الدكتور عبد الوهاب الروحاني مع مأرب برس
بقلم/ أحمد عايض
نشر منذ: 14 سنة و 10 أشهر
الأحد 31 يناير-كانون الثاني 2010 05:31 م

حاوره / أحمد عايض

- مؤتمر الحوار تم تأجيله قرابة خمس مرات هل يمكن أن نصف ذلك بأنة مقدمات فشل ؟

في حالة فشل الجميع في الالتقاء بهدف الحوار يمكن أن نصنف ذلك بأنه الفشل بعينه، لأن الحوار هو القبول بالأخر، وأتصور أن التأجيلات المتكررة التي يتم إقرارها من قبل اللجنة التحضيرية بمجلس الشورى كانت بهدف تحري المصلحة ورغبة في إتاحة الفرصة لكافة أطراف العملية السياسية للمشاركة في الحوار، وأنا لازلت مقتنعا ومؤمنا بأن الطريق إلى الحوار هو السبيل الأمثل لمعالجة قضايا الوطن .

-هل تعتقد أن مشاكل اليمن من التعقيد والصعوبة حتى يستدعي حضور ألآلاف للحوار للخروج بتصور لأزمة اليمن ؟

انا معك أن مشاكل اليمن صعبة ومعقدة كما قلت، لكن يمكن القول أن مفهوم الترتيب للحوار بهذا الحجم قد يتحول إلى حشد لتظاهرة سياسية كبيرة , أكثر منه لحوار وطني شامل .

وأنا هنا لست ضد أي تجمع للناس بهدف الحوار الوطني حتى ولو كان بعشرة أو عشرين الف شخص، لكن يمكن أن يجتمع هذا الكم الهائل بشرط وجود رؤية قد تم ألاتفاق عليها مسبقا من أطراف العملية السياسية المعنية , وأعني بها سلطة ومعارضة , وكذلك أطراف العمل السياسي التي ترى الدولة أنهم خرجوا عن مشروعية النظام ومشروعية المعارضة . وذلك لغرض إضفاء شرعية شعبية على ما تم التوصل اليه، ولتقام الحجة على من يحنث بالإتفاق، أو يتمرد عليه.

-في مؤتمر الحوار الوطني .. من سيطرح رؤية الحوار الداعين أم المدعوين ؟

الجميع معنيون بتقديم رؤى وتصورات للحوار لأن القضية تهم الجميع، والمعنيون بالحوار( سلطة ومعارضة) هم من يجب أن يقدموا رؤآهم حول قضايا الحوار، ورغم بعض التعقيدات حول مشاركة الجميع، لكن لازالت لدي قناعة وأمل كبير أن كل الأطراف السياسية المعنية، ستشارك في الحوار لأنه لا مخرج الاّ به.

-هناك من يصف حوار السلطة بأنه خطوة إستباقية في مواجهه حوار المعارضة .. ما تعليقك على ذلك ؟

أنا لست مع المتسابقين ولست مع استعراض العضلات أنا مع التحاور الجاد الذي يوصل إلى نتائج وحلول عميقة للمشكلة اليمنية .

مشكلة اليمن أصبحت معقدة وشائكة , وأصبحت مشاكل اليمن محل أنظار العالم , وهذه المؤتمرات التي تنعقد هنا وهناك لا يمكن أن تأتي بوصفة جاهزة وحلول لمشاكلنا في اليمن , وإنما هولاء يرتبون في ظل أجندة خاصة بهم , ونحن بالتالي يجب علينا كيمنيين أن نرتب لأجندة خاصة بنا , لنُعْمِل النظام والقانون لكي نتجاوز به الأزمات , ونَعمل على إصلاح ألأوضاع , ما لم فستتفاقم ألأمور بصورة خطيرة أولا على المجتمع اليمني وثانيا على دول المحيط، وعلى المجتمع الدولي ثالثا .

-المعارضة وصفت حواركم بأنه " لعبة لتخريب الحوار " ما تعليقك على هذا الوصف ؟

أنا لست مع هذا الكلام .... المعارضة أعدت رؤية وأنا قرأتها وهي جديرة بالوقوف أمامها وجديرة بالنقاش , لكن بالمقابل دع الأطراف الأخرى تقدم رؤية جديدة ومشابهة , ونجمع هاتيتن الرؤيتين ونناقشهما في إطار حوار شفاف وعاقل ونخرج بما يفيد .

-لمن وجهتم دعوات الحوار وعلى أي شيء استندتم في تحديد تلك الشخصيات ؟

نحن استندنا إلى رسالة ودعوة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح التي أعلن عنها , ووجهت الدعوات إلى الشخصيات الاجتماعية والسياسية وقيادات المجتمع المدني والمشائخ والعلماء وأعضاء مجلس الشورى والفعاليات الأخرى التي أشارت اليها الرسالة.

-هل وجهتم دعوات فردية إلى قيادات المعارضة أم استندتم على الدعوة العامة ؟

أستطيع القول أن المشاورات لا تزال جارية مع قيادات المعارضة للمشاركة في هذا الحوار الذي سيضم حسب الترتيبات له قرابة الستة ألآف مشارك , ودعنا نقول أن الحوار بهذا الشكل سيكون تظاهرة سياسة مقدمة لحوار جاد .

-هل وجهتم دعوات لأصحاب الحراك أو الحوثيين ؟

الحوار مفتوح لكل اليمنيين ولكل الأطراف وبالتالي فالجميع له الحق في المشاركة في الحوار شريطة أن يضع السلاح جانيا , لأنة لا يمكن أن تحاور أحداً يحمل سلاحا في وجهك, ويمارس العنف!! .

الحوار معناه أن نتحاور بالكلمات لا بالبنادق والرشاشات .

-يقال أنه سيتم ألإفراج عن عدد من سجناء الرأي والسجناء السياسيين .. هل لديك معلومات حول ذلك ؟

ليست لدي معلومات حول هذا الموضوع , لكن حسب علمي هذا أحد شروط المعارضة التي تقدمت بها كشرط للمشاركة في الحوار , ومن حقها أن تشترط ..

-هل وجهتم دعوات لجهات يمنية خارجية للحوار ؟

ليست لدي معلومات حول دعوة جهات خارجية ، لكن الحوار برأيي يجب أن يشمل جهات وطنية أولا , لأن القضية داخلية يمنية ، وعلينا أن نحاور بعضنا قبل أن نحاور الخارج.

-في نظرك لماذا تم إختيار مجلس الشورى ليكون الحوارتحت إشرافه بدلا من مجلس النواب ؟

أولا مجلس الشورى سلطة دستورية، وثانيا المجلس يضم نخبة من الكفاءات الوطنية، ومنهم أصحاب قدرات عالية، وعلى دراية كبيرة بمشاكل وهموم اليمن، وهذا....

-وهل يفتقد مجلس النواب لمثل هذه الشخصيات ؟

لا، لا يعني أن مجلس النواب ليست لديه الخبرة والدراية والكفاءة، ولا يفتقدها، ولكن يفترض في مجلس النواب أن يكون مرجعية عليا ليقر ما يتم الاتفاق عليه , ولذا إختيار مجلس الشورى لرعاية الحوار – ربما- ليسهل إشراك أطراف العمل السياسي في الساحة اليمنية فيه , ولتعرض الرؤية الوطنية التي سيخرج بها المتحاورن على السلطة التشريعية لإقرارها، لإنه لا يمكن أن تطبق إلا إذا أقرتها السلطة التشريعية " مجلس النواب ".

-كم سيستمر الحوار ؟

يمكن أن ينعقد ليومين ويمكن لثلاثة وربما أكثر , لأن القضايا المطروحة وحجم نقاشها هو من سيحدد فترة الحوار .. وأقول أن الحوار بهذا الكم الهائل يمكن أن يستوعب رؤى وأفكارا مختلفة حول القضايا الساخنة على الساحة السياسية , ويمكن لهذه الرؤى أن تتبلور في رؤية موحدة , ستقدم إلى لجنة حوار مصغرة ما بين أطراف العملية السياسية المعنية وأعني بين المؤتمر وأحزاب اللقاء المشترك والأطراف ألأخرى التي يمكن أن تشارك في الحوار سواء من الحراك أو الحوثيين إذا ما أقروا بالحوار وتركوا السلاح جانبا ..

-في حال خروج الحوار برؤية عميقة وجدية لمشاكل البلد لكنها تتناقض مع أجندة عليا في الدولة .. هل ستطبق أم ستتحول إلى أرشيف مجلس الشورى للذكرى السياسية ؟

الحوار يجب أن تتقدمه إرادة سياسية , ولا بد أيضا من أن ينطوي على تنازلات من قبل الجميع وخاصة الدولة ومن قبل رئيس الجمهورية بالذات ..

لأن النظام القائم يستمد شرعيته من الدستور ومن التعددية السياسة , فإذا فُقدت الشراكة في العمل السياسي فقدت أيضا الشرعية , وأنأ أتصور أن الحوار معناه أن يتنازل البعض للبعض وأن نسمع للآخر بقلوب وآذان مفتوحة .

صحيح الحوار فيه قضايا نختلف عليها ,, وطالما اتفقنا على أن نتحاور، فعلينا أن نهيئ أنفسنا لأن نسمع رأيا مخالفا قد لا يتفق مع إرادتنا , علينا أن نعمل بمفهوم الأمام الشافعي- رحمه الله - الذي قاله قبل أكثر من 1300عام مقولته الشهيرة " رأي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب " ... لو التزمنا بهذه القاعدة لتحاورنا ووصلنا إلى نتائج مرضية للوطن ولكل الأطراف .

-ترى في نظرك ما لذي أوصل البلاد إلى ما وصلت إليه حتى لجأنا إلى الحوار ؟

الفساااااااااااد الذي أصبح مسيطرا على كل نواحي الحياة , ومتغلغلا في كل مؤسسات الدولة وعلى مرأى ومسمع من الجميع , الفساد هو أس المشكلة .

لقد أصبح الفساد مؤسسيا بمعني أن رموز الفساد وقيادات الفساد الموجودة في المؤسسات اتفقت على تعطيل الأنظمة والقوانين، واتفقت على إحلال المصلحة الشخصية محل المصلحة الوطنية، وهؤلاء لا يريدون بناء المؤسسات ولا يرغبون أن نُعمل النظام والقانون في حياتنا .

الشعب اليمني أصبح واعيا، وهو يراقب ما يجري ... هناك ألآلف الخريجين العاطلين عن العمل، بينما الوظائف توزع وفقا للرغبات ووفقا لصداقات ,, للأسف في اليمن يتم البحث عن مؤسسات لأفراد وليس البحث عن كفاءات لمؤسسات .

-هناك مؤسستان كبيرتان نسمع أنهما تهتمان بمكافحة الفساد وهما " الجهاز المركزي للرقابة وهيئة مكافحة الفساد .. لكن لا نسمع عن أي مكافحة ؟

اتفق معك جملة وتفصيلا، هاتان المؤسستان- في حالات كثيرة- تحولتا إلى فزاّعة ضد شرفاء في هذا البلد , أنا أتمنى من الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ولدية إمكانيات كبيرة وعلى أقل القليل أن يقوم بنشر حقائق الفساد التي يقف عليها .

ثم لماذا لا يقوم مجلس النواب بمناقشة هذه التقارير بشفافية تامة، على الأقل ليعرف الناس بما يجري...، صحيح هناك حقائق تتسرب ويتم مناقشة بعضها في بعض المؤسسات التمثيلية، وأعني في مجلس النواب ومنظمات المجتمع المدني ومجلس الشورى لكن للأسف دون أي جدوى ، وكأن واقع الحال يقول " قولوا ما شئتم ولن يكون إلاّ ما نشاء " .

-وهل تعتقد أن الحوار سيكون له كلمة في الفساد ؟؟

أنا أؤكد أن الحوار سيكون ناجحا إذا تحلى الجميع بالشجاعة والجرأة, وهذه الشجاعة يجب أن تقدم تضحيات, والتضحيات يجب أن تتم من كل ألأطراف وتحديدا من قبل الدولة .

على الدولة أن تتخلى عن بعض الرموز الفاسدة التي عاثت في الأرض فسادا , وعليها أن تخلي المسئولية عنهم .

ونحن هنا لا ندعو إلى محاسبة أحد، بل نحن ندعو إلى إتاحة الفرصة لأصحاب الكفاءات الوطنية في الساحة التي يمكن أن سهم في تطبيق النظام والقانون , ويمكن أن تسهم في تحقيق بناء مؤسسي لهذا البلد .

-في حال تحولت نتائج المؤتمر إلى أوراق تحفظ في الدروج .. إلى أين تتجه اليمن في نظرك ؟

أنا لست متشائما، ولا أزال عند رأيي، أنه بالحوار يمكن أن نحل كافة أشكلياتنا , ويمكن أن يقودنا الحوار وحده إلى بر ألأمان .

لكن إذا استعصى ألأمر وكل تمترس في مكانه وتمسك برأيه دون أي تنازلات من أي طرف فإن البلد بلا شك تنتظرها كوارث , والكوارث كبيرة .

نحن اليوم نعاني من ثالوث رهيب في هذا البلد إلى جانب غياب الخدمات الأساسية، وتزايد رقعة الفقر والمعاناة، هناك ظاهرة التمرد في الشمال، وهناك الأزمة الاقتصادية التي تنخر في جسد المجتمع، وهناك تحدي لأجندة خارجية تحاول البحث عن مصالحها على حساب وحدة اليمن , وعلى حساب أمنة واستقراه .

نحن بحاجة إلى أن نبني أنفسنا نريد من قيادة هذا البلد وكل السياسيين فيه أن يتعاطوا مع الحقائق بدون مكابرة، نريد أن نخرج من عقلية التفكير الفردي القائم على السيطرة والاستحواذ والإقصاء إلى المشاركة، وإلى الشراكة السياسة والشراكة المجتمعية التي تقوم على المكاشفة والوضوح وعلى إعمال المصلحة الوطنية العليا أولا .

-أكثر من طرف دولي حث الحكومة اليمنية على الحوار ,,, هل الحوار القائم جاء على قناعة به أن تحت ضغط دولي ؟

ألأخ الرئيس لدية خبرة طويلة في الحوار وأنا تحدثت عن ذلك في أحد مقالتي الأخيرة عن الحوار , وقلت أن الرئيس تحاور في الثمانينات مع الجبهة الوطنية وأشركهم في العملية السياسية وتحاور مع قادة الشطر الجنوبي وقاد ذلك الحوار الى الوحدة , وتحاور مع الأخوان المسلمين وتحاور مع أطراف سياسية مختلفة ونجحت تلك الحوارات .

وعليه، لماذا لا نستجر هذا الماضي الحواري ولنبدأ الاستفادة منه؟ طالما والفرصة لاتزال مواتية .. وتأكد أن الرهان على الخارج لن يخرج هذا البلد على الإطلاق من مأزقه .. يجب أن نراهن على أنفسنا في الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي وفي تنمية المجتمع والخروج من هذا الواقع المليء بالمعاناة .. لن يحل أحد مشاكلنا سوى أنفسنا ..

-كلمتك الأخيرة ؟

أشكرك على الإستصافة في موقعكم الإلكتروني الإعلامي المتميز "مارب برس".. وأريد أن أقول أن كل الناس في هذا الوطن لا يزال الأمل لديهم كبيرا، وعلى القيادات الوطنية في هذا البلد في أن تسارع للإسهام في تجنيبه الكثير من المصائب والكوارث التي تنظره إذا ما استمر الحال على ماهو عليه.

نحن اليوم في أمس الحاجة إلى بناء مجتمع يمني قائم على الحداثة.. نريد أن نضع أسسا وقواعد سليمة للبناء، أسس تعتمد على بناء مؤسسات تعليمية قادرة على النهوض بهذا البلد وتطويره ... نريد ان نتجاوز سياسات التجهيل التي توارثناها من ألأئمة خلال العقود الماضية، نريد أن يسود النظام والقانون الذي يثق فيه المواطنون ويعتمدون عليه .

نريد أن ننطلق إلى مفهوم أخر بقوم على البناء والتنمية وحب الوطن ونتجاوز مفهوم أنا ومن بعدي الطوفان..