مليشيات الحوثي تُدرج مادة دراسية طائفية في الجامعات الخاصة. اللواء سلطان العرادة: القيادة السياسية تسعى لتعزيز حضور الدولة ومؤسساتها المختلفة نائب وزير التربية يتفقد سير اختبارات الفصل الدراسي الأول بمحافظة مأرب. تقرير : فساد مدير مكتب الصناعة والتجارة بمحافظة إب.. هامور يدمر الاقتصاد المحلي ويدفع التجار نحو هاوية الإفلاس مصدر حكومي: رئاسة الوزراء ملتزمة بقرار نقل السلطة وليس لديها أي معارك جانبية او خلافات مع المستويات القيادية وزير الداخلية يحيل مدير الأحوال المدنية بعدن للتحقيق بسبب تورطه بإصدار بطائق شخصية لجنسيات اجنبية والمجلس الانتقالي يعترض إدارة العمليات العسكرية تحقق انتصارات واسعة باتجاه مدينة حماةو القوات الروسية تبدا الانسحاب المعارضة في كوريا الجنوبية تبدأ إجراءات لعزل رئيس الدولة أبعاد التقارب السعودي الإيراني على اليمن .. تقرير بريطاني يناقش أبعاد الصراع المتطور الأمم المتحدة تكشف عن عدد المليارات التي تحتاجها لدعم خطتها الإنسانية في اليمن للعام 2025
في صيف 1988، ولدت في العاصمة الأردنية عمان، فكرة إنشاء مجلس التعاون العربي، ضمن ورقة عمل قدمها منتدى الفكر العربي الذي كان يرأسه الأمير الحسن بن طلال. كانت المناقشة في البداية -وفقا للصحفي المرموق محمد حسنين هيكل- تقتصر على الحديث عن "تجمع مشرقي" يضم الأردن والعراق ومصر.
لاح المشروع ذاك وكأنه تكتل للفقراء مواز لنادي الأغنياء الذي تأسس عام 1981، ويحمل هذا العنوان: "مجلس التعاون الخليجي". في حين كان ثمة كيان آخر يتخلق في الغرب العربي، أطلق على نفسه "مجلس الوحدة المغاربية".
على أية حال، كانت فكرة مجلس التعاون العربي جذابة لدرجة أن مصر أعلنت موفقتها في غضون 24 ساعة. العراق من جهته تقبل الفكرة عن طيب خاطر، وبنفس القدر من الحماسة والسرعة، لكنه اقترح استيعاب اليمن الشمالي حينها، في التكتل. المفارقة أنه لا عمان ولا القاهرة تحفظتا على المقترح العراقي، بل ارتفعت أصابع الاعتراض من مكان آخر: الرياض. لقد وجدت المملكة العربية السعودية نفسها على وشك الوقوع بين فكي كماشة: اليمن جنوبا، والعراق والأردن شمالا.
كان الامتعاض السعودي واضحا بقدر ما كان متوقعا ومحسوبا.
كان على الملك حسين أن يتوجه إلى الرياض على جناح السرعة. عبثا، راح الرجل يشرح للملك فهد كيف أن فكرة المجلس لم تكن للرد على تنامي أنشطة مجلس التعاون الخليجي، وأن انضمام اليمن ليس عملا موجها ضد المملكة. انتهت زيارة الملك حسين دون أن تفضي إلى شيء. فأرسل الرئيس المصري وزير خارجيته عصمت عبدالمجيد، والتقى الأخير بالملك فهد.
يوضح هيكل الطريقة التي كان يتحاشى بها الملك السعودي الحديث عن اليمن. وقبيل انتهاء المقابلة بلحظات سمح الملك فهد للوزير المصري بالتطرق إلى الموضوع، عندما باغته بهذا السؤال: "ما هي حكاية اليمن هذه؟". وأخذ عصمت عبدالمجيد يشرح رسالته، وكان مفادها أن مصر ليست مسؤولة عن انضمام اليمن، وإلقاء اللائمة على جهات أخرى.
"لكن الملك فهد لم يكن مقتنعا"، يقول هيكل.
بعد بضعة أسابيع، اندلعت مظاهرات في الكرك، جنوب الأردن، وهي منطقة قبائل تتمتع فيه السعودية بنفوذ واسع. وإذ كان السبب المعلن للاحتجاجات ارتفاع أسعار المواد الغذائية، فقد ارتفعت شعارات تنادي بالانضمام للمكلة العربية السعودية. استمرت الاضطرابات وأسفرت عن الإطاحة بحكومة زيد الرفاعي.
ولا بد أن الملك حسين قرأ الرسالة بشكل جيد. كتب هيكل معلقا على تلك الوقائع، هكذا: "لقد بدا وكأن الملك فهد يقول للملك حسين: إذا كنت تقصد مضايقتنا في الجنوب فنحن قادرون على مضايقتك في الجنوب أيضا، لكنه جنوب الأردن نفسه".
لم ينتظر الملك حسين كثيرا. لقد كان حتما يعرف معنى أن تقحم نفسك في منازلة غير متكافئة، مثلما كانت مصر تعرف أيضا. طبقا لهيكل، فقد كان الملك حسين فريسة لمشاعر الضيق والقلق والحيرة. حينئذٍ، خطرت له أن يبعث رسالة للملك فهد. ولقد تضمنت ما مؤداه "أنه لا داعي لهذه الأساليب في الإحراج. وإنه إذا وصلت الأمور إلى هذا الحد فهو لا يقبل بتعريض الأردن لأية هزات عنيفة مع موقعه الخطر، وهو في هذه الحالة على استعداد لأن يبتعد إذا كانت السعودية جاهزة لتحمل مسؤوليات الأردن كله، وليس جنوبه فقط"، بحسب محمد حسنين هيكل.
يمكنني أن أسرد الكثير من هذه القصص المشابهة. لكن عبرة واحدة يمكن استخلاصها، وهي أن: السعودية تمتلك قدرة هائلة على الإيذاء وتأديب الأنظمة "المارقة" في محيطها الإقليمي. هذه حقيقة لا يكف التاريخ عن تأكيدها. في العراق والاردن وقطر، كما في لبنان واليمن وحتى أفغانستان.
بالنسبة للمملكة، فاليمن ينبوع مخاطر لا ينضب. إنها مكمن كل الشرور والأنواء. وبالتالي كان على صانع القرار السعودي، تصميم سياسة خارجية حيال اليمن ذات طابع أمني متوجس ومفرط في شكه. سياسة تستند إلى حسابين مزدوجين: فالاستقرار التام لليمن نذير شؤم، مثلما هو الاضطراب التام. الوضع النموذجي، هو النقطة الواقعة بين الاستقرار التام والاضطراب التام.
الحرب السادسة في صعدة، سممت العلاقات اليمنية السعودية بأكثر مما تحتمل.
تتضارب المعلومات بشأن العوامل المباشرة لحالة الجفاء التي تسود علاقات البلدين في الآونة الأخيرة. ولئن حاول الطرفان مواراة كل شيء خلف جدار سميك من الصمت، إلا أن هذه الحالة تتجلى على أكثر من مستوى، من بينها التقارب الليبي والقطري المفاجئ مع اليمن، وليس آخرها التصريح شديد اللهجة الذي وزعه حيدر العطاس، السبت الفائت، على وسائل الإعلام، (لقدا بدا فيه العطاس، المقيم في السعودية، مؤيدا بحماسة لفك الارتباط، مع أنه كان يوقع بيانات مشتركة مع علي ناصر محمد تشدد على معالجة الأزمة اليمنية في إطار الوحدة).
لفتور العلاقة بين البلدين تبعات لا تطاق. ولعل مما أبقى احتجاجات الجنوب بمنأى نسبي عن التوظيف الإقليمي، هو اختلاف الظروف الدولية، بشكل شبه كامل، عما كانت عليه في 1994. ففي السنوات القليلة الماضية، راح الموقف الدولي والإقليمي يميل إلى الحيلولة دون تفكك اليمن ودون فشل الدولة فيه. يبدو هذا الموقف مدفوع بمخاوف عميقة تتعلق بأمن دول النفط والبحر الأحمر والمحيط الهندي، أكثر مما هو تعبير عن نجاح دبلوماسي ما، ولا هو مقياس حقيقي لمدى الحرص الأخلاقي على تماسك واستقرار اليمن.
إنها ببساطة ردة فعل بيولوجية، تستجيب، بصورة تلقائية، لذلك المستوى من الخطر النابع من حساسية الموقع الجغرافي لليمن.
للمال قوة تضاهي قوة مفاعل نووي. من هنا تكتسب الكيفية التي تدار بها العلاقات اليمنية الخليجية أهمية استثنائية. في صيف 1994، ألقت السعودية بثقلها الاقتصادي والسياسي، لمساندة الانفصال. وكذلك فعلت الكويت، لكن لغايات أخرى تختلف عن تلك التي كانت تضمرها القيادة السعودية. كانت الأولى تشعر برغبة لا تقاوم، في تلقين النظام اليمني درسا في الخيانة، ونكران الجميل، بينما سيطر على موقف الثانية خليط من الانتقام والنزوع التقليدي لتصفية حسابات تاريخية وأمنية، من بينها الحيلولة دون نشوء يمن موحد، يساوي عدد سكانه سكان دول الخليج مجتمعة، ولديه الإمكانية اللازمة لكسر قواعد الهيمنة السعودية في شبه الجزيرة العربية، وبالتالي إرساء نظام مرن لتوازن القوى.
وبحسب روبرت د.بوروز، الباحث في مركز الشرق الأوسط التابع لجامعة واشنطن، فإن سريان منطق التوازن، ووجود القوة الموازية للقوة السعودية، يساهم في منح دول الخليج العربي بعض النفوذ في تعاملها مع المملكة العربية السعودية الأكثر قوة. ويشرح بوروز، في مداخلة نشرت في كتاب "حرب اليمن الأسباب والنتائج"، كيف أن دول مثل الكويت وعمان مثلا، كانتا، قبل الوحدة، تبذلان جهودا كبيرة، لتأييد اليمن ودعمه بوصفه قوة موازية للسعودية. ينطبق الأمر مع قطر التي دخلت أكثر من مرة، في نزاع حدودي مع المملكة.
كنت أريد القول كيف أن مقدار الدعم الخارجي، الذي حظي به الرئيس صالح وحلفائه في 94، كان ضئيلا، بالمقارنة مع حجم الدعم الذي تلقاه الحزب الاشتراكي. والحقيقة أن الدول الأخرى، غير دول الخليج وأمريكا -مصر على سبيل المثال- عندما قررت مساندة الانفصال، كانت تهدف إلى شيئين: "إضعاف أي حكم موالٍ للعراق، ونظام صالح كان حينذاك يعتبر كذلك. والرغبة في حصد المكافآت من التعاون مع السعودية والكويت، في قضية من الواضح أنها ذات أهمية بالغة بالنسبة لهما"، والكلام للباحث الأمريكي بوروز.
ففيما آزرت بصورة مواربة، كل من السعودية، الكويت، الإمارات، عمان، مصر، انفصال الجنوب، فقد احتفظت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا بمواقف ضبابية، والأخيرة عرضت وساطة لفض النزاع. بالمقابل، ساندت علنا، الرئيس صالح كل من العراق والسودان والأردن وقطر. وانتهجت إيران وليبيا سياسة غامضة، يرجح بأنها كانت أقرب للوحدة منها للانفصال. وهناك تقارير تحدثت عن تقديم إيران دعما عسكريا لقوات الرئيس صالح عبر السودان. غير أن ثمة من يعتقد بأن كل الدول العربية، ساندت الوحدة سياسيا، من خلال عدم الاعتراف باستقلال الجنوب.
صحيح، سجل المملكة إزاء اليمن لا يبعث على التفاؤل. فالتدخل السعودي عبر العقود المنصرمة، كان ينتهي إلى هزيمة الطرف الذي تسانده غالباً. وهذا فأل سيء، يتعين على الجميع أخذه في الحسبان. فهي دعمت الملكيين وهزموا عسكريا، فاضطرت للانصياع لحلول سياسية توفيقية. ودعمت خطوة الانفصال فلم تفلح مساعيها قط. وفي الجنوب كانت جبهة التحرير إلى السعودية أقرب، ففشلت أمام الجبهة القومية. وتبنى الرئيس علي ناصر محمد نزعة براجماتية حيال السعودية، فأطيح به في أحداث 13 يناير 1986. ويقال أن الرئيس الغشمي، حاول إقناع الرئيس سالم ربيع علي، بفوائد التقارب مع المملكة، فاغتيل الاثنان في ظرف زمني متقارب. (هذه الفقرة سطوت عليها من مقال سابق لي).
لكن، لسوء الحظ، كلفة خسارتها باهظة أيضا. والحق أنه ليس من الحكمة في هذه الظروف العصيبة السماح لأي سبب كان بأن يؤدي إلى نقل الرياض إلى الضفة المعادية لليمن. لدى السعودية الكثير مما تستطيع فعله دائما.
أتذكر أنني كتبت قبل سنة أن السياسة السعودية المؤيدة لنظام الحكم في اليمن مفهومة إلى حد ما. فالراجح أنها كانت تقوم على اعتبارين: الأول، القلق المتصاعد من اتساع دائرة النفوذ الإيراني في المنطقة، والثاني، ظروف المملكة الاقتصادية والسياسية التي باتت من الصعوبة بحيث إنها لا ترغب في أن تجد نفسها يوما مضطرة للتدخل لتوجيه مسار الأحداث في اليمن، لترجيح كفة هذا الطرف أو ذاك. يوجد اعتبار ثالث مهم وهو، الحضور المتعاظم والمرعب للقاعدة في جنوب اليمن وشماله.
حاليا، لا أظن أن المملكة تواقة لزعزعة استقرار اليمن. ليست مضطرة، رغم أن العلاقات الدبلوماسية بين الدول العربية شخصية أكثر من اللازم وتتأثر بدرجة تواصل الحكام.
الخلاصة هي أنه، بحكم الجغرافيا والتاريخ، من الحماقة بمكان استبدال السعودية بالمشاعر الزائفة للقذافي، الآن على الأقل. بالطبع ليس فقط لأن القذافي يتمتع هو الآخر بسجل حافل من الإيذاء في اليمن.
*المقالة كتبت يوم الأحد 1 أغسطس، أي قبل الاتصال الذي أجراه الرئيس صالح بالعاهل السعودي، وقبل زيارة وزير الخارجية اليمني للرياض الذي كان يحمل رسالة خطية من رئيسه، الراجح أنها تتعلق بمستجدات حرب صعدة واضطرابات الجنوب والتصعيد الإعلامي الأخير للعطاس، وربما تتعلق أيضا بتدهور الريال المتسارع أمام الدولار.
*صحيفة اليمن