القوات المسلحة تعلن الجاهزية وحديث عن دعم لتحرير الحديدة.. مؤشرات على اقتراب ساعة الخلاص واسقاط الإنقلاب في اليمن تعرف على ترتيب رونالدو في قائمة أفضل 100 لاعب في العالم قرار مفاجئ يفتح أبواب التحدي في كأس الخليج تقارير حقوقية تكشف عن انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية الكشف عن ودائع الأسد في البنوك البريطانية..و مطالبات بإعادتها للشعب السوري ماهر ومملوك والنمر وجزار داريا.. أين هرب أبرز و كبار قيادات نظام الأسد الجيش السوداني يُعلن مقتل قائد لقوات الدعم السريع في الفاشر إيران تطالب الحكومة السورية الجديدة بتسديد 30 مليار دولار ديون لإيران قدمتها لبشار مؤسسة وطن توزع الملابس الشتوية لمرابطي الجيش والأمن في مأرب هكذا تغلغلت إيران في سوريا ثقافيا واجتماعيا.. تركة تنتظر التصفية
عندما شارك أبناء عزلة قدس في محافظة تعز بالمهرجان الانتخابي للمرشح الرئاسي الأخ علي عبد الله صالح في انتخابات 1999، رفعوا لافتة تميّزهم عن غيرهم كتب عليها (قبيلة قدس).
أثارت هذه العبارة انتباه العديد من الساسة والصحافيين الذين كانوا حاضري ذلك المهرجان في تعز، غير أنهم لم يعرفوا لها تفسيرا، ولم يدركوا دوافعها، وهل كانت(زنقلة) أمام فخامة الرئيس المرشح، أم أنها كانت رسالة سياسية من نوع خاص، منذ وقت مبكر، مضمونها الرغبة بالعودة لـ(القبيلة).
مصدر استغراب الحضور أن منطقة قدس تعد من أكثر مناطق اليمن تمدنا وتحضرا وأبناءها يعدّون من أكثر النخب المثقفة في تعز بل وفي اليمن عموما، ولم يعد للرابطة القبيلة بينهم أي أثر، وأصبحت خبر كان .
كنت أتذكر هذه العبارة كلما أقابل صديقا أو عزيزا من قدس ولكني مثل غيري لم أدرك بُعدها أو مضمونها إلا في الأيام القليلة الماضية عندما تعرض الطبيب درهم القدسي في مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا إلى طعنات قاتلة، والذي سال دمه هدرا دون أن تلتفت الحكومة إلى قضيته ودون أن تعطيها أي اهتمام .
طبعا الحكومة لم تسكت لأنه من (قبيلة قدس) المدججة بالسلاح ولكن لأنه من (عُزلة قدس) الأكثر مدنية، والأعزل من السلاح والتي صدّق أبناؤها أن المواطنة أصبحت متساوية أمام سلطة الدولة فاتخذوا خيار (المدنية) بديلا لـ(القبلية) لم يدرك أبناء قدس أنهم أخطئوا في عصبيتهم إلا في وقت متأخر، حين بلغ عدد المتعلمين والمثقفين فيها أعدادا كبيرة تفوق أعداد قبائل برمتها.. لم يدركوا أن التعليم والمدنية ما عادت تحمي مواطنا إلا بعد أن وقع الفأس في الرأس أو في (ظهر) الدكتور درهم القدسي .
صدّقوا أن لدينا دولة تحمي مواطنيها كما تحمي نفسها وتسميت في حماية نظامها.. صدقوا أن حقوق المواطنة متساوية كـ(أسنان المشط)، وأنه لا فرق بين (مدني) و(قبيلي) إلا بالمواطنة الصالحة.. وصدّقوا أن القلم أو سماعة الطبيب يمكن أن تكون أقوى مكانة وأمضى سلاحا من الرشاش أو الـ(آر بي جي).
صدّقوا وصدّقت معهم الكثير من قبائل تعز (المبنطلة) وكذا قبائل الحديدة وعدن وغيرها أن الدولة هي المظلة الحامية والأب للجميع، غير أنهم في كل يوم تطلع شمسه يزداد يقينهم بأن الدولة ليست سوى أداة بيد رجل القبيلة المدجج بالسلاح والظهر الحامي له، بينما (المبنطلين) ليسوا سوى (لغالغة) ويتامى لا (أب) لهم وبالتالي لا حقوق لهم .
صدّقوا أن السلطة يمكن أن تنصفهم وأن تأخذ بثأرهم أو مجازا بـ(حقهم) من قتلة الدكتور درهم القدسي عندما دقّوا أبواب وزارة الداخلية وأبواب السلطة بأكملها، ولكن يبدوا أن السخرية التي قوبلوا بها من قبل (حماة الوطن) وممن يفترض فيهم أن يكونوا ( في خدمة الشعب) لم تكن لتطالهم لو لم يتركوا قبليتهم المسلّحة وجلافتهم البدوية .
صدّقوا ـ وليتهم لم يصدّقوا ـ أن هناك دولة وأن هناك مواطنة متساوية وأن هناك قانون ونظام فوق الجميع وأن المدنية والتقدمية هي المستقبل المشرق.. غير أنهم يكتشفون كل يوم أنهم في المكان الغلط، في الزمان الغلط.. يكتشفوا أن المدنية لم تؤمّن ظهورهم من الغدر، ولم تؤمّن أطفالهم من الاختطاف ولم تمنحهم أدنى حقوق المواطنة المتساوية .
اكتشفوا الآن، وأظن أن سكان الريف في قدس كانوا أدركوا ذلك قبل عشر سنوات، عندما رفعوا لا فتة (قبيلة قدس)، أنه لا مواطنة متساوية إلا بـ(صميل) القبيلة، وأنه لا حقوق لمن لا (صميل له).. وأن العودة للقبلية هي المخرج من الأزمة .
ــ
khaledhammadi@hotmail.com