويسرا وألمانيا، للشركات منح ترخيص لإنتاج أسلحتها وذخائرها في خمس وأربعين دولة أخرى، مما يزيد كثيراً من احتمال استخدام الأسلحة التي تنتجها في ارتكاب فظائع وإزهاق الأرواح وتدمير مصادر الرزق.
وكما يقال "مصائب قوم عند قوم فوائد" ومن هذا المنطلق فإن الدول الكبرى تحاول جاهدة أن تبقى الصراعات والنزاعات قائمة حتى تزداد أرباحها من إنتاج وتصدير الأسلحة إلى البؤر المتوترة في العالم، فهي تقوم ببيع الأسلحة لإزهاق الأرواح، وتقبض ثمن هذه الأسلحة وتتغنى وتتشدق في الوقت ذاته بالديمقراطية والحرية!