القطاعات النفطية تفتح شهية الطامعين: نافذون يسعون للسيطرة على قطاع 5 النفطي وسحبه من شركة بترومسيلة الحكومية لصالح شركة تجارية جديدة توكل كرمان: لم ينهب بيت واحدة في حلب ولم تحدث عملية انتقام واحدة هذا أمر مثير لاعجاب العالم هناك جيش وطني حر اخلاقي يعرف مايريد وكيف يحكم سوريا بريطانيا تحمل الرئيس السوري مسؤلية ما يحدث حاليا من تصعيد عسكري عاجل:بشار الأسد يطلب المساعدة من إسرائيل وتل أبيب تشترط طرد إيران من سوريا أول رد من الإدارة الأمريكية على المجزرة الحوثية بحق مدنيين في أحد الأسواق الشعبية هل يواجه الحوثيون مصير الميليشيات الإيرانية في سوريا؟ ما حقيقة مغادرة قادة حركة حماس وعائلاتهم قطر النشرة الجوية: ''طقس بارد في 11 محافظة وأمطار محتملة على هذه المناطق'' مليشيا الحوثي تستهدف منازل المواطنين بقذائف الدبابات جنوب اليمن جمرك المنطقة الحرة ومطار عدن يضبطان أجهزة مراقبة عسكرية وأدوية مهربة
يحكي أحد الأصدقاء اليمنيين الذين يتلقون دراساتهم العلياء في أحد دول شرق أسيا أنه ذات مرة وبينما كان يقعد مع مجموعة من زملائه العرب والأجانب ويتبادلون الحديث عن زياراتهم لبعض الدول، جاء دور أحد زملائه السعوديين ليتحدث عن البلدان التي زارها وعندما سئل من قبل احد زملائه الجزائريين فيما إذا كان قد زار اليمن أم لا، أجابه الشاب السعودي قائلاً: "اليمن أخر دولة أزورها قبل إسرائيل". تعالت الضحكات لتملأ المكان وشاركهم زميلنا في ذلك مجاملاً، لكن تلك الكلمات كانت بالنسبة له كالزلزال، خاصة وأنها صدرت من صديقه وزميله الذي ربطته به علاقات متميزة، فكتم غيظه متظاهراً بعدم الغضب, وحاول أن يستفسره عن ذلك الجواب القاسي فما كان من الشاب السعودي إلا التهرب والرد بابتسامات وكلمات مهدئة، وانتهت الجلسة دون التوصل إلى معرفة محركات ذلك الانطباع السلبي عن بلده اليمن..قضى صديقنا ليلته ساهراً وهو يحاول أن يفند تلك الكلمات ولكن دون جدوى.
وفي اليوم التالي، جاءه الشاب السعودي إلى غرفته وقعد معه وباشره الحديث باعتذاره عما صدر منه ليلة البارحة من كلمات كانت موجعه وقال له مبتسماً:" أعرف أن جوابي كان قوياً ولكن لم أعلم أنك ستتأثر بهذه الدرجة". أجابه صديقنا: "لا يزعجني ما صدر منك من كلمات جارحة بقدر ما يهمني معرفة الأسباب التي كونت لديك ذلك الانطباع السلبي عن اليمن". فرد عليه الشاب السعودي أنه لا يعرف عن اليمن سوى ما يسمعه من بعض الشباب اليمنيين الذين يعملون في المملكة والذين يتحدثون دائماً بشكل سلبي عن بلدهم. فحاول صديقنا أن يشرح له أن ما سمعه من مجموعة من الشباب اليمنيين لا يمكن تعميمه ولا يمكن اعتماده كأساس لرسم صورة كلية عن بلد يملك تأريخ عريق بغنى عن شهادة حتى أبنائه، وبغض النظر عما سمعه من أولئك الشبان عن بلدهم فلا يمكن أخذ الجانب السلبي وترك الجانب الايجابي لان لكل بلد سلبيات وإيجابيات، وأن من ألتقاهم قد يعانون من بعض المشاكل الاقتصادية والجهل وهو ما جعلهم يتحدثون بتلك الصورة... رد الشاب السعودي باستغراب:" أنا أول مرة أجد يمني يدافع عن بلده بهذه الصورة" وتابع ضاحكاً وكأنه يكفر عن كلماته الموجعة:" تأكد يا صديقي أن اليمن أول دولة سأزورها في محطتي القادمة". فسأله صديقنا مازحاً: قبل إسرائيل أم بعد إسرائيل؟ ضحك الشاب وقال وهو يربت على كتفيه: "إنس كلماتي السابقة فقد ارتسمت لدي صورة مختلفة".
هذه القصة واقعية وخالية من أي مبالغات أو حبكات خيالية، إلا أنها ليست موضوعنا الرئيسي وإنما مجرد مثال لنطرق موضوعاً نسمعه ونلاحظه مراراً وهو ضعف الوطنية والولاء الوطني لدى الكثير من أبناء اليمن. فمن القواعد العامة أن المهاجر أو المغترب، على سبيل المثال، يمثل سفيراً لبلده ويحمل على عاتقه رسالة شريفة وهي نقل كل شيء إيجابي عن الوطن، مهما كانت السلبيات ومهما كانت درجة المعاناة والظروف القاسية التي عاناها أو يعانيها ذلك الفرد في بلده. ونحن لا نقصد من خلال الإشارة إلى القصة السابقة أن نوجه التهم لشبابنا وأهلنا في بلد الاغتراب بتشويه صورة اليمن لأننا نعلم أن أكثرهم مخلصون لوطنهم وأن ما قد يصدر عنهم قد يكون عن غير قصد بفعل افتقارهم للوعي بحساسية مثل هذه المواقف الجدية.
وبغض النظر عن ذلك، فشواهد وأشكال ضعف الولاء الوطني كثيرة ومختلفة وإن تعددت أسبابها في ضعف التربية الوطنية ابتداءً بالأسرة ثم المدرسة والمسجد والإعلام، لكن الأمر أكبر من ذلك. فقد نجد من يبع (تاريخ الأمة والوطن) الآثار والمخطوطات اليمنية التي ترمز لحضارتنا العريقة مقابل حفنة من الدولارات، وقد نجد من يهرب المشتقات النفطية إلى خارج الوطن، وقد نجد من شطب من قاموسه مفهوم الملكية العامة فتراه يعبث بما يقع تحت يديه من أملاك الوطن، وقد نجد من أؤتمن على مؤسسة حكومية فتسلط عليها وكأنها تركة ثمينة ورثها عن أبيه أو أمه، وقد نجد الكاتب الذي لا يفرق بين النقد البناء والتشويه المتعمد لصورة بلده، وقد نجد ونجد ما لا نتوقع أن نجد..
بالمقابل، إذا سألنا شخص ما يقاسي أسوأ أنواع الظروف الاقتصادية وبحاجة ماسة لقليل من المال: "هل بإمكانك أن تبيع أحد أعضاء جسم والدك الذي كبر سنه مقابل مبلغ من المال سيعنيك على تحسين حياتك؟ بكل تأكيد سيكون الرد غاضباً وعنيفاً: كيف أبيع أبي الذي رباني وعانى من أجلي مقابل أن انعم بالحياة المادية؟ّّ!! لا وألف لا..أموت أنا ويحيا أبي". وهكذا بالنسبة للوطن فهو الأب الذي تربيت في حضنه وارتويت من ماءه وأكلت من خيراته وترعرعت تحت سمائه ، فكيف نحفظه ونحافظ عليه؟
قد يرجع البعض أسباب ضعف الولاء الوطني إلى الحالة الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلد، لكننا نقول أن ولاء الإنسان لوطنه وبلده ينبغي أن يكون خطاً أحمر لا يتأثر بتلك العوامل لان الوطن أكبر من ذلك. ولنأخذ ولاء المواطن المصري لبلده نموذجاً للمقارنة. فكلنا قد نصادف الكثير من المصريين الفقراء الكادحين ، وإذا سألت أحدهم عن بلده أجابك بفخر وبملء فمه: "أنا من مصر " أم الدنيا"، وهو ما يعكس حبه لبلده وولائه لها. وليس بعيداً عن ذلك، فلعلنا قد سمعنا أو قرأنا عن المواطن المصري الذي توفى فرحاً لفوز منتخبه بكأس أفريقيا عام 2006، وأنا لا أقصد هنا أن نموت أساً وحزناً على منتخباتنا المتساقطة لنثبت حبنا للوطن، ولكن أريد أن أقول أن من عشق وطنه عشق كل شيء فيه.
فإذا أدركنا غلاوة هذا الوطن فبالتأكيد سيكون كل واحد فينا - أكان مسئولا أو مواطناً عادياً، أكان غنياً أو فقيراً- رجل أمن وإعلامي ومروج سياحي وسفير لهذا الوطن في بلد الاغتراب. ومهما كانت السلبيات وبطش ونهش وحوش الفساد والحالة الاقتصادية الصعبة فلن يكون ذلك مبرراً لضعف ولائنا الوطني.. وبغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف في الانتماءات الحزبية والتوجهات السياسية فالوطن أسمى وأكبر لأنه ملك الجميع وملك ألأبناء والأحفاد ومن سيأتي.. فلنربي أنفسنا على حب الوطن ولنغرس ذلك في أبنائنا وأحفادنا ولنهتف معاً:
"وطني"..
يا أعظم كلمة..
تنطق بها لساني ..
يا أغلى لوحة..
يرسم ألوانها قلمي
يا أجمل صورة..
يذهل لسحرها بصري
يا أعذب لحنٍٍ ..
يطرب لنغمه مسمعي
يا أزكى عطرٍ
يعيد الروح إلى الجسدِ
ترابك وجـــودي
نسيمك نفســـــي
ماؤك دمــــــــي
شموخك عزتـي
جراحك فنائـــي
في شقائي..
أنت الصدر الحنون
في رخائي..
أنت إلهامي تكون
عشقتك..
فصار عشقي جنون
سكنتك..
فسكنت قلبي في سكون