الكشف عن ودائع الأسد في البنوك البريطانية..و مطالبات بإعادتها للشعب السوري ماهر ومملوك والنمر وجزار داريا.. أين هرب أبرز و كبار قيادات نظام الأسد الجيش السوداني يُعلن مقتل قائد لقوات الدعم السريع في الفاشر إيران تطالب الحكومة السورية الجديدة بتسديد 30 مليار دولار ديون لإيران قدمتها لبشار مؤسسة وطن توزع الملابس الشتوية لمرابطي الجيش والأمن في مأرب هكذا تغلغلت إيران في سوريا ثقافيا واجتماعيا.. تركة تنتظر التصفية إيران تترنح بعد خسارة سوريا ... قراءة نيويورك تايمز للمشهد السياسي والعسكري لطهران إحباط تهريب شحنة أسلحة هائلة وقوات دفاع شبوة تتكتم عن الجهة المصدرة و المستفيدة من تلك الشحنة الحوثيون يجبرون رجال القبائل جنوب اليمن على توقيع وثيقه ترغمهم على قتال أقاربهم والبراءة منهم وتُشرعن لتصفية معارضي المسيرة القوات المسلحة تعلن جاهزيتها لخوض معركة التحرير من مليشيا الحوثي
كانت الأيام القليلة الماضية إحدى أصعب أيام حياتي. أعرف أنني في لحظة ينقسم فيها التاريخ إلى قيمتين: الثورة والثورة المضادة. وأعرف أن من شيم الثورات الفرز والاستقطاب والتصنيف والوشاية والشك والتناقض والتخندق واستباحة حق الفرد في أن يكون ما يريد، وقد ينتهي كل شيء بانتكاسة ومأساة. لكن حينما كان علي أن اختار، اتخذت جانب الثورة متجاهلا كل المخاوف التي تطرقت إليها في مقالات سابقة.
على أن ما يفترض بالجميع اختباره الآن كنموذج بصورة مستمرة هو: أخلاق ومٌثل وسلوكيات شباب التغيير وأنماط تفكيرهم وتصورهم للحريات العامة وحقوق الإنسان وقيم العدالة والحب والصداقة والتسامح والرحمة والجمال. شباب التغيير هم من يديرون عجلة قيادة التاريخ حاليا وليس النظام المتداعي الذي برهن طيلة ثلاثة عقود على همجيته وفشله وفوضويته، وبالتالي فالمستقبل يتمظهر في كل ما يبدر عن الشباب من تصرفات ومواقف وشعارات.
وأجدني مضطرا الآن لإعادة سرد الوقائع التي ارتبطت باسمي نهاية الأسبوع الماضي. سأبدأ من السبت 26 فبراير، اليوم الذي انضممت فيه بحماسة إلى شباب ساحة التغيير، وحينما عدت إلى البيت كتبت في صفحتي على الفيس بوك التالي:
(أمضيت النهار وجزء من الليل في ساحة التغيير. لقد ذهبت للمرة الثانية مدفوعا بالرغبة في رؤية اليمن من خلال ذلك الحشد الفتي والمتوثب. ألوف الحناجر تصدح بالشعارات والخطب والقصائد والأغاني الحماسية. رأيت غضباً مهيباً يتسم بالنضج والكمال، ذلك النوع من الانفعال المسيطر عليه. لقد انتابتني مشاعر متضاربة هي باختصار خليط من الغبطة والشك، الأمل والحزن، الطمأنينة والقلق، الرهبة والانتشاء.
لاحظت كيف أن نموذج ميدان التحرير المصري يفرض نفسه على المشهد بوضوح. هنا يقدم الشباب تنويعات مدهشة على مدار اليوم، رقصات ومسيرات صغيرة تتحرك داخل المجال الذي رسموه لأنفسهم، صلوات وابتهالات، رسومات وقرع طبول. والحصيلة كرنفال فرائحي استثنائي يتميز بالارتجال شبه التام والشغف.
لقد كدرني تذكر أن المجنون يفترض بأن كل هؤلاء الشبان هم صنيعة حميد الأحمر. هذا استخفاف واختزال ومصادرة وتضليل.
لقد رجعت مملوء بإيمان لا حدود له بأن هذا الحشد لن يعود خالي الوفاض، واليمن لن تعود ما كانت عليه مطلقاً، بصرف النظر عن كيفية الصورة التي ستصبح عليها البلاد، أكانت مشرقة أم قاتمة).
...
الأربعاء 2 مارس، عدت من ساحة التغيير وكتبت بانفعال شديد التالي، في صفحتي على الفيس بوك أيضاً:
هذا ما حدث لي في ساحة التغيير
(كنت مخزنا بعد المغرب في ساحة التغيير رفقة زملاء صحفيين وناشطين، تلقيت مكالمة من الزميلة غادة العبسي. كان صوتها مخنوقا بالبكاء، لم تستطع الحديث، بالكاد فهمت انها في ساحة التغيير بجوار الأكشاك، خرجت مهرولا مصدوما ذاهلا.
وصلت بدأت اسألها: ايش حدث؟ مالك؟ لم تجبني إلا وشخصين يقتادوني، قدموا أنفسهم على انهم من اللجنة الأمنية، كانا يمسكاني من ذارعاي والزميلة غادة تتبعنا. أدخلونا خيمة صغيرة تؤدي الى خيمة أخرى. كنت اتلعثم من الصدمة واسألهم بالحاح: ما الذي حدث؟ أنا محمد العلائي، انا صحفي. كانوا يرددون انتم قتلة ودم الشهداء في اعناقكم. في الخيمة التي هي اشبه بمخفر شرطة متنقل وقاعة محكمة أيضا، يتم الفصل فيها سريعا.
حاولت اتصل بالزملاء الذي كنت معهم، لكن شباب التغيير جردونا من تلفوناتنا بالقوة. اجلسوني بالقوة، لم استطع توضيح شيء، أحدهم شرع في الاعتداء على غادة، بدأت اشعر بالخوف. كانوا صلفين وغلاظ، اثنين منهم ملتحين ويبهررون بأعينهم.
بعد دقائق جاء اثنين يلتقطون صورا فوتوغرافية وآخر يصور بكاميرا فيديو، فهمت فيما بعد انهم يعرضونها في قناة سهيل ضمن قائمة ما يسمى بـ"البلاطجة".
عرفت حينها طبعا ان سبب هذا الهتك والترويع والإهانات هو ان الزميلة غادة، التي تبحث عن وظيفة منذ سنوات، واعترضها قبل أسبوع عسكر من الحرس الرئاسي لأنها سألتهم عن مكتب الرئيس تريد مقابلته لانها لم تحصل على وظيفة. كانت يائسة وقانطة وتريد اختبار صدق الإعلان الرئاسي بفتح مكتب صالح للمواطنين، فرد عليها الضابط متعجرفا: انت برغلية وتشتي تقابلي الرئيس؟!!!
قصدي ان سبب تصرف عسس الجامعة مع غادة هو انها جاءت لتوزيع استبيان عن القنوات الفضائية، كان بحوزتها مجموعة ورق لا غير، اعتبرها عسس ساحة التغيير مبتعثة من قبل "القتلة" لاختراق صف الثورة والتشويش عليه.
مشهد كابوسي، تذكرت جوزيف ك في رواية "المحاكمة" لكافكا، الذي يتم اقتياده الى المذبح دون ان يدري لم فعلوا ذلك.
مهما حاولت فأنا عاجز تماما عن وصف ما اشعر به، عن وصف ما حدث، لا زلت تحت تأثير الصدمة.
لم أتعرض لإهانة كهذه طيلة حياتي. لا اعتقد انه يمكنكم تخيل كيف أن الوجع والصدمة مضاعفة لأنني تبهذلت على يد رجال التغيير الذين كنت أقاسمهم المصير. كتبت ضد السلطة وعارضت وانتقدت في شتى الصحف.
فليتلقوا شرحي للحادثة هكذا كيفما تلقوه، لكني اقسم لكم ان الفاشية تتخلق في ساحة التغيير في أجلى صورها. ما يزيدني قهر هو أنني ذهبت متحمسا اليوم لمشاركة الشباب الذين أدهشتني عروضهم يوم السبت.
أنا ضحية الثورة. والثورة هي المستقبل. اذن لن ينصفني أحد ولا زميلتنا غادة التي مارسوا ضدها أبشع أنواع الإرهاب والترويع).
...........................
توضيح مهم واعتذار
الخميس 3 مارس
(أولاً أنا مستاء جداً جداً من إعادة نشر ما كتبته أمس بشأن الحادثة في صحيفة الثورة، تفاجأت من الطريقة التي أرادت السلطة من خلالها توظيف ما حدث في معركتها الإعلامية ضد حركة التغيير الشبابية التي لا زلت أحس بالانتماء إليها. لقد قامت الثورة بنقل الملاحظة من صفحتي على الفيس بوك ونشرها في صفحتها الأخيرة بما يوهم أنني كتبت لهم المقال.
ولو نشروا ما كتبت بالكامل لكان الأمر اقل سوءا، لكنهم وبوقاحة شديدة حذفوا أهم فقرة أفقدت الموضوع توازنه الذي يليق بموقفي وما اكتبه منذ بدأت العمل الصحفي. وهذه هي الفقرتين اللتين اخل حذفهما بالموضوع على نحو يسيء لي: "عرفت حينها طبعا ان سبب هذا الهتك والترويع والإهانات هو ان الزميلة غادة، التي تبحث عن وظيفة منذ سنوات، واعترضها قبل أسبوع عسكر من الحرس الرئاسي لانها سألتهم عن مكتب الرئيس. تريد مقابلته لأنها لم تحصل على وظيفة. كانت يائسة وقانطة وتريد اختبار صدق الإعلان الرئاسي بفتح مكتب صالح للمواطنين، فرد عليها الضابط متعجرفا: انت برغلية وتشتي تقابلي الرئيس؟!!!".
بوجود هاتين الفقرتين كنت أريد الإشارة إلى نموذجين من "البلطجية" ينبغي لحركة التحرر مناهضتها والخلاص منها قبل اي شيء آخر.
كتبت ما كتبت في حالة انفعال. لست نادما على إعلاني لما تعرضت له، لأنني ساهمت في التنبيه لممارسات لا تتلاءم مع روحية التغيير وشعاراته التي تنادي بالانعتاق من القمع والمصادرة والظلم والقهر.
حتى حديثي عن الفاشية لم يكن على سبيل التعميم، بل على سبيل التحذير من ذلك المزاج العنيف والمرتاب، والتحذير من تخلق جو بوليسي مهما كان غرضه شريفا الا انه لا يبشر بالانسلاخ الجذري عن كل ما نثور ضده، من بوليس ورقابة وانتهاك.
ثانيا، ومثلما اعتذر لي شباب التغيير بشكل جماعي فإنني أبادلهم الاعتذار بالاعتذار، لا سيما بعدما تلقيت تأكيدات على محاسبة المتورطين ووقف تلك التصرفات التي تكررت.
طبعا تلقيت سيل من الاتهامات والشتائم والعنف اللفظي من شباب فيس بوك محسوبين على ثورة الشباب، سامحهم الله
في النهاية أنا كاتب وصحفي والحكم عليا بما اكتب ويستطيع أي شخص أن يراجع كل ما كتبت منذ بدأت في 2006 وحتى هذه اللحظة ليعرف مواقفي المعلنة.
أنا مواطن بسيط، لست ابن شيخ ولا ابن رجل أعمال، ابي شاقي، لا امتلك قناة تدافع عني ولا صحيفة. تعرضت لاعتداء وإهانة، وجدت نفسي رهن التحقيق وكاميرات تصوير فلم أجد غير الفيس بوك ملاذا لعرض مظلوميتي. من تلقى ما كتبت بسوء نية وشك لا يمكن إقناعه أصلا بغير ما يريد الاقتناع. لقد أصدر حكمه وانتهى الأمر لا يهمه تمحيص كلامه والتثبت على الأقل مراعاة لأبسط قواعد العدالة والحق والإنسانية).
....................
توضيح آخر
الجمعة 4 مارس
استمرت النقاشات على صفحات الفيس بوك وبعض المنتديات، وكثير منها اتهامات ولمز وتلميحات وتخوين. وفي ردي على صديق عزيز عبر عن خيبة أمله من "تورطي" كما قال، في ما أسماه "لعب دور الشهيد"، قلت له التالي: (لو تابعت تسلسل ما حدث من البداية وكيف تصرفت حياله أظنك ستفهم أنه ابعد ما يكون عن الأدوار أو عناصر المسرح.
وازعم أنني أكثر الناس نفورا من الأدوار أيا كان نوعها. وازعم أنني احتفظ بمسافة معينة من الأحداث كي أتيح لنفسي مشاهدتها عن كثب ومن زوايا متعددة. وازعم أنني غيور جدا على فردانيتي ويثير اشمئزازي تغيير المواقف "تبعا لمحكمة لا مرئية" أي ذلك "التلاؤم المبتذل مع الروح المتغيرة للتاريخ"، بتعبير كونديرا.
حصل اعتداء، وهذا الاعتداء كان له وقع قاسي ورمزية لأنه جرى في الضفة التي سمحت لنفسي بالانحياز إليها مع تحفظات ومخاوف عبرت عنها في مقالات سابقة.
كشفت ما حدث من خلال صفحتي على الفيس بوك. ولكي اجرد الأمر من الطابع الدرامي والإثارة، لم أصدر بيان ولم اشتكي لنقابة ولا قدمت بلاغا للنائب العام. رفضت مقابلة وزير الداخلية، ورفضت حضور مؤتمر صحفي مكرس لرواية ما حدث.
بطريقة قذرة وعلى غير علم مني، قامت بعض وسائل الإعلام الحكومي بترويج وتوظيف ما كتبت في الفيس بوك مع الحذف والتحوير والتضخيم. كل شيء حدث لم أشارك في اختياره ولا تدبيره، لا الاعتداء ولا استغلاله من قبل إعلام السلطة ولا تداعيات هذا الاستغلال الشائن.
أنا بصدد توضيح الالتباس الناجم عن محاولة التوظيف السياسي لما حدث من قبل الجانبين. تعامل الإعلام الرسمي أساء إلي، والحق بي ضررا يتعذر إصلاحه بسهولة. لكني تعرضت لإساءات لا حصر لها من بعض شباب الثورة، عنف لفظي وشتائم، وبالمقابل تلقيت تضامن واسع من ساحة التغيير واعتذار مهيب من الحشد بأكمله مرات متتابعة، واعتذار آخر للزميلة غادة العبسي.
ولئن ظهرت نغمة حزينة في نقلي للحادثة أو في تعقيبي على تداعياتها، فذلك من أجل التأكيد على البعد الإنساني، ومن اجل تخفيف حدة التأويلات، وقطع الطريق على هيئة المحلفين العظيمة وطويلي الألسن المتأهبين دائما للنيل من أي شخص ينظر إلى الأمور بصورة لا يرغبون في رؤيتها عليها).
في الأخير لا بد من تكرار الاعتذار لكل تلك الحشود العظيمة في كل ميادين الحرية. اعتذر عن الآثار التي نجمت عن استغلال الإعلام الحكومي وتضخيمه للحادثة وأستهجن هذا الاستغلال الرخيص. وأرجو من شباب الثورة ان تتسع صدورهم للنقد والملاحظات والعمل الحثيث على ترشيد خطابهم وتصرفاتهم وشعاراتهم. وأتمنى لو يتم التخفيف من التعبئة الدينية على سبيل المثال.
أنا فخور بكم أيها الرجال.
alalaiy@yahoo.com