آخر الاخبار

مليشيات الحوثي تُدرج مادة دراسية طائفية في الجامعات الخاصة. اللواء سلطان العرادة: القيادة السياسية تسعى لتعزيز حضور الدولة ومؤسساتها المختلفة نائب وزير التربية يتفقد سير اختبارات الفصل الدراسي الأول بمحافظة مأرب. تقرير : فساد مدير مكتب الصناعة والتجارة بمحافظة إب.. هامور يدمر الاقتصاد المحلي ويدفع التجار نحو هاوية الإفلاس مصدر حكومي: رئاسة الوزراء ملتزمة بقرار نقل السلطة وليس لديها أي معارك جانبية او خلافات مع المستويات القيادية وزير الداخلية يحيل مدير الأحوال المدنية بعدن للتحقيق بسبب تورطه بإصدار بطائق شخصية لجنسيات اجنبية والمجلس الانتقالي يعترض إدارة العمليات العسكرية تحقق انتصارات واسعة باتجاه مدينة حماةو القوات الروسية تبدا الانسحاب المعارضة في كوريا الجنوبية تبدأ إجراءات لعزل رئيس الدولة أبعاد التقارب السعودي الإيراني على اليمن .. تقرير بريطاني يناقش أبعاد الصراع المتطور الأمم المتحدة تكشف عن عدد المليارات التي تحتاجها لدعم خطتها الإنسانية في اليمن للعام 2025

اليمن البركان الثائر ... متى سينفجر (1)
بقلم/ فائز سالم بن عمرو
نشر منذ: 13 سنة و 4 أسابيع
الأحد 06 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 04:04 م

بداء الكتاب والمحللون يتسآلون عن الوضع في اليمن ويستوضحون الأسباب التي أدت إلى تأخر الثورة وفشلها في قطف الثمار أسوة بثورتي مصر وتونس ولا سيما ان المبشرين بالربيع العربي في اليمن يجمعون على ان التغيير حتمي وضروري وسيكون الأسرع في تاريخ الثورات العربية ولكن التعسر والتناقضات التي مرت بها الثورة في اليمن وما حصل من تسارع في الأحداث وتقلب شديد في المعطيات على الأرض عقّدت المشهد على المراقبين والمحللين السياسيين في الداخل وفي الخارج .

 ونريد في هذه المقالة مغادرة التمنيات الثورية والمقالات الإنشائية لنستوضح الوضع المعقد في اليمن . في رأيي ان ما حصل في اليمن والوطن العربي من انطلاق الثورات والاستظلال بالربيع العربي أو الغربي ما هي إلا خطة مدروسة ومعدة من قبل مراكز ومعاهد في الغرب أعدت بعناية وبترتيبات طويلة الأمد مستندا على مسلمة واقعية مفادها انه لا يكمن ان تحدث ثورة وتغيير فكري وسياسي جذري في مجتمع عربي لم يشهد أي تغيير فكري أو سياسي أو ثقافي أو اجتماعي أو اقتصادي يواكب هذه الطفرة والنزعة الثورية ، والأمر الآخر الداعم لهذه النظرة التطابق شبه التام في الآليات والأساليب والطرق وحتى الشعارات التي اتبعتها هذه الثورات فهي تتطابق حرفيا متجاوزة الفروقات الطبيعية والاجتماعية والثقافية بين تلك المجتمعات العربية ، وهذه التوصيف للثورة لا يعني عدم وجود عوامل ومؤثرات حقيقية تدعو إلى الثورة والانعتاق من السلطة الدكتاتورية والاعتراض على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتأزمة بالوطن العربي ، فعرّابي ومنظري الثورة العربية استغلوا الظروف والوقائع العربية للمواطن العربي البائس لإطلاق ثوراتهم وتصوراتهم لتاريخ المنطقة بما يهدف مصالحهم ومأربهم ويبقى المواطن العربي هو المتضرر في كلا الحالتين .

مقدمة عن الوضع في اليمن :

 ما زالت المنطقة تدار دوليا بعقلية ونهج سياكس بيكو فالجزيرة العربية تعد منطقة نفوذ بريطاني بينما يحافظ على إفريقيا منطقة نفوذ فرنسي ومع المتغيرات الكثيرة وظهور أمريكا كقائد متفرد للعالم والوارث الشرعي للنفوذ الاستعماري القديم فان السياسة الأمريكية تضع النفوذ البريطاني في الحسبان عندما ترسم سياساتها في المنطقة ، فبريطانيا تسعى من خلال الثورات العربية إلى إعادة تموضعها في الجزيرة وفي استعادة نفوذها في اليمن والتحكم في باب المندب والحضور الدائم في مياه البحر الأحمر وخاصة لان المملكة العربية السعودية تخلصت من الوصاية البريطانية مقارنة بدول الخليج واعتمدت على التحالف الأمريكي لتوسيع نفوذها في المنطقة ، وقام الرئيس اليمني بتقليد السعودية إذا ارتكزت سياسته في القديم والحاضر على التحالف القوي مع الأمريكيين وإخراج البريطانيين من لعبة النفوذ في اليمن ، وهذا العامل يفسر التمايز بين السياسة البريطانية والأمريكية تجاه اليمن ، ومن ناحية أخرى بين لنا التحالف والتقارب بين السعودية والرئيس اليمني طوال فترة الأزمة في اليمن .

السبب الحقيقي لإخفاق الثورة في اليمن :

 

لقد مثل مكافحة الإرهاب دورا كبيرا في السياسة الأمريكية وأصبح كابوسا ولاعبا حقيقا في رسم السياسة الأمريكية ومع الأحداث والمتغيرات التي شهدها العالم وأمريكا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر تحول مصطلح الإرهاب من مصطلح تجاري وتخويفي الى كابوس حقيقي ووجبة دائمة على المائدة الأمريكية ، فأمريكا في بداية الأمر استعلمت الإرهاب لتوسيع نفوذها وتسويق نظرياتها التوسعية مثل شعار " الضربة الاستباقية " الذي تبنته إدارة بوش الذي يجيز مطاردة الإرهاب وقمعه في أي دولة دونما اعتبار لمصطلح السيادة الوطنية للدول ليتبع هذا الشعار بشعار آخر وهو " نقل المعركة إلى ارض العدو " أي لا بد لأمريكا ان تحارب الإرهاب في جذوره وفي الدول البعيدة لئلا تترك الفرصة للإرهابيين للتخطيط وتنفيذ عمليات إرهابية في أمريكا والغرب وتهديد المصالح الأمريكية والغربية على امتداد العالم . وعندما جاءت أدارة اوباما الديمقراطية وأرادت الانعتاق والتخفف من هذا الكابوس الجاثم على السياسة الأمريكية أخفقت وواجهت الكثير من المشاكل فهي لم تستطع إغلاق معتقل جونتناموا إذ يمكن استعماله في المستقبل معتقلا لإرهابيين بعيد عن الحقوق المدنية والدولية ، كما قاتلت وزارة الدفاع عند ابتداء الثورة اليمنية وظلت تذكر الرئيس الأمريكي بخطر الإرهاب في اليمن وتؤشر في أكثر من مرة بان الرئيس اليمني حليف موثوق في مكافحة الإرهاب بينما المعارضة في اليمن تشمل أطراف وجهات ذات توجهات أصولية وإسلامية داعمة في تكوينها للإرهاب لا يمكن التعامل معها ، كما ظلت اليمن مخزونا بشريا هائلا داعم للإرهاب في المنطقة والعالم بسبب البيئة الخصبة التي توفرها الجغرافية الجبلية ووجود الحضن القبلي المؤيد لفكر القاعدة ، كما شكل انتقال القاعدة من السعودية إلى اليمن ووجود زعامات قوية للقاعدة في جبال وأودية اليمن قادرة على التخطيط والوصول إلى الأراضي الأمريكية هاجسا كبيرا وخطرا دائما يهدد المصالح الأمريكية والغربية في المنطقة والعالم .

إخفاقات المعارضة مع الأزمة اليمنية :

 وجود القاعدة في اليمن كان من أهم الأسباب التي أدت لإخفاق الثورة في اليمن فالمصلحة الأمريكية في هذه البلد تقتضي وجود حليف قوي قادر على مكافحة الإرهاب ولذلك عملت أمريكا على استمرار يمن موحد ذي مؤسسات أمنية وعسكرية قوية ، وهنا ظهر التقاطع بين فكر الثورات وسياسة بريطانيا من جهة وتوجهات امريكا من جهة اخرى ، فبريطانيا تطمح من خلال دعم الثورة في اليمن إلى تقسيم اليمن وإعادة نفوذها على الشطر الجنوبي ، كما ان المعارضة سجلت إخفاقا كبيرا في مخاطبة أمريكا والمجتمع الدولي والسعودية في محاربة القاعدة بل جاء البيان رقم واحد للمنشقين من الجيش مع الثورة باتهام النظام بتركه محافظة أبين لسيطرة المجموعات المسلحة استعمل هذا المصطلح ولم تقم بإدانة فكر ونهج القاعدة ، فالتقط النظام الفرصة وشن حملة شرسة لتطهير أبين ولم تقف تلك القوات المنشقة وأحزاب المعارضة مع الجيش لتطهير أبين من القاعدة بل سعت إلى تصوير الأمر بان الجيش يقتل مواطنيه في فرصة لكسب تأييد بعض المنظمات الإنسانية للثورة متناسية القراءة الأمريكية والخطر الذي تشكله القاعدة على المصالح الأمريكية والغربية ، ومن اخطأ الثورة في اليمن التركيبة المتناقضة للمعارضة فهناك أحزاب سياسية تدرك ضرورة الحل السلمي والحوار لحل الأزمة اليمنية وهناك قوى دينية وجماعات أصولية وقيادات عسكرية تريد الحسم الثوري والانقلاب العسكري للوصول إلى السلطة وهناك مجموعات قبلية ومرجعيات مذهبية ومناطيقية تريد الانصدام العسكري وتفكك الدولة لتصل إلى مشاريعها الطائفية والمذهبية والسلطوية ممثلة في زعامة صادق الأحمر والحوثيين والشيخ الزنداني والحراك الجنوبي ، فهذه التشكيلة غير المتجانسة قتلت طموح الثورة فلم ينجح الحل السلمي الحواري إلى الآن لعدم وجود إجماع حوله من قبل المعارضة ، كما فشل الانقلاب العسكري وتراجع الخيار العسكري الحربي أي لم تستطع هذه القوى التوافق على رؤى وحلول للواقع اليمني ولم يجمعها إلا كراهية النظام والمطالبة برحيله فقط ، ومن أسباب إخفاق المعارضة القراءة السريعة والمتعجلة للواقع اليمني فقد تغنت القوى المعارضة بالتصريحات الغربية المؤيدة للثورة وخاصة من وزارة الخارجية الأمريكية والاتحاد الأوربي وبعض المنظمات الدولية وتناسى قادة المعارضة بان هذه التصريحات تدخل في التأييد الشكلي والإعلامي وان هذه الدول تراقب الملعب اليمني والمتغيرات القادمة لتحدد أهدافها ومواقفها بشكل صريح ، ولذلك حين أعلنت هيلاري كلنتون من الإمارات بان الدستور اليمني قوي ويعد أساسا لنقل السلطة في اليمن اتهم د. عبد الملك المخلافي احد قادة المعارضة وزيرة الخارجية الأمريكية بأنها المتحدث الرسمي عن النظام اليمني ، والسبب الأساس في عرقلة الثورة اليمنية اتجاه المعارضة إلى دولة قطر وتلقي الدعم منها واعتبارها المناصر الحقيقي للثورة والثوار في اليمن ومبدين تذمرهم واتهامهم للسعودية بمناصرة النظام اليمني ولم يفهموا بان السعودية تحافظ على أمنها القومي وقرأت المملكة موقف قطر الداعم للمعارضة إنما يهدف لزعزعة الوضع في السعودية عن طريق إقلاق الوضع في اليمن ، أي اتخاذ اليمن معبرا وطريقا للتدخل السياسي والعسكري والأمني في المملكة ، ومن أسباب الفشل عدم إدراك المعارضة للوضع المعقد في اليمن واعتمادها قراءة عاطفية انفعالية فقد راهنت على ضعف النظام وتفككه وانقسام الجيش وعلى القوة القبلية للشيخ صادق الأحمر وعلى القدرات القتالية لعلي محسن الأحمر والمجاهدين التابعين لجامعة الإيمان والجماعات الإسلامية لحسم الوضع في اليمن ، ولكن كل تلك النظريات فشلت وتبخرت إضافة إلى بروز تيار ديني وأصولي متشدد يرفع شعارات الخلافة الإسلامية مما أدى إلى تخوف وإحجام من قبل الدول الغربية الداعمة للثورة .

إدارة الرئيس اليمني لملف الأزمة

أدرك الرئيس اليمني حقيقة اللعبة والأهداف الحقيقة من الثورة في اليمن وان ما حصل يعد تقليدا حرفيا للثورة في تونس ومصر ، فتصريحات الرئيس في كلية الطب بجامعة صنعاء عن وجود مطبخ في تل أبيب وأمريكا لم تكن زلة لسان وإنما كانت رسالة موجهة لوزارة الخارجية الأمريكية والتي ذهبت بعيد جدا في مناصرة الثورة في اليمن وما كشفته صحيفة القدس من وثائق عن القائد اليهودي برنارد هنرى ليفي يؤكد هذه النظرة والرؤية ، كما ان الرئيس اليمني اعتاد حكم اليمن باللعب على التوازنات والتعامل مع كل الأطراف أعطاه القدرة على إدارة اللعبة على الاستمرار في سياسة " السير على رؤوس الثعابين " من خلال تقديم التنازلات والمبادرات والدعوة إلى الحوار والابتعاد عن الخيار العسكري حتى بعد تعرضه للاغتيال والتصفية الجسدية إلا انه التزم بلغة العقل والحوار في خطابه الصوتي اثر محاولة الاغتيال ، وفي سلوك القوات العسكرية والأمنية وهو راقد على سريره بالرياض ، كما استطاع الرئيس اليمني ان يفهم صناعة القرار الأمريكي وتعدد المؤسسات الصانعة للقرار ، فكثف لقاءاته وتشاوراته مع الجهات العسكرية والأمنية ومثلت وزارة الدفاع الطرف الرافض أو غير المتحمس للثورات العربية بينما انطلقت وزارة الخارجية إلى دعم وتأييد هذه الثورات ، واستطاع الرئيس اليمني توظيف ملف الإرهاب والقاعدة لكسب وزارة الدفاع الأمريكية والتي أثرت بدورها على الرئيس الأمريكي لتصب تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية لصالح وحدة اليمن واستقراره ودعم الحوار بينما كانت تصريحات وزارة الخارجية الأمريكية في بداية الأزمة تطالب برحيل النظام وتحذرة من استخدام الحل العسكري والأمني ، كما قوّى الرئيس اليمني تحالفه مع الجارة السعودية واقنع قادتها بان تشظي اليمن واضطرابه سيصب في المقام الأول ضد المملكة السعودية وبان كثير من القوى الاقلمية والدولية تريد استغلال هذه الثورة للتدخل في الشأن السعودي ولا سيما إيران وبريطانيا وقطر ، لقد أعطى الدعم السعودي النظام اليمني زخما كبيرا ومكّنه من مقاومة كل الضغوط الخارجية والداخلية ولا سيما الأمريكية ، وتكاد تدرك كل القوى بعد فوات الأوان انه لا يمكن لأي حل في اليمن ما لم ترض عنه السعودية وتباركه .

في بداية الثورة والأزمة في اليمن خرج الشباب في الساحات بالملايين مطالبين برحيل الرئيس والنظام ، فاستطاع النظام إخراج ساحات مقابلة ولجمعات متوالية ليبين للعالم وجود ساحة عريضة من الشعب تؤيد النظام كما عمل على تضخيم المعارضة وجرها إلى الحلول السلمية والحوارية مما تسبب في الانشقاق الداخلي في أطياف المعارضة ، وأدار الرئيس الأزمة وتحويلها إلى صراع مناطقي باعتبار ان بعض المحافظات تريد قيادة الثورة وترحيل قوى قبلية أخرى فتحول من صراع ثوري إلى صراع قبلي مناطقي ثم عمل الرئيس إلى تحويله إلى صراع على السلطة حينما قام صادق الأحمر باحتلال مرافق الدولة في الحصبة وأطلق عبارته القاتلة : " سأرحل الرئيس اليمني حافيا من اليمن " ففهمت كثير من القوى ان الغرض من الثورة استبدال شخص الرئيس بشخص صادق الأحمر صاحب المرجعية القبلية المتخلفة ، وشكلت حادثة النهدين وتصفية الرئيس جسديا مسمارا قويا في نعش الثورة والمعارضة من خلال السعي إلى تصفية الرئيس جسديا في مكان مقدس ، كما اكتسب النظام شرعية قبلية وحصل على تعاطف شعبي وقبلي كبير ، كما بينت بعض تصرفات ساحات المعارضة الاحتفالية بمقتل الرئيس ومحاولة التشفي استنكار واسع لدى الشعب اليمني والنخب السياسية والثقافية ، واستفاد الرئيس اليمني من هذه الاعتداء في تصوير المعارضة بأنها تسعى وراء الانتقام والدم والانقلاب وقام بضبط خطابه ولم يتوجه وراء الانتقام والتصفية بل اتصف خطابه في ظهوره الأول والثاني بالمملكة بالعقلية بالرزانة والدعوة للحوار والمشاركة لتدرك كثير من القوى حضور الرئيس اليمني كركيزة قوية تساهم بقوة داخليا وخارجيا كقائد وصمام أمان يعتمد عليه لقيادة اليمن وللوصول إلى توافق سلمي مقبول لكل الأطراف

وفي الحلقة الثانية ان شاء الله سوف نستقراء الوضع الداخلي للأحزاب والجماعات والمبادرات المقدمة من قبل السلطة والمعارضة ومن قبل القوى الإقليمية والدولية ونقوم بتحليلها .

* إعلامي وباحث يمني ورئيس تحرير موقع الخيل نت الالكتروني

Binamar25@hotmail.com