بدعم امريكي .. البنك المركزي اليمني يعلن البدء بنظام جديد ضمن خطة استراتيجية يتجاوز صافي ثروته 400 مليار دولار.. تعرف على الملياردير الذي دخل التاريخ من أثرى أبوابه أول تهديد للقائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع عاجل :قيادة العمليات العسكرية تصدر قرارا يثير البهجة في صفوف السوريين أول تعليق لولي العهد السعودي محمد بن سلمان بعد فوز السعودية باستضافة كأس العالم عاجل.. دولتان عربيتان تفوزان بتنظيم كأس العالم الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية بجنيف تصدر كتابًا حول الجهود السعودية لدعم الاستقرار والسلام في اليمن اليمن ..انفجار قنبلة داخل مدرسة يصيب 7 طلاب ويكشف عن مأساة متفاقمة في بيئة التعليم مليشيات الحوثي تعتدي على مختل عقليا في إب بسبب هتافه بتغيير النظام- فيديو من جنوب اليمن :وزير الداخلية يدعو لرفع الجاهزية الأمنية ويشدد على توحيد القرار الأمني والعسكري
لن تنسى الولايات المتحدة الأمريكية غزوتي "منهاتن ونيويوك" كما يسميها تنظيم القاعدة حتى وإن مر عليها سنوات، ذلك أن الضربة لم تهدم برجي التجارة العالمية فحسب، بل قوضت حضارتها القائمة على الأمن والاقتصاد الذي ضلت تبنيه أكثر من خمسمئة عام.
هكذا تنظر الإدارة الأمريكية لهذا الحدث حين تمكن تنظيم القاعدة من إحراج أمريكا أمام شعبها، فسقوط أمنها أمام الطائرات التي تحولت إلى صواريخ قوضت متانة الأمن القومي الأمريكي وبهول الصدمة؛ لم يتمكن الرئيس السابق بوش الابن من استيعابها بل تصدر أمام العالم بقانون "من لم يكن معنا فهو ضدنا" مما وضع العالم أمام خيار التبعية وجعلت أغلب قيادات الدول العربية في استباق فيمن يعاهد ويؤيد الحرب على الإرهاب.
ستظل الإدارة الأمريكية تتذكر الحدث في كل ذكرى بمضض، ولذالك بدأت في اجتياح أفغانستان في 2001م، مع ستين دولة تحالفت معها باعتبارها المركز الأصل لتموضع تنظيم القاعدة وقياداتها، فأسقطت أفغانستان ولم تسقط قوة طالبان وقوة القاعدة، مما جعلها تبحث عن انتصار ثاني يساعد في موارات هزيمة نفسية كـ11سبتمبر، فاجتاحت العراق في 20 مارس 2003م بحجة وجود نظام يهدد أمن أمريكا القومي، ودعمه لتنظيم القاعدة، غير أنها أشعلت جبهة جديد في العراق وخلقت بيئة جهادية ثانية.
وفي فترة حرب أمريكا في العراق في فترة مابين 2004م و2007، عاشت أمريكا في العراق سنوات جمر، فلم تكن تتحسب أن نتاج تخليص الشعب العراقي من صدام سيكلف خسارة باهظة حسب ما كان تمنيها القياديات العراقية في الخارج في عهد صدام حسين، وهو ما فرض عليها قرار الانسحاب في فترة أوباما وتركها مرتهنة لحكومة لم تستطع أن تحمي نفسها من نشاط وهجمات القاعدة بعد أن تركت بيئة جهادية مكونة من عدة جنسيات من دول العالم الإسلامي.
الصراع التاريخي ما بعد هجمات 11 سبتمبر بين امبريالية أمريكا في الوطن العربي وبين فروع تنظيم القاعدة، انتصرت فيها أمريكا إعلاميا حين جندت الأتباع من الدول العربية فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب واستطاعت أيضاَ أن تهشم صورة تنظيم القاعدة في وسط الشعوب، وجندت معها صوت إعلامي محسوب على التيار الإسلامي، ومهاجمته بمنطق الشريعة كما برز في المملكة العربية السعودية، وهو ما فرض عزلة بينها وبين المجتمعات.
غير أن الصراع الآخر وهو الميداني لم تنتصر أمريكا على القاعدة بمنطق التصور الأمريكي في حربها على القاعدة، لأن معركة أمريكا مع القاعدة قائمة على محو وجودها حركياَ في مركزها وفروعها في أي دولة أخرى.
وإن كانت أمريكا استطاعت أن تهزم تنظيم القاعدة في أفغانستان والعراق واليمن وشمال مالي وفي المغرب العربي وجنوب الجزائر، فإنها لم تستطع القضاء عليها وجوديا، وهو ما يتيح لتنظيم القاعدة بتصلب أيدلوجيتها العودة من جديد واستعادة النشاط في حال ارتخاء الحرب الأمريكية عليهم.
وفي فترة مابين 2008م و2011م، كانت القاعدة بعد ضغوطات الحرب على مركزها في أفغانستان وقـُـدرة أمريكا في اقتناص قياداتها أبو مصعب الزرقاوي، وأبو اليزيد المصري، وأبو حفص المصري، وأبو الليث الليبي، وأبو يحيى الليبي، وعطية عبد الرحمن، كان له أثر في التنظيم، غير أنها نشطت في فروعها في العراق بقيادة أبو عمر البغدادي، وفي المغرب بقيادة أبو مصعب عبد الودود، وكانت أكثرها نشاطا في اليمن والذي تم إعلان اندماج التنظيم في اليمن والسعودية في يناير 2009م تحت مسمى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بقيادة ناصر الوحيشي المكنى بأبي بصير ومثـَّـل وجود قيادات مثل الشيخ أنور العولقي والسعوديين (ياسر عسيري، وإبراهيم الروبيش، وسعيد الشهري) أكثر خطرا، مما جعل أوباما يعتبر أن القاعدة في اليمن أصبحت أكثر خطر على الأمن القومي الأمريكي.
إلا أن هذا النشاط لم يكن يقارن بما فتحته ثورات الربيع العربي لهم من فرصة للتوسع أكثر، فقد عبر الشيخ أنور العولقي في مقال نشره في مارس 2011م "أن الثورات العربية ستدعم تنظيم القاعدة أكثر مما ستضره بإعطاء للتيار الإسلامي الذين تحرروا من الطغيان مجالاَ أوسع لنشر أفكارهم".
لكن مع بدء تلك الثورات العربية السلمية في 2011 في تونس وانتقالها لمصر ثم ليبيا فاليمن ثم إلى سوريا، وتعرض الدول الأخرى الباقية إلى حراك سياسي شعبي، ارتفعت أصوات متعددة تبشر بنهاية تنظيم القاعدة وأيديولوجيته المتشددة التي كانت تسعى للتغير في الأمة بطريقة العنف، واستبدالها بعصر التغيير السلمي وسيادة العملية الديمقراطية السلمية، "وساهم مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في مايو2011 على يد قوات خاصة أميركية في باكستان على الادعاء بوفاة التنظيم، إلا أن تنظيم القاعدة أكد منذ البداية على لسان زعيمه الجديد أيمن الظواهري وبقية منظريه أمثال أنور العولقي وأبو يحيى الليبي على كون ربيع الديمقراطية سيكون قصيرا نظرا لصلابة الدولة العميقة ورسوخ التبعية وقوة الثورة المضادة التي سوف تتحالف دوليا وإقليميا لمنع تمكين الإسلاميين من السلطة، لخصه الظواهري بعنوان "صنم العجوة الديمقراطي" الذي ستأكله العلمانية الصلبة داخليا وخارجيا إذا جاء على غير أهوائها"(1).
لكن الذي حدث عكس ذلك تماما فالبيئة التي خلقتها الثورة الليبية واليمنية وعسكرة ثوراتها ثم الانتفاضة في سوريا واتجاهها نحو "الجهاد المسلح"، والانقلاب على الشرعية في مصر، لم يعطي تنظيم القاعدة سوى إيمانا بأن خيار السلاح هو من سيسقط تلك الأنظمة، وأن كفاحها لا يبتعد أكثر مما تفعله تلك الشعوب الثورية.
غير أن القاعدة حاولت أن تظهر عبر فروعها في الدول العربية بمسمى جديد يساعد على كسر العزلة فيما بينها وبين الشعوب التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية، فغيرت إستراتيجيتها وذلك عبر إبراز قيادات جديدة والظهور بمسمى "أنصار الشريعة" كما حدث في اليمن وتونس وليبيا، هذا الظهور العلني في وسط المجتمع والاحتكاك معه امتعضت منه أمريكا، حتى لا يتغير تصور المجتمع عن الجهاديين، والقبول فيهم، وهو ما عبر عنه المسئول الشرعي لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب أبو الزبير عادل العباب، في كتابه (مكاسب وثمار السيطرة في مدينة أبين وأجزاء من شوبة) في يونيو 2012م، وهو أن أنصار الشريعة صنعت نموذجا لمدة سنة لتطبيق الشريعة في تلك المدن، وكسرت العزلة التي كانت بينهم وبين الناس.
وفي سوريا أجبرت شدة هجمة نظام بشار الأسد ضد الشعب المنتفض أن يخرج عن طور السلمية إلى السلاح فاستقطبت عناصر من الجاهديين من دول عربية وإسلامية متعددة، والقتال تحت راية جبه النصرة، هذا النحو من التشكل الجهادي في سوريا عبرت عنه أمريكا في رفضها منذ البداية وهو أن تدعم الشعب بالسلاح، وخافت دول المنطقة في الخليج من استمرار القتال حتى لا تستعيد التنظيمات الجهادية نشاطها وخلق بيئة جهادية جديدة بعد أن أعيتهم بيئة قتال الأفغان العرب في أفغانستان وانتصارهم على الاتحاد السوفياتي عام1989م، ورجوعهم إلى بلدانهم "لتحريرها من الأنظمة المستبدة".
الخلاصة
لا تعتبر القاعدة أن البيئة التي أنتجتها الثورات العربية وإن لم تدعو الشعوب إلى تحكيم الشريعة أنها في غير صالحهم أو في صالح المشروع الإسلامي بشكل عام الذي تسعى إلى إقامته، إذ أن الثورات في نظرهم ستمهد فيما بعد على إقامة دولة الإسلام حتى وإن استغرقت وقتاَ بعد سقوط تلك الأنظمة، ولا يهم أين كانت الأنظمة فيما بعد حسب ما قاله الشيخ أنور العولقي في مارس 2011م، فكما قال المنظر الجهادي أبو مسلم الجزائري في بداية 2011م، على موقع "منبر التوحيد والجهاد" "أن الشعوب العربية اتفقت معنا فيما كنا ندعو إليه فقد خرجت الشعوب وقالت أن هؤلاء الحكام طغاة، وكنا ننادي بإسقاطهم فرجت الشعوب وسعت لإسقاطهم، ثم حطمت لعبة الديمقراطية بالخروج عليها وإسقاطهم الحكام عبر الثورات، وهو ما كنا ندعوا أن إسقاط الحكام لا يفيد عن طريق الديمقراطية، ثم اتفقت معنا بأن الجهاد هو السبيل في إسقاطهم فلم تفد السلمية في ليبيا وسوريا، وأنهى أبو مسلم رسالته بأنه لم يبقى سوى أن تنادي الشعوب بتحكيم الشريعة وإقامة دولة الإسلام وهو الذي ستخرج الشعوب يوما من الأيام للدعوة لإقامتها بعد أن تيأس من ظلم حكم وقانون البشر".
ولأن تنظيم القاعدة هي الجماعة الإٍسلامية الوحيدة الحركية التي تتحرك خارج إطار المجتمع الدولي ولا تحتكم إلى ضوابطه وقوانينه لا ترى أن المشروع الإسلامي يتجسد في تنظيمها لوحدها كما قال أسامة بن لادن "لسنا سوى طليعة من طلائع الإسلام"؛ فإنها ستبقى الحاضن للفكر الجهادي في الأمة ووقوده حتى يأتي الوقت الذي تتسلم الفكرة وتقوم بها المجتمعات بنفسها في الوطن العربي والإسلامي.
......................
(1) حسن أبو هنية- القاعدة واندماج الأبعاد.. ولادة ثالثة ونشأة مستأنفة.