قمة المنامة: رئيس الأركان يؤكد على أهمية الملف اليمني في الأمن الإقليمي مقاومة صنعاء تقيم العرس الجماعي الثاني لـِ 340 عريسا وعروسا بمأرب رئيس المخابرات التركية يصل دمشق في مهمه خاصة جدا .. تفاصيل حزب البعث السوري يعلن موته الصامت حتى إشعار آخر ويقرر تسليم كافة آلياته ومركباته وأسلحته مؤتمر مأرب الجامع: متمسكون بتحرير بلادنا سلما او حربا ولا يمكن القبول بأي مفاوضات لا تكون تحت المرجعيات الثلاث تحرك أمريكي لخنق الحوثيين عبر آلية التفتيش الدولية في مكافحة تهريب الأسلحة تعرف على اشهر الاشاعات التي غزت سوريا عبر منصات التواصل الاجتماعي بعد سقوط الأسد الكشف عن قيمة الأصول السورية المجمدة في سويسرا الحوثيون يدفعون بالأطباء في صنعاء إلى تدريبات عسكرية وتهدد المتخلفين بالخصم الحوثيون يجبرون المشايخ والوجهاء جنوب اليمن على توقيع وثيقة تقودهم للجبهات وترغمهم على التحشيد المالي والعسكري
فيما يلي أواصل مقالتي عن الاغتيال السياسي في جنوب اليمن , لقد سبق أن ذكرت في مقالي قبل السابق بأن أخطر اغتيال سياسي في تاريخ اليمن هو اغتيال القائد المناضل الفذ فيصل عبد اللطيف مؤسس فرع حركة القوميين العرب باليمن في عام 1956م عندما كان طالباً بالمرحلة الثانوية بمصر واستطاع استقطاب عدد كبير من طلاب اليمن ومناطق الخليج العربي الدارسين حينئذ في مصر إلى صفوف الحركة وكان من أوائلهم عبدالكريم الارياني , يحي عبد الرحمن الارياني , عبدالملك إسماعيل وسلطان أحمد عمر , وفي 1959م انتقل فيصل في العطلة الصيفية إلى مدينة عدن ليؤسس أول فرع للحركة في الجنوب وفي اليمن بل على مستوى شبة جزيرة العرب .
وفيصل هو القائد الميداني لحرب التحرير من الاستعمار البريطاني التي انطلقت في 14 أكتوبر1963م وكان الرجل الثاني في الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل بعد قحطان الشعبي الأمين العام .
وظل فيصل طوال حرب التحرير مسئولاً عن جميع جبهات القتال ( ردفان , دثينة , الضالع , الشعيب , الصبيحة , عدن ..... الخ ) وهو الذي رتب وأسس لافتتاح أهم جبهة قتال وهي جبهة عدن ( أواسط 1964م ) فمدينة عدن كانت هي قلب الوجود الاستعماري البريطاني ليس في الجنوب فحسب ولكن في الشرق الأوسط .
وتولى فيصل قيادة جبهة عدن وظل هو القائد الوحيد لها طوال حرب التحرير ( حتى الاستقلال في 30 نوفمبر1967م ) وليس صحيح مايدعيه البعض بأن فلان أو علان تولى قيادة جبهة عدن بعد مغادرة فيصل إلى تعز عقب انكشافه للسلطة البريطانية فالواقع أن المناضلين الذين يقال بأنهم تولوا القيادة خلفاً له ( نور الدين قاسم فعبدالفتاح إسماعيل فعلي السلامي فعلي عبدالعليم فصالح باقيس فأحمد صالح الشاعر ) إنما كانوا في حقيقة الأمر يعينهم فيصل عندما يكون خارج عدن كأن يضطر أحيانا للذهاب للشمال أو لمصر حيث احتجزته المخابرات المصرية هناك لتسعة أشهر قبل إن يتمكن من الفرار من مصر إلى بيروت فتعز ومنها إلى داخل الجنوب , فكان إثناء غيابه عن عدن يعين احد المناضلين ليكون حلقة وصل بينه وبين قادة قطاعات العمل الفدائي في عدن (كمطيع ويوسف علي بن علي ) لقد ظل فيصل يقود جبهة عدن بشكل مباشر أو غير مباشر منذ افتتاحها في يونيو1964م حتى الاستقلال , وظل يشرف على شؤون كل جبهات القتال الأخرى حتى انه زار جبهة الضالع وحدها أربع مرات خلال حرب التحرير .
وفيصل هو قائد انتفاضة 20 يونيو 1967م فهو الذي خطط لها وهو الذي قادها وفيها اخرج فدائيو الجبهة القومية القوات البريطانية من حي كريتر أهم أحياء مدينة عدن وأكثرها كثافة سكانية ولم تستطع القوات البريطانية دخول الحي إلا بعد 18 يوماّ .
وفيصل هو صاحب فكرة الاستيلاء على السلطة في السلطنات والإمارات والمشيخات وشارك بنفسه في بعض عملياتها واعتقل هو والمناضل محمد احمد البيشي عقب قيادتهما إسقاط السلطة في المسيمير عاصمة " الحواشب " وكان اعتقالهما من قبل عناصر تنتمي لجبهة التحرير التي أقامها المصريون في يناير1966م بغرض إن تكون بديلاً للجبهة القومية وعقب اعتقال فيصل والبيشي تم تسليمهما لجهاز الاستخبارات المصري في تعز والذي بدورة قام بترحيلهما إلى القاهرة حيث احتجزا هناك لفترة .
باختصار كان فيصل هو دينامو الجبهة القومية الذي يولد فيها الحركة المستمرة , ولايمكن ذكر كل أدواره النضالية هنا إذ يكفي ماسبق .
وفي مرحلة مابعد الاستقلال تولى في أول حكومة برئاسة رئيس الجمهورية قحطان الشعبي منصب وزير الاقتصاد والتجارة والتخطيط ثم ترك الحكومة بعد اشهر قليلة ليفرغ لشؤون التنظيم السياسي الحاكم ( الجبهة القومية ) وبعد اشهر أخرى عاد للحكومة وزيراً للخارجية ثم رئيساً للحكومة في ابريل1969م .
عدم الدموية,وترك السلطة سلمياً
وعند احتدام الخلاف السياسي مع الجناح اليساري المتطرف في الجبهة القومية (علي صالح عباد مقبل ,عبد الفتاح إسماعيل , سلطان أحمد عمر , سالم ربيع علي , علي سالم البيض ..... وغيرهم ) استقال الرئيس قحطان ومعه رئيس الوزراء فيصل عبداللطيف في 22 يونيو1969م ليصعد اليسار المتطرف إلى السلطة وتشكل مجلس لرئاسة الدولة بدلاً عن رئيس للجمهورية وضم خمسة أشخاص هم سالم ربيع رئيساً للمجلس وعضوية كل من عبدالفتاح إسماعيل ( وتولى أيضا موقع الأمين العام للجبهة القومية بدلاً عن قحطان الشعبي ) , محمد علي هيثم ( وتولى أيضا رئاسة الحكومة بدلاً عن فيصل عبداللطيف ) , علي عنتر و محمد صالح عولقي وجميعهم قتلوا في صراعاتهم على كرسي الحكم باستثناء محمد علي هيثم الذي أقيل 1971م وحل محله علي ناصر محمد وابتعثت السلطة هيثم للتثقيف السياسي الماركسي في موسكو لكنه غادر موسكو إلى القاهرة وحاولت السلطة بعدن اغتياله مرتين هناك فذهب للسعودية لاجئاً سياسياً وبعد الوحدة اليمنية عين وزيراً للعمل والشؤون الاجتماعية 1993م ثم توفي إلى رحمة الله بعدها بأشهر.
وهنا تجدر الإشارة إلى انه قبل استقالة قحطان كان معظم قادة القوات المسلحة والأمن العام يوالون الرئيس وكانوا يرون حسم الخلاف عسكرياً مع الجماعة المتطرفة وانه من السهولة فعل ذلك بالنظر إلى إن اليسار المتطرف لم يكن لديه قادة عسكريين كبار يوالونه عدا ضابطين ( علي عبدالله ميسري ومهدي عشيش وبعدما وصل المتطرفون للسلطة اغتالوهما ) وقبل استقالة الرئيس بساعات التقى ببعض قادة القوات المسلحة بقيادة المناضل العقيد حسين عثمان عشال القائد العام للقوات المسلحة وعدداً من ضباط الأمن العام بقيادة المناضل العقيد الصدّيق أحمد الجفة قائد الأمن العام للجمهورية وقال لهم لا أريد كرسي عليه دم ولهذا سأتخذ قراراً سياسياً ( أي سأستقيل ) وطلب منهم مغادرة دار الرئاسة فأدوا له التحية العسكرية وغادروا .
ويشهد أعداء قحطان وفيصل قبل رفاقهما بأنه طوال حكمهما للجنوب ( حوالي سنة ونصف ) لم ترق السلطة أي قطرة دم اغتيالا بل إن الرئيس قحطان وجناحه عارضوا ما أصدرته محكمة امن الدولة برئاسة عبدالله الخامري ( من اليسار المتطرف ) من أحكام بإعدام من حوكموا حضورياً من سلاطين وحكام في العهد الاستعماري وحدث خلاف كبير في إطار القيادة العامة للجبهة القومية فاليسار المتطرف يصر على تنفيذ الإعدام وقحطان ومجموعته يرفضون وحسم الرئيس الخلاف بأن لجأ لسلطاته كرئيس للجمهورية وخفف الحكم من الإعدام إلى السجن لعشر سنوات .
الدم يجلب المزيد من الدم
بعد 22يونيو1969م نقل فيصل من منزله بحي خورمكسر بعدن إلى كوخ خشبي بمنطقة دار الرئاسة , وعندما اعتقلت السلطة علي عبدالعليم عضو القيادة العامة للجبهة القومية والذي ظل مختفياً في عدن منذ 22 يونيو1969م مشكلاً بقدراته خطرآ كبيراً على السلطة المتطرفة الجديدة , نقلت السلطات فيصل إلى معتقل فتح القريب من دار الرئاسة في أواخر مارس1970م وبعد أيام من تعذيبه جسدياً اغتيل في الزنزانة بإطلاق النار عليه ( وكان عمره حينها 34 سنة ) ومرت جريمة قتله لدى السلطة بسهولة مما شجعها على إن تفتح باب الاغتيال للخصوم السياسيين بل والخصوم الشخصيين ! ( جرائم ضد الانسانية ولا تسقط بالتقادم ويحاكم مرتكبيها في الدول غير اليمن حتى وهم في قبورهم ) .
لم تجرؤ السلطة على اغتيال فيصل منذ 22 يونيو1969م لخشيتها من علي عبدالعليم المناضل الفذ الذي كان بمثابة كابوساً بالنسبة للسلطة اليسارية الماركسية , كذلك ولنفس السبب أبقت على قحطان في منزله بمنطقة الرئاسة بين أسرته مع قطع كل اتصال لهم خارج المنزل بما في ذلك خطوط الهاتف وأما الغداء فكان يأتي عبر طباخ بالرئاسة .
وعندما اعتقل علي عبدالعليم نقل قحطان مع فيصل إلى معتقل الفتح وقامت السلطة بطرد زوجة قحطان ( والدتي ) وأطفالها ( إخوتي ) إلى الشارع ومنعتهم من اصطحاب أي شيئ من مقتنياتهم عدا الملابس التي فوق أجسادهم فقط (منتهى الشهامة والرجولة ! ) وكنت حينئذ ادرس في القاهرة .
وبعد اغتيال فيصل نقل قحطان إلى كوخ خشبي بمنطقة الرئاسة ليحبس انفرادياً مدى الحياة بدون محاكمة اوتحقيق اوحتى تهمة وفي مطلع يوليو1981م أخذ إلى مستشفى مصافي النفط بحجة علاجه وهناك أعطيت له حقنة قضت على حياته ( وعمره 57 سنة ) بعد نحو 12 سنة أمضاها في معتقل انفرادي رهيب وهو الذي أفنى عمره منذ أيام الصبا في مناهضة ثم مقاتلة الاستعمار البريطاني في الجنوب ( وناهض بفعالية الاحتلال البريطاني للسودان عندما كان طالباً جامعياً هناك في أربعينات القرن الفائت ) .
الفارق بين الإقامة الجبرية والإعتقال
يزعم البعض من بقايا سلطة التطرف بأن قحطان كان محتجزاً تحت الإقامة الجبرية وهذا مخالف للحقيقة فقحطان كان محبوساً في معتقل بل وانفرادي , ولعلم القارئ فان الإقامة الجبرية تعني ان يظل الشخص محتجزاً في منزل بين أسرته ويتم بالاتفاق مع السلطة السماح لأقاربه وأصدقائه بزيارته وكذا خروجه لزيارتهم في منازلهم والسماح له بحضور المناسبات الاجتماعية كحفلات الزواج أو تقديم التعازي , إما الاعتقال فهو ان يحتجز الشخص بعيداً عن أسرته في مكان عبارة عن غرفة تضمه بمفرده أو عنبراً يضمه ومجموعة من المعتقلين الآخرين , أما قحطان فاحتجز في مكان عبارة عن غرفة ( كوخ خشبي ) طليت نوافذها باللون الأسود ( ويشهد على هذا د. حسين الكاف الذي لا يزال حي يرزق بعدن فقد سمحت له السلطة ذات مرة بمعاينة قحطان ), ومن هنا يتضح بان قحطان لم يكن موضوعاً تحت الإقامة الجبرية بل في مكان أسوأ من ذلك فقد كان محبوساً في معتقل انفرادي رهيب حرم فيه من التلفاز وجهاز تكييف الهواء ( خاصة ان عدن شديدة الحرارة والرطوبة صيفاً ) وحرم من زيارة أبنائه له إلا على فترات متباعدة وحتى حرمت عليه سكين تناول الطعام بحجة ان لايستخدمها كسلاح ! وتورمت ساقيه نتيجة عدم قدرته على ممارسة رياضة المشي لضيق المكان المحتجز فيه وعدم السماح له بالتجول حول الكوخ الذي كان محبوساً فيه , وكم من مرة طالبنا السلطة بمحاكمته أو إطلاق سراحه كون احتجازه لسنوات يعتبر أمراً غير قانوني لكن لم يكن هناك جدوى من مطالباتنا ) وللعلم فانه الرئيس العربي الوحيد الذي انتهت حياته وهو رهن الاحتجاز .
قتلوه فلم يرى الجنوب خيراً
بعد شهور من اغتيال فيصل ( وهو شقيق والدتي أي خالي ) سمحت السلطة لي ولأشقائي الثلاثة ووالدتنا بزيارته وفي هذه الزيارة قال انه كان من المفروض على السلطة أن تصنع لفيصل تمثالاً لا أن تقتله ولكن مادام قد قتلوه فلن يرى الجنوب خيراً على الأقل لخمسين سنة قادمة فمقتل فيصل سيكون شؤماً على شعب الجنوب ومسكين الشعب فسيدفع ثمناً غالياً بسبب التطرف والدموية وسيدفع الشعب الثمن من أرواحه وأمواله وحتى من طعامه .
نبؤه قحطان صدقت طوال 41 سنة الفائتة ( وكل ما كان يتنبأ به يصدق فهذا من صفات الزعماء العباقرة وقادة حروب التحرير الوطني العظيمة ) فمنذئذ لم يعرف الجنوب العيش الهادئ فبعد قتل فيصل بدأت السلطة المتطرفة التصفيات الجسدية الفردية والخصوم السياسيين مثل علي عبدالعليم وسالم الكندي ثم توسعت السلطة للاغتيالات الجماعية كاغتيال العقيد الصديق الجفة قائد امن الجمهورية في عهد الشعبي فأخذ من معتقل المنصورة في عدن مع عشرات من المعتقلين السياسيين بحجة إيصالهم إلى بلادهم في أبين وفي طريق عدن / أبين جرى اغتيالهم , وكذا اغتيال السلطان اليافعي محمد عيدروس العفيفي مع مجموعة من أقاربه اخذوا من المعتقل بسجن المنصورة بنفس الحجة وهي إيصالهم إلى بلادهم في يافع وفي طريق عدن / يافع جرى اغتيالهم وكمثال ثالث على الاغتيال الجماعي أن بعض الوزراء والقادة الإداريين في عهد الشعبي الذين أبعدوا بعد يونيو1969م للخارج كسفراء استدعتهم السلطة الدموية لمؤتمر بعدن في 1973م وأركبتهم طائرة تحت ذريعة التنقل للتعرف على محافظات الجمهورية وجرى تفجير الطائرة في الجو فلقوا مصرعهم جميعاً ( سيف الضالعي , أحمد الشاعر , محمد البيشي وغيرهم ) .
وكمثالاً رابع , دعت عدن عدداً كبيراً من مشايخ شمال اليمن بحجة التنسيق معهم لمقاومة حكم القاضي عبدالرحمن الارياني في صنعاء وأقامت السلطة لأولئك المشايخ وليمة غذاء وجرى تفجير مكان الوليمة فلقي 63 شيخاً مصرعهم بينهم الغادر والهيال وحنتش .
وكمثال خامس , جرى سحل مئات من علماء الدين حتى الموت في مختلف أرجاء الجمهورية .
ومن نكبات الجنوب بعد اغتيال فيصل مصادرة الملكيات الخاصة للمواطنين من أراضي زراعية ومساكن وحتى قوارب للصيد تعمل بالمجاديف وأصبح المواطن لايحصل على ثمرة بصل أو طماطم أو بطاطس ألا من منافذ التوزيع التابعة للدولة وقد يحصل عليها بشق الأنفس عبر الوقوف لساعات في الطوابير وقد لا يحصل عليها .
وشر البلية ما يضحك فالنظام الماركسي في عدن كان يدعي قيامة بحركة تصنيع مع أنها ليست مصانع حقيقية بل مجرد ورش أو معامل لتصنيع الأشياء البسيطة كتعبئة معجون الطماطم ( الصلصة ) أو تجميع شباشب ( شنابل بلاستيكية ! ) وكان المصنع الوحيد الحقيقي الذي أقيم في الجنوب هو مصنع الغزل والنسيج بعدن والذي يزعم مزوري التاريخ ان سالم ربيع علي هو الذي أقامة بينما الحقيقة هي أن فيصل عبداللطيف هو الذي حصل عليه من الصين في عام 1968م عندما زار بكين برفقة وزير الخارجية سيف الضالعي وعضو القيادة العامة للجبهة القومية علي عنتر وقد التقوا حينها بالزعيم الصيني المعروف " ماو تسي تنج " ورئيس الحكومة " شو ان لاي " وقد أبدى فيصل رغبته للقادة الصينيين في ان يمنحوا اليمن الجنوبية مصنعاً للغزل والنسيج خاصة ان بعض مناطق الجنوب كأبين ولحج وبعض أجزاء من يافع تنتج القطن الممتاز الطويل التيلة ( وموثقً بأنه من ثمار تلك الزيارة تقديم بكين لعدن مصنعاً للغزل والنسيج , وشق وسفلتة طريق يربط عدن بالمكلا , بالإضافة إلى معونة قدرها خمسة مليون جنية إسترليني ) .
ومن اكبر النكبات التي لحقت بالجنوب كارثة يونيو 1978م التي تسبب فيها رئيس مجلس الرئاسة سالم ربيع علي وأدت إلى مقتل نحو 1200 شخص في منطقة دار الرئاسة وحدها وذلك عند محاولته الانقلابية الدامية الفاشلة لاغتيال رفاقه في السلطة من اجل الانفراد بها وأعدم هو .
وتوالت النكبات الكبيرة على شعب الجنوب ومنها كارثة يناير1986م عند الصراع الدموي بين الرئيس علي ناصر محمد وخصومة في السلطة بقيادة علي عنتر وصالح مصلح وتسببت هذه الكارثة في مقتل آلاف من العسكريين والمدنيين لم يعرف عددهم حتى اليوم بينهم عنتر ومصلح وعبدالفتاح اسماعيل ومحمود عشيش, وسقط الرئيس علي ناصر من السلطة.
وسينتكب الجنوب لسنوات قادمة
وبرغم تحقيق الوحدة اليمنية في 1990م إلا أن النكبات ظلت تتوالى على الجنوب بدءاً بنهب صنعاء لثروات الجنوب النفطية والغازية وأراضيه ومؤسساته وكافة موارده المالية وبالذات بعد الحرب الأهلية اليمنية 1994م والتي شكلت كارثة جسدية أخرى على شعب الجنوب بمقتل الآلاف من أبنائه أثناء الحرب , ولا يزال معظم الجنوبيين يعانون صنوفا من الحياة البائسة حتى اليوم فقد تحققت نبؤه قحطان وتبقت على الأقل تسع سنوات قادمة سينتكب فيها الجنوب وها هم الجنوبيون مستمرون إلى ألان بمحاربة وتقتيل بعضهم البعض ولا يزالون متشرذمين وروح الخلاف والبغضاء تسودهم على الرغم من ادعائهم كلهم تقريباً بأنهم تصالحوا وتسامحوا وصاروا يقبلون بعضهم ... وانظروا إلى الدمار الحاصل حالياً في أبين ولحج وعدن فمن الذي نفذه وينفذه غير الجنوبيين مما تسبب في مقتل المئات من المواطنين ونزوح عشرات الآلاف إلى خارج بيوتهم ومحافظاتهم , وصار مئات الألوف من شعب الجنوب يعيشون حالياً نفس حياة البؤس والشقاء والفقر والنكد التي عاشوها في عهود اليسار الطفولي حتى صار الكثير من المواطنين لا يجد قوت يومه .
والمعارضة الجنوبية في الداخل منقسمة , وفي الخارج منقسمة , والجنوبيون في الداخل مابين موال للسلطة ومعارض لها , والحراك الجنوبي لم يعد يدري هل هو مع إسقاط النظام أم مع فصل الجنوب أم مع فيدرالية يمنية !! ومؤخراً ظهر لنا من الأخوة الحضارمة من يدعون لفصل حضرموت عن اليمن والجنوب ! وظهرت مجدداً الدعوة لفصل عدن عن اليمن والجنوب تحت شعار عدن للعدنيين الذي كان قد توارى منذ خمسينات القرن العشرين.
كل ماتقدم وغيره يجري أمامنا بينما لايخجل صانعي التفرقة من الجنوبيين من التشدق بما يسمى مسامحة ومصالحة , وفي الحقيقة أن ما يجري ألآن إنما هو تواصل لنكبة الجنوب والجنوبيين مصداقاً لنبؤتك ياقحطان وسداداً لثمن الدم الغالي والطاهر ... دمك يافيصل .