آخر الاخبار

مليشيات الحوثي تُدرج مادة دراسية طائفية في الجامعات الخاصة. اللواء سلطان العرادة: القيادة السياسية تسعى لتعزيز حضور الدولة ومؤسساتها المختلفة نائب وزير التربية يتفقد سير اختبارات الفصل الدراسي الأول بمحافظة مأرب. تقرير : فساد مدير مكتب الصناعة والتجارة بمحافظة إب.. هامور يدمر الاقتصاد المحلي ويدفع التجار نحو هاوية الإفلاس مصدر حكومي: رئاسة الوزراء ملتزمة بقرار نقل السلطة وليس لديها أي معارك جانبية او خلافات مع المستويات القيادية وزير الداخلية يحيل مدير الأحوال المدنية بعدن للتحقيق بسبب تورطه بإصدار بطائق شخصية لجنسيات اجنبية والمجلس الانتقالي يعترض إدارة العمليات العسكرية تحقق انتصارات واسعة باتجاه مدينة حماةو القوات الروسية تبدا الانسحاب المعارضة في كوريا الجنوبية تبدأ إجراءات لعزل رئيس الدولة أبعاد التقارب السعودي الإيراني على اليمن .. تقرير بريطاني يناقش أبعاد الصراع المتطور الأمم المتحدة تكشف عن عدد المليارات التي تحتاجها لدعم خطتها الإنسانية في اليمن للعام 2025

الأزمة العربية في لبنان
بقلم/ د. محمد معافى المهدلي
نشر منذ: 16 سنة و 6 أشهر و 23 يوماً
الأحد 11 مايو 2008 12:05 م

مأرب برس - خاص

لبنان البلد المتعدد الأديان والأعراق والمذاهب والتيارات، يكتسب أهمية سياسية قصوى، كونه محط صراع تاريخي طويل بين عدد من التيارات الفكرية والسياسية، منها: الثورة الإيرانية من جهة، والتيارات القومية والعلمانية من جهة، وتيار الصهينة والعمالة من جهة، والتيارات السنية بمختلف أطيافها، من جهة أخرى، بيد أن الدور الأكثر ظهوراً وبروزاً في الأحداث اللبنانية، ما تقدم منها وما تأخر، هو التيار الشيعي بزعامة السيد حسن نصر الله، الذي يتبنى تصدير الثورة الإيرانية، بأبعادها الدينية والسياسية والثقافية، والتيار الآخر هو التيار الصهيوني عبر رجالات العمالة والتخابر والموساد، الذين يلعبون بأمن لبنان وسيادته واستقلاله، ويذكون فيه نيران الحروب والقلاقل والفتن .

 بيد أنّ الأكثر بروزاً وظهوراً من هذين التيارين، على مسرح الأحداث اللبنانية هو التيار المتصهين، فهو وراء كل الحرائق على الساحة اللبنانية، على وجه أخص، وعلى الساحة العربية والإسلامية بوجه أعم .

بيد أن ما يلفت الانتباه هو ضعف الدور العربي عموماً والسني خصوصاً، على صعيد الأحداث اللبنانية، فيما يبدوا ويظهر للمراقب البعيد أو القريب، رغم أن السنة هم أعلى نسبة من جهة التعداد السكاني، مقارنة بغيرهم، ورغم عراقتهم التاريخية، ونضجهم السياسي، نتيجة طول العراك السياسي والفكري، في هذا البلد الممزق الأشلاء والأفكار والرؤى والاتجاهات، حتى داخل كثير من تياراته وأحزابه، الأمر الذي يدعوا كل عقلاء وحكماء وعلماء العالم العربي والإسلامي إلى البحث عن دور إيجابي تصحيحي لمسار المسألة اللبنانية برمتها .

لكن ترى ما الأسباب والعوامل والمؤثرات الحقيقية لهذا الضعف العربي، وما الوسائل لتعزيزه وتطويره، ليكون أكثر فاعلية وتأثيرا، على الساحة اللبنانية، المفتوحة غير المغلقة ضد أحد . 

 للأسف أن الدور العربي في لبنان ربما لا يكاد يتجاوز الدور السياحي أو عقود الأنكحة والزيجات من الفحول العربية للبنانيات الشقروات، وكفى، ومع أننا لا نرى إشكالا في تعزيز العلاقات الاجتماعية العربية المشروعة، بيد أن المفترض أن نعزز كذلك من علاقاتنا بهذا البلد العزيز، في شتى الميادين والمجالات سيما المجال السياسي والثقافي والأمني، فلبنان يعني الشام ومصر والجزيرة والخليج والأمة العربية بأسرها .

إن ثمة أدواراً يجب أن يقوم بها الأحرار والشرفاء العرب والمسلمون لدعم لبنان ووحدته وقراره السياسي وسيادته، وانتشاله من محنته التي تعصف به كل حين، وانتشاله من مخالب الصهيونية العالمية، والتيارات المتصهينة والعميلة له، من أهمها:

1) دعم القوى الوطنية الأصيلة في لبنان، المناهضة للمشروع الصهيوأميركي في المنطقة، والتواصل معها، بشتى ألوانها واتجاهاتها، وهذا يعد واجباً شرعيا ووطنياً وقومياً، فلبنان إن عصفت به تيارات الصهيونية ورياح الموساد العاتية، فمعناه أن نقرأ الفاتحة على سوريا، على الطريقة الصوفية، وهذا هو عين المخطط الصهيوني في المرحلة الراهنة، فإسرائيل تثير الحرائق في لبنان، وتقلق أمنه واستقراره، وتقوم بالاغتيالات والفوضى الأمنية فيه، وعينها في واقع الحال على سوريا، وما لم ندرك هذه الحقيقة، فإننا لن نبكي يوما ما لبنان وحده، بل سنبكي معه سوريا، وأطرافاً من دول الجزيرة والخليج، وبالتالي فالدعم لفصائل المشروع المقاوم والمناهض للهيمنة الاستعمارية في لبنان إنما هو دعم للموقف العربي وحماية لدول الجوار من الأطماع الصهيونية المعلنة التي لا تخفى على أحد .

2) لابد من عقد قمة عربية عاجلة لحل الأزمة اللبنانية، وإجراء المصالحة بين الأطراف المتصارعة، قبل أن نستيقظ على حرب أهلية لبنانية جديدة، وهذا ليس مطلبا كبيراً أو مستحيلا، فقضية كقضية لبنان تستحق قمة بل قمما عربية متتالية، لنُخرج هذا البلد من أزماته وصراعاته، صحيح أن قمة دمشق فشلت في حل للأزمة اللبنانية، لأسباب لا تخفى على أحد، وصحيح أيضا أن المصالحة تعد أمرا صعب المنال، لكن الدعوة إلى هكذا أمر، من أطراف ذات مصداقية وإرادة، قد تخفف من أتون الصراع، إلى حين، ولعلها تثمر هدوءاً نسبيا يعقبه سلام دائم، إذا ما تمكن العرب الشرفاء والمصلحون من دور فاعل وإيجابي وحر، بعيد عن الإملاءات المعتادة من بعض الجهات "الصديقة" .

3) لا بد من مناشدة لدول الجوار برفع يد العبث والفوضى عن لبنان، وألا تعتبر دول الجوار الساحة اللبنانية ساحة لتصفية الحسابات، وهذا أمر بيد اللبنانيين أنفسهم، فقيام حرب أهلية في لبنان يعني ضياع ما تبقى من أحلام للمستقبل اللبناني ولشعبه وقواه الحية، وبالتالي فالواجب على جميع الجبهات والأحزاب اللبنانية أن يوقنوا أنهم سيكونون هم وقود أيما حرب أو فتنة داخلية، وأن النار لن يسلم منها أحد، وأنها ستطال الجميع، وبالتالي فالواجب على كل اللبنانيين هو قطع كل حبال أعمال الوكالة، والتخابر لأعداء لبنان وأمنه واستقراره، وهذا يعني بالضرورة أن يسعى الجميع لعمل ميثاق شرف وطني لحماية لبنان، والوقوف في وجه العابثين والمستهترين، بسيادته وأمنه واستقلاله، أياً كانوا، وهنا يأتي دور الوعي الشعبي ودور القيادات والنخب اللبنانية، من ساسة وعلماء ومفكرين وقادة، وأحزاب وحركات وطنية حرة .

4) على الحكومة اللبنانية دعم ومساندة حزب الله وفصائل المقاومة اللبنانية، المناهضة للمشروع الصهيوني التوسعي، وألا تضيق بها ذرعاً، ويجب أن يكون حزب الله هو رديف الجيش اللبناني والمعين والنصير له، وألا يشكل الحزب أي تهديد للشعب اللبناني أو حكومته، وأن يتم هذا وفق تعاون وتآزر بين الطرفين، ومما ينبغي أن يشاد به في هذا السياق، ما أعلنته حكومة السنيورة من الإبقاء على شبكة الاتصالات التي أنشأها حزب الله، والإبقاء على مدير أمن المطار، وبعض المصالح الأخرى لحزب الله، وهو وإن كان ربما فرضه الأمر الواقع، لكنها خطوة تشكر عليها الحكومة اللبنانية، وكان يجب أن تكون سابقة لأوانها هذا، ولعلها خطوة ربما مقابل إعلان حزب الله سحب مقاتليه من شوارع بيروت، أو العكس، وأيضاً بالمقابل على حزب الله أن يحترم الحكومة اللبنانية وجيشها وأن يتعامل معها على أنها مكملة له، أو جزءا منه، وألا يلجأ إلى سياسة فرض الأمر الواقع، أو الانفراد بالقرار، وهذا بدوره يحتم لزاماً على الحكومة اللبنانية أن تطهر مواقعها ومؤسساتها ودوائرها الأمنية والسياسية من الاختراق الأمني الصهيوني، وأن تعتبر خيار المقاومة خيارا وطنياً وقومياً، لا رجعة عنه، كون لبنان مستهدف ومهدد صباح مساء من المغضوب عليهم .

5) التخوف العربي من المد الشيعي، الذي يبحث له عن موطئ قدم في البحر المتوسط، بعد أن اتسع امتداده في الجزيرة والخليج العربي، لا يكون بإعلان الحصار العربي على حزب الله، أو استدعاء قوات عربية وإسلامية لحماية أمن لبنان، بل يكون بإيجاد البدائل الصحيحة والمناسبة لحزب الله، على الساحة اللبنانية، إن كان حزب الله لا يسر هذه الأطراف العربية، وللأسف أن الدور العربي في الأزمة اللبنانية هو الآخر يعاني أزمة أعظم من أزمة لبنان، فهو لا يريد حزب الله أن يسيطر على الوضع اللبناني، ولا يريد غيره من فصائل المقاومة السنية الأصيلة أن تتصدر القرار اللبناني، الأمر الذي يجعلنا نتساءل فما ومن يريد إذن العرب؟!، حيث لم يبق إلا التيارات المتصهينة والعميلة في لبنان، أو التيارات المنبطحة على الآخر للمشروع الصهيو أميركي، فهل هذا ما تريده دول محور الاعتدال ؟!!.

6) بقي أمر أخير أود أن أذكّر به وهو دور المراجع السنية والشيعية في الأزمة اللبنانية، حيث نجد صمتا بهيما من علماء السنة والشيعة على السواء، والواجب أن تعلن هذه المراجع العلمية مواقفها للأمة، وأن تأخذ بزمام المبادرة، قبل غيرها، صحيح أن الوضع شائك ومعقد جدا في المسألة اللبنانية، والأمور تزداد تعقيداً، لكن الساحة تكاد تكون مكشوفة وواضحة جداً لكل مهتم ومطلع على الوضع اللبناني، وأتمنى من هيئة علماء المسلمين السباقة إلى كثير من الخير، والتي تضم علماء من مختلف الاتجاهات والتيارات في الأمة، أن تعلن موقفها الواضح والصريح من الأزمة اللبنانية، وأن تضع النقاط على الحروف، وأن تبين الواجب الشرعي مما يجري في لبنان، الذي تكاد تبتلعه الصهيونية العالمية، تمهيداً للانقضاض على سوريا، لإقامة ما يسمى بإسرائيل الكبرى، فأن يصمت علماء السنة كون من يتصدر المقاومة اللبنانية هو حزب شيعي، أو يصمت علماء الشيعة كون الراية قد تكون لصالح السنة، إن هذا لهو أمر غير منطقي ولا معقول، وهو الأزمة الحقيقية التي تهون معها أزمة لبنان، وهذا نداء عام لكل علماء المسلمين، من ذوي العناية والاهتمام بالسياسة الشرعية في واقع الأمة المعاصر.

أدعوا في ختام هذه الإطلالة على الوضع اللبناني أن تضطلع دولنا العربية والإسلامية بدورها في نصرة لبنان، وتعزيز قواه الحية والخيرة والمقاومة، أيا كانت، وألا نبتئس منها، أو نتوجس منها خيفةً، وعلينا أن نسعى لترشيدها وإصلاح ذات بينها، وتحقيق الوفاق والإخاء بينها، ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، وأن ننزع فتيل الخلاف المذهبي والطائفي، فكم جنت الطائفية والمذهبية على أمتنا من محن وكوارث ومصائب راح ضحيتها الملايين، وسلام الله على لبنان، ورحمته وبركاته.

Moafa12@hotmail.com