براكين الغضب
بقلم/ أحمد عايض
نشر منذ: 16 سنة و 8 أشهر و 15 يوماً
الأربعاء 09 إبريل-نيسان 2008 07:18 ص

ما دام النظام في اليمن يفكر بعقليات ما قبل الثورة في التعامل مع الأخر فأنة يحفر لنفسه حفرا سيكون أول الساقطين فيها , وفي كل يوم يؤكد لشعب والعالم أنه أكثر فشلا واقل خبرة في التعامل مع قضايا الناس , وفي كل موقف يرسم لوحات تظهر مدى فقرة السياسي والحضاري في لتعامل مع قطاعات الشعب المختلفة ..

 هذه المرة لم تكن من الضالع أو الحبيلين أو غيرها من محافظات الجنوب وإنما من قلب اليمن النابض بالحرية والثقافة والكرامة ... من محافظة تعز الأبية .

إن النظام الحالي يقدم أكبر خدماته التاريخية للقاء المشترك ولليمن عموما بكل مشاربه السياسية وهو تربية الناس على النضال السلمي وسوقهم إلى ذالك بالقوة عبر تصرفاته ومواقفه.

إن اليمن تمر بمرحلة مخاض فكري وتحول نفسي كبير في كسر هيبة المسئول والدولة التي ظلت تمارس " إرهابا نفسيا " ممقوتا على الشعب تلك الثقافة التي تعمقت في نفسية الشعب اليمني منذ مئات السنيين ففي الماضي كان اليمني بقبل ركبة مولاة السيد وأما اليوم فإن التصفيق الغير مبرر والهتافات التي قد لا يفهم بعض الزاعقين بها ولا يعرفوا حتى معانيها هم اليوم على مفترق طرق وبداية مرحلة يستطيع اليمني أن يقف ويقول بملء فيه لا , وهنا تبدأ عجلة التغيير الحقيقي في عقلية شعب يعتبر من أكثر شعوب المنطقة أميةََ ً وتخلفا حسب العديد من التقارير الدولية .

لم أرى حكومة تجر نفسها إلى مستنقعات الفوضى وبحار الخلاف كما يحصل مع أجهزة نظام الحزب الحاكم في اليمن .

أحداث تعز ليس ورائها المتقاعدون أو قيادات انفصالية أو عملاء الخارج وإنما توجيهات عليا ناتجة عن عقلية عسكرية أو حزبية عميقة التخلف في تعاملها مع قضايا الرأي وحريات التعبير .

فهد القرني أو فنان الشعب كما يلقب سيكون هو بطل شرارة ثورة الحرية والدفاع عن الرأي في محافظة تعز وغيرها من محافظات الجمهورية , وكما احتشدت الآلف لهذا الفنان في مهرجاناته ها هي تحتشد لمناصرته وهو معتقل في غياهب سجون ألأمن السياسي في محافظة تعز .

لقد هددت اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام في أخر بياناتها قبل أيام بعدم التساهل مع أي عابث بالأمن والاستقرار مهما كان وإلى أي جهة ينتمي .

 حالة من ألاحتقان النفسي يعيشها البعض قد تترجم بصور شتى لتنفيس عن تلك الضغوط التي تعيشها تلك القيادات التي لم يعد باستطاعتها سماع إي نقد مهما كان لاذعا أو معتدلا ففي عقلياتها يجب أن يصمت الجميع لأنهم حسب مواقفهم هم فوق ذالك كله .

حكومتنا الرشيدة لم تستطيع طيلة السنوات الماضية التعامل مع ملفات الداخل بأي كفاءة أو نزاهة , بل كان جل أعتمدها على تدخلات الخارج والحلول الجزئية التي مازلت حتى اللحظة يمكن أن تنفجر بين الفينة والأخرى , فمحافظة تعز لم تكد تهدأ نسبيا بعد مقتل شيخ الأقيوس إلا وصنعت لنفسها متارس جديدة للإصتطدام بهذا الشعب .

لا أدري هل هناك قيادات مصابة بأمراض نفسية تجد راحة عندما تتصدر اليمن نشرات ألأخبار ووصفها بأنها بقعة من بقع التوترات والصراعات , فتسعى دائما لفتح ملفات الماضي والتعامل مع تلك القضايا بخبث سياسي ماكر .

هناك ثمة بوادر تلوح في الأفق لمرحلة أكثر قتامه من التضييق على الحرية ومنابر الكلمة فوزارة الأعلام تدشن حملتها الغاشمة بإيقاف صحيفة الوسط و في تعز يتصدر ألأمن السياسي اعتقال فنان الشعب فهد القرني ومراسل مأرب برس منير الأكحلي الذي أُلزم بتعهد خطي بعدم الإساءة للمسئولين .

هل يمكن أن نضع أحداث تعز ضمن إطار مسرحية محبوكة خيوطها بكفائه من قبل عناصر ما في أجهزة الدولة لسحب البساط من تحت المحافظات الجنوبية وتوجيه الأنظار إلى الشمال والعمل على تركيز الاهتمام من قبل وسائل الإعلام على تعز وعلى قضية حراكها والمطالبات الشعبية فيها والتي عززت بقيام أجهزة الأمن باعتقال العشرات , وإعطاء الوضع صورة أكثر درامية لأهداف قد تكون خطواتها رسمت في وقت سابق .

فهد القرني في كل مهرجاناته الفنية سواء التي أقامها في المحافظات الشمالية أو الجنوبية يؤكد في كل منها على أهمية الوحدة اليمنية وجمع الكلمة ووحدة الصف وهذه الأهداف التي ينطلق منها القرني تخدم النظام قبل أي طرف آخر , وكان الأحرى بها أن تكرم فهد القرني رسميا من قبل وزير الثقافة على دورة الفني والوطني .

لكن هي هكذا أجهزة الحكم لدينا دائما تسير عكس التيار وتريد أن تصلح الوضع من حيث تفسده ... لرؤيتها القاصرة والضيقة .

أو تكون بعض عناصر النظام المتلطخة بخطايا جسام لم يرق لها سخرية القرني من الفساد في اليمن فأرادوا أن يسكتوا فنانا أستطاع أن يٌكون لنفسه قاعدةَ ً جماهيرية ً واسعة عجز عهنا خطباء ووجهاء وأصحاب سلطة منذ سنوات طوال .

لكن محبي وأنصار القرني هذه المرة كانوا أكثر وفاء وضربوا مثلا في الدفاع عن الحريات وأصحاب الكلمة والفن وما تجمع الآلاف أمام مقر ألأمن السياسي بمحافظة تعز والمظاهرات التي جابت عددا من شوارعها إلا خير دليل على ذالك .

تعز عاصمة الثقافة والقلم في اليمن هي اليوم ترسم لوحة جميلة أبطالها حملة رأي ومناضلي كلمة وفرسان مواقف .

أجهزة ألأمن ستفرج عن القرني ولن تجرؤ على المساس بشعرة واحدة منه لأنها تعلم من ورائه , وسيعود القرني إلى نشاطه بأكثر جماهيرية وأشد معجبين من داخل اليمن وخارجة وعلى المراقبين متابعة موقع اليو توب ومعرفة الأرقام الهائلة التي تابعت مقاطع سابقة للفنان القرني على شبكة الانترنت ومراجعة الإستريوهات وكميات الطلب الهائلة على إصدارات القرني... حقا أن حكومتنا " ما حصلتش " حسب تعبير ألأخوة المصريين .

Mareb2009@hotmail.com